خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
تنوي “روسيا” مواصلة بقائها وتدخلها في منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما في “سوريا”. لذا ينبغي على حكومة “تل أبيب” الاستمرار في التنسيق الأمني والعسكري مع “موسكو”، لكن شريطة ألا تبدو “إسرائيل” في نظر الأميركيين، وكأنها أصبحت موالية لـ”روسيا”. بحسب العميد إحتياط في الجيش الإسرائيلي، “إيلي بن مئير”.
أهمية لقاء “بوتين” و”نتانياهو”..
يقول “بن مئير”: لقد كان من المقرر أن ينعقد، منذ يومين، لقاء هام بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، والرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، وذلك بعد فترة طويلة لم يلتقي خلالها الزعيمان.
وما يؤكد أهمية اللقاء؛ أنه كان سيُجرى في “روسيا” خلال يوم حاسم، في فترة تستعد خلالها “إسرائيل” لإجراء الانتخابات البرلمانية, ألا وهو اليوم الأخير لتقديم القوائم الانتخابية لـ”الكنيست”. لكن في النهاية، تم إرجاء اللقاء بين “بوتين” و”نتانياهو” لعدة أيام، نظرًا للتطورات السياسية داخل “إسرائيل”.
غير أن اللقاء لا زال يحمل أهمية بالغة، خاصة أن “إسرائيل” تمر بمرحلة حرجة وغير مسبوقة، يزيد فيها أثر العلاقات بين الدولتين على المصالح الإستراتيجية لـ”إسرائيل”.
إسرائيل تتصدى للوجود الإيراني في سوريا..
يرى “بن مئير” أن هناك عدة عوامل أخرى مؤثرة على الساحتين الميدانية والإستراتيجية، مثل قيام الجيش السوري – بمساعدة حلفائه من الإيرانيين ومقاتلي “حزب الله” اللبناني والميليشيات الأخرى – باستعادة السيطرة على أغلب المناطق التي كان يهيمن عليها “تنظيم الدولة”؛ وكذلك فصائل المعارضة السورية، إضافة إلى عودة الاستقرار لنظام “الأسد” في أغلب المناطق السورية، والتوتر المتزايد بين “تركيا” والأكراد في شمال “سوريا”، واستمرار ترسيخ الوجود العسكري لقوات “إيران” و”حزب الله” في بعض المناطق السورية.
وفي ظل كل تلك التطورات والأحداث، لا تزال “إسرائيل” تتصدى لمحاولات “إيران” الرامية لترسيخ وجودها في “سوريا”، وكذلك لإرسال أسلحة إلى “سوريا” ومنها إلى “لبنان”.
مرسكو وواشنطن عاجزتان عن ردع إيران !
بحسب “بن مئير”؛ فإن “روسيا” و”الولايات المتحدة الأميركية” لا يمكنهما على المستوى الإستراتيجي، ردع “إيران” ومنعها تمامًا، من ترسيخ وجودها العسكري في الدولة السورية، حتى وإن كان بمقدور قيادة الدولتين، ولا سيما القيادة الروسية، تصعيب الأمر على “إيران” وجعلها تعمل بوتيرة أقل.
وصحيح أن النشاط العسكري الإسرائيلي، سواء كان علنيًا أو سريًا، يُعرقل مساعي “إيران” وحلفائها. ذلك النشاط في حقيقة الأمر، لا يوقف المساعي الإيرانية ولا يُحبط تطلعات “طهران” لمواصلة ترسيخ وجودها العسكري في الأراضي السورية.
مشاحنات بين موسكو وتل أبيب..
أشار القائد العسكري الإسرائيلي إلى وجود بعض المشاحنات العسكرية والسياسية بين “إسرائيل” و”روسيا”، جراء أحداث عملياتية، (مثل إسقاط الطائرة الروسية، ونقل بطاريات الصواريخ الروسية من طراز “s300” إلى سوريا، بالإضافة إلى مزاعم إسرائيلية بشأن وجود محاولات روسية للتأثير على الرأي العام في إسرائيل من خلال أنشطة خفية عبر شبكات التواصل الاجتماعي)، وجراء المصالح المتباينة بعد استقرار “نظام الأسد”، ناهيك عن وجود سبب محوري لتلك المشاحنات، ألا وهو العلاقات الودية والقوية بين “إسرائيل” و”الولايات المتحدة”.
التقارب بين موسكو وتل أبيب يثير شكوك واشنطن..
في المقابل؛ يزعم “بن مئير” أن الحوار القائم بين “إسرائيل” و”روسيا”، بما في ذلك التواصل على المستوى الشخصي بين “نتانياهو” والرئيس “بوتين” – يثير حالة من الشك والريبة لدى القيادة السياسية الأميركية، لا سيما في ظل استمرار التحقيقيات حول قضية تورط “روسيا” في الانتخابات الرئاسية الأميركية، عام 2016. كما أن التقارب “الإسرائيلي-الروسي”، يأتي في وقت تقود فيه “الولايات المتحدة” حملة ضد “روسيا”، سواء عبر فرض عقوبات على “موسكو” أو إتخاذ إجراءات لعزلها سياسيًا ودوليًا.
“مؤتمر سوتشي” يكشف تباين المواقف..
أضف إلى ذلك؛ ما تبذله “روسيا” من نشاط إقليمي في منطقة الشرق الأوسط، والذي كان آخره إنعقاد “مؤتمر سوتشي”، الأسبوع الماضي، بالتزامن مع إنعقاد مؤتمري “وارسو” و”ميونخ”.
وخلال “مؤتمر سوتشي”؛ التقى “بوتين” بالرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، والرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”. حيث هاجم الرئيس الإيراني، “إسرائيل”، بسبب نشاطها العسكري في “سوريا”، كما وجه اللوم لـ”منظمة الأمم المتحدة”؛ لأنها لم تتخذ موقفًا رادعًا ضد “إسرائيل”.
أما الرئيس الروسي، “بوتين”، فقد تطرق، في حديثه، إلى المنطقة المهمة التي لم يسيطر عليها النظام السوري حتى الآن، وهي “منطقة إدلب”، مشيرًا إلى ضرورة شن عملية عسكرية ضد العناصر الإرهابية هناك. فيما أكد الرئيس، “إردوغان”، على أهمية التوصل إلى خطة مشتركة لحل الأزمة في “إدلب” وطرد المقاتلين الأكراد – الذين يزعجون النظام التركي – من المناطق التي يسيطرون عليها.
روسيا ستتدخل في شؤون مصر والسعودية !
في الختام خلص “بن مئير” إلى أن القوات الروسية قد حققت جميع المهام التي جاءت من أجلها إلى “سوريا”، لكن القيادة الروسية لن تترك تلك الدولة العربية. كما أن التدخل الروسي في “سوريا” لن يتوقف؛ بل إنه سيزداد سياسيًا وعسكريًا.
لذا؛ فإن على صُناع القرار في “إسرائيل” أن يدركوا أن “روسيا” جاءت لتبقى في المنطقة. وليس هذا فحسب؛ بل إن “موسكو” ستسعى للتدخل في دول أخرى بالمنطقة، وعلى رأسها “مصر” و”السعودية”.