19 أبريل، 2024 8:34 م
Search
Close this search box.

“نبع السلام” التركية .. تمنح “داعش” قبلة الحياة ومخاوف من عودته للعراق !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – هانم التمساح :

بعد دحر تنظيم (داعش) الإرهابي وتراجع دوره في “العراق”، تصاعدت الهواجس من عودة التنظيمات الإرهابية إلى المدن العراقية، مع إنطلاق العملية العسكرية التركية المسماة، “نبع السلام”، شمال شرقي “سوريا”. حيث عادت التنظيمات الإرهابية لتُشكل خطرًا على الأراضي العراقية، في تداعٍ سلبي للغزو التركي لمناطق “سوريا” الشمالية، خاصة بعد هروب مجموعة من عناصر تنظيم (داعش) من سجون “قوات سوريا الديمقراطية”، التي تحتفظ بنحو ثلاثة آلاف سجين من أخطر قادة التنظيم.

العراق الملاذ الأضعف..

ويتوقع خبراء، أن العملية العسكرية التركية ستؤدي إلى تمكين تنظيم (داعش)، على مستوى الأراضي الزراعية، خصوصًا وأن (داعش) يدرك أن الأرض العراقية ستكون ملاذًا له.

وتنشط عناصر التنظيم الإرهابي على مستوى إنشاء وتأسيس ملاذات يمكن من خلالها التحرك بإتجاه المدن والقرى العراقية من أجل استهدافها.

وتقع السجون التي تضم أخطر قادة (داعش)، لدى “قوات سوريا الديمقراطية”، على بُعد سبعين كيلومترًا عن الأراضي العراقية.

ولن يقتصر تأثير الغزو التركي لمناطق شمال “سوريا”، على فتح الباب الذي لم يغلق بعد، أمام التنظيمات الإرهابية مجددًا، بل يتوقع مراقبون أن تتسبب العملية في موجات نزوح نحو الأراضي العراقية.

ظروف العراق “تُنعش” التنظيم..

وتحدث تقرير أعدته “مجموعة الأزمات الدولية”، عن خطوات شديدة الأهمية للحيلولة دون عودة نشاط تنظيم (داعش) في “العراق” و”سوريا”، خصوصًا مع وجود تداعيات وظروف “تخفف الضغط” على التنظيم، وقد تمكنه من عودة نشاطه واحتلال أراضٍ من جديد، فيما اعتبر التقرير أن أهم التداعيات هي العمليات العسكرية التركية في “سوريا”، وظروف عوائل (داعش) في “العراق”، فضلًا عن موقف “العراق” وسط الصراع (الأميركي-الإيراني).

وقال التقرير: “لم يتمكن تنظيم (داعش) من العودة إلى الظهور في العراق أو في سوريا حتى الآن. ما يزال التنظيم الجهادي موجودًا بوصفه حركة تمرد مسلح قوية في كلا البلدين، لكن بالمقارنة مع تجلياته السابقة، فإنه ضعيف ومحاصر جغرافيًا”.

وأضاف: “لقد ساعدت الظروف المحلية، خصوصًا في العراق، على منع عودته. إلا أن العراق وسورية يواجهان أخطارًا داخلية وتهديدات خارجية، أكثرها قربًا وإلحاحًا هو التدخل التركي في شمال شرق سورية، الذي من شأنه أن يزعزع استقرار كلا البلدين. إذ تدخل عدم الاستقرار الداخلي أو صدمة خارجية في جهود مكافحة تنظيم (داعش) في أيًا من البلدين، ومن المرجح أن يحاول التنظيم العودة إلى النشاط. ويتطلب منع التنظيم من هذه العودة جهودًا محلية مستمرة لمحاربته وتحقيق الاستقرار؛ وينبغي على جميع الأطراف المنخرطة في جهود محاربته – محليًا ودوليًا – تفادي نشوب صراعات جديدة معطلة فيما بينها، مهما كانت خلافاتها”.

وتابع: “لقد سقط تنظيم (داعش) بدرجة كبيرة من الذروة التي كان عليها في العام 2015، عندما كان في حالة هجوم ضد أعدائه الكثيرين وكان يسيطر على دولة بدائية مسلحة تمتد من العراق إلى سوريا. وفي مواجهة حملة عسكرية كبرى شنتها مجموعة من أعدائه المحليين والدوليين، فقد التنظيم مواقعه في العراق في العام 2017؛ وفي سوريا في مطلع العام 2019. لكن في كلا البلدين، ظل موجودًا عبر تحوله من الحرب شبه التقليدية إلى تمرد مسلح يعتمد على تكتيك أضرب وأهرب”.

وأوضح التقرير أنه: “في العراق، ينشط التنظيم على شكل وحدات منفصلة مستقلة بدرجة كبيرة وتنتشر في أقسى المناطق في البلاد، بما في ذلك الجبال والصحاري. ومن هذه المخابيء، يخرج مقاتلو التنظيم ليهاجموا المناطق الريفية، حيث يختطفون ويبتزون السكان ويقتلون ممثلي الدولة. عمليات التنظيم بسيطة؛ إذ لم يشن كثيرًا من الهجمات الأكثر تعقيدًا أو الأوسع نطاقًا. وحتى الآن، يبدو أنه لم يتمكن من اختراق المدن العراقية الكبرى”.

وأشار إلى أنه: “قد تغير العراق بأشكال من شأنها أن تمنع تنظيم (داعش) من العودة بقوة. فالإستقطاب الطائفي الذي ساد البلاد بأسرها، والذي استفاد منه التنظيم، تلاشى. إضافة إلى ذلك، الآن وقد جرب العرب السُنة الصدمة المزدوجة المتمثلة في إجراءات تنظيم الدولة المتسلطة في الحكم والحملة العسكرية لاستعادة مناطقهم من التنظيم، فإن معظمهم لا يريدون التعامل معه مرة أخرى. قوات الأمن العراقية، من جهتها، خففت من تجاوزاتها وأقامت علاقة أكثر إيجابية مع العرب السُنة”.

لكن؛ ورغم هذه الأسباب التي تدعو إلى التفاؤل، هناك تهديدات أيضًا. فتأمين المناطق البعيدة التي لا تزال تعاني من وطأة تنظيم (داعش) سيشكل تحديًا كبيرًا. كما أن الحكومة لم تقم بعد بإعادة بناء وإطلاق اقتصادات هذه المناطق وغيرها التي تأثرت بالحرب ضد التنظيم، الأمر الذي لا يشجع النازحين منها على العودة. ويبدو أن معالجة ومداواة جراح المجتمع صعبة أيضًا. إن المقاربة العقابية التي يتبعها “العراق”، في العدالة، في مرحلة ما بعد “تنظيم الدولة” تخاطر بتوسيع الانقسامات القائمة في البلاد.

عوائل “داعش”..

ويبدو أن “عوائل داعش” – وهم المدنيون الذين يدّعى بأن علاقات عائلية تربطهم بمقاتلي “تنظيم الدولة”؛ والذين تم نفيهم من مدنهم وبلداتهم – يبدو أنهم يعانون من خطر تحولهم إلى طبقة دنيا تحمل وصمة دائمة. كما أن التوترات (الأميركية-الإيرانية) يمكن أن تمتد إلى “العراق”، ما يمكن أن يؤدي إلى هجمات تشنها الفصائل العسكرية المحلية شبه العسكرية المتحالفة مع “إيران” ضد أهداف أميركية. لا يمكن التنبؤ بالنتائج، لكن من شأن ذلك أن يعرض للخطر استمرار وجود “قوات التحالف” الذي تقوده “الولايات المتحدة”؛ وأن يؤدي إلى المزيد من عدم الاستقرار.

كما يمكن لتنظيم (داعش) أن يعود في “سوريا” المجاورة، التي يبدو استقرارها مهددًا بسبب تدخل تركي جديد في شمال شرق البلاد.

أميركا منحت “إردوغان” الضوء الأخضر !

في 6 تشرين أول/أكتوبر 2019، أعلن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، أن “تركيا” ستطلق عملية عسكرية في شمال “سوريا”؛ وأن القوات الأميركية “لن تستمر في الوجود في المنطقة المحاذية”. بدا أن بيان “ترامب” – الذي أصبح منذ الإدلاء به أكثر تعقيدًا وتشويشًا وتناقضًا – أعطى “الضوء الأخضر” لتدخل تركي أُحادي في شمال شرق “سوريا” ضد الشريك السوري الرئيس لـ”الولايات المتحدة” في الحرب ضد “تنظيم الدولة”، أي “قوات سورية الديمقراطية”. تقود تلك القوات قوة كُردية مرتبطة بشكل وثيق بـ”حزب العمال الكُردستاني”، وهو تنظيم خاض حربًا دامت عقودًا مع “تركيا”. بعد مغادرة العدد القليل من القوات الأميركية الذي كان موجودًا على الحدود لمواقعه، أعلنت “تركيا” أن تدخلها قد بدأ في 9 تشرين أول/أكتوبر الجاري، رغم أن نطاقه الكامل لا يزال غير واضح.

ومن المتوقع أن الصراع بين “تركيا” و”قوات سوريا الديمقراطية”، على الحدود (السورية-التركية)، سيخفف الضغط على تنظيم (داعش)، الذي خسر المناطق التي كان يسيطر عليها في شرق “سوريا”، في أيار/مايو 2019، لكنه يستمر بالوجود كحركة تمرد قاتلة. منذ أيار/مايو الماضي، استمرت “قوات سوريا الديمقراطية” في ملاحقة بقايا تنظيم (داعش) في سائر أنحاء الشمال الشرقي وتحتجز الآلاف من أعضاء التنظيم وأفراد أسرهم. إلا أن “قوات سوريا الديمقراطية” حذرت من أنها ستُجبر على نقل قواتها إلى حدود “سوريا” الشمالية إذا هاجمت “تركيا”. قد تكون التبعات كارثية بالنسبة للمناطق الواقعة إلى جنوب الحدود، حيث لا يزال التنظيم نشطًا، وبالنسبة للسجون والمخيمات التي تحتوي مقاتلي التنظيم؛ والتي كانت أصلاً عرضة للهجمات قبل الأحداث الأخيرة.

وحتى لو ظل تنظيم (داعش) قائمًاً بشكل ما في “العراق” و”سوريا”، فإن أعداءه الكُثر ينبغي أن يكونوا قادرين على إحتوائه أو إضعافه أكثر. لكن لهذا السبب فإن البلدين بحاجة لأن يتم تجنيبهما الصدمات الخارجية التي من شأنها أن تعطل جهود محاربته. يتمثل الإجراء الأكثر إلحاحًا في أن تعمل “الولايات المتحدة” وحلفاؤها على إقناع “تركيا” بوقف غزوها لشمال شرق “سوريا”، الذي سيلحق الضرر بالمكانة السياسية الدولية لـ”تركيا” ولأمنها الداخلي. من شأن ذلك أن يعطي بعض الوقت لترتيبات إنتقالية جديدة وأن يعالج الهواجس الأمنية التركية بانتظار التوصل إلى اتفاق نهائي حول المنطقة. في حال فشل ذلك، فإن البديل هو أن تتفاوض “قوات سوريا الديمقراطية”، على الأرجح بوساطة “روسيا”، للتوصل إلى تسوية مباشرة مع النظام السوري من شأنها أن توقف الهجوم التركي. كما ينبغي على الحكومات أن تعيد أكبر عدد ممكن من مواطنيها المدنيين من مخيمات النازحين في شمال شرق “سوريا”، قبل أن يغرق أطفال المخيمات في الصراع.

على الحكومة العراقية مضاعفة تأمين المناطق الريفية..

وينبغي على الحكومة العراقية أن تضاعف جهودها لتأمين المناطق الريفية المتأثرة بـ”تنظيم الدولة الإسلامية”؛ بدلًا من ملاحقة المتظاهرين المدنيين العزل، خاصة إذا إنزلقت “سوريا”، المجاورة، إلى الفوضى. كما ينبغي على “بغداد” أن تعطي الأولوية لإعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب وإعادة المهجرين، بما في ذلك “عوائل داعش”. إذا كان بالإمكان وقف الهجوم التركي أو الحد منه، سيترتب على “قوات سوريا الديمقراطية” أن تسمح لشركائها المحليين بلعب دور أكثر فعالية في الحكم والأمن، بما في ذلك في “دير الزور”، وأن تساعد في الدفاع عنهم ضد هجمات “تنظيم الدولة”.

ما يزال من الممكن منع عودة تنظيم (داعش) إلى الظهور في “العراق” و”سوريا”. لكن ذلك يتطلب جهودًا متضافرة من قِبل خصوم التنظيم المحليين والدوليين، الذين ينبغي أن يتجنبوا حدوث صراع مهلك فيما بينهم بشكل يمنح التنظيم حياة جديدة.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب