مُذّل الأنظمة العربية ومبّدد آمال شعوبها .. أربعة دول تسير على تعليمات “صندوق النقد” بلا جدوى !

مُذّل الأنظمة العربية ومبّدد آمال شعوبها .. أربعة دول تسير على تعليمات “صندوق النقد” بلا جدوى !

وكالات – كتابات :

تواصل 04 دول عربية مفاوضات مع “صندوق النقد الدولي”، للتوصل إلى برامج إصلاح اقتصادية يُرافقها تمويلات لمساعدة اقتصاداتها على مواجهة مخاطر متباينة.

ولطالما كان “صندوق النقد”؛ الخيار الأبرز، للعديد من الاقتصادات العربية، في ظل مخاوف تُبّديها المؤسسات المالية الدولية الأخرى على تقديم التمويل لها، دون الحصول على ثقة الصندوق؛ بحسب تقرير لصحيفة (ميدل إيست آي) البريطانية.

“مصر”..

في آذار/مارس الماضي، أعلن “صندوق النقد الدولي”؛ في بيان، أن “مصر” طلبت مساعدته لبرنامج إصلاح اقتصادي يُرافقه تمويل لم تُعلن عن قيمته حتى اليوم.

وفعلاً، بدأت “مصر” والصندوق مشاورات وصولاً إلى مباحثات متقدمة، لكن حتى اليوم لم يُعلن بشكل رسمي التوصل لاتفاق، رغم أن “القاهرة” نفذت رزمة إصلاحات، بصدارة تحريك سعر الصرف قليلاً.

والأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء المصري؛ “مصطفى مدبولي”، إن: “الحكومة في مرحلة الاتفاقات النهائية بشأن تمويل جديد من صندوق النقد الدولي”.

وتُعاني “مصر” أزمة اقتصادية متصاعدة، ناجمة بشكلٍ رئيس عن تبعات الحرب “الروسية-الأوكرانية”، وتخارج الأموال الساخنة من أدوات الدين المصرية، وارتفاع حاد في كلفة الواردات تجاوزت: 90% عن الشهور الاعتيادية؛ (بحسب تقارير غربية تتسق والآلة الدعائية الأميركية).

وبينما لم يُعلن رسميًا عن قيمة القرض، توقع بنك (غولدمان ساكس) أن تلجأ “مصر” لإقتراض: 15 مليار دولار من “صندوق النقد الدولي”.

وفي تقريره الشهري حول الاقتصاد المصري؛ في آب/أغسطس الماضي، قال البنك إن “مصر” تحتاج إلى تأمين هذا المبلغ لتلبية متطلبات التمويل على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

ورغم الإجراءات الاقتصادية القاسية التي تقوم بها “القاهرة”؛ مثل خفض الدعم الحكومي على عدد من السلع الأساسية، منها: الخبز والمحروقات، إلا أن “صندوق النقد” قال إن الحكومة المصرية بحاجة إلى اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز تطوير القطاع الخاص وتحسين الحوكمة وتقليص دور الدولة في حين تسعى البلاد للحصول على قرض جديد لدعم الاقتصاد المتضرر من تداعيات الحرب في “أوكرانيا”.

قال المجلس التنفيذي للصندوق؛ ومقره “واشنطن”، في بيان قبل عدة أشهر بعد اجتماعه لتقييم برنامج القرض الأخير في “مصر”، إن “مصر” بحاجة إلى إحراز: “تقدم حاسم بشأن إصلاحات مالية وهيكلية أعمق” لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد، وجعله أكثر مرونة في مواجهة الصدمات.

وكان الخبير الاقتصادي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية؛ “هاني جنينة”، كشف في لقاء مع المذيع؛ “عمرو أديب”، أن “صندوق النقد الدولي” طلب من “مصر” طلبات قاسية، أولها ترشيد الدعم، خاصة على الخبز والمحروقات، حيث لا يُفضل الصندوق الدعم العيني، لأنه يُهدر موارد الدولة.

كما طالب “صندوق النقد” أيضًا؛ من “القاهرة”، بخفض قيمة “الجنيه” أمام “الدولار”؛ رغم تحفظ الجانب المصري على هذا المطلب؛ خوفًا من حدوث صدمة سعرية في الأسواق، ولكنه اضطر إلى خفضه أكثر من مرة.

في عام 2020، حصلت “مصر” على: 5.2 مليار دولار بموجب اتفاق استعداد ائتماني؛ بالإضافة إلى: 2.8 مليار دولار في إطار أداة التمويل السريع التابعة لـ”صندوق النقد الدولي”؛ ما ساعد السلطات على معالجة تأثير فيروس (كورونا).

“تونس”..

منذ أكثر من 13 شهرًا، بدأت “تونس” مفاوضات غير رسمية مع الصندوق للدخول في برنامج إصلاح اقتصادي جديد، يُفضي إلى تمويل لا تزيد قيمته عن: 04 مليارات دولار.

ومطلع تموز/يوليو الماضي، انطلقت مفاوضات رسمية بين “صندوق النقد الدولي” و”تونس”، سعيًا للتوصل إلى اتفاق للحصول على قرض بقيمة: 04 مليارات دولار لاستكمال موازنتها لعام 2022.

ويتضمن البرنامج الإصلاحي للحكومة التونسية إصلاحات مالية وجبائية؛ (ضريبية)، تهدف إلى دفع النمو والاستثمار وتحسين مناخ الأعمال؛ ومنها إعادة هيكلة المؤسسات العمومية والتحكم في كتلة الأجور.

ويشترط “صندوق النقد الدولي”؛ على السلطات التونسية، لتقديم القرض الجديد، موافقة مختلف الأطراف الاجتماعية على برنامج الإصلاحات.

وفي آذار/مارس الماضي، أكد متحدث صندوق النقد؛ “غيري رايس”، أن: “المفاوضات مع السلطة التونسية شهدت تقدمًا جيدًا، وصندوق النّقد الدولي لا يزال وسيبقى شريكًا قويًا لتونس”.

وتُعاني “تونس” أزمة اقتصادية ومالية تفاقمت حدتها جراء تداعيات جائحة (كورونا) والحرب في (أوكرانيا)، إضافة إلى عدم استقرار سياسي تعيشه البلاد منذ بدأ الرئيس؛ “قيس سعيد”، فرض إجراءات استثنائية، في 25 تموز/يوليو 2021.

والإثنين، اتهمت المعارضة؛ الرئيس، بِرهنِ سيادة البلاد لـ”صندوق النقد”: “وسط إنهيار شبه كلي لمنظومة الإنتاج في أكثر من مجال وقطاع وتراجع في الإدخار، وبالتالي غياب الاستثمار”.

وتحتاج “تونس” قروضًا خارجية بمقدار: 12.6 مليار دينار؛ (4.05 مليارات دولار)، لتمويل عجز ميزانية 2022، مقارنة: بـ 12.1 مليار دينار؛ (3.89 مليارات دولار)، في قانون المالية التكميلي لعام 2021.

وإلى نهاية شهر نيسان/إبريل 2022، بلغ الدين العام لـ”تونس”: 106.5 مليارات دينار؛ (34.2 مليار دولار)، مقارنة: بـ 98.9 مليار دينار؛ (31.8 مليار دولار)، قبل سنة.

ويتوزع هذا الدين العام إلى: 41.9 مليار دينار؛ (13.4 مليار دولار)، قرض داخلي، و64.6 مليار دينار؛ (20.7 مليار دولار)، قروض خارجية.

وتتوقع الحكومة التونسية أن يصل حجم الدين العام إلى: 114.1 مليار دينار؛ (36.7 مليار دولار)، في كامل العام 2022، أي: 82.6% من الناتج المحلي الإجمالي.

“لبنان”..

في نيسان/إبريل الماضي، توصل “لبنان” والصندوق مبدئيًا إلى برنامج إصلاح اقتصادي ومالي شامل، يُمهّد لحصول البلاد على قرض بقيمة: 03 مليارات دولار، بعد محادثات أولية غير رسمية دامت أكثر من عامين.

ولكن حتى اليوم، لا يزال الصندوق يطلب المزيد من الإصلاحات، آخرها الخميس الماضي، عندما أبلغ “لبنان” بأن “قانون السرية المصرفية” الخاص به؛ تشوبه: “أوجه قصور رئيسة”.

و”قانون السرية المصرفية” المُعّدل؛ الذي أُقر في تموز/يوليو الماضي، يُعتبر نسخة مخففة من المسودة الأصلية؛ ما أثار مخاوف من أن “صندوق النقد” لن يعتبره فعّالاً بما يكفي ليكون إجراءً إصلاحيًا حقيقيًا.

ورفض الرئيس اللبناني؛ “ميشال عون”، الأربعاء الماضي، توقيع مشروع القانون لإجازته، وأعاده بدلاً من ذلك إلى “مجلس النواب” لإجراء مزيد من التعديلات عليه.

وقدّرت السلطات اللبنانية؛ مطلع العام، حجم الخسائر المالية بنحو: 69 مليار دولار. وتمّ التفاوض مع “صندوق النقد” على هذا الأساس.

وتُشكّل إعادة هيكلة القطاع المصرفي تحديًا كبيرًا اعتبرها “صندوق النقد” أساسية لدعم النمو، إلا أن إقرار الخطة دونه عقبات، في ظل تداخل مصالح الطبقة السياسية مع أصحاب المصارف.

“السودان”..

في حزيران/يونيو 2021، أقر “صندوق النقد الدولي” قرضًا بقيمة: 2.5 مليار دولار لـ”السودان”، وأبرم اتفاقًا تاريخيًا مع “البنك الدولي” يقضي بتخفيف قدره: 50 مليار دولار من ديونه.

إلا أن تنفيذ الاتفاق لم يتم بالكامل، بعد أحداث شهدتها البلاد؛ في تشرين أول/أكتوبر 2021، شملت قيام الجيش السوداني باحتجاز رئيس الوزراء؛ “عبدالله حمدوك”، حينها، لفترة وجيزة.

ومنذ ذلك الحين حتى اليوم، لم يسّر اتفاق الصندوق مع “السودان”، كما كان مقررًا له، بانتظار عودة الاستقرار السياسي الكامل في البلاد؛ التي تواجه متاعب اقتصادية متصاعدة.

وجمّد “صندوق النقد” و”البنك الدولي” ودولة غربية مساعدات إلى “السودان” تفوق: 04 مليارات دولار، إثر قرارات أصدرها قائد الجيش؛ “عبدالفتاح البرهان”، في 25 تشرين أول/أكتوبر الماضي، قضت بحل الحكومة الانتقالية وفرض حالة الطواريء بالبلاد وتجميد بعض بنود الوثيقة الدستورية.

وقال وزير المالية السوداني؛ “جبريل إبراهيم”، إن “البنك الدولي” أوقف تمويلاً بقيمة: 650 مليون دولار بعد قرارات قائد الجيش، فيما جمد “صندوق النقد” قرضًا بنحو: 2.5 مليار دولار.

وكانت “الولايات المتحدة الأميركية أيضًا أوقفت مساعدات لـ”السودان” بقيمة: 700 مليون دولار، ورهن استئنافها بعودة مسار الانتقال المدني الديمقراطي بالبلاد.

وكان “البنك الدولي” قد أمهل “السودان”؛ حتى حزيران/يونيو 2022، للتوصل إلى حل للأزمة السياسية والعودة لمسار الانتقال المدني الدولي، وإلا سوف تلغى خطة لإعفاء ديونه الخارجية والتي تفوق: 50 مليار دولار، الأمر الذي لم يحدث.

وغاب التمويل الدولي عن موازنة “السودان”؛ لعام 2022، والتي اعتمدت على الموارد الذاتية الشحيحة والجبايات، بينما تشهد الأوضاع الاقتصادية تراجعًا مستمرًا وغلاءً طاحنًا، وسط تمسك حكومة “الخرطوم” بالاستمرار في تنفيذ روشتة الإصلاح القاسية المقدمة من “صندوق النقد الدولي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة