17 أبريل، 2024 11:55 م
Search
Close this search box.

ناقلاته في عرض البحر .. “النفط الإيراني” لا يجد من يشتريه وقد تنقذه لعبة “القط والفأر” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بسبب “العقوبات الأميركية” على “إيران”، يقف “النفط الإيراني” حائرًا في عرض البحر لا يجد من يشتريه، فقد أفادت وكالة (رويترز) للأنباء بأن ناقلتين تحملان مكثفات إيرانية، وهي نوع من الخام الخفيف جدًا، تقفان قبالة “الإمارات” منذ نحو شهر.

وأفادت عدة مصادر وبيانات ملاحية بأن الناقلتين، اللتين تحملان معًا نحو 2.4 مليون برميل من “مكثفات بارس الجنوبي”، تقفان قبالة السواحل الإماراتية منذ آب/أغسطس 2018؛ بعدما أوقفت “كوريا الجنوبية” وارداتها من “إيران”، بينما انخفض الطلب الصيني خلال الصيف.

كما أظهرت البيانات أن عدد السفن المحملة بـ”النفط الإيراني” وترسو قبالة ميناء التحميل في “جزيرة خرج” و”حقل سوروش” النفطي يرتفع أيضًا مع تراجع عدد مشتري الخام الإيراني.

وتقف ثلاث ناقلات عملاقة قادرة على حمل مليوني برميل منذ عشرة أيام أو أكثر، بينما تنتظر أربع أخرى منذ أقل من أسبوع.

الأقمار الصناعية ترصد خروج الناقلات سرًا..

ورصدت أقمار صناعية مؤخرًا خروج ناقلات نفطية من “إيران”، في عملية التفاف على ما يبدو على “العقوبات الأميركية”، المفروضة على هذا البلد، الذي صرَّح مسؤولون فيه سابقًا أن لديهم “طرقًا أخرى” لتصدير شحنات النفط.

“سمير مدني”، أحد مؤسسي موقع (تانكرز تراكرز.كوم) لمراقبة تجارة النفط في العالم، قال: “نرى أحيانًا كثيرة ناقلات نفط تدخل إيران أو تخرج منها سرًّا”، موضحًا: “نرصد بواسطة أقمار صناعية، بضعَ سفنٍ في الشهر”.

تشكيك في قدرة أوروبا..

ولا تمتلك “طهران” أوراقًا، ذات تأثير، تساعدها على كبح التشدد الأميركي، خاصة أن الوعود الأوروبية لم تتجاوز مجرد تسجيل موقف والسعي لإسترضاء “واشنطن” والبحث عن تعويض خسائر شركاتها، أكثر منه مسعى للجم خيار العقوبات الذي بات يسري على الجميع بمن في ذلك قوى دولية كبرى مثل “الصين” و”روسيا” و”الاتحاد الأوروبي” نفسه.

وعلى ضوء القوة الرادعة للعقوبات الأميركية، يشكك البعض في قدرة أوروبا على تقديم عرض مقبول لإيران.

وكان نائب وزير الخارجية الإيراني، “عباس عراقجي”، قد حذر في مطلع أيلول/سبتمبر 2018، بأنه “إذا لم نتمكن من الحفاظ” على مستوى مبيعات نفطية يفوق مليوني برميل في اليوم “بعد تطبيق التدابير الأوروبية، فسيكون هذا خطًا أحمر”. وسبق أن توعدت “إيران” بالانسحاب من “اتفاق فيينا” إذا “لم يعد يحمي مصالحها الوطنية”.

غلق “مضيق هرمز” سينعكس سلبًا عليها..

كما لوحت “إيران” بإغلاق “مضيق هرمز”، نقطة العبور الإستراتيجية لتجارة النفط الدولية، غير أن هذه الخطوة ستنعكس سلبًا على “إيران” أيضًا، إذ إن غالبية صادراتها النفطية تمر عبر هذا المضيق الذي يتحكم بالمدخل إلى الخليج.

وتواجه “طهران” خطر تراجع صادراتها النفطية مع معاودة فرض “الولايات المتحدة” العقوبات على قطاع الطاقة الإيراني، في تشرين ثان/نوفمبر 2018، غير أن خبرتها في الإلتفاف على الحظر قد تسمح لها بالحد من وطأته.

وتمكنت “إيران”، بين 2012 و2015، في وقت كانت تعاني فيه أشدَّ العقوبات الدولية عليها، من تصريف قسم من خامها في الخارج، ولا سيما من خلال تمويه حاملات النفط التابعة لها، ويشير بعض المحللين إلى أن هذه الوسائل لم تتوقف فعليًّا في أي وقت.

ويزداد عدد ناقلات النفط هذه بعد الـ 5 من تشرين ثان/نوفمبر، الموعد المحدد لمعاودة فرض “العقوبات الأميركية” على “قطاع النفط الإيراني”، بعد إعلان “البيت الأبيض”، في آيار/مايو 2018، عن قرار أحادي بالانسحاب من “الاتفاق النووي” الموقع مع “إيران” في 2015 في “فيينا”.

تراجع مبيعات النفط بشكل حاد بسبب الضغوط..

وأدَّت الضغوط، منذ الآن، إلى تراجع مبيعات النفط الإيرانية بنسبة 24%؛ بين آيار/مايو، وآب/أغسطس 2018، بحسب وكالة (بلومبرغ) للأنباء المالية.

وكتبت “مجموعة أوراسيا” للدراسات في مذكرة: “أسأنا تقدير مدى إمتثال نيودلهي وبكين للمطالب الأميركية”، مستغربة الانخفاض الحاد في واردات النقط الإيراني إلى “الهند” و”الصين” بنسبة بلغت 49% و35% على التوالي خلال ثلاثة أشهر، بحسب المكتب.

وتتوقع المجموعة هبوط مبيعات “النفط الإيراني” بمقدار حوالي 900 ألف برميل في اليوم وصولًا إلى 1.2 مليون برميل في اليوم بحلول تشرين ثان/نوفمبر 2018، مقابل 2.7 مليون برميل في اليوم في آيار/مايو.

تصميم على خفض الصادرات لـ”الصفر”..

وتبدي “واشنطن” تصميمها على خفض صادرات النفط الإيراني “إلى الصفر”؛ متوعدة  بممارسة “ضغط مالي غير مسبوق” على هذا البلد، وهي تهدد الشركات أو البلدان التي ستواصل شراء “النفط الإيراني”.

وفي هذا؛ قالت مندوب واشنطن الدائم لدى الأمم المتحدة، السفيرة “نيكي هيلي”، إن “الولايات المتحدة” ستستهدف “نفط إيران”، وإن الأخيرة ستشعر بتأثيرات ذلك بالمعنى الحقيقي، في وقت تفتقد فيه “إيران” لبدائل حقيقية يمكن أن تعوض خسائر قطاعها النفطي، خاصة في ضوء الاستجابة الواسعة التي تبديها دول مهمة؛ مثل “الهند” و”كوريا الجنوبية” وشركات أوروبية كانت “طهران” تراهن على أنها ستتصدى من خلالها للقرار الأميركي.

وأوضحت “هيلي”، خلال مشاركتها في برنامج تليفزيوني على قناة (فوكس نيوز) الأميركية، الأربعاء الماضي، أن “إيران دمّرت سوريا، ونرى أنها تشكل خطرًا على إسرائيل.. إيران تنفذ حروبًا بالوكالة في الشرق الأوسط، ولأجل ذلك انسحبنا من الاتفاق النووي”.

وتابعت “هيلي”: “كنا نحوّل الأموال إلى إيران، ونسمح لها بمواصلة هذه المواقف السيئة، واليوم فرضنا مجددًا العقوبات عليها”.

وبيّنت أن “واشنطن” ستستهدف من خلال العقوبات، “النفط الإيراني”، وسيشعر الإيرانيون بتأثيرات ذلك بالمعنى الحقيقي.

وأكّدت على أن “إيران” تشعر بالألم وهي في وضع ضعيف، مضيفة: “سنواصل خنقهم حتى يراجعوا مسألة الصواريخ (الباليستية) ويقطعوا دعمهم للإرهاب”.

حلول لإيران للتحايل على عقوبات واشنطن..

المحللين يعتبرون أن هدف “الصفر”، الذي أعلنته الحكومة الأميركية لصادرات “النفط الإيراني”، غير قابل للتحقيق.

وتملك “إيران” رابع احتياطات عالمية مثبتة للنفط، وثمة دول عديدة، ولا سيما آسيوية، بحاجة إلى التزود بـ”النفط الإيراني”، خصوصًا وأن مصافيها مصممة تحديدًا لتكرير هذا النوع من “النفط” دون سواه.

وأوضح محلل في مكتب “وود ماكينزي للاستشارات” المتخصص في الطاقة؛ أن “إيران” باشرت منح تخفيضات إضافية بمقدار 10 إلى 15 مليون دولار في الشهر لبعض كبار المستوردين مثل: “الهند” و”الصين”.

وقال “سمير مدني” إنه سعيًا لإرجاء العقوبات أو الإلتفاف عليها “قد يعمد المشترون إلى الدفع عينًا أو بعملة أخرى غير الدولار أو على دفعات، وصولاً إلى تحويل الثمن على حساب قيد الحجز في سويسرا أو إنتظار رفع العقوبات. هذا ما فعلته الهند” بين 2012 و2015.

أستاذ السياسة الدولية في “جامعة غاند” ببلجيكا، “ثيس فان دي غراف”، لفت إلى أنه من الممكن أيضًا، في حال تمكنت “إيران” من إيصال نفطها إلى مرفأ صديق، مزجه بنفط خام من مصدر آخر وإعادة بيعه.

وقال: إن “إيران لعبت لعبة القط والفأر في المرة الأخيرة (…) وستعاود الكرة على الأرجح هذه المرة”.

غير أن في حال تواصل الارتفاع المسجل في أسعار النفط، منذ 2016، فقد يخدم هذا التوجه مصالح “إيران”.

وقال “فان دي غراف”: “من الممكن تمامًا، من الناحية النظرية، تسجيل ارتفاع (…) يعوض تمامًا عن تراجع الصادرات” الإيرانية.

الاستجابة الدولية تقلص هامش المناورة الأميركية أمام “إيران”..

فيما يقول مراقبون آخرون إن اعتماد إستراتيجية “الولايات المتحدة”، في مواجهة “إيران”، على العقوبات المشددة سيدفع المسؤولين الإيرانيين إلى مراجعة خياراتهم في التمدد الإقليمي، وهي نقطة الخلاف مع “واشنطن” والسبب المباشر للعقوبات.

وتبدو إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، مصممة على إجبار “طهران” على التراجع عن نفوذها في “العراق” و”سوريا” و”اليمن” و”لبنان”؛ والتوقف عن الاختباء وراء أذرعها الطائفية، وهو نفوذ يهدد مصالح “الولايات المتحدة” كما مصالح حلفائها الإقليميين مثل “السعودية”.

وفيما تبدو “العقوبات المشددة” هي الخطوة الأولى لاختبار ردة فعل “إيران”، فإن “الولايات المتحدة” قد تمرّ إلى خطوات أخرى بينها “خيار القوة”، والذي عكسه اجتماع رؤساء الأركان الذي جمع، في “الكويت”، مسؤولين عسكريين أميركيين بارزين بنظرائهم في دول الخليج و”مصر” و”الأردن”.

ويشير المراقبون إلى أن التشدد الذي أظهرته إدارة “ترامب” ضد “إيران” يلاقي استجابة دولية واسعة فاجأت الأميركيين أنفسهم، ما يقلص هامش المناورة أمام “طهران” ويفشل أساليبها المعهودة في التهرّب من الحظر.

ولن تستمر المكابرة الإيرانية طويلاً، خاصة أن العقوبات، التي لا تزال في مرحلتها الأولى، أربكت شركاء “إيران” ودفعتهم إلى التخلي عن تعهدات سابقة بشراء “النفط الإيراني”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب