على مدى عام ونصف العام من بدء المعارك في محافظة الانبار، مايزال السكان يتنقلون من نزوح الى نزوح .
وبعد ان اذاقتتهم الحرب ويلاتها ممن اجبروا على ترك منازلهم هربا الى العاصمة العراقية بغداد، لعلهم يجدوا من يخفف عنهم وطأة حرب ضروس لم يهدأ لها بال منذ 2003 .
الحكومة العراقية منذ ان اعلنت بدء عمليات استباقية مطلع نيسان الماضي بهدف مقاتلة تنظيم “الدولة الاسلامية” داعش، واستعادة المناطق الخاضعة تحت سيطرته اسوة بما جرى بمدينة تكريت، حيث نزحت عشرات الاسر من مدينة الرمادي صوب بغداد العاصمة .
ايمان ابراهيم، تشغل مهنة التعليم بأحدى مدارس مدينة الرمادي، قالت لشبكة رووداو الاعلامية، ان “الهروب من جحيم تنظيم داعش الذي احرق الاخضر مع اليابس لننصدم بويلات المليشيات التي قتلت العشرات من اهالي الرمادي”.
وعبرت ايمان، عن استهجانها بما يجري للنازحين في بغداد، قائلة: “هؤلاء ليسوا سكان بغداد الاصليين الكرماء، وبعد ان كانت ثقتنا بأن نجد من يستقبلنا في عاصمة كل العراقيين، غير ان القتل على الهوية اصبح سمة الترحيب بنا هنا”.
وتابعت قائلة: “الذي ينجو من سطوة داعش لربما يكتب له عمر جديد، لكن غالبية اهالي الرمادي وقعوا ضحية رصاص المليشيات التي ذبحت الابرياء ليس لذنب الا لكونهم من سكان مدينة سنية تقاتل تنظيم داعش”.
واتهم احد شيوخ عشائر الانبار نعيم الكعود، مليشيات مسلحة تحمل اجندات خارجية بقتل ثمانية مدنيين من افراد اسرته بينهم اربعة نساء في بغداد . وقال الشيخ نعيم الكعود لشبكة رووداو الاعلامية ان “ميليشيات مسلحة اختطفت ثمانية من افراد عشيرة البو نمر في منطقة حي الجهاد، كانوا من بين العوائل النازحة من مدينة الرمادي، وتم العثور عليهم لاحقا مقتولين وجثثهم مرمية على قارعة الطريق”، مضيفاً بأن تلك الميليشيات لا تقل خطراً عن تنظيم داعش.
وتابع الكعود، ان “العوائل النازحة بدأت تنزح داخل العاصمة بغداد هرباً من الميليشيات، لتسكن دور العبادة والاماكن العامة في مناطق اخرى”.
ولم يكن دخول النازحين الى بغداد بتلك السهولة المتوقعة بعد ان فرضت الاجهزة الامنية عدة شروط اجبرتهم لايجاد كفيل يضمن عدم ارتباط اي من افراد الاسر الهاربة من هول معارك الانبار بالتنظيمات المسلحة .
وبعد انتظار لايام عدة عند اسوار بغداد، بانتظار من يكفلهم لدى سلطات الامن حتى بدأت حركة نزوح جديدة داخل مدينة بغداد عقب موجة اغتيالات طالت العديد من الشباب ولم تسلم منها النساء .
وحمل عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية اسكندر وتوت، نازحوا الانبار مسؤولية تفجيرات بغداد الاخيرة. حيث قال “إن الانفجارات التي حدثت في العاصمة بغداد سببها دخول عناصر مندسة مع نازحي الانبار انضموا مع عصابات داعش الارهابية”.
مركز بغداد لحقوق الإنسان قال في بيان له: “إنه تم العثور على جثث أربعة نازحين من محافظة الأنبار، معصوبي العينين ومصابين بطلقات في الرأس بعد وقت قصير من خطفهم على يد الميليشيات الشيعية، بحسب مصادر أمنية وطبية”.
مصادر في حكومة الانبار دعت الاهالي الى العودة مجددا عقب موجة الاغتيالات التي اجتاحت بالاخص فئة الشباب من نازحي الرمادي في العاصمة بغداد وضواحيها .
مستشار محافظ الانبار لشؤون العشائر، الشيخ تركي محمد قال لشبكة رووداو، ان “جهات سياسية وراء عمليات القتل التي نالت من سكان الرمادي في مدينة بغداد”. داعيا النازحين بالعودة .
صالح مهدي العلواني، (53 سنة)، فضل العودة الى مدينته حيث ينشط تنظيم داعش . وتحدث العلواني لرووداو، ان “الموت اصبح مصيرنا سواء كنا في بغداد او في الرمادي ولربما الافضل لي ان اموت داخل منزلي”.