وكالات- كتابات:
انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي العربية صور لسحابة غريبة الشكل، منتفخة في جانب منها ورفيعة في الجانب الآخر، تزامنًا مع إطلاقات الصواريخ الباليستية الإيرانية المتتالية على كيان الاحتلال الإسرائيلي، خلال الأيام الماضية.
وظن البعض أن هذا هو الصاروخ نفسه؛ غير أنه تأثير يتعلق بغاز العادم الخارج من محركات الصاروخ في طبقات الجو العُليا.
في هذه الطبقات فإن كثافة الغلاف الجوي تكون ضعيفة؛ مما يسمح للعادم بالتمدَّد في شكل سحابة ضخمة، وينُتج مما يُنتج أشكالًا مضيئة شفافة تُشبّه قنديل البحر أو زهرة دخانية كبيرة في السماء، ولذلك يسَّمى في بعض الأحيان: “تأثير قنديل البحر”.
سحب صاروخية..
ويظهر هذا الشكل عادة عند إطلاق الصاروخ قبل الفجر أو بعد الغروب، أي عندما تكون الأرض مظلمة لكن الطبقات العُليا من الغلاف الجوي لا تزال مضاءة بأشعة الشمس.
ويُشّبه ذلك ما يحدث عندما ترى طائرة في السماء بعد الغروب، لكنها تعكس ضوء الشمس، رغم أن الشمس نزلت أسفل الأفق بالنسبة إليك، ويحدث ذلك لأن الشمس تُضيء الطائرة من أسفل الأفق.
ويتأثر ذلك الشكل بعوامل عدة منها السرعة العالية للصاروخ وزاوية ضوء الشمس عند الفجر أو الغروب.
ولا تُعدّ تلك الظاهرة خطيرة؛ فهي ظاهرة بصرية فقط، ليس لها تأثير سلبي على من يراها، يأتي ذلك في سياق أن هذه الظواهر تحدث على ارتفاعات عالية؛ (عشرات الكيلومترات)، وعادة ما تكون بعيدة جدًا عنك، لكنك تراها بسبب ارتفاعها، وسبب الارتفاع يتعلق بطبيعة الصواريخ الباليستية نفسها.
وتُعرف الصواريخ الباليستية بأنها تلك الصواريخ التي تتخذ مسارًا باليستيًا لإيصال رأس أو رؤوس حربية إلى هدف محدَّد مسبقًا، وهو مسار منحنٍ يُشبه قوسًا ضخمًا محددًا مسبقًا من لحظة انطلاق الصاروخ.
يبدأ الأمر بتشغيل الصاروخ بواسطة محرك يدفعه إلى الغلاف الجوي العلوي أو حتى إلى الفضاء، ثم ينحرف الصاروخ في مسار مكافيء، ويعود للأرض، ويهبط نحو الهدف، مسترشدًا بالجاذبية.
كرات ملونة..
والواقع أن هذه ليست المرة الأولى التي ترصد بها ظواهر غريبة في السماء بالتزامن مع الصواريخ الباليستية الإيرانية، فمثلًا شوهدت في عدة دول عربية كرات ملونة تلمع بالأحمر والأزرق في السماء فجرًا.
تحدث هذه الظاهرة حينما تنفّث تلك الصواريخ بقايا من الوقود أو تُحرقها، تتمدّد هذه البقايا وتتوسع بسرعة في صورة سحابة كبيرة، وتعكس مكونات هذه البقايا من الوقود ضوء الشمس القادم من أسفل، لتعطي لونًا أحمر أو أزرق حسّب مكوناتها الكيميائية.
وبالمثل؛ يحدث ذلك في طبقات الجو العليا، ومن ثم نتمكن من أن نراه على مسافة بعيدة من منطقة الحدث الرئيسة، أثناء سقوط الصواريخ ناحية “إسرائيل”.
وسحب غريبة..
قد يُلاحظ البعض سحبًا غريبة الشكل مضيئة فجرًا، وتسَّمى: “سحبًا ليلية مضيئة”، وعادة ما تنشأ في طبقات الجو العليا على ارتفاع عشرات الكيلومترات، ولأنها عالية، تضيئها الشمس قبل الشروق بالطريقة سالفة الذكر.
تظهر هذه السحب بشكلٍ طبيعي في عدة مناطق حول العالم، لكنها هذه المرة سحب اصطناعية، سببها مخرجات واشتعال الصواريخ الباليستية المنطلقة من “إيران” ناحية الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعمليات اعتراضها، والتي يمكن أن نراها على مسافات كبيرة من مكان حدوثها بسبب ارتفاعاتها الكبيرة كما أسلفنا.
ويهتم العلماء بدراسة هذا النوع من السحب؛ فمثلًا في 26 كانون ثان/يناير 2018، أطلقت (ناسا) صاروخ أبحاث صغيرًا من “آلاسكا” في فصل الشتاء – وهو وقت لا تظهر فيه هذه السحب عادة – وقام هذا الصاروخ بإطلاق حوالي (220) كيلوغرامًا من بخار الماء على ارتفاع حوالي (85) كيلومترًا فوق سطح الأرض (في طبقة الميزوسفير).
وخلال (18) ثانية فقط؛ رصدّت أجهزة القياس الأرضية تشكّل سحابة ليلية مضيئة صناعية، شوهدت هذه السحابة وهي تتحرك من ارتفاع (92) كيلومترًا إلى حوالي (78) كيلومترًا خلال دقائق.