نحو مفاوضاتها مع “طهران” .. “سي. إن. إن”: “الرياض” بدأت تعتمد على نفسها في المنطقة خارج المظلة الأميركية !

نحو مفاوضاتها مع “طهران” .. “سي. إن. إن”: “الرياض” بدأت تعتمد على نفسها في المنطقة خارج المظلة الأميركية !

وكالات – كتابات :

في الوقت الذي تفقد فيه دول الخليج العربية الثقة في إلتزام “الولايات المتحدة” بأمنها، فإنها تُحاول حل مشكلاتها مع “طهران” بنفسها، كما يظهر في المحادثات بين “السعودية” و”إيران”.

وكشفت “إيران”، يوم الإثنين 25 نيسان/إبريل 2022، أنها أجرت جولة خامسة من المحادثات مع “السعودية”؛ أواخر الأسبوع الماضي. وقال متحدث باسم “وزارة الخارجية” الإيرانية: إنَّ المفاوضات بين البلدين الإقليميين؛ ذوي الثقل كانت: “تقدمية وإيجابية”. لكن “السعودية” لم تُعلِّق عليها بعد.

المحادثات بين “السعودية” و”إيران” تنتاول “الحج”..

وقال المتحدث باسم “الخارجية الإيرانية”: إنَّ المحادثات بين “السعودية” و”إيران” جارية بشأن إرسال: 40 ألف حاج إيراني لأداء فريضة الحج في “مكة”؛ هذا العام.

وفي حين ركزت المحادثات؛ حتى الآن، على قضايا صغيرة نسبيًا مثل: “الحج”، وحضرها مسؤولون على مستوى المخابرات، فإنَّ احتمال إدراج مسؤولين على مستوى “وزارة الخارجية” في المحادثات المقبلة؛ قد يُشير إلى تقدم كبير ورغبة في تسوية بعض من أكثر الصراعات استعصاءً في المنطقة، حسبما ورد في تقرير لشبكة (سي. إن. إن) الأميركية.

قطعت “الرياض” العلاقات مع “طهران”؛ في 2016، إثر اقتحام محتجين إيرانيين السفارة السعودية في العاصمة الإيرانية؛ بعد إعدام رجل دين شيعي في “السعودية”.

دول الخليج تشعر أن “أميركا” خذلتها..

وبدأت دول الخليج العربية، التي شعرت بالإحباط إزاء ما ترى أنه تضاؤل ​​اهتمام “الولايات المتحدة” بمخاوفها الأمنية، بأخذ زمام الأمور بنفسها مؤخرًا، والتواصل مع المنافسين والأعداء لدرء الصراعات التي يمكن أن تُلحق الخراب باقتصادها.

فقد تعرضت المنشآت النفطية في كل من “المملكة العربية السعودية” و”الإمارات العربية المتحدة”؛ للهجوم في السنوات الأخيرة من جهات يُعتقَد أنها مدعومة من “إيران”، بما في ذلك المتمردون “الحوثيون” في “اليمن”.

وفي كلتا الحالتين، شعرت دول الخليج بالإحباط من رد “الولايات المتحدة”؛ ما دفعها إلى إعادة التفكير في ركيزة طويلة الأمد للعلاقة “الأميركية-الخليجية”، تضمن مراعاة الحلفاء العرب لاحتياجات “الولايات المتحدة” من الطاقة مقابل ضمانات أميركية للأمن.

لم تؤيد الموقف الأميركي من الأزمة الأوكرانية أو زيادة إنتاج “النفط”..

كان أوضح مظهر لإعادة التفكير هذا؛ هو رد الفعل الفاتر لدول الخليج على العملية العسكرية الروسية في “أوكرانيا”؛ إذ لم يُصرح حلفاء “الولايات المتحدة” بتأييد موقف إدارة “بايدن”؛ بشأن العملية العسكرية الروسية هناك، وأشار المسؤولون الإقليميون إلى الصراع على أنه علامة على تغيير النظام العالمي؛ حيث قد يكون للغرب رأي أقل من قبل.

إضافة إلى ذلك؛ رفضت “السعودية”، أكبر مُصدِّر لـ”النفط” في العالم، و”الإمارات”، دعوات “الولايات المتحدة” لزيادة إنتاج “النفط” لخفض سعر الخام الذي يُغذي الهجوم الروسي، واختارت، بدلاً من ذلك، التمسك بالتحالف مع زميلتها المُصدِّرة؛ “روسيا”، لزيادة الإنتاج تدريجيًا. ورغم مرور أكثر من: 15 شهرًا على رئاسته، لم يتحدث؛ “جو بايدن”، وولي العهد السعودي الحاكم الفعلي؛ “محمد بن سلمان”، بعد.

السعودية تبرم هدنة نادرة مع “الحوثيين” وإيران لن تتفاوض عنهم..

في غضون ذلك؛ تعمل كل من “الإمارات” و”السعودية” على إصلاح علاقاتهما في المنطقة.

على مدار الأسبوعين الماضيين، خففت “السعودية” من تصعيد حربها في “اليمن” من خلال هدنة نادرة، وبدأت تقاربًا مع “لبنان” بعد شقاق غير مسبوق في العلاقات العام الماضي. وكلا البلدين ميدان لصراعات بالوكالة بين “الرياض” و”طهران”.

وفي هذا الصدد، قال “محمد مراندي”، الأستاذ بجامعة “طهران”: إنَّ أكبر عقبة أمام التقارب من منظور إيراني؛ كانت الحرب في “اليمن”. وأضاف: “الآن بعد أن توقف ذلك، على الأقل في الوقت الحالي، هناك أمل حقيقي في التحسن”، مضيفًا أنَّ “إيران” مستعدة فقط لمناقشة الأمور ذات الطبيعة الثنائية؛ وليس: “التفاوض نيابةً” عن المتمردين “الحوثيين”؛ في “اليمن”.

“أميركا” رفضت الربط بين المفاوضات النووية ومحادثات “إيران” و”السعودية”..

يأتي استئناف المحادثات “السعودية-الإيرانية” أيضًا مع وصول المفاوضات بين القوى العالمية و”إيران” لإحياء “الاتفاق النووي” لعام 2015؛ إلى مرحلة متقدمة. ويشعر عرب الخليج بالإحباط من “الولايات المتحدة”؛ لعدم معالجة مخاوفهم مع “إيران” في المحادثات، معتقدين أنَّ تأثيرهم على “طهران” يتضاءل مقارنة بالنفوذ الذي تُمارسه “الولايات المتحدة”.

قالت “إلهام فخرو”، الزميلة المشاركة في “مركز أبحاث تشاتام هاوس”؛ بـ”لندن”: “تعتقد دول الخليج أنَّ الولايات المتحدة يجب أن تكون حاضرة على الطاولة حتى تفي إيران بأي وعود قُطعت لها”. وأضافت أنَّ إدارة “بايدن” أصرت على أن تكون محادثات “إيران” ودول الخليج منفصلة.

وتُمثل المحادثات المباشرة مع “إيران” محاولة من دول الخليج العربية لفعل ذلك، لكن المحللين يشكّون في قدرتها على تحقيق نتائج يمكن أن تُرضي الطرفين.

ويرى “محمد اليحيى”، الزميل في معهد “هدسون”: “هذه المحادثات محكوم عليها بالفشل تقريبًا. جوهر المشكلة ليس بين إيران والسعودية، بل بين إيران والولايات المتحدة. ولا تُهاجم إيران المملكة إلا لأنها تعدها دولة تابعة لنظام إمبراطوري أميركي”.

لكن “سيد حسين موسويان”، المفاوض النووي الإيراني السابق والأستاذ بجامعة “برينستون”، قال: إنَّ كلاً من الدولتين لديها وسيلة ضغط كافية على الأخرى لتبرير إجراء محادثات.

وقال: إنَّ “القضية الأساسية لكليهما هي التأكيد المتبادل على أجندة إقليمية غير مهيمنة”؛ والضمانات الأمنية. وأشار إلى أنَّ “السعودية” تحظى بدعم “الولايات المتحدة”؛ بينما تتمتع: “إيران بنفوذ شعبي كبير في دول المنطقة، حسب تعبيره، يمكن أن يُشكل تهديدًا طويل الأمد للسعوديين”.

ولكن الحديث عن نفوذ شعبي كبير لـ”إيران” في المنطقة؛ يبدو أمرًا مبالغًا فيه، الأدق أن “إيران” تمتلك شبكة واسعة من الميليشيات الشيعية التابعة في العالم العربي؛ التي يمكن أن تُسبب مشكلات لـ”السعودية”؛ كما يجرى في “اليمن”، وهذه قوة نقطة “طهران” الأساسية في المفاوضات بين “السعودية” و”إيران”.

أما “السعودية” فلديها المال الذي يمكن أن تُخفف به أزمات البلاد الخاضعة للنفوذ الإيراني مثل: “اليمن ولبنان”، كما أن لديها علاقاتها مع الغرب، ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط.

دول الخليج ترى أن سياسة “أميركا” هي سبب تصاعد عدوانية “إيران”..

لكن هذا الدعم الأميركي؛ لدول الخليج، أصبح موضع تساؤل مؤخرًا. ويتعمق السخط من “الولايات المتحدة” في الخليج لدرجة أنَّ البعض يرى دور “واشنطن” في المنطقة على أنه مُفسِد وليس ضامنًا للاستقرار.

وقال “اليحيى”، من معهد “هدسون”: إنَّ “دول الخليج ترى أنَّ سياسة التهدئة الأميركية تجاه إيران؛ خلال العقد الماضي، مسؤولة عن تصعيد طهران لعدوانيتها”، وشبّه هذه السياسة بمن يُشعل: “حرائق يمكن أن تمتد إلى وطننا”.

وفي إشارة إلى سياسة “الولايات المتحدة”؛ بشأن “إيران”، قال: “عندما يأتي مهووس بالحرائق إلى منزلك، فهذا أمر خطير. والأمر الأكثر إثارة للرعب هو أن يأتي هذا المصاب بهوس النار مرتديًا زي رجل إطفاء”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة