18 أبريل، 2024 4:39 م
Search
Close this search box.

نتاج تزاوج “المال بالسلطة” داخل النظام الإيراني .. وحش “الخصخصة” يلتهم العمال وينذر بـ”انتفاضة جياع” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – محمد بناية ، عبدالرحمن محمد عبدالعظيم :

“الخصخصة”.. هي اسم إشارة للدلالة على نهب أموال الشعب ومعدات الإنتاج. والمعروف أن تلك الأموال والمعدات هي ملك للشعب.

لكن مؤخرًا؛ نجح المستثمرون في إستمالة الحاكم بمساعدة مجلس النواب الإيراني، (وهم بالأساس من الأثرياء ووصلوا إلى هذه المواقع بالرشوة)، وتحويل هذه الممتلكات والمعدات العامة إلى “خاصة”. على حد ما نشرته مجلة (فلاخن) الإيرانية المعارضة.

ويقومون بموجب هذه السياسة بنهب المعدات الإنتاجية والعامة من الشركات الصناعية الكبرى والمجتمعات الزراعية، وحتي المراكز الطبية والمستشفيات، تحت مسميات وعناوين مضللة من مثل: “سوف نعيدها إلى الشعب”، أو “نعمل على خلق سوق تنافسي أفضل”، أو “نستهدف تطوير الأعمال برؤية اقتصادية أشمل وأوسع”. والذريعة التي يتعلل بها هؤلاء؛ هي أن عوامل الإنتاج في “القطاع العام” غير مؤثرة في رفع معدلات الإنتاج، ومن ثم فالحل الأمثل هو طرح أسهم “القطاع العام” للبيع والإكتتاب، بحيث تُتاح الفرصة للعدد الأكبر من المواطنيين للتملك، وبالتالي تحقيق الاستقلال الاقتصادي وتقوية الحريات الفردية والاجتماعية.

والسؤال: “لماذا يكون القطاع الحكومي سببًا في تخريب اقتصاد الدولة ؟!”.. الإجابة واضحة؛ بسبب الفساد والرشوة وسوء الإدارة في كافة المجالات. هناك سؤال آخر يطرح نفسه وهو؛ “عن أي شعب يتحدث أنصار الخصخصة ؟”.. هل بمقدور “العامل، والمعلم، والنجار، وصانع الأحذية” شراء أسهم شركات مثل “الاتصالات والمجامع الزراعية والصناعية العظيمة ؟”.. هل تمتلك “الطبقة العاملة”، التي تحمل اقتصاد الدولة، وتحرك عجلة الإنتاج، (وبالكاد يحصلون على رواتبهم الشهرية في مواعيدها)، إمكانية شراء أسهم المصانع الكبرى بالشكل الذي يخولها فرصة التملك الصناعي ؟.. الإجابة: لا؛ وبخاصة في ظل الأوضاع الراهنة، حيث الضغوط الاقتصادية والحياتية تسلب العدد الأكبر من المواطنيين القدرة المادية، وبالتالي فإن تصور إمكانية حدوث ذلك هو من قبيل الكذب والخيانة والتضليل.

لكن؛ وبغض النظر عن ذلك، فالمسألة بسيطة للغاية وتستدعي الإيمان بدور “الخصخصة” في تقليل نفقات الإنتاج، لأن المؤسسات المعنية بخفض النفقات وتحسين الإنتاج تحرص على تقديم الخدمات للعميل المربح فقط.

ومؤخرًا إتخذ وزير الصحة الثري، “قاضي زاده هاشمي”، قرارًا بإلغاء تعريفة “التأمين على الأدوية الأساسية” و”الأمراض المستعصية” مع رفع تكلفة العلاج.. والمشكلة لا تكمن في عدم وجود بديل، وإنما في حرص أصحاب السلطة والمال على إلغاء أي بديل آخر.

ولا يخفى على أحد تزواج السلطة والمال بالحكومة الإيرانية، وهذه السياسة تتناسب ومتطلبات القائمين على هذا التزواج من أصحاب المال والسلطة. لكن مستقبلاً سوف نجد، (مع الأخذ في الاعتبار للاحتجاجات الأخيرة)، طريقًا آخر يقضي على هذه المشكلة ممثلاً في “المجالس الشعبية والمستقلة”. وهو الطريق الذي ساد الكثير من مراكز الإنتاج، عقب ثورة 1979، بحيث إستحال العصر الذهبي في تاريخ “إيران” المعاصر.

لكن قبل ذلك؛ نستعرض عملية “الخصخصة” وصناعة القانون لها..

الخصخصة ونشأتها في القانون..

أطلق قائد الثورة، آية الله “الخميني”، برنامج “الخصخصة” في شكل الخطة الخمسية التنموية على ثلاثة مراحل؛ الأولى (في الفترة 1989 – 1993)، والثانية (في الفترة 1995 – 1999)، والثالثة (في الفترة 2000 – 2004م)؛ تحت مسمى “الترميم الاقتصادي للحكومة”، واُنشئت “مؤسسة للخصخصة” في المرحلة الثالثة من البرنامج، عام 2001.

لكن نقطة التحول في هذا المسار؛ تمثلت في إعلان مرشد النظام الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، عام 2005، المباديء العامة للمادة (44) من القانون؛ وإطلاق الخطة الخمسية التنموية الرابعة.

وتنص المادة (44) من الدستور؛ على تقسيم النظام الاقتصادي الإيراني إلى ثلاثة اقسام: “حكومي وتعاوني وخاص”. ويشمل “القطاع العام” جميع الصناعات الكبرى، والتجارة الخارجية، والمعادن الرئيسة، والبنوك والتأمينات، وإمدادات الطاقة، والسدود، وشبكات توصيل المياه الرئيسة، ووسائل الإعلام، والبريد والاتصالات، والطيران، والسكك الحديدية، وغيرها مما يتخذ “هيئة الملكية العامة”.

في حين يشمل “القطاع الخاص”؛ قطاعات الزراعة، وتربية الماشية، والصناعة، والتجارة؛ وغيرها من الأنشطة المكملة للأنشطة الاقتصادية الحكومية والتعاونية.

والمليكة في القطاعات الثلاث قانونية طالما تتطابق والمواد الأخرى في هذا الفصل، وتلتزم القوانين الإسلامية، وتعمل على تنمية اقتصاد الدولة، ولا تضر بالمجتمع. ويحدد القانون ضوابط ونطاق الأقسام الثلاث.

وكما أسلفنا؛ لم تنص المادة (44) من الدستور، بشكل قانوني، على إمكانية “خصخصة” الصناعات والتعدين والمجامع الزراعية والمراعي الحيوانية الكبرى. ومن ثم كان إعلان المرشد، “علي خامنئي”، هو سبب ترخيص “الخصخصة”.

وكان “البرلمان الإيراني” قد تكون في دورته الثالثة من كتلتين، هما “جمعية علماء الدين المناضلين”؛ وتضم: “بهشتي ومهدي كني وناطق نوري وخامنئي”، وكتلة جديدة منشقة هي “مجمع رجال الدين المناضلين”؛ وتضم: “مهدي كروبي ومحمد موسوي وحسن صانعي محمد خاتمي وعلي ابطحي وصادق خلخالي”.

وتغيرت بعض بنود دستور 1979؛ واُضيف إليه المواد (174) و(177)، وتنص كلاهما على تشكيل “المجلس الأعلى للامن القومي”؛ وإعادة النظر في الدستور.

وبحسب المادة (177)، المضافة إلى الدستور: “رعاية مضمون الأصول المتعلقة بإسلامية النظام، وكذلك الضوابط الإسلامية والأسس الإيمانية وأهداف الجمهورية الإيرانية في كل ما يصدر من قوانين أو مقررات، والتحول إلى الجمهورية وولاية الأمر وإمامة الأمة، وكذلك إدارة شؤون الدولة إستنادًا إلى آراء الجماهير، ولا يجوز تغيير المذهب الرسمي”.. لكن وكما أسلفنا؛ فالذي أجاز عملية “الخصخصة” كان إعلان المرشد الإيراني، “علي خامنئي”، بموجب البند الأول من المادة (110) من الدستور. وهذه المادة التي إستند إليها المرشد في إطلاق “مشروع خصخصة المال العام”، إنما تتعلق بواجبات وسلطات المرشد الإيراني. وبعد مراجعة الدستور، في العام 1979، اُضيفت ثلاثة بنود إلى المادة (110) من الدستور؛ ومن ثم توسيع صلاحيات المرشد وهي :

الأول: تحديد السياسات العامة للنظام بعد التشاور مع مجمع تحديد مصلحة النظام. (ويشرف المرشد على تعيين جميع أعضاء هذا المجمع).

الثاني: مراقبة حُسن سير السياسات العامة للنظام.

الثالث: صدور مرسوم الاستفتاء على المادة (110) من الدستور.

وعليه؛ أصبح بمقدور المرشد الإيراني إصدار قرار “خصخصة” المصادر والصناعات الوطنية، ويتعين على الحكومة التنفيذ.

ولعب “البرلمان” دورًا مهمًا في “خصخصة” المصادر والممتلكات الوطنية. ولم يقتصر تعاون “البرلمان” على تهيئة السُبل القانونية في إستصدار تراخيص للأعمال ضد الشعب. ولكن لدينا حالتان من القوانين البرلمانية، الأولى ضد العمال، والثانية ضد النساء، يمكن من خلالهما استعراض النماذج.

على سبيل المثال؛ فيما يتعلق بالحالة الأولى، صدق “البرلمان” على مشروع إنشاء 8 مناطق جديدة للتجارة الحرة؛ أو بعبارة أدق معسكرات عمل قصري للعمال والتهرب الضريبي وفساد الأغنياء والتجار.

وبالنسبة للحالة الثانية؛ فقد رفض “البرلمان” التصديق على لائحة منع العنف ضد المرأة.  في حين يُقر الطب الشرعي بالعنف ضد المرأة على النحو التالي: 90% عنف أسري، و32% في المناطق الحضرية، و63% بالقرى.

مصانع “هفت تبه” لقصب السكر و”فولاذ الأحواز” إمتداد لانتفاضة الجياع..

تتجه الحكومة الإيرانية، مؤخرًا، ومؤيديها من، (الإصلاحيين والأصوليين)، ومعارضيها من مؤيدي الملكية، مواقف متشابهة من المواجهة ضد العمال. ولا تتورع هذه الجهات عن قمع الاحتجاجات العمالية في الفترة الأخيرة.

وبلغت حصيلة قمع الاحتجاجات العمالية، في أكثر من 100 مدينة إيرانية، بالعام 2017، حوالي 25 قتيل وأكثر من 5000 معتقل.

ويستسيغ النظام قمع العمال بإطلاق مجموعة من المصطلحات من مثل “الخونة” و”المرتزقة”، في حين يعمد أنصار الملكية للصيد في الماء الراكد عبر إطلاق الشعارات التي تدعو للتملك؛ مثل: “لتسعد روحك يا رضا شاه”، في إطار مساعيهم للحصول على مكانة الأخير في انتفاضته. لكن العقل السليم والروح الطاهرة التي تطلع على تاريخ جرائم “العصر البهلوي”، يدرك أن رفع هذه الشعارات هو أقرب للركون إلى الثعبان خوفًا من التنين.

ونادت الثورة بـ”العيش والحرية والعمل”، وهي تؤشر إلى مرحلة جديدة من الانتفاضة العمالية والوعي الطبقي. حيث علا نداء من يربطون السياسة مع الوعي التاريخي بالشارع على أصوات كل أعداء الشعب، رغم قدرتهم الإعلامية على إسكاتهم أو تجاهلهم.

وهذه الانتفاضة؛ هي نتاج الاحتجاج المتواصل طوال أربعة عقود من القمع والقتل وطرد العمال والفقراء، في “فارس” و”أصفهان” و”كُردستان”، مرورًا بشركة “خاتون آباد” للنحاس، عام 2003، ومنجم ذهب “آق دره”، عام 2014.

والآن تعلو أصوات العمال في مجموعة “فولاذ الأحواز”؛ وشركة “هفت تبه” لقصب السكر. وقد تدفقت جموع عمال هاتين الشركتين الكبيرتين في إطار احتجاجاتهم على “خصخصة” شركاتهم ووجود الفساد ووقف رواتبهم الشهرية وانتحار 5 من عمال شركة “هفت تبه”، على الشوارع ورفعوا شعارات: (العيش والعمل والحرية)، والمضي قدمًا في الانتفاضة العمالية تحت شعار: (تحالف عمال شركة الصلب وهفت تبه)؛ و(تحالف العمال الإيرانيين)، والاتحاد في سبيل الحصول على حقوقهم وحقوق كافة الطبقات الأخرى في العيش والحرية وضمان مستقبل أفضل للعمال.

في المقابل تسعى الأطراف المستفيدة إلى إسكات أصوات العمال عن طريق إحتجازهم. يجمعهم هدف واحد هو الدفاع عن “الخصخصة”، حيث يسعى أنصار السوق الحر للدفاع عن نظامهم الاقتصادي المشترك. في حين أن “الخصخصة” هي أحد أهم أسباب تدهور الإنتاج في البلاد والقضاء على العمال المشاركين في عملية الإنتاج، مثل مرض السرطان الذي يعمل على هدم الاقتصاد والطبقة العاملة.

وفيما يلي شرح للوضع المزري والفساد والاستغلال داخل شركة “مغان للزراعة والصناعة”؛ باعتبارها واحدة من كبرى شركات الزراعة وتربية الحيوانات، مع الأخذ في الاعتبار لعملية “خصخصة” شركة “هفت تبه” لقصب السكر ومجموعة “فولاذ الأحواز”.. وبديهيًا فإن بمقدور إدارة واتحاد عمال هذه الشركة، وكافة المجموعات الاقتصادية والإنتاجية المعرضة للتدمير  والخصخصة، فقط الحيلولة دون “خصخصة” الممتلكات العامة وتدمير حياة الطبقة العاملة.

بدأت شركة “هفت تبه”؛ للزراعة وصناعة السكر، العمل عام 1961، وتعرضت بعد “الثورة الإسلامية” للهجمات الجوية في إطار الحرب “العراقية-الإيرانية”. وارتفعت أسعار منتجات الشركة، بمرور الوقت، بسبب الخسائر الكبيرة وإهمال المعدات التكنولوجية بالشركة، ومن ناحية أخرى تسبب إلغاء وتقليل تعريفة الواردات؛ وكذلك إلغاء احتكار الحكومة في توفير حاجة الدولة من قوالب السكر، (بما يتماشى وبرنامج الخطة الخمسية التنموية الثالثة)، وبغرض تنافس الفاعليات الاقتصادية ومحاولة إيجاد واردات لهاتين السلعتين الأساسيتين، حيث تراوحت تعريفة واردات السكر الأبيض والسكر الخام، في العام 2005، بين 130 – 150%، قبل أن تتراجع 10%.

ونتيجة لهذه الإجراءات المكافحه للاحتكار والمدمرة لحكومة “خاتمي”؛ وتنفيذها بواسطة “نجاد”، وضعف الإنتاج وتشكيل “مافيا” قوية لـ”السكر”، فقد تم إدخال البلاد، عام 85، أكثر من الواردات المطلوبة بـ 1725 طن سكر بقيمة مليون دولار. في هذه الأثناء واجهت “مصانع إنتاج السكر” ظروف صعبة بسبب قلة الربح وهبوط المبيعات وأصبحت لديهم مشكلة في السيولة.

وأخيرًا لحل هذه المشكلة؛ توصلوا إلى قرار بالحصول على قرض، وبالتالي أصبحو مديونين للمؤسسات المالية وغير المالية.

ونتيجة لهذه السياسات الخاطئة والمدمرة والمستهلكة لإمكانيات الشركة؛ فقد تحملت شركة “هفت تبه” للزراعة وصناعة السكر؛ أضرار شديدة. ولأجل أن تتخلص الحكومة من هذه الشركة الخاسرة، التي هي سبب في وصولها لهذا الوضع، أقدمت على بيعها لـ”القطاع الخاص”.

وفي شهر آذار/مارس عام 1994، تم بيع كافة أسهم الشركة، عن طريق “البورصة”، بقيمة 73 مليون و989 ألف دولار؛ بشرط دفع 5% فقط من المبلغ نقدي والباقي يقسط على 8 سنوات في حال إن كافة ممتلكات الشركة تساوي 213 مليون دولار، واستطاع المشترون؛ وهم: “رستمي جنكي وأسد بيكي وشركة زئوس”، إمتلاك الشركة بدفع 6 مليار تومان، وهو يعد 1% فقط من قيمة ممتلكات الشركة.

ولم تتوقف إنتهاكات “هيئة الخصخصة”، وتعاون الحكومة، وكذلك سكوت “البرلمان” على عملية بيع المجمع، وإنما تواصلت إنتهاكات تلكم الهيئة في مرحلة ما بعد البيع، وطبقًا للبند (ألف) من المادة (8) بقانون كيفية الرقابة بعد البيع، للعام 2017، تُخول “هيئة الخصخصة”، “حال التأخر عن دفع مرتبات العمال مدة تتجاوز الشهرين، بما يترتب عليه الخلل بأنشطة الشركة”، و”خفض عدد العمالة بالمخالفة للتصريح المُدرج في الاتفاقية”، بالإخطار والتوبيخ بل وفسخ العقد من المشتري، حسبما يتراءى للهيئة.

لكن لم يتقصر الأمر على تجاهل هذه الآلية، ولكن سعت الهيئة إلى الإستعانة بمصادر خارجية تتولى مسألة الرقابة، من خلال التعاقد مع مفتشين. بعبارة أخرى، تخلى مجلس إدارة “هيئة الخصخصة” عن جزء من آلية الخصخصة، (أي التفتيش على الشركات التي تعرضت للخصخصة)، إلى “القطاع الخاص” !

تأسست “المجموعة الوطنية لصناعة الفولاذ الإيرانية”، (فولاذ الأحواز)، في العام 1963، بغرض إنتاج أنواع حديد التسليح العادي والمضلع والزوايا في مدينة “الأحواز”. وتم تدشين خطوط إنتاج الشركة بقدرة سنوية، 65 ألف طن في العام 1963، مع إضافة الورش بشكل تدريجي.

وهذا المجمع الصناعي هو أول مُنتِج لحديد التسليح في “إيران”، وطاقة إنتاج أكثر من مليون و435 ألف طن من مشتقات الفولاذ. مع هذا اُسندت أسهم هذه الشركة، في العام 2000، إلى شركة “الخدمات الهندسية لأبنية السكك الحديدية”، (ترازرس)، بموجب قرار “اسفنديار رحيم مشائي”، مساعد رئيس الجمهورية، آنذاك، دون مناقصة قانونية.

بينما بيعت الشركة، (الأهم في مجال السكك الحديدية بالدولة)، في العام ذاته، وبآلية غير معلومة وتورط “هيئة الخصخصة”، بمبلغ 120 مليار طومان للسيد، “مه آفرید أمیرخسروي”، (!).. وهذا بالتأكيد ليس إلا جزءً من فساد الدولة والهيئات والبنوك، (ومنها البنك الوطني)، وتورط مجموعة (آريا) في إختلاس مبلغ 3 آلاف مليار طومان.

وبعد القبض على، “مه آفرید أمیرخسروي”، في العام 2011، نقلت السيادة على منقولاته، (وتشمل 38 شركة)، إلى “النائب العام” في “طهران”. ثم حصل “البنك الوطني”؛ في مقابل قروض بمبلغ 1000 مليار طومان، لصالح “مه آفرید أمیرخسروي”، على لقب المالك الجديد لمجموعة (فولاذ الأحواز).

من ثم قام “البنك”، الذي حصل على نسبة 68% من أسهم مجموعة (فولاذ الأحواز) بمبلغ زهيد، (150 مليار طومان)، ببيع بعض أصول الشركة بمبلغ 400 مليون طومان، قبل بيع الشركة، في العام 2016.

وكما أسلفنا؛ طبقًا للمادة (8) بقانون “كيفية الرقابة بعد البيع”، تكلف “هيئة الخصخصة” حال إرتكاب المخلفات من بيع الأصول والتأخير في دفع المستحقات مدة شهرين، (دون تصريح هيئة الخصخصة)، وكذلك إقالة العمال، بإتخاذ الإجراءات المناسبة على إختلافها حيال المشتري والمالك.

وعليه لا تعدم “هيئة الخصخصة” إرادة التعامل مع المخلفات فقط، وإنما هناك تعاون كامل بين الهيئة والمشترين للمال العام.

وبالنهاية؛ تسلم “عبدالرضا موسوي”، مالك شركة “طيران زاجروس”، و”نادي استقلال الرياض”، و”فندق داريوش”، و”حديقة دلفين كيش”، إدارة “المجموعة الوطنية للفولاذ الإيراني”، بسعر غير معروف؛ ومن خلال مناقصة “البنك الوطني”، في تشرين ثان/نوفمبر من العام 2017. في الوقت نفسه، واستنادًا إلى تصريحات الخبراء؛ لا توجد إرادة لحل مشكلات المصانع، إذ أعلنت الإدارة، بتاريخ 19 شباط/فبراير 2018، عدم وجود أي سيولة مالية تغطي أجور العمال، وأن عليهم الإنتظار عام كامل للحصول على رواتبهم.

وفي آيار/مايو من العام نفسه؛ أعلن مساعد الشؤون الاقتصادية لمحافظة “خوزستان”، أن “عبدالرضا موسوي”؛ لم يعد مالك “المجموعة الوطنية للفولاذ الإيراني”، وسوف تعود ملكية الشركة إلى “البنك الوطني” مجدداً.

من ثم إزدادت مشكلات الشركة بسبب سياسات الحكومة، و”هيئة الخصخصة”، والبنوك، والأثرياء ورجال الأعمال، والنتيجة لا تقتصر فقط على الإفلاس وتدمير إنتاج الشركة وعدم دفع رواتب العمال، وإنما تهديد العمال والقبض عليهم؛ بل ودهس بعضهم بسيارة مجهولة.

مجمع مغان “الزراعي-الصناعي” تجديد إنتاج الفساد والنهب والإضراب !

بدأت “وزارة الزراعة”، في العام 1968، طرح مشروع الاستفادة من مساحة صحراء “مغان” الواسعة. وفي هذا الصدد؛ وسعيًا لتأمين المياه لمساحة 63 ألف هكتار من تربة هذه المنطقة الخصبة، عمدت الحكومة إلى تأسيس شبكة ري وتغيير مجرى “نهر آرس” وإنشاء سد.

تقرر تنفيذ هذا المشروع الهائل على 9 مراحل، بغرض تلبية احتياجات حوالي 450 مليون شخص من المنتجات الزراعية والحيوانية، وبالنهاية تم افتتاح المرحلة الأولى، فقط، من المشروع عام 1973؛ تحت مسمى “مجمع مغان للزراعة والصناعة والثروة الحيوانية”.

وبعد ثورة 1979، ومرور 4 عقود تقريبًا؛ يواجه هذا المجمع مصير الفناء والتخريب، كما الكثير من المجامع المهمة بالدولة، بسبب سوء الإدارة وعدم التخطيط.

تطلب إنشاء هذه المراكز الإنتاجية الكبيرة تكلفة ومصادر وطنية، ولم تفشل في تحقيق الإنتاج وخدمة الشعب، وإنما تعرضت للفساد والنهب طوال سنوات.

وفيما يلي نعرض تقرير عن الوضع السائد في هذا المجمع وصورة واضحة للإدارة في الدولة، مع التأكيد على أن المشكلات التي تعاني هذه المجموعة وغيرها من المراكز المشابهة أكبر مما يمكن مشاهدته. تلك المشكلات التي لا يعرفها بشكل أفضل سوى العاملون بها. وكذلك هم الأقدر على طرح حلول أفضل وأكثر منطقية.

تبلغ مساحة “مجمع مغان للزراعة والصناعة والثروة الحيوانية”، حوالي 22 ألف هكتار، ويشمل قطاعات الزراعة، والبستنة، والتربية الحيوانية، ومصانع إنتاج الألبان والسكر. وقد تعرضت جميع هذه القطاعات إلى الفشل وتراجع العوائد، بل والخسارة بسبب إنعدام الخبرة الواعية والأسس الإدارية المناسبة.

على سبيل المثال؛ في “القطاع الزراعي”، خلال العام الجاري فقط؛ يمكن تعداد حالات من مثل: القضاء على أكثر من 600 طن “قمح” موجود في أحد المخازن بسبب سوء التخزين، وخسارة أكثر من 5 مليار طن “شمندر” بسبب زراعة بذور فاسدة، وبوار المحصولات في بعض الحالات بسبب سوء الري، لدرجة أن هكتار واحد ينتج فقط 2 – 3 طن “قمح”، (متوسط إنتاج القمح في المزارع 6 طن)، فضلاً عن الري غير المنضبط بالمزاع حول المجمع، وعدم الاستفادة من موزع الضخ رغم وجود الأجهزة والمعدات مع تصليح الكبسولات المعيوبة خارج المجمع؛ بسبب إنعدام الرقابة بالشكل الذي يخدم أهداف فئة معينة.

“قطاع التربية الحيوانية”، في المجمع، كذلك هو من القطاعات المهمة والمكلفة والتي تعاني الفساد المستشري منذ سنوات، ويوجد بهذا القطاع 20 ألف بقرة، ويواجه رغم التربة الخصبة والماء الفائض مشكلة علافة وتغذية الحيوانات. علاوة على ذلك، تنقل المواشي بمجرد أن تصاب بالمرض إلى المجزر وتوزيع اللحوم بالأسواق، بسبب عدم خبرة وتخصص العمالة بهذا القطاع. وفي الكثير من الحالات، تُباع مواشي، بقيمة 15 مليون طومان، بثلث هذه القيمة بسبب ملصق، (ماشية مريضة).

وفي فترة رئاسة، “أروجعلي محمدي”، للمجمع؛ تقرر إصلاح “محطات الحلب” بتكلفة عدة مليارات للقضاء على مشكلة تدني مستويات إنتاج الألبان، (15 كيلوغرام في المتوسط، بينما من المفترض أن تُنتج الأبقار 70 كيلو يوميًا)، لكن ومع تدهور الأوضاع واستمرار المشكلة؛ لجأ إلى الإقتراض من “البنك” لإنشاء صوامع تحت الأرض وتخزين الأعلاف بشكل أفضل، لكن المشكلة ظلت قائمة وكانت النتيجة، (بعد إنفاق مبلغ 25 مليار طومان من مصادر الشركة)، شراء ماشية جديدة !.. من الإجراءات والتدابير الأخرى للسيد، “أروجعلي محمدي”، الاتفاق مع شركة في “أرومية”، (قيل إنها لأحد أقاربه)، على تعبئة وتغليف ألبان “قطاع التربية الحيوانية”. وهذا ليس سوى جزء من أسلوب إدارة المدير التنفيذي السابق للمجمع، والذي اُشتهر في المنطقة بـ”ذارع خاتمي اليمنى”..

وفي “مصنع السكر” يعمل حوالي 150 شخص، والمتوقع بحسب الإمكانيات أن تترواح الأرباح السنوية بين 10 – 15 مليار طومان. في حين يواجه المصنع خسائر سنوية، بقيمة 5 – 7 مليار طومان بسبب العجز في معدلات “الشمندر”، (يستوي في ذلك الشمندر في قطاع الزراعة بالمجمع أو الشمندر في المناطق الزراعية الأخرى)، بسبب التعامل السلبي مع المزارعين.

والأسباب كثيرة؛ منها على سبيل المثال بيع محصول “الشمندر”، للعام 2015، إلى أحد الأشخاص مقابل شيك بقيمة 20 مليار طومان.

ولم يقتصر الأمر على عدم تسديد المبلغ؛ وإنما صدرت الأوامر من المسؤولين بإلتزام الصمت حيال الموضوع. وأثر هذا الفساد الممنهج؛ إنما يقتصر فقط على الموظفين والعمال الذين لا يحصلون على رواتبهم ويتعرضون للتهديد والإهانات.

في المقابل تحصل بعض قيادات المجمع على مرتبات خيالية، تناهز 15 ميلون طومان شهريًا، بخلاف المزايا. في حين أن العمال في هذا المجمع يواجهون مشكلة عدم الحصول على رواتبهم، ما اضطرهم إلى الاعتصام والتظاهر للحصول على رواتبهم.

ويعتبر القسم الفني والدعم والميكنة من أهم قطاعات المجمع، وهو المنسق بين جميع القطاعات. ويشرف هذا القسم على إصلاح وصيانة الأجهزة والمعدات الثقيلة، أدوات الزراعة والحصاد، تحميل وشحن الأعلاف. وأثناء رئاسة، “محمدي”، للمجمع تم استيراد الأداوت الثقيلة والمتطورة بالتعاون مع “الحرس الثوري”، لكن بدون جمارك وبأسعار توازي ضعف سعر السوق !!.. ومعظم هذا المعدات حاليًا متوقف عن العمل بسبب الحوادث وإنعدام الخبرات المتخصصة، والأهم سوء الإدارة، وعدم توفر قطع الغيار.

وبحسب العمال؛ معظم الأدوات المستخدمة قديمة وتعود إلى مرحلة التأسيس “قبل الثورة”، في حين أن معظم الأدوات والآلات الثقيلة التي تم شراؤها مؤخرًا، تُستخدم لصالح المكاسب المادية للمشترين.

وأخيرًا؛ إنجذب “القطاع الخاص”، صاحب الثروة، إلى هذا المجمع “الزراعي-الصناعي” العظيم، وطرحت “هيئة الخصخصة”، أو هيئة المحافظة على مصالح أصحاب الاستثمارات، أسهم المجمع بسعر 1716 مليار طومان في “البورصة”، مقسمة على 9 أقساط؛ مع إعفاء مدة عامين.

وبلغت ودائع المجمع، حتى البيع، 52832 مليون طومان. وفازت شركة “تنمية سوق استثمار طهران” أمام الشركة المنافسة، “مجموعة محلات الرفاه”، بتقديم عطاء 100 مليار طومان.

وبعد مراجعة موقع هذه الشركة، (تأسست عام 2005)، تبين أنها تتبع، “مجموعة محلات الرفاه” !، ويتكون مجلس إدارة هذه الشركة من: “رسول محمدي”، رئيسًا، و”آرش فرهادي”، مديرًا تنفيذيًا، و”فرید فیوضاتي حق”، عضوًا.

والطريف أن يرأس، “رسول محمدي”، هذه المجموعة؛ وقد كان قبلاً عضو الهيئة الإدارية بشركة “كاسبين”، (التابعة للحرس الثوري)، و”فرید فیوضاتي حق”، عضو الهيئة الإدارية لشركات “مؤسسة المستضعفين”. أما، “آرش فرهاد”، فقد شغل قبلاً منصب المدير القانوني لـ”البورصة”.

والأطرف من ذلك؛ هو شراء شركة “بازتاب سهام توس”، نسبة 67%، من أسهم “مجموعة محلات الرفاه”، عام 2017، وهي تتبع مجموعة شركات “دانايان پارس”، التي بيعت، في العام 2015، لصالح “مجموعة صدر پارس المالية” !.. وبعد مراجعة الموقع الإلكتروني للمجموعة، (تأسست عام 2005)، تبين وجود أسماء رئيسة، تزيل نسبيًا الغموض عن هذا الطوق المعقد للشركات والمجموعات المالية، مثل “حسین عبده ی التبریزی”، مؤسس “بنك الاقتصاد الحديث”، (أول بنك خاص بإيران)، سكرتير عام “البورصة”، ومستشار الخصخصة بـ”وزارة المالية”. و”سید أفضل موسوي”، النائب البرلماني الإصلاحي السابق عن دائرة “زنغان”، ومستشار “وزير الداخلية”. و”علي رستگار”، المدير التنفيذي السابق بـ”البنك الوطني”. و”محمدرضا مدیري”، المدير التنفيذي بشركة “زنغان” للبتروكيمياويات. وتمتلك هذه مجموعة من الشركات الأخرى مثل، “شركة زنغان للبتروكيمياوت”؛ و”شركة دانايان پارس الاستثمارية”؛ و”شركة آريا بورس للتعمير” وغيرها.

وبعد أيام على بيع “مجمع مغان للزراعة-والصناعة”؛ إلى شركة “تنمية سوق استثمار طهران”، تقدم “پور حسين شقلان”، النائب البرلماني عن دائرة “پارس آباد”، بطلب إحاطة إلى “وزير المخابرات” بشأن الطبيعة شبه الحكومية للشركة المشترية، وكذلك المشكلات الناجمة عن عملية البيع في المنطقة وبين الأهالي والعمال للحيلولة دون إتمام الصفقة.

وبالنهاية قضى “النائب العام” في “أردبيل”؛ بتعليق عملية البيع بسبب “عدم الأهلية المالية والفنية” للشركة المشتري.

وكل ما قيل سابقًا؛ هو شرح مختصر للأسلوب الطويل، والآن تواجه الكثير من المجامع والمراكز الإنتاجية، مثل (هپکوی آراک، روغن نباتی جهان در زنغان، کاشي أصفهان، تسنیم نوش أردبیل، لاستیک پارس، آلومینیوم المهدی هرمزگان، فولاد زاگرس، وغيرها)، شبح الخسارة أو الإفلاس بسبب “الخصخصة”.

أن عملية “الخصخصة” المتسلسلة المكونة من الشركات، والحكومات، والأسماء التجارية، ورجال الأعمال تعكس أننا نواجه سلسلة من الاستثمارات وليس أشخاص أو حكومات. وهي سلسلة معقدة لا يمكن تحطيمها إلا بمطرقة الاتحاد.

وما يحدث الآن في شركة “هفت تپه” و”الأحواز”؛ هو شكل جديد من العلاقة مع أداوت العمل الذي ينطبق والوعى الطبقي. وعندما يعتبر العمال شركة “هفت تپه” منزلهم؛ ويتخذون القرار بإدارة الشركة، أو حين يقول عمال “مجمع الفولاذ”: “نحن العمال، نحن نمثل عجلة التصنيع، نحن نعرف إمكانياتنا”، فهذا يعني بداية تداعي الأوضاع السائدة. ووظيفة طبقة العمال بالكامل أن يتحركوا بإرادة ووعي على “طريق الخبز، والعمل، والحرية والحياة”..

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب