خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
قام نائب الرئيس الأميركي، “مايك بنس”، أمس السبت، بزيارة مفاجئة لـ”العراق”؛ مما أثار غضب كثير من العراقيين معتبرين عدم علم “بغداد” بالزيارة دليل على إنعدام السيادة الوطنية وعدم احترام “واشنطن” للحكومة العراقية.
وفي زيارته الأولى لـ”العراق”، حط “بنس” على متن طائرة عسكرية في قاعدة “عين الأسد”، في محافظة “الأنبار”، غرب البلاد، حيث تفقد قوات بلاده في “العراق” والتقى بالأكراد من مسؤولي “إقليم كُردستان” مستثنيًا مسؤولي السلطة المركزية في “بغداد”.
“عبدالمهدي” : الزيارة بعلمي !
من جانبه؛ زعم رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، إن حكومته كانت على علم مسبق بزيارة نائب الرئيس الأميركي إلى “العراق”.
وذكر مكتب “عبدالمهدي”، في بيان له؛ أن “مايك بنس” قام بزيارة متفق عليها إلى “العراق”؛ تفقد خلالها قوات بلاده في قاعدة “عين الأسد” العراقية في إطار “التحالف الدولي” الذي يقوم بدعم القوات العراقية في محاربة تنظيم (داعش) الإرهابي، ومن المتفق عليه أيضًا زيارته لـ”أربيل”.
وأضاف أن الاتصال الهاتفي بين رئيس مجلس الوزراء ونائب الرئيس الأميركي تناول تعزيز العلاقات بين البلدين وآفاق التعاون المشترك، كما بحث الجانبان التطورات التي يشهدها “العراق” وجهود الحكومة وإجراءاتها الإصلاحية استجابة لمطالب المتظاهرين.
إنتهاك لسيادة العراق !
من جانبه؛ انتقد ائتلاف (النصر)؛ بزعامة رئيس الوزراء السابق، “حيدر العبادي”، نائب الرئيس الأميركي، “بنس”، على خلفية قيامه بزيارة سرية، أمس السبت، إلى “العراق” شملت “أربيل” دون “بغداد”، مؤكدًا على أن “بغداد” هي عاصمة “العراق” وليست “أربيل”.
ووصف ائتلاف (النصر)، تلك الزيارة؛ بأنها مخلة بالسيادة العراقية، معتبرًا أنه كان من الأجدر رفض الزيارة ما لم تراع السيادة الوطنية. وذكر بيان للائتلاف أنه: “يدين الزيارة المخلة بالسيادة، والتي قام بها نائب الرئيس الأميركي، مايك بنس”.
كما يرفض قبول الحكومة العراقية بترتيبات هذه الزيارة التي اقتصرت على قاعدة “عين الأسد” و”أربيل”.
وختم البيان بأنّ: “قضايا السيادة الوطنية ليست ملكًا لأحد ليضحي بها، وكان الأولى رفض الزيارة؛ إن لم تراع سيادة الدولة العراقية”.
وقال مسؤول عراقي بارز، طلب عدم الكشف عن هويته، إن: “الفجوة بين العراق وأميركا لم تكن كبيرة على الإطلاق؛ مثلما وصلت إليه الآن، ولا تزال تزداد حجمًا”. وعلق “ريان الكلداني”، الأمين العام لكتائب (بابليون)، الذي فرضت “الولايات المتحدة” عليه عقوبات، على زيارة “بنس” بالقول لنائب الرئيس الأميركي، عبر حسابه على (تويتر): “غير مرحبٍ بك في أرض العراق”.
صفعةً مُهينةً لـ”عبدالمهدي” !
قال المحلل السياسي، “عبدالباري عطوان”، إن نائب الرئيس الأميركيّ، “مايك بنس”، وجّه صفعةً قويّةً ومُهينةً للنُّخبة العِراقيّة الحاكِمة اليوم، والسيّد “عبدالمهدي”، رئيس الوزراء، على وجه الخُصوص، عندما قام بزيارةً مُفاجئةً للقاعدة الأميركيّة في “عين الأسد”، (الأنبار)، وتفقّد قوّات بلاده فيها، دون إبلاغ الرئيسين العِراقيين، الوزراء والجمهوريّة، بشكلٍ مُسبَقٍ بهذه الزّيارة، وغادَر إلى “كُردستان العِراق” دون أيّ لقاءٍ معهما.
وتأتي زيارة “بنس” في خِضَم انتفاضةٍ شعبيّة شرعيّة اندلعت، مُنذ شهر، تصدّت لها قوّات الأمن بالقبضة الحديديّة ممّا أدّى إلى قتل أكثر من 350 مُحتَجًّا حتى الآن، وأبرز مطالبها المشروعة وضع دستور جديد، وتعديل قانون الانتِخاب، وإجتِثاث الفساد ومُحاكمة كُل الفاسدين، واستِعادة الأموال المنهوبة، وإلغاء المُحاصَصة الطائفيّة بأشكالِها كافّة.
استمرار دعم واشنطن لكُردستان..
من جهته؛ قال “بنس” إن “الولايات المتحدة” تأمل في الحفاظ على علاقات قوية مع الأكراد. وجاءت تصريحاته خلال لقائه، أمس السبت، رئيس “إقليم كُردستان العراق”، “نيشروان بارزاني”، في “أربيل”، حيث سعى “بنس” إلى طمأنة الأكراد، وهم يمثلون أحد حلفاء “واشنطن” في المنطقة الذين ساهموا في حملة القضاء على تنظيم (داعش) الإرهابي في “العراق”.
وتابع “بنس” قائلاً: “كما أرحب بهذه الفرصة، نيابةً عن الرئيس، دونالد ترامب، للتأكيد على الروابط القوية التي نشأت، في ظل نيران الحرب، بين الولايات المتحدة والشعب الكُردي في جميع أنحاء هذه المنطقة”.
من جانبه؛ قال “بارزاني” إن زيارة نائب الرئيس الأميركي، في هذا التوقيت بالذات، هي مؤشر مهم على استمرار دعم “واشنطن” لـ”كُردستان” و”العراق”.
وتأتي زيارة نائب الرئيس الأميركي، التي لم يكشف عن جدول أعمالها، في خضم احتجاجات واسعة يشهدها “العراق”، منذ قرابة شهرين، للمطالبة بـ”إسقاط النظام” وإجراء إصلاحات واسعة.
وإلتزمت الإدارة الأميركية الصمت، إلى حد كبير، حيال الاحتجاجات غير المسبوقة ضد نظام ساهمت في إرسائه بعد الإطاحة بحكم “صدام حسين”، في 2003، حيث نشرت عشرات آلاف الجنود في البلاد وواكبت المرحلة الانتقالية. وقامت “الولايات المتحدة”، بعد الغزو، بحل غالبية أجهزة الدولة وإعادة بنائها بشكل فعال، حيث وصلت إلى حكم طبقة جديدة من النخب السياسية التي أقامت معها صلات شخصية وثيقة.