30 يوليو، 2025 11:55 ص

مياه “نهر الزاب” .. ورقة الضغط الإيرانية على كردستان وصدام جديد داخل العراق

مياه “نهر الزاب” .. ورقة الضغط الإيرانية على كردستان وصدام جديد داخل العراق

كتبت – نشوى الحفني :

احتجاجاً على قيام السلطات الإيرانية بقطع المياه عن “كردستان”، تظاهر العشرات من المواطنيين في محافظة كركوك، الأثنين 3 تموز/يوليو 2017، مطالبين الحكومة الاتحادية ووزارة الموارد المائية بالتدخل “بشكل عاجل” لمعرفة الأسباب الحقيقة لقطع إيران مياه “نهر الزاب” الصغير لتأثيره على الحياة الاقتصادية وكميات المياه المتدفقة لمحافظة “كركوك”.

وطالب المتظاهرون حكومة الإقليم وحكومة كركوك المحلية بـ”ممارسة الضغط” على الحكومة الاتحادية لتقوم الأخيرة, وعن طريق علاقاتها الوثيقة, بمطالبة “إيران” بالتخلي عن تلك العملية وعدم التسبب في إلحاق الضرر البيئي والزراعي والاقتصادي بشعب “كردستان”.

ملامح أزمة في “السليمانية”..

بدأت ملامح جفاف وأزمة مائية تظهر في “مدينة السليمانية”, خاصة داخل المناطق الحدودية التي تأثرت كثيرًا بقطع المياه عن المحافظة، حيث شكا فلاحون من انخفاض منسوب المياه في مجرى النهر الذي يصب في “بحيرة دوكان” غربي السليمانية.

وتضم المناطق المحاذية للنهر نحو 19 مشروعاً لتربية الأسماك, التي تنتج سنوياً نحو 400 طن من الأسماك و17 مقلعًا لانتاج الحصى والرمل، فضلًا عن إرواء آلاف رؤوس المواشي.

إقامة سدود صغيرة على النهر لتدارك الأمر..

باحثان من جامعة “رابرين” قاما باجراء دراسة ميدانية لآثار انخفاض منسوب ماء “نهر الزاب” الاسفل, وقالا إن مخاطر جدّية تواجه النهر، واقترحا اقامة سدود صغيرة على النهر لتدارك الأمر.

من جانبه قال الاستاذ في جامعة رابرين “سلام محمود”: “صحيح ان اغلب المشاريع الزراعية هنا تعتمد على الآبار السطحية لكن هبوط مستوى منسوب ماء نهر الزاب السفلي سيؤدي إلى هبوط مماثل في متسوى مياه تلك الآبار، وبالتالي سيشكل خطراً كبيراً على الثروة الزراعية، هذا بالإضافة إلى تأثير هبوط مستوى مياه النهر سيخلق كارثة بالنسبة للثروة الحيوانية”.

وتقع منابع “نهر الزاب” الصغير شمال غربي “إيران”, ويمتد لمسافة 402 كم داخل العراق، ويعتبر من أحد الروافد المهمة لـ”نهر دجلة”، حيث يصب في نهر دجلة شمال “مدينة بيجي” بعد مروره بمنطقة التون كوبري. كما أنه من أهم الموارد المائية في كركوك، حيث تعتبر مياهه مصدراً مهماً لمياه الشرب.

القنصل الإيراني ينفي معرفته لسبب منع تدفق المياه..

نفى القنصل الإيراني في السليمانية معرفته سبب منع تدفق المياه، مؤكدًا على تلقيه بلاغات من المسؤولين المحليين حول القضية.

وقال: “لا أعلم سبب قطع مياه نهر الزاب الصغير، وهل هو قرار اقتصادي أو سياسي أو حاجة داخلية لتأمين المياه للزراعة في إيران”.

انتقاد الصمت الحكومي..

في يوم الثلاثاء 27 حزيران/يونيو 2017، انتقد النائب عن كتلة التغيير الكردستانية “أمين بكر”, “الصمت الحكومي” على قطع إيران مياه “نهر الزاب” الصغير عن العراق كلياً، مشيراً إلى أن ما تبقى من مياه من مخزون “سد دوكان” فقط، فيما حذر من جفاف النهر بالأراضي العراقية خلال أيام قليلة إذا لم تتدخل الحكومة وتضغط على إيران لإعادة المياه إلى النهر.

كاشفاً أن الحكومة الإيرانية تقوم, ومنذ سنوات عدة, ببناء سدين كبيرين على هذا النهر من الجانب الإيراني، ورغم تنبه الحكومة العراقية إلى أنها لم تتخذ أي إجراءات حقيقية رادعة لوقف بناء السدين.

مضيفاً “بكر” أن السد الإيراني اكتمل بناؤه ويسمى “سد كلوكة”, في مدينة “سردشت”, وقدرته التخزينية للمياه 800 مليون متر مکعب، مشيرًا إلى وجود برنامج إيراني لإعادة الماء إلى بحيرة “ورنه” التي جفت منذ سنوات وتحاول إحياءها من مياه “نهر الزاب” الصغير.

مستغرباً “بكر” من صمت الحكومة والتغاضي عن الانتهاك الصارخ الذي لحق بكمية العراق المائية دون مراعاة القوانين الدولية المتعلقة بالمياه العابرة للحدود، وأن العراق يدفع بأمواله وأبنائه وبمستقبله من أجل خدمة إيران وتنفيذ مشروعها.

نشوء أزمة مياه خانقة..

كانت وزارة الزراعة والموارد المائية في حكومة “إقليم كردستان العراق” قد كشفت، الأحد 2 تموز/يوليو الجاري, أن النظام الإيراني يواصل منذ أكثر من 10 أيام قطع مياه “نهر الزاب” الصغير الذي تسبب في انخفاض كبير لمناسيب المياه في الإقليم ونشوء أزمة مياه خانقة. وقالت إنها “ستلجأ إلى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لردع طهران عن سياساتها في قطع المياه عن كردستان”.

وقال وزير الزراعة والموارد المائية في حكومة إقليم كردستان “عبد الستار مجيد”: أنه “بعد انتهاء إيران من بناء سد كلوكة على نهر الزاب الصغير قرب مدينة سردشت، قطعت مياه النهر بالكامل عن كردستان، وهي تُشكل 60 في المئة من مياه سد دوكان في الإقليم”.

العراق.. الخاسر الأكبر..

مشيراً “مجيد” إلى أنه قدم التفاصيل كافة إلى رئيس وزراء الإقليم ونائبه, “وتضمنت الخطورة والأضرار الناجمة عن قطع مياه النهر، على مياه الشرب والزراعة في كردستان، وتحدثت مع المسؤولين الإيرانيين، خصوصاً القنصل الإيراني في مدينة أربيل، وأبلغنا الحكومة العراقية، لأن العراق هو الخاسر الأكبر من قطع طهران هذا النهر”.

يجب على الحكومة العراقية أن تتدخل..

رأى أن “على الحكومة العراقية أن تتدخل أيضاً لحل المشكلة، ونحن نواصل بشكل جدي جهودنا لحلها”، لافتاً إلى أن إيران “أبلغت الإقليم بأنها ستعيد إطلاق كمية من مياه النهر بعد يومين من قطعه، ومن ثم ستطلق كميات أخرى، لكنها لم تلتزم بوعودها.. منذ أكثر من عشرة أيام وحتى الآن لم تطلق طهران أي قطرة من مياه النهر”.

أيران تستخدم المياه كورقة ضغط..

أضاف “مجيد”: أن “السلطات الإيرانية تتحجج بأنها قطعت مياه النهر لملء سد كلوكة، لكن هذا غير صحيح من الناحية العلمية، لأنه في كل دول العالم تُطلق مياه السدود مع حلول شهر حزيران/يونيو الماضي، لأن الصيف ليس موسماً لخزن المياه”.

موضحاً: أن “توقيت قطع النهر عن كردستان من قبل إيران يتزامن مع استعدادات الإقليم لإجراء الاستفتاء على استقلال كردستان، وهذه الخطوة التي أقبلت عليها طهران في هذا الوقت تحديداً تُقرأ بأنها سياسية تهدف إلى استخدام المياه كورقة ضغط على كردستان، وإن لم تكن هكذا فعلى إيران أن تحل المشكلة وتطلق مياه النهر”.

تقليل إطلاق المياه..

لفت “مجيد” إلى أن حكومة الإقليم “ستضطر حالياً إلى تقليل إطلاق المياه من سد دوكان، وفي المراحل المقبلة من سد دربنديخان أيضاً إلى العراق، بسبب ما أقدمت عليه إيران من قطع نهر الزاب الصغير، لأننا مضطرون إلى جمع المياه لغرض توفير مياه الشرب للمواطنين، لذا خفضنا إطلاق المياه من 180 متراً مكعباً إلى نحو 50 متراً مكعباً، إذ يعتمد 90 ألف مواطن في قضاء قلعة دزه التابع لمحافظة السليمانية وقسم من سكان المحافظة على هذا النهر للشرب، إضافة إلى بعض المناطق الأخرى في كركوك وأطرافها ومساحات واسعة من الأراضي الزراعية الممتدة من القلعة إلى جنوب كركوك”.

التهديد بتدويل القضية..

مهدداً “مجيد” بتدويل القضية، قائلاً: “سنبعث برسالة إلى الأمم المتحدة وإلى ممثليات دول العالم في الإقليم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا، ويجب على إيران أن تلتزم بالأعراف والاتفاقيات الدولية الخاصة بمجال المياه المشتركة بين الدول”.

حرب المياه تهدد العراق بالجفاف والظلام..

وحذر تقرير صحافي لأحدى وسائل الإعلام المصرية, نشر الثلاثاء 4 حزيران/يونيو الماضي, من أن حرب المياه بين تركيا وإيران تهدد العراق بـ”الجفاف والظلام”، مشيراً إلى أن مشروع “غاب” التركي لبناء 22 سداً على نهري “الفرات” و”دجلة” سيحرم العراق من حصته المائية، فيما لفت إلى وجود أنفاق وسدود إيرانية لتدمير الزراعة في إقليم كردستان.

السدود ستحرم العراق من حصته القانونية..

جاء في التقرير: أن “الدعوات في إقليم كوردستان العراق قد تجددت للتحرك لمواجهة مخاطر إقامة إيران وتركيا، سدودًا على نهري دجلة والفرات”، مبيناً أن تلك السدود “ستحرم العراق من حصته القانونية في مياه النهرين، ذلك في حرب قوية بين تركيا وإيران على حصة المياه من نهر الفرات، بدون النظر إلى الضرر الكبير الذى سيلحق بالدولة العراقية”.

تحذيرات وعدم وجود إستراتيجية مواجهة..

بحسب التقرير, فقد “بدأت التحذيرات في إقليم كوردستان من المخاطر التي تحدق بالثروة المائية في الإقليم جراء تقليل كميات المياه بسبب سدود إيران، وتحويل مجرى الأنهار والجداول من دول الجوار، إضافة إلى عدم وجود استراتيجية واضحة لدى السلطات في كوردستان لتأمين مياه الزراعة والشرب للمواطنين على المدى البعيد”.

مخاطر حقيقية تهدد الإقليم..

كما أكد التقرير، على أن “هناك مخاطر حقيقة تهدد إقليم كردستان، تكمن في أن أغلب الأنهار والجداول التي تصب في الإقليم تنبع من دول الجوار وبالأخص تركيا وإيران, اللتين لا تلتزمان بالاتفاقات المائية المشتركة مع الإقليم، وتعملان باستمرار على تجفيف مصادر المياه الآتية إلى الإقليم”.

مشروع “غاب” التركي..

يشير التقرير إلى أن الحكومة التركية تعمل منذ سنوات على مشروع ضخم يسمى بمشروع “غاب”, والذي يتضمن بناء قرابة 22 سدًا 14 منها على نهر “الفرات” و8 على نهر “دجلة”، والتي سوف يكون لها تأثير كبير على تخفيض نسب المياه التي تدخل إلى العراق وإقليم كوردستان.

أنفاق ومشاريع أروائية إيرانية..

يقول التقرير الصحافي, إن “إيران بدأت أيضاً في بناء أنفاق ومشاريع أروائية ضخمة لتغيير مجرى نهر سيروان، الذي يأتي 70% منه من الأراضي الإيرانية ويصب في بحيرة دربنديخان في محافظة السليمانية”.

وينقل التقرير عن “أكرم أحمد”, المدير العام للسدود ومخازن المياه في إقليم كوردستان, تأكيده على أن “الخطر الرئيس الذي يهدد الإقليم، هو بناء سدود في إيران وتركيا على معظم منابع المياه التي تصب في أراضيه”، مضيفاً أن “إيران تعمل على بناء أكثر من ثلاثة سدود وأنفاق كبيرة, ستعرِّض بمجرد الانتهاء من بنائها إقليم كوردستان إلى خطر الجفاف”.

وفي السياق ذاته، تخشى سلطات “إقليم كوردستان” من أن يتسبب بناء سد في مدينة “كرمانشاه” الإيرانية في جفاف قسم كبير من “نهر سيروان” الرافد الرئيس لبحيرة “دربنديخان”, التي تزود محافظة السليمانية وإدارة كرميان بالماء والطاقة الكهربائية.

أزمة مياه وفقدان مساحات واسعة من الأراضي الزراعية..

الخبراء العراقيون يقولون إن انتهاء مشروع “سد داريان” في محافظة “كرمانشاه” الإيرانية عام 2018، سيتسبب بجفاف جزء كبير من أراضي “إقليم كوردستان” الزراعية، وسيؤدي إلى خلق أزمة مياه كبيرة في محافظات حلبجة والسليمانية, وسيتم فقدان مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في حلبجة وسيد صادق ودربنديخان، إضافة إلى فقدان قدرة سد دربنديخان على إنتاج الطاقة الكهربائية.

كما يشير التقرير إلى أن “إيران, وبعد العام 2003, حولت مسار الأنهار والجداول المائية التى تتدفق باتجاه العراق لتبقى داخل أراضيها، ما حرم العراق من حصته المائية، وتسبب ذلك، في تجفيف الكثير من هذه الأنهار، بينها “نهر ألواند” في خانقين وتقليل ما يصب في سدي ديربنديخان ودوكان إلى حدودها الدنيا, ما أسفر عن تخريب البنية التحتية الزراعية والمائية والصناعية”.

تحتاج لمعالجات تفوق قدرات العراق..

أما قطع مياه الكارون والكرخة والترويج، بحسب التقرير، فقد “جعل مياه شط العرب مالحة وملوثة، الأمر الذي تسبب في فقدان البصرة ومدن جنوب العراق أهم مصدر للمياه الصالحة للشرب, لأن المياه حالياً تحتاج إلى معالجات كثيرة تفوق القدرات العراقية”.

إجتماع طارئ للجنة الوطنية العليا للمياه..

بسبب تفاقم الأزمة، دعا رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية السيد النائب “فرات التميمي”, لعقد اجتماع طارئ للجنة الوطنية العليا للمياه للتباحث حول قطع إيران مياه “نهر الزاب” الصغير، فيما طالب وزارة الزراعة والموارد المائية في “إقليم كردستان” بالالتزام بمواد الدستور بشأن إطلاق المياه ضمن السدود الواقعة في الأقليم.

الجفاف يهدد الأمن القومي الإيراني.. و”روحاني” يطالب بتعاون إقليمي وتدخل أممي..

في المقابل، تحول الجفاف إلى موضوع أمن قومي في إيران.. فبعد أيام من إصدار رئيس لجنة الأمن القومي في البرلمان “علاء الدين بروجردي” أمراً بتشكيل لجنة خاصة بأمن المياه، وتحذيره من اضطرابات داخلية، طالب الرئيس “حسن روحاني”، دول الجوار بتعاون إقليمي، وطالب بتدخل أممي لحل أزمة الجفاف والوضع البيئي، مشدداً على أن التعاون هو “الطريق الوحيدة للتعايش السلمي” في منطقة الشرق الأوسط، وعدّ أن إقامة السدود والحواجز على الأنهار “أكبر تهديد للمنطقة”.

مضيفاً “روحاني”، بمناسبة افتتاح مؤتمر دولي في طهران حول المناخ الإثنين 3 تموز/يوليو 2017، أن 80 في المئة من أسباب أزمة البيئة التي تشهدها مناطق متعددة في البلاد خلال السنوات الماضية، خارجية. وانتقد “تركيا وأفغانستان وتركمانستان” لإقامتها سدوداً “أثرت سلباً على حياة الإيرانيين”.

“روحاني” يحذر من استمرار إقامة السدود..

حذر “روحاني” من الاستمرار في إقامة السدود. وتحدث عن تركيا, دون أن يسميها, قائلاً: “هناك بلد جار يفكر بإقامة 22 سداً على دجلة والفرات مما يترك آثاراً سلبية على حياة العراقيين والإيرانيين”، معتبراً أن إقامة الحواجز والسدود تشكل “الخطر الأكبر على المنطقة”.

300 مدينة إيرانية تبلغ نقطة التوتر المائي..

جاءت تصريحات “روحاني” غداة إعلان مساعد وزير الطاقة “رحيم ميداني”، بلوغ 300 مدينة إيرانية “نقطة التوتر المائي”، في إشارة إلى قرب نفاد المياه من خزانات السدود الإيرانية، مطالباً الجهات المسؤولة بوضع حلول عاجلة للأزمة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة