خاص : ترجمة – محمد بناية :
بتاريخ 21 آذار/مارس 2019؛ كتب الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي، (توتير): “بعد مرور 52 عامًا؛ حان الوقت لإعتراف الولايات المتحدة الأميركية الرسمي بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان، الأمر الذي ينطوي على أهمية إستراتيجية للأمن الإسرائيلي واستقرار المنطقة” !
ولطالما كانت “مرتفعات الجولان” جزءً من الأراضي السورية منذ استقلال هذا البلد، ثم احتلت “إسرائيل”، الجولان، في إطار حرب الأيام الستة بين العرب و”الكيان الصهيوني”، عام 1967، ولم يحدث أي تغير على الوضع التاريخي والقانوني لـ”الجولان”. بحسب “ناصر كنعاني”؛ رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية بالعاصمة المصرية، “القاهرة”، في مقاله المنشور بوكالة أنباء (فارس) التابعة للحرس الثوري الإيراني.
إنتهاك القوانين الدولية..
ورغم أن “الكيان الصهيوني” قد بدأ، عام 1981، في تطبيق القوانين الإسرائيلية على “الجولان”؛ وهو ما يعتبر من المنظور القانوني ضم “الجولان” بشكل غير معلن للأراضي الفلسطينية، إلا أن المجتمع الدولي لم يعترف مطلقًا بتلك الخطوة، ومازال يعتبر “مرتفعات الجولان” أرض محتلة.. ومن الطبيعي أن الاحتلال، مهما طالت الفترة الزمنية، لا يمنح المحتل شرعية، لأن وحدة وسلامة الدول من أهم مباديء الحقوق الدولية.
من ثم فإن تحديد الرئيس الأميركي سيادة “الكيان الصهيوني” على “الجولان”؛ إنما ينتهك القوانين الدولية، بل ويتنافى مع قرارات “مجلس الأمن”، التابع لـ”الأمم المتحدة”، حيث تعتبر “الولايات المتحدة” عضو دائم في هذه المجلس.. وكانت “الولايات المتحدة” قد إعترفت، قبل فترة قصيرة من سيادة “إسرائيل” على “مرتفعات الجولان”، بـ”القدس”؛ عاصمة لـ”الكيان الصهيوني”، ونقلت بتاريخ 14 آيار/مايو 2018، سفارتها من “تل أبيب” إلى “القدس”.
تلاها إعلان “الخارجية الأميركية” دمج القنصلية مع السفارة الأميركية في “بيت المقدس”؛ باعتبارهما مركز دبلوماسي واحد، بتاريخ 4 آذار/مارس 2019.. ثم جاء إغلاق مكتب “منظمة التحرير الفلسطينية” في “واشنطن”، بتاريخ 10 أيلول/سبتمبر 2018، كخطوة أميركية أخرى على مسار تجاهل مكانة “فلسطين” القانونية.
وفي إطار مساعيها للضغط على “السلطة الفلسطينية”، إلى أقصى حد، وقبول شروط “واشنطن” للتطبيع مع “الكيان الصهيوني”، قطعت “واشنطن” مساعداتها السنوية إلى “وكالة الإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين”..
“صفقة القرن” والعجز العربي..
تأتي كل هذه الإجراءات بالتوازي مع الحديث عن مشروع “صفقة القرن”؛ للإجهاز على “القضية الفلسطينية” والتطبيع “العربي-الإسرائيلي” الكامل، منذ دخول، “دونالد ترامب”، البيت الأبيض.
ورغم أن “أميركا” لم تُفضح، حتى الآن، عن فحوى المشروع، لكن الشواهد تدل أن أحد أهم أجزاء هذا المشروع هو مبادلة الأراضي العربية والحذف الكامل لحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى موطن الآباء والأجداد، تلك الصفقة؛ حيث “الكيان الصهيوني” الفائز الكامل بين الخاسر هو الطرف الآخر.
في المقابل؛ تكتفي الدول العربية والإسلامية بإصدار البيانات والمواقف المتكررة المناسبة فقط للتسجيل، ولا تنطوي على خاصية عملية. وكأن “تل أبيب” و”واشنطن” على قناعة أن رد الفعل الوحيد للجبهة السياسية المقابلة هو إصدار البيانات السياسية !
والسؤال: “إلى متى يمكن حقًا التغاضي عن الحقائق المريرة الناجمة عن الإعتداءات الإسرائيلية اليومية على حقوق الفلسطينيين والدول العربية والإسلامية الطبيعية ؟.. وإلى متى يمكن مداهنة الولايات المتحدة، باعتبارها الداعم الأكبر للكيان الصهيوني، لا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ؟!”..
وفهم هذه القضية سهل، حيث يتطلب الإعتراف بحقوق الفلسطينيين والمحافظة على “بيت المقدس” والحيلولة دون التهويد الكامل لـ”القدس”، والممانعة ضد التوسعات اليومية الإسرائيلية والإبتزاز الأميركي المستمر للدول العربية والإسلامية لصالح الكيان الإسرائيلي إستراتيجية جامعة، ويتعين على الدول العربية والإسلامية الإقتناع بحقيقة أن “فلسطين”، قضية محورية للعالم الإسلامي، بل وللعالم أجمع، والعالم العربي والإسلامي يقف في الخطوط الأولى لتلكم الجبهة.
والأجدر أن يعلموا، (العرب والمسلمين)، أن العدو الرئيس هو، “إسرائيل” و”أميركا”، وليس “الجمهورية الإيرانية”؛ كما تروج المؤامرة “الأميركية-الإسرائيلية”، وأن يفكروا في فرض العزلة على “إسرائيل” و”أميركا” بدلاً من “إيران”.
والأفضل مقاطعة “الكيان الصهيوني” بدلاً من مقاطعة “سوريا” وتعليق عضويتها بـ”الجامعة العربية”.
وليعلم العالمين، العربي والإسلامي، إن هذه الإجراءات لا تحمي فقط “فلسطين”، وإنما تحمي وتصون أمن ووحدة أرضيهم. والحقيقة أن أبناء “فلسطين” يزودون ويصمدون في مواجهة “الكيان الصهيوني” نيابة عن الأمم والشعوب الإسلامية.