20 أبريل، 2024 3:58 م
Search
Close this search box.

نجيرفان بارزاني : لن نقبل بذهاب دكتاتور ليحل اخر مكانه

Facebook
Twitter
LinkedIn

 
أربيل من معد فياض : حتى وقت قريب، كان الأكراد في إقليم كردستان العراق يشيرون إلى نيجيرفان ‏بارزاني بوصفه رئيسا للوزراء، لكنهم اليوم استبدلوا هذا الوصف وصأروا يشيرون إليه باسمه (كاكا ‏نيجير)، أي الأخ نيجيرفان، وينسبون إليه الفضل في الإنجازات المعمارية والانتعاش الاقتصادي ‏والنجاح في التعامل مع ملف النفط، والاستقرار الأمني.‏

ويقول بارزاني: «بصراحة، أن يسموني باسمي أحسن من الإشارة إلى كرئيس للوزراء – فهذا دليل ‏محبة، ولي الشرف الكبير بتوفير جزء من هذه الخدمات، ولكن هذا البناء تحقق بجهود جماعية من ‏‏(الاتحاد الوطني) و(الحزب الديمقراطي) ومن المخلصين لبناء وتحقيق هذا التقدم».‏
وفي أربيل عاصمة الإقليم الكردي التي تزدحم بالعراقيين من جميع أنحاء البلد والأجانب، تبدو الحياة ‏مختلفة تماما عن جميع مناطق العراق، ويعلق رئيس وزراء الإقليم قائلا لـ«الشرق الأوسط»، في أول ‏حوار له لوسيلة إعلامية منذ أن شكل حكومته الثالثة قبل عام تقريبا: «نحن نفكر في تقدم واستقرار ‏عاصمتنا بغداد تماما مثلما نفكر بأربيل»، معبرا عن أسفه «لما يحدث في باقي مناطق العراق من عدم ‏استقرار أمني واقتصادي»، نافيا بشدة وجود أي محاولات للانفصال عن العراق.‏
وفيما يلي نص الحوار:‏
‏* عندما دخلنا إلى أربيل عبر مطارها الحديث، شعرنا كأننا في دولة أخرى، فهل أنتم ذاهبون ‏للاستقلال كدولة؟
‏- نحن كنا مستقلين قبل عام 2003. إذ كانت لنا حكومة ومؤسسات حكومية، وحتى العملة التي كنا ‏نستخدمها كانت تختلف عما يستخدم في باقي مناطق العراق وقتذاك، لكننا بعد سقوط النظام عدنا ‏برغبتنا إلى بغداد على أساس العمل وفق الدستور الذي صوت له أكثر من 80% من الشعب العراقي. ‏أعدنا بناء العراق على أساس ثلاثة مبادئ أساسية: أولا الشراكة، والمبدأ الثاني هو التوافق، وثالثا ‏المشاركة في القرار السياسي، ومنذ ذلك الوقت عملنا ما في وسعنا لحماية وحدة العراق. أعدنا بناء ‏العراق الجديد ونحن شركاء في هذا البناء، نحن لسنا خارج هذه المسيرة. دعني أعطك مثالا على ذلك، ‏عندما كانت الأوضاع الأمنية سيئة في بغداد قمنا بإرسال قواتنا الأمنية والبيشمركة لتأمين الأمن ‏وحماية بغداد. أستطيع القول بكل ثقة إننا عملنا ما في وسعنا لحماية وحدة العراق.‏
‏* كيف وصلتم إلى هذه النتيجة من التقدم والبناء؟‏
‏- ما تشاهدونه من تقدم اليوم في إقليم كردستان جاء نتيجة الحرية الموجودة في الإقليم، نحن نؤمن بأن ‏الشعب العراقي عانى الكثير من الويلات ويستحق وضعا أفضل مما هو عليه. اليوم إقليم كردستان، ‏كجزء من العراق، شهد تطورا وتقدما كبيرين، ولكن هناك الكثير مما يجب أن نعمله. الأمر المهم في ‏العراق هو أن تتوافر لدى السياسيين رؤية واضحة لكيفية خدمة المواطنين في عموم العراق، ونحن ‏برغبتنا وعلى أساس الدستور قررنا أن نكون جزءا من هذا العراق الديمقراطي التعددي.‏
‏* بشكل مختصر، ما أسباب الأزمة بين بغداد وأربيل؟‏
‏- أي أزمة؟ دائما هناك أزمات.‏
‏* الأزمة الأخيرة أعني؟‏
‏- تعرف أن الأزمة تبدأ من طريقة التفكير في بغداد، نحن قلنإ أننا بدأنا ببناء العراق الجديد وفق ‏المبادئ الأساسية الثلاثة التي ذكرتها، ومع الأسف في بغداد هناك انتهاكات لهذه الأسس، وسؤالنا ‏لبغداد هو: هل نحن شركاء في الحكم وصناعة القرار السياسي أم لا؟ ولكن، مع الأسف، فإن سياسة ‏رئيس الوزراء (نوري المالكي) والمسؤولين في بغداد ليست سياسة تفاهم، بل هي سياسة سيطرة ‏وهيمنة، وهذا غير مقبول بالنسبة لنا، كما أنه غير دستوري. لم نبن العراق الجديد – ولم نتفق – على ‏أساس أن يذهب ديكتاتور ويأتي ديكتاتور آخر يحل محله، ومشكلتنا تكمن في كيفية تفكير الحكومة ‏ببغداد في التعامل مع إقليم كردستان. الأزمة تكمن في بناء الثقة فيما بيننا وأن نتعامل وفق هذا المبدأ، ‏وأن تتصرف بغداد معنا باعتبإرنا شركاء، نحن شركاء في بناء هذا العراق، هذا باختصار لب ‏المشكلة. أقول بصراحة، ليس هناك أمل في بناء دولة مدنية ما دامت بغداد تدعم فكرة عسكرة الشارع ‏العراقي، فالشعب العراقي عانى الكثير من الظلم والاستبداد من جراء العسكرة.‏
‏* أليست هي مشكلة مالية؟‏
‏- ليست هناك مشكلة مالية، وحتى لو كانت هناك مشكلة من هذا النوع، وهي غير موجودة أصلا، فإنه ‏يجب ألا تتحول إلى أزمة بين بغداد وإقليم كردستان، لأن العراق بلد غني، وباستطاعة الحكومة ‏الاتحادية أن تحل مثل هذه المشاكل.‏
‏* هل تعنون أن المشكلة لا تتعلق بالموازنة العامة ومبلغ الـ4 مليارات دولار كاستحقاقات لشركات ‏النفط الأجنبية العاملة في الإقليم؟
‏- أبدا.. أبدا.. لننظر إلى قانون الموازنة فيما يخص أقلم كردستان، أنا لا أسميه قانون الموازنة ‏المخصصة لإقليم كردستان، بل أسميه قانون العقوبات لإقليم كردستان، هل يعقل أننا بدلا من أن نكون ‏شركاء في بناء هذا البلد يكون هناك قانون عقوبات؟ القانون يقول إنه إذا لم تقم حكومة إقليم كردستان ‏بكذا وكذا، فإننا سنعمل كذا، لهذا أنا أسميه قانون العقوبات، كمثال: إنهم يقولون حول كابل الاتصالات ‏إذا لم نقم نحن بما هم يريدونه، فإن من حق الحكومة الاتحادية قطع الكابل عن الإقليم. كيف ستكون ‏هناك مشاركة مع بغداد إذا كانت الحكومة الاتحادية تتعامل بالإكراه مع الإقليم؟ عندما نتحدث عن ‏مستحقات شركات النفط الأجنبية العاملة في الإقليم، فأنا أقول بصراحة: أولا، نحن ملتزمون المبدأ ‏القائل بأن النفط هو ملك للشعب العراقي. ثانيا، أن ما نطلبه هو مستحقات هذه الشركات الأجنبية ولا ‏علاقة لها بإقليم كردستان، بل إن هذه الشركات تعمل بالإقليم. ثالثا، أن ما يصدر من النفط يعود لصالح ‏العراق، وحتى الآن قمنا بتصدير 76 مليون برميل نفط، وعائدات هذا النفط تذهب إلى خزينة العراق ‏أي إلى الحكومة الاتحادية، ولم نأخذ كحكومة إقليم أي شيء من هذه العائدات، صحيح أن النفط ‏المصدر من الإقليم لكن العائدات كانت للجميع، هناك سوء تفاهم بسيط، وعلى بغداد أن تحل هذه ‏المشكلة، يجب أن يتم دفع مستحقات هذه الشركات وفق برنامج شفاف وبصورة منتظمة. ما سياسة ‏بغداد؟ سياستها هي أن الحكومة الاتحادية لا تريد أن تدفع مستحقات هذه الشركات من أجل إفشال ‏السياسة النفطية لحكومة كردستان، لتقول للجميع إن حكومة إقليم كردستان فشلت في السياسة النفطية، ‏وإن هذه السياسة تأتي من أجل أن تثبت أن كردستان ليس لديها أي طريق لتصدير النفط.‏
‏* وماذا عن أنبوب النفط الرابط بين إقليم كردستان وتركيا؟
‏- الموجود حاليا هو أنبوب النفط القادم من كركوك ليمر عبر أراضي كردستان إلى ميناء جيهان ‏التركي، هذا ما عندنا الآن.‏
‏* تحدثتم عن الاستقلال الاقتصادي لإقليم كردستان، ماذا تعنون بذلك؟‏
‏- كما أسلفت، فإن قانون الموازنة للإقليم هو قانون عقوبات، لذلك نحن نريد أن تأتي ميزانية الإقليم ‏بشكل شفاف وبعيدا عن كل أنواع التهديد، وأن تكون كمنحة مثلما يحدث في باقي الفيدراليات في ‏العالم، وبغداد لا تتصرف معنا هكذا مع أننا – وحسب الدستور العراقي – إقليم فيدرالي، والعراق ‏الجديد، وحسب الدستور، تعريفه (بلد تعددي ديمقراطي فيدرالي)، بينما تتصرف بغداد معنا مثلما ‏تتصرف مع محافظة صغيرة تابعة للحكومة الاتحادية، بينما هذا الموضوع دستوري، ونحن نريد من ‏الحكومة الاتحادية أن تتصرف معنا وفق هذا الدستور، ويجب على بغداد أن تتعامل معنا على أساس ‏فيدرالي وليس وفق أساس مركزي قوي بحيث تسيطر على كل شيء، نريد تغيير هذا التفكير وهذه ‏النظرة التي تتعامل وفقها بغداد معنا.‏
‏* لكن هذه المشكلة، وبالإضافة إلى مشاكل وأزمات أخرى، كانت موجودة بين بغداد وأربيل منذ ‏حكومة المالكي السابقة، فلماذا عملتم على تنصيبه رئيسا للوزراء مرة ثانية حسب مبادرة رئيس الإقليم ‏مسعود بارزاني أو ما عرف باتفاقية أربيل؟
‏- بالنسبة لنا، كان – ولا يزال – موضوع الاستقرار السياسي في العراق في مقدمة أولوياتنا وتفكيرنا، ‏وكانت هناك قناعة بأننا نستطيع حل هذه المشاكل بوجود دولة رئيس الوزراء نوري المالكي، ولكن ‏القلق الموجود من سياسة رئيس الحكومة الاتحادية ليس من قبل الأكراد فقط، بل من قبل العرب السنة ‏والشيعة، فكل هؤلاء اليوم لهم مشاكل معه، والمشكلة الأساسية هو أن المالكي لم يستطع أن يتصرف ‏باعتباره رئيسا لوزراء العراق ككل وأن يهتم بكل مناطق العراق.‏
‏* لكنكم جربتم سياسة رئيس الوزراء نوري المالكي سابقا وكنتم تشكون منها؟
‏- طبيعة الظروف في العراق تدفعنا أحيانا للتصرف بما لا نشتهي، والأوضاع جعلت بعض الأطراف ‏تقتنع بإعطائه فرصة ثانية، لكن ما يحدث لم يكن في الحسبان.‏
‏* هل تعتقدون أن سياسات حكومة المالكي تدفعكم للاستقلال والانفصال عن العراق؟‏
‏- المعروف أن بقاءنا ضمن العراق كان – ولا يزال – طوعيا، آمل ألا تكون نتيجة سياساته ذلك، دعني ‏أقول لك بصراحة: نحن لسنا عربا، بل نحن أكراد؛ ثقافتنا ولغتنا وتاريخنا يختلف عن الأمة العربية، ‏نحن أمة كردية، لكننا اخترنا أن نبقى ضمن العراق الموحد بإرادتنا، ولكن وفق الدستور، ونجد أنه من ‏مصلحة الأكراد أن نبقى ضمن عراق واحد فهذه سياسة معلنة، سواء من قبل حكومة إقليم كردستان أو ‏القيادة الكردستانية، ونحن ملتزمون هذا المبدأ، ولا أتصور أن المالكي يدفعنا إلى الاستقلال، إذا كانت ‏تصرفاته لغرض دفعنا للاستقلال فكيف نفسر الوضع مع السنة؟ المشكلة تكمن في أنه (المالكي) لا ‏يتصرف باعتباره رئيسا لوزراء العراق، والأكراد لا يريدون الانفصال. العراق دولة غنية والأكراد ‏يريدون أن يتمتعوا بحقوقهم ضمن إطار العراق الاتحادي ووفقا للدستور. طبعا، لا شيء يلغم المشاريع ‏والسياسات أكثر من أحادية التفكير كما يمارسه اليوم رئيس الحكومة في بغداد لينتقص من شأن الآخر ‏المختلف معه، وإن ادعاءه احتكار مفاتيح الحلول وأبجدية الوطنية يغدو مشكلة ولغما ينتظر ساعة ‏الانفجار، ويعود الضرر بالتالي عليه وعلى عموم العراق.‏
‏* لكن أحد نواب ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي دعا الأكراد إلى الاستقلال.‏
‏- العراق ليس حكرا لفئة أو لهذا الشخص أو ذاك، العراق هو عراق الجميع، ومثلما يرون أنفسهم ‏مسؤولين عن الأوضاع في العراق، فنحن أيضا مسؤولون عن العراق، بل على العكس نحن أكثر ‏حرصا على أمن وتقدم العراق والعراقيين، هم يتحدثون بالكلام عن وحدة العراق، ونحن أثبتنا ‏بالتصرف حرصنا على هذه الوحدة، فقد قمنا – ولا نزال – بكل ما في وسعنا من أجل الحفاظ على وحدة ‏العراق، واليوم لا يستطيع أحد أن يلوم الأكراد على سوء الأوضاع في البلد. سياسيا، رئيس جمهورية ‏العراق كردي، وقد بذل أقصى ما بجهده ليجمع السنة والشيعة والأكراد حول طاولة واحدة، وهو الآن ‏غائب عن بغداد، ونتمنى عودته سالما إلى الوطن، وغيابه أدى إلى عدم اجتماع الأطراف السياسية ‏والتحاور مع بعضها. وأمنيا، قدمنا كل الدعم والمساعدة لبغداد لتبقى مستقرة، نحن قمنا بذلك بشكل ‏عملي، ولا يهمنا كثيرا أن يتحدث هذا الشخص أو ذاك عنا.‏
‏* حزب الدعوة، وعلى لسان أبرز قادته، علي الأديب، قال لـ«الشرق الأوسط» إن إقليم كردستان يريد ‏أن يتمدد في صلاحياته؟
‏- هذا ليس له أي أساس من الصحة، وليقل ذلك، ما نريده هو ما حصلنا عليه في الدستور وملك لنا، إذا ‏كانوا يقصدون موضوع النفط، فنحن نتعامل مع هذا الموضوع باعتباره ملكا لكل الشعب العراقي ‏وضمن مواد الدستور. لنقلب الموضوع ونقل إن كركوك مثلا كردستانية، وهذا معروف تاريخيا ‏وجغرافيا، وخلال كل الأعوام الماضية كانوا يستخرجون النفط من كردستان ويشترون الأسلحة ‏لضرب الأكراد العراقيين، جراحنا أعمق مما يتصورون وليعرف علي الأديب وغيره، وجراحنا لا ‏تشفى بالشعارات الجوفاء التي تتحدث عن الديمقراطية وغيرها، ونحن نعرف أن هذه الشعارات ‏الرنانة والطنانة لا أساس لها من الصحة. ونتيجة لإصرارنا على البقاء والعيش في هذا البلد أعطينا ‏أكثر من 182 ألفا من الشهداء، وتمت إبادة ما يقرب من 5 آلاف قرية وإزالتها من فوق الخريطة، كما ‏أن الأسلحة الكيماوية استخدمت ضد شعبنا، والشعب الكردي كان يتصور أنه سيتم إنهاء هذه المآسي ‏في العراق الجديد وليس سماع مثل هذه التصريحات، خاصة أنها تنطلق من علي الأديب الذي ناضل ‏مع البيشمركة ضد النظام السابق، وكان على القيادات السياسية في بغداد أن تفكر وتعمل على مداواة ‏جراح الأكراد، وكنا نتوقع من بغداد أن تقف مع المحاكم التي تثبت المقابر والإبادة الجماعية وتعويض ‏ضحايا الأنفال والقصف الكيماوي وغيرها. إذن موضوع النفط ليس هو الأزمة، فنحن نستطيع تصدير ‏‏250 ألف برميل، وخلال عام سنستطيع تصدير مليون برميل يوميا من دون كركوك، وهذا الخير هو ‏لعموم العراق وليس للأكراد فقط، ولا ندري لماذا تفكر بغداد بأن هذه السياسة معادية لهم.‏
‏* هناك قيادات في الحكومة تتحدث عن المادة 140 باعتبار أن مفعولها قد انتهى، كيف تعلقون على ‏ذلك؟
‏- المادة 140 مادة دستورية، والدستور لا يزال فاعلا ولم تسقط صلاحيته. لنسأل: ماذا نريد من العراق ‏الجديد؟ هل نريد الاستقرار السياسي والأمان والرفاهية للشعب العراقي، أم أن نخلق الأزمات، أزمة ‏إثر أزمة؟ لنعد إلى المادة 140، ومثلما يعرف الجميع هي مادة دستورية وضعت لحل مشكلة كركوك، ‏لكن المشكلة لم يتم حلها، وصرنا نسمع تصريحات بأن صلاحيتها انتهت. المهم عندنا الانتهاء من هذه ‏المشكلة وليس سماع التصريحات التي تعني خلق أزمة مضافة للعراق ككل، وحل هذه الأزمة يتم عبر ‏المفاوضات، وإبداء المرونة، ونحن على استعداد لإبداء هذه المرونة والحوار. لنتصور أن هناك مشكلة ‏داخل عائلة، هذه المشكلة لن تحل عبر منطق القوي والضعيف، ولا بأن يفرض أي طرف نفسه كقوي ‏على طرف آخر يتصوره الضعيف، بهذه الحالة لن تحل هذه المشكلة على الإطلاق، بل يجب اللجوء ‏إلى الحوار المرن. كركوك رمز الإخوة ومشكلتها بقيت معلقة مثل بقية المشاكل المعلقة، وعلينا أن ‏نتناولها مشكلة تلو الأخرى وألا نؤجلها ونعقدها، والمسؤولية بذلك تقع على عاتق رئيس الوزراء ‏العراقي، ماذا ينتظر ليحل هذه المشاكل؟ هل ينتظر أن يتقوى عسكريا ويأتي لاحتلال إقليم كردستان؟ ‏صدام كان قويا ولم يستطع أن يفعل ذلك، لهذا لدينا طريق وحل واحد، وهو الحوار والمفاوضات لحل ‏هذه المشاكل وتحقيق العدالة.‏
‏* هل تعتقدون أن بغداد تتعامل مع إقليم كردستان وفق منطق القوي والضعيف؟‏
‏- بالضبط، هذا شعورنا وإحساسنا. أنا أنظر إلى طبيعة الأوضاع فأرى أن السنة لديهم خوف من ‏المستقبل بسبب ما حدث في الماضي، والشيعة لديهم خوف الماضي، لكن الأكراد لديهم خوف الماضي ‏والحاضر والمستقبل. هذه مشكلة كبيرة، وإلا فماذا ينتظر رئيس الوزراء في بغداد؟ كلنا نعرف ما ‏المشكلة وندور حولها ولا نذهب إلى صلبها ونحلها. المجتمع العراقي لا يقوم من دون خلق وسط جامع ‏وشراكة حقيقية مع جميع المكونات.‏
‏* هل كركوك هي أم المشاكل أو الأزمات؟‏
‏- لا.. أبدا، هم من ضخمها كثيرا، قبل كل شيء، لقد تم تضخيم موضوع كركوك كثيرا عندما كانت ‏القوات الأميركية فيها، يقولون إن أهمية كركوك لنا كونها مدينة نفطية ولدينا نفط في كافة أنحاء ‏الإقليم، من دون كركوك نستطيع أن نصدر مليون برميل يوميا، ومن دون كركوك نستطيع أن نصدر ‏الغاز، كركوك بالنسبة لنا هي رمز للعراق الجديد ورمز لاضطهادنا في السابق ورمز لتحقيق العدالة ‏في العراق.‏
‏* هناك قلق في الشارع الكردي من قبل المواطنين العاديين بسبب الأزمة بين بغداد وأربيل، وهذه ‏الأزمة أثرت على الأوضاع الاقتصادية، وهناك خشية من أن تضرب بغداد عسكريا إقليم كردستان، ‏هل عندكم هذا القلق؟
‏- حسب تصوري الشخصي، ليس هناك قلق من هذا الجانب، هذا تصوري الشخصي، ولكن بسبب ‏تصرفات المالكي فإن هذا الانطباع موجود في الشارع الكردي، مع الأسف. كنا نتصور أن هذه ‏المرحلة قد انتهت في العراق. يجب علينا جميعا إيجاد صيغة وآلية في كيفية العيش معا، ويجب أن ‏ننظر للأوضاع من وجهة نظر واقعية وليس عبر التمنيات، عندما يتحدثون بالعبارات الرنانة عن ‏وحدة العراق، شعبا وأرضا وجوا، يجب أن ننظر إلى الواقع على الأرض؛ في الانتخابات مثلا ماذا ‏حدث، الشيعة صوتوا للشيعة والسنة صوتوا للسنة والأكراد صوتوا للأكراد، هذا هو الواقع التكويني ‏للعراق، سواء أحببنا ذلك أم لا. يجب أن نفكر بصيغة تبقي هذا البلد موحدا جغرافيا وأن يتعايش ‏الجميع مع بعضهم.‏
‏* بعد عشر سنوات من الغزو، هل تعتقدون أن ما تحقق يستحقه العراقيون؟‏
‏- كلا.. للأسف. العراق بلد غني من حيث الموارد البشرية والطبيعية، كان مثلا أي طالب، سواء كان ‏عراقيا أو عربيا (ليس عراقيا)، يتمنى أن يدرس في كلية الطب بجامعة بغداد؛ للمستوى العلمي الرفيع ‏الذي تتمتع به الجامعات العراقية ولسمعتها العلمية الراقية، التعليم والصحة والخدمات كانت متطورة ‏في كل المجالات، أليس من المؤسف أن يتحسر العراقيون على بعض الخدمات اليوم ويحسدون دولا ‏أخرى مواردها البشرية والطبيعية أقل منا بكثير؟! بعد عشر سنوات من تغيير النظام، ماذا قدم ‏السياسيون في بغداد للشعب العراقي؟ مع كل هذا الغنى في العراق، انظر للخدمات وللأوضاع الأمنية، ‏وعلى مدى أيام أشاهد من خلال شاشات التلفزيون انفجارات في أنحاء مختلفة من العراق، وهناك ناس ‏أبرياء يقتلون نتيجة ذلك، فما ذنب الأبرياء الذين يفقدون حياتهم جراء ذلك؟! ليس هناك أي تقدم من ‏الناحية الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية أو الخدمية، كيف يمكن إدارة البلاد بهذا الشكل، لو كانت ‏مسألة إدارة البلدان حسب الطريقة التي تدار بها الأمور ببغداد لاستطاع أي واحد أن يأتي ويدير البلاد.‏
‏* ألم يتعلموا ببغداد من تجربة إدارة إقليم كردستان، أم تعتقد أن هناك من يحاول تخريب تجربتكم ‏وإنجازاتكم؟
‏- بالعكس، هناك حسد من قبل المسؤولين في بغداد لما يحدث من تقدم في إقليم كردستان، ما نتمناه ‏للعراق هو ذاته ما نتمناه للإقليم، وما نتمناه لأربيل هو ذاته ما نتمناه لعاصمتنا بغداد. ونحن نعتقد أن لا ‏أحد يستطيع تخريب تجربتنا وإنجازاتنا، نحن قطعنا مراحل صعبة وطويلة، ولا نستطيع العودة إلى ‏الوراء، لقد انتهى وقت العودة والتراجع عن هذه الإنجازات الكبيرة، ويجب على بغداد أن تفكر في ‏التعايش سلميا وقبول الآخر.‏
‏* هل تدعمون المظاهرات في المحافظات الغربية والشمالية؟
‏- المظاهرات السلمية حق دستوري، ومن هذا الباب ندعمها هي والمطالب المشروعة ضمن الدستور، ‏لننظر إلى بداية المظاهرات، حيث طلب رافع العيساوي، وزير المالية المستقبل، الحوار لإيجاد الحلول ‏ورفض رئيس الوزراء ذلك، ونتمنى أن تبقى هذه المظاهرات سلمية.‏
‏* وكيف تجدون سيناريو حل الأزمات العراقية الراهنة؟‏
‏- العراق بحاجة إلى حوار واقعي بين كل الأطراف وليس على أساس التمنيات، وإيجاد حلول للعيش ‏ترضي كل المكونات.‏
‏* هذه هي الحكومة الثالثة التي تشكلونها في إقليم كردستان، هل تعتقدون أن المصاعب مع هذه ‏الحكومة أكثر من السابق؟
‏- بالتأكيد، هناك تغييرات، أولويات الحياة تغيرت، عندما شكلت الكابينة الخامسة كانت أولوياتنا هي ‏توفير الأمن والاستقرار وبعد ذلك تأتي المسائل الأخرى، هذه المرحلة – والحمد لله – تجاوزناها نتيجة ‏جهود الأجهزة الأمنية والبيشمركة وتعاون شعبنا، لم ننته كليا من ملف الكهرباء، لكن الخدمات ‏تطورت كثيرا، وباستمرار الحياة تتغير الأولويات ويرتفع سقف طموحات الناس، كما أن الأوضاع ‏السياسية تتغير فالبرلمان أكثر فعالية من السابق، والمعارضة الآن قوية، والتجربة الديمقراطية ‏تترسخ، ومؤسسات الحكومة تترسخ. نحن ماضون إلى الأمام، لكن في التأكيد هناك ثغرات ونواقص.‏
‏* في الكابينة الخامسة، لم تكن هناك معارضة.‏
‏- كانت معارضة بسيطة، لكن بعد ما حدث لـ«الاتحاد الوطني الكردستاني» (في إشارة إلى انشقاق ‏نوشيروان مصطفى وتشكيل «حركة التغيير»)، تشكلت معارضة قوية.‏
‏* بمناسبة ذكر «الاتحاد الوطني الكردستاني»، هل تعتقدون أن تحالفكم الاستراتيجي معهم سينتهي ‏كونهم سيذهبون إلى الانتخابات بقائمة منفصلة؟
‏- نحن أيضا في «الحزب الديمقراطي الكردستاني» سنذهب إلى الانتخابات بقائمة منفصلة عنهم، لكننا ‏بالتأكيد سوف نستمر معهم في إطار تحالف استراتيجي، وربما هناك تغيير في التكتيك وهو أن ينزل ‏كل حزب في الانتخابات بقائمة منفصلة، ولكن هذا لا يؤثر على أصل الموضوع في ما بيننا، وهو أن ‏هناك تحالفا استراتيجيا بيننا.‏
‏* هل أثر غياب الرئيس جلال طالباني على الأوضاع في إقليم كردستان؟‏
‏- بالتأكيد.. ففخامة الرئيس طالباني جمع خلال عمله السياسي خبرة كبيرة وتجربة عميقة واكتسب ‏حنكة سياسية، لذا نرى أن غيابه ستكون نتائجه سلبية على العراق، ووجوده كان يخلق التوازن بين ‏جميع القوى السياسية، وهذا الخلل في هذا التوازن حدث بعد غيابه عن المشهد السياسي، ونتمنى ‏عودته سالما ومعافى.‏
‏* هل يرشح «التحالف الكردستاني» رئيسا آخر للجمهورية باعتبار أن هذا المنصب من حصة ‏التحالف؟
‏- نحن نأمل عودة الرئيس سالما، لهذا لم يتم ترشيح أي اسم لرئاسة الجمهورية.‏
‏* كنتم في تركيا مؤخرا، هل بحثتم موضوع السلام بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني، ‏وهل كان لكم إسهام في بداية طريق السلام بينهما؟
‏- بحثنا أمورا كثيرة في تركيا، ومنها ما يتعلق بمصالح شعبينا والعلاقات المشتركة، كما بحثنا أوضاع ‏المنطقة ومنها سوريا، أما في ما يتعلق بموضوع حزب العمال الكردستاني (التركي) فقد كان لنا إسهام ‏مؤثر، ودورنا كان لإيجاد حل سياسي للمشكلة بين الحكومة التركية وحزب العمال الكردستاني من ‏دون أن يتم تفسير ذلك على أنه تدخل في الشأن الداخلي التركي، كونه موضوعا تركيا ويجب أن يحل ‏في إطار الدولة التركية. حاولنا وتحدثنا مع الحكومة التركية ومع حزب العمال، وسنستمر في مسعانا ‏هذا، آملين أن نجد حلا سياسيا وسلميا لهذه المشكلة.‏
‏* وهل تستقرئون ثمة نتائج إيجابية لحل هذه المشكلة؟‏
‏- نرى أن هناك إرادة قوية من قبل الطرفين لحل المشكلة، وبالتأكيد هناك أعداء لهذه الجهود، وأن مثل ‏هذه المشكلة لا تحل بين ليلة وضحاها، ومهما يكن الطريق صعبا فإنه يبدأ بخطوة أولى، وهذه الخطوة ‏قد بدأت، المسألة صعبة وليست سهلة، ولكن يجب ألا نقلل مما تحقق حتى الآن، ودور رئيس الوزراء ‏التركي كان رائعا ويستحق التقدير، كما أن مبادرة عبد الله أوجلان مهمة وعلى أنقرة ألا تقلل من ‏شأنها، المهم أن تكون هناك قناعة لدى الأطراف التركية بأن هذه المشكلة سياسية ويجب إيجاد حل ‏سياسي لها، وكانت لنا جهود في ذلك، ونتمنى أن تكون النتائج محل رضا الشعبين التركي والكردي.‏
‏* لاحظنا أن اللاجئين السوريين، العرب والأكراد، في مدن إقليم كردستان يعملون في المتاجر ‏والفنادق ويتجولون بحرية.‏
‏- هؤلاء الإخوة السوريزن إخوتنا، عربا وأكرادا، والشعب السوري والحكومة السورية ساعدونا كثيرا ‏عندما كنا بحاجة للمساعدة وقتذاك، واليوم جاء دورنا لتقديم كل ما نستطيعه من مساعدة. ما نشاهده من ‏أحداث في سوريا يؤلمنا، ونتمنى أن تتوقف هذه المعانات اليوم قبل الغد.‏
‏* كيف تتصورون الحل لقضية سوريا؟‏
‏- الأوضاع في سوريا معقدة جدا، نحن نرى أن هناك جبهتين قويتين: واحدة تدافع من أجل البقاء على ‏النظام، تقابلها جبهة تريد إسقاط هذا النظام وتغييره، ورؤيتنا أن الحالة يجب أن تعالج سياسيا.‏
‏* هل تعتقدون أن النظام السوري سيبقى؟‏
‏- حسب توقعنا، فإن تغيير النظام في سوريا ليس بهذه السهولة، لننظر إلى خارطة الوضع هناك، حتى ‏الآن الجيش والأمن وحزب البعث والسلك الدبلوماسي والعلويون وبعض السنة مع النظام. وباختصار ‏فإن 25% مع النظام، و15% معارضون له، والبقية في حيرة لا يعرفون ماذا يفعلون، هل يذهبون ‏إلى هذه الجبهة أم تلك، وحتى الآن المبادرة بيد النظام ويجب حل المشكلة سياسيا من أجل الشعب ‏السوري.‏

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب