ميثاق الشرف في مواجهة تحديات الفتنة الطائفية

ميثاق الشرف في مواجهة تحديات الفتنة الطائفية

 
بغداد/نينا/تقرير: يكثر الحديث عن العهود والمواثيق في عراق ما بعد عام 2003 كلما ازداد شلال الدم ‏تدفقا ، بفعل نار الطائفية التي لم تفرق بين ابناء الوطن الواحد.

فمن وثيقة مكة المكرمة التي وقعتها شخصيات عراقية برعاية منظمة المؤتمر الاسلامي قبل سنوات ‏عدة ، الى ميثاق الشرف الذي اقترحه نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي ، تتصاعد وتيرة القتل ‏والتهجير في هذا البلد الذي تركه الاميركان فريسة لآفة الطائفية تنخر في جسده وتلقي بابنائه الى ‏محرقة ما زالت مستعرة منذ اكثر من 10 سنوات اكلت الاخضر واليابس في ظل ازمات سياسية ‏وامنية واجتماعية لم يشهد مثلها العراق منذ ان رأى النور كدولة عام 1921.
في ظل هذه الاوضاع الصعبة اتفقت الكتل السياسية على بنود وثيقة الشرف ومبادرة السلم الاجتماعي ‏في العراق التي طرحها نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي. ويأتي الاتفاق على الوثيقة بعد ‏سلسلة من الاجتماعات البناءة والمثمرة التي سعى اليها نائب رئيس الجمهورية ، كما قال بيان لمكتبه.
ومن المؤمل ان تطرح هذه الوثيقة في اجتماع وطني يعقد غدا الخميس يتم فيه التوقيع عليها من قبل ‏القيادات السياسية في البلاد ، لكي تكون خارطة طريق لحل المشاكل والمعوقات التي ترافق العملية ‏السياسية في البلاد والبدء بمرحلة جديدة من العمل المشترك لخدمة العراق والعراقيين. 
الجدير بالذكر ان الخزاعي اطلق في الثامن والعشرين من شهر ايار الماضي وثيقة الشرف التي دعا ‏من خلالها جميع الفرقاء السياسيين الى العمل والالتزام بها من اجل وحدة وسلامة الوطن وابنائه.
وتضمنت الوثيقة ” العمل على صيانة الوحدة الوطنية لابناء الشعب العراقي وحماية النسيج الوطني ‏وعدم السماح لاي كان بايجاد التفرقة الدينية او القومية او المذهبية واعتماد مبدأ الحوار سبيلا وحيدا ‏لمعالجة المشكلات والعقد التي تعتري مسيرة العملية السياسية في البلد “.
وتؤكد الوثيقة على ” الابتعاد عن استخدام وسائل الاعلام لطرح الخلافات والمشاكل واللجوء الى ‏اللقاءات الوطنية او الثنائية ، والبحث عن الحلول عبر الوسائل الدستورية ، ونبذ التقاطع والقطيعة بين ‏القوى السياسية عند حدوث الازمات والخلافات والتماس الحلول لها من خلال الحوارات المباشرة ، ‏والعمل على تعزيز الثقة بين اطراف العملية السياسية في ما بينهم من جهة ومع الجمهور العراقي من ‏جهة اخرى “.
كما تؤكد على ” اهمية العمل بروح الفريق الواحد لخدمة الوطن والمواطنين والوقوف بحزم لمواجهة ‏اي خطاب او نهج او ممارسة تحرض على العنف والطائفية ، وتجريم كل الانشطة الارهابية التي ‏يمارسها اعداء العراق من جماعات حزب البعث والقاعدة او اي تجمع يستخدم العنف والارهاب ‏لتحقيق اهدافه “.
ثم اعلن نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي عن انبثاق لجنة لمتابعة مقررات وثيقة السلم ‏الاجتماعي والاعلان عن الاطراف الملتزمة وغير الملتزمة بها.
واوضح ” ان الشروع بأتمام الوثيقة بدأ بحوارات اثمرت عن نوايا طيبة بعد ان واجهنا ازمة خلفت ‏الكثير من الدماء والقتل بين صفوف ابناء الشعب العراقي الذي هو جدير بهذه المبادرة “.
وتابع :” وثيقة السلم الاجتماعي تمثل ورقة من اجل جمع الشمل ووحدة الصف ، لذلك تعمدنا ان تكون ‏عباراتنا هادئة وهادفة وتبادلنا هذا العبارات وكانت هناك مسودات قابلة للتعديل والاخذ والرد ، وقد ‏توصلنا الى فهم مشترك بعد ان طرحنا مبادرة هذا الوثيقة الى رئيس الوزراء وكان رأيه ايجابيا تجاهها ‏لكنه اقترح ان تكون هنالك لقاءات ثنائية مع كل طرف “.
ونوه الى انه ” تم كذلك طرح المبادرة على رئيس مجلس النواب الذي ابدى موافقته واستعداده للعمل ‏لانجاحها ، وكذلك توجهنا الى اقليم كردستان والتقينا برئيس الاقليم وعقيلة رئيس الجمهورية ، وتمت ‏الموافقة والترحيب بها من قبلهم “.
ورأى الخزاعي ان المبادرة تحولت الى مشروع للتحالف الوطني بكل اطيافه ، وانه طرح هذه المبادرة ‏على الكتل السياسية وتحاور معهم واحدا واحدا. واستطرد :” طلبنا من جميع الكتل السياسية ان ترشح ‏شخصا مخولا منها للحوار يكون اهلا للثقة ، وقد تمت الاستجابة لذلك ما ادى الى سرعة التوصل الى ‏صيغة اتفاق للجميع وليس لكتلة واحدة “.
وقال :” سنقف عند كل كلمة وكل فقرة يتم التحفظ عليها عند الاعلان عن الوثيقة ولا يتم العبور الى ‏الفقرة الثانية اثناء قراءتها الا عندما نصل الى اتفاق على الفقرة السابقة ” مبينا ان ما سيشهده الخميس ‏المقبل هو الاعلان الرسمي عن وثيقة السلم الاجتماعي حيث نحتاج الى احتفالية بحضور كل من ساهم ‏بها.
واضاف الخزاعي :” ان التوقيع على هذه الوثيقة سيكون ارضية لمزيد من التعاون المستقبلي بين ‏الكتل عن طريق استثمار الثروات التي لا نستطيع استغلالها الا بالمشاركة “.
وبخصوص شمول وثيقة السلم الاجتماعي للمتظاهرين والمعتصمين ، بيّن ” ان الوثيقة ستشمل كل ‏المتظاهرين الذين يتبنون طلبات مشروعة ، لكن المطالب غير المشروعة لا يمكن ان تنفذ لانها ‏تعجيزية ” بحسب قوله.
وبالمقابل أنتقد رئيس القائمة العراقية الأمين العام لحركة الوفاق الوطني العراقي أياد علاوي، وثيقة ‏الشرف التي أطلقها الخزاعي ، واصفاً اياها بـ/ الناقصة/.
وقال ” ان وثيقة الشرف التي طرحت مؤخراً كلام على ورق ولا تحقق أي شيء ملموس على أرض ‏الواقع ، فالشعب العراقي مل الوعود والعهود الكاذبة من قبل الحكومة والكتل التي ينتمي اليها ” مبيناً ‏‏” انها عبارة عن أجتماعات برتوكولية ولن تحقق شيئا للعملية السياسية في أيامها الأخيرة “.
وأضاف :” كان الأجدر بالذي وافق على طرح هذه المبادرة ، تنفيذ أتفاق أربيل الذي تم توقيعه من قبل ‏رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني ورئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس القائمة العراقية أياد ‏علاوي أمام الشعب العراقي “. وأشار الى ” ان طرح المبادرات يحتاج الى توافق سياسي بين الكتل ‏السياسية بدون استثناء ، وعلى الجميع التنازل من أجل مصلحة الشعب وتحقيق الدولة المدنية ‏الديمقراطية “.
وطلب علاوي من رئيس الحكومة ” أطلاق سراح المعتقلين الأبرياء الذين زجوا بالسجون بتهم كيدية ‏‏” مؤكداً ” ان الارهابيين احرار خارج السجون يستبيحون الدماء العراقية بدون وجه حق والابرياء ‏تسجن .. أي عدل هذا ؟ “.
فيما وصفت الناطق الرسمي باسم القائمة العراقية ميسون الدملوجي وثيقة الشرف المزمع توقيعها ‏الخميس المقبل بانها ” خداع وضحك على الذقون “.
وقالت :” ان جميع الاطراف المشاركة في التوقيع على هذه الوثيقة ، جهات حكومية اي انها تمتلك ‏الحل والربط فيما يعاني منه الشعب العراقي “.
واضافت :” ان تلك الاطراف المشاركة ليست بحاجة الى معاهدة جديدة للتوقيع عليها وانما الى اتخاذ ‏اجراءات فعلية لخدمة الشعب العراقي وفي مقدمتها ايقاف الاعتقالات والقضاء على الفساد والبطالة ‏والتصدي للمليشيات وايقاف التهجير الطائفي والعرقي والقتل والاغتيال اليومي “.
وبما يتعلق ببيان ائتلاف دولة القانون حول عدم تأثير عدم حضور رئيس القائمة العراقية اياد علاوي ‏توقيع وثيقة الشرف ، قالت الدملوجي :” ان اصحاب المشاريع الوطنية لا يلقون قبولا لدى اصحاب ‏المشاريع الطائفية ، لذا فانهم يحاولون استخدام التسقيط السياسي ضد الرموز الوطنية ” مبينة ان هؤلاء ‏فشلوا في المجالات السياسية والاقتصادية والامنية.
فيما رأى النائب المستقل جواد البزوني ان فكرة اطلاق وثيقة السلم الاجتماعي المزمع التوقيع عليها ‏يوم الخميس المقبل ، جاءت من جهات سياسية /لم يسمها/ وليس من هيئة الرئاسة او نائب رئيس ‏الجمهورية.
وقال ” ان تلك الجهات السياسية طلبت من هيئة الرئاسة تبني هذه الاتفاقية لايجاد غطاء سياسي قوي ‏لها ” مبينا ” ان الكتل السياسية وصلت الى طريق مسدود والى قناعة بعدم وجود سبيل الا بالحوار ‏والتفاهم وان الصراع السياسي لن يأتي بنتيجة “.
واضاف ” ان هذه المبادرة كتبت من قبل الكتل السياسية ولم تكتبها جهة معينة بالذات ، بعد ان ‏وصلت تلك الكتل الى توافقات حولها ” مشيرا الى ان هناك بوادر لنجاح تلك المبادرة خاصة مع ‏اقتراب موعد الانتخابات النيابية.
من جهته وصف النائب عن كتلة الفضيلة النيابية حسين المرعبي مبادرة السلم الاجتماعي التي دعا ‏اليها نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي بأنها بريق امل في ظرف العراق الراهن.
وقال ” ان الظرف الحالي في البلاد يواجه تحديات داخلية وخارجية وعاصفة هوجاء قد تعصف ‏بالمنطقة عامة والعراق بشكل خاص “. واضاف ” ان مبادرة السلم الاجتماعي تعد فرصة اخيرة امام ‏السياسيين ليثبتوا لشعبهم انهم اصبحوا يدا واحدة لمواجهة الاعداء وحماية امن ومستقبل العراق ” ‏مشيرا الى ان المصالح الفئوية لا قيمة لها امام مصلحة العراق العليا.
ودعا المرعبي ، الموقعين على مبادرة السلم الاجتماعي المتضمنة وثيقة الشرف الوطني ان يعلنوا امام ‏الشعب انهم تنازلوا عن كل مصالحهم من اجل امن البلاد ، مبينا انه من دون هذه المبادئ ستكون هذا ‏المبادرة من غير روح كغيرها من المبادرات السابقة وسيضيع القادة السياسيون مرة اخرى الفرصة ‏الاخيرة لهم. 
اما النائب عن كتلة الاحرار امير الكناني فرأى ” ان غياب بعض القيادات والكتل السياسية عن ‏حضور الاجتماع الوطني وتوقيع على مسودة الشرف لا يخدم العملية السياسية ” مبيناً ” ان الاوضاع ‏التي تمر بها البلاد داخلياً واقليمياً بحاجة ماسة لتواجد الجميع في هذا الاجتماع “.
وقال ” كان من الافضل ان يتم تأجيل الاجتماع الى ما بعد الانتهاء من انتخابات اقليم كردستان ‏المقررة في 21 من الشهر الحالي على اعتبار ان انتخابات الاقليم ستشغل رئيس الاقليم مسعود ‏بارزاني وقيادات اخرى ” متوقعاً ” ارسال بارزاني ممثلين عنه للمشاركة في الاجتماع “. واضاف ” ‏ان التحالف الوطني بجميع قواه ومن اهمها كتلة الاحرار ستكون حاضرة في الاجتماع وتوقيع المسودة ‏‏”.
من جهتها اشارت النائبة عن ائتلاف دولة القانون انتصار حسن منخي الى وجود بوادر ايجابية لنجاح ‏وثيقة الشرف. وقالت ” ان مبادرة الخزاعي المتمثلة بوثيقة الشرف الوطني ، لو قدمت في وقت آخر ‏لما كتب لها النجاح ، لكن تقديمها في هذا الوقت الحرج الذي يمر به العراق والمنطقة بشكل عام جعل ‏من هذه الوثيقة ضرورة ملحة “.
ودعت قادة الكتل السياسية الى التوحد في الرأي والمواقف ، خاصة بعد التقارب الكبير فيما بينهم في ‏الاونة الاخيرة ، مبينة ” ان هنالك بوادر لنجاح وثيقة الشرف على عكس ما حصل في المبادرات ‏السابقة ” بحسب قولها.
فيما اعلن النائب عن كتلة التغيير محمد كياني ان كتلته ستحضر الاجتماع الوطني الذي دعا اليه نائب ‏رئيس الجمهورية خضير الخزاعي الخميس المقبل. وقال ” ان الكتلة تعد الاجتماع وما يتخلله من ‏توقيع على وثيقة الشرف خطوة مهمة نحو حل الازمات والمشاكل عبر الوصول الى التوافق الوطني ‏المطلوب “.
واضاف ” ان ما يمر به العراق من احداث داخلية وما يحيط به من تطورات اقليمية يتطلب من القوى ‏السياسية العمل على الوصول الى التوافق الوطني الذي يعد اساساً للاستقرار الكامل الذي ينشده ابناء ‏الشعب “.
من جهته رأى النائب عن كتلة المواطن فرات الشرع ان وثيقة الشرف التي اجمع عليها القادة ‏السياسيون ، ستهيء اجواء افضل لتكوين وحدة صف وطني وجبهة داخلية واحدة لمواجهة التحديات ‏الداخلية والخارجية التي تتعرض لها البلاد وستكلل بالنجاح. وقال ” ان وثيقة الشرف مبادرة وطنية لا ‏تصب بمصلحة شخص معين او حزب معين “.
واضاف :” ان هذه المبادرة ليست الاولى ولن تكون الاخيرة وستهيء جوا افضل لتشكيل جبهة داخلية ‏واحدة في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية خاصة وانها جاءت بعد لقاء رمزي حصل قبل شهرين ‏وزيارات متكررة بين ممثلي المكونات السياسية وزيارات فعلية الى تركيا وايران “.
الى ذلك اعرب نائب رئيس كتلة التحالف الكردستاني النائب محسن السعدون عن امله في ان يسهم ‏الاجتماع الوطني المقبل في احداث تقارب اكثر بين الكتل السياسية واستقرار الاوضاع الامنية ‏والسياسية والاقتصادية في البلاد. 
واوضح ان جميع قادة الكتل السياسية استجابوا لدعوة نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي ‏لحضور الاجتماع الوطني ، متوقعا حضور اغلب القادة السياسيين الى هذا الاجتماع بمن فيهم رئيس ‏اقليم كردستان مسعود بارزاني. 
ووصف هذا الاجتماع بانه خطوة عقد الاجتماع الوطني في هذه المرحلة بـ /الايجابية/. وقال ” ان ‏التقارب بين الكتل السياسية سيسهم في تعزيز عمل السلطات الثلاث ، وبالتالي سينعكس هذا التقارب ‏على اقرار اغلب القوانين المهمة المختلف عليها في مجلس النواب “.
فيما قال القيادي في ائتلاف الكتل الكردستانية محمود عثمان ” ان الكتل السياسية لا تحتاج الى وثيقة ‏الشرف لحل المشاكل بينها ، لوجود اتفاقيات سابقة بين القادة السياسيين ، لم تطبق بنودها لحد الان ‏على ارض الواقع “. واشار الى ” ان الثقة بين جميع الاطراف السياسية ضعيفة ، وبالتالي لا توجد ‏ارادة حقيقية وتصميم لحل اخلافات والمشاكل بينها ” واصفا وضع البلد بشكل عام والامني بشكل ‏خاص بالمضطرب وغير الجيد. 
وتوقع ان يستمر الوضع المضطرب في البلد ، الى حين اجراء الانتخابات المقبلة ، لعدم وجود بوادر ‏لحل الخلافات السياسية بين الكتل. ‏

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة