14 أبريل، 2024 9:25 م
Search
Close this search box.

موسيقى الراب .. متنفس الشباب العراقي ومبعده عن العنف

Facebook
Twitter
LinkedIn

تلقى موسيقى الراب انتشارا ورواجا كبيرا بين الشباب العراقي الذي يقبل على حفلات الراب حيث ساهمت ثورة المعلوماتية في تعرفهم على أشكال جديدة للموسيقي تعبر عن همومه وقضاياه وطموحاته، والابتعاد عن العنف.
على بعد بضعة أمتار ترابط إحدى نقاط التفتيش العسكرية في منطقة الكرداة وسط بغداد بالقرب من المسرح الوطني، حيث أقيم حفل موسيقي راقص. أجواء الحفلة كانت تشبه تلك التي تسود الحفلات في البلدان الغربية: صراخ جمهور متفاعل، ترك مقاعده طيلة ساعات العرض ليقف بين الحين والآخر مع ارتفاع الألحان الصاخبة، تحت الأضواء الخافتة. وعلى الرغم من أن المغنين عراقيون، إلا أن ما ميز هذه الحفلة هو أن الموسيقى لم تكن عراقية تقليدية، وإنما هي موسيقى غربية بإيقاعات “الراب”.
خمسة شبان أطلقوا على فرقتهم اسم “سماشن هيتس”، اعتلوا خشبة المسرح بملابس مغنيي الراب التقليدية الفضفاضة، والتي تدل على مدى تأثرهم بنجوم الراب العالميين كــ”ايمنم” و “توباك”، مثل السترات ذات أغطية الرأس وقبعات البيسبول. يتمايلون ويرقصون بحركات تبدو غريبة على إيقاع موسيقى الراب، ممسكين بميكروفونات، للتعبير عما  يجول في خاطرهم بألحان وايقاعات سريعة.
“أجدُ في هذا النوع من الغناء أسلوباً رائعاً لنقل صورة جيدة عن الشباب العراقي وقضاياه وطموحاته إلى خارج حدود البلد. وتتمثل هذه برسالة عالمية وباللغة الانكليزية، من أجل الدعوة إلى السلام والمحبة ونبذ العنف فضلاً عن تعريف الشباب الغربي بتاريخ العراق وحضارته”. هذا ما قاله أحد أعضاء فرقة “سماشن هيتس”، يدعى عمر أياد كاظم والملقب بـ (D.K) لوكالة “دويتشه فيله” . وعن اختياره لهذا اللون من الفن وسيلة “لنقل رسالته إلى دول العالم” يقول كاظم (23 عاماً) في حوار مع دويتشه فيله: “يمثل الشباب الفئة الأكثر إعجاباً بهذا الفن، لذلك عملنا على توظيف أغاني هذا الفن كجسر لربط الثقافة العراقية بثقافة الشعوب الأخرى تعريفها بثقافتنا ومشاكلنا نحن الشباب”.
 
التعبير عن هموم الشباب
سامي نسيم، استاذ بمعهد الفنون الموسيقية في بغدادلكن كاظم يشير إلى بعض المعوقات التي تواجههم كـ “نظرة المجتمع الرافضة لهذا الفن بداعي أنه يتنافي مع العادات والقيم والتقاليد في مجتمع شرقي محافظ كالمجتمع العراقي”، منوهاً إلى ضرورة تفهم المجتمع للرسالة السامية التي يعلمون “على نقلها بعيداً عن مخالفة التقاليد والقيم”.
أما حمزة محمود عباس المشهور بـ (Uden)، وهو أحد مغني الراب في بغداد، فيرى أن “فن الراب وسيلة جيدة للتعبير عما يدور في داخلي، فضلاً عن التعبير عن القضايا الاجتماعية المختلفة التي تهم الشباب”.
ويضيف عباس (22 عاماً) بالقول “على الرغم من حداثة هذا الفن في العراق، إلا أنه يحظى بشعبية واسعة بين الشباب المثقف لما يناقشه من قضايا تعبر عن أحلامهم وطموحاتهم”. لكنه في الوقت ذاته يقول إن بعض مغني الراب في العراق الذين أساؤوا لهذا الفن من خلال “تقديمه بأسلوب ينافي القيم والعادات المجتمعية بالكلمات البذيئة”.
ويعرف عباس الراب بأنه موسيقى غنائية سريعة يقوم مؤديها بترديد كلمات الأغنية المكونة من عدد كبير من القوافي، التي تعالج عدداً من المواضيع الشخصية أو الاجتماعية أو السياسية، على إيقاع وكلمات سريعة دون الالتزام بلحن معين. وغالباً ما يكون النص مثيرا للجدل ومتحررا إلى حد كبير، فهناك جرأة في استخدام أي لفظ بدون أي تحفظ.
فنان الراب العراقي عمر عياد كاظم، الملقب بـ (D.K). “الراب فن رائع وهو لوني المفضل الذي أعشق سماعه، فهو يعبر عن مختلف القضايا المعاصرة التي تهم الشباب بأسلوب حديث وكلمات سهلة وإيقاع جميل”، بهذه الكلمات يعبر طالب كلية الفنون جميلة في بغداد فادي احمد شهاب عن شغفه بهذا الفن. ويشير شهاب (20 عاماً) إلى أنه اتجه إلى سماع هذا اللون الغنائي أثناء حضوره حفلة، قدمت من خلالها فرقة الراب بعض الأغاني. ويضيف شهاب “اشعر بحماس كبير عند سماع هذه الأغاني، كما تدفعني إلى التصور بأني أعيش في عالم آخر، بعيداً عن الظروف الصعبة التي نعيشها في العراق من عنف وقتل”.
أما غيث فاضل مفتن فله رأي مخالف لشهاب، إذ يرى بأن فكرة سماع أغاني الراب ليست سوى تقليد وإعجاب لسلوكيات الغرب وتصرفاتهم. ويضيف مفتن (22عاماً) في حوار مع دويتشه فيله: “لا يروق لي هذا الفن فهو يعبر عن ثقافات أخرى بعيدة عن ثقافتنا، بل هو تقليد أعمى للما تعرضه القنوات الفضائية للشباب الذين لديهم رغبة في تقليد كل ما يرونه”. ويتابع مفتن “أنا شخصياً لا أجد هذا الفن وسيلة جيدة للتعبير عن قضية معينة في داخلي”، مفضلاً سماع الأغاني العراقية “النابعة من ثقافتا وظروفنا ومعاناتنا هنا”.
 
انفتاح المجتمع شجع موسيقى الراب
من جهته يرى الدكتور سامي نسيم، المدرس في معهد الدراسات الموسيقية ببغداد، أن فن الراب وغيره من الفنون الأخرى قد دخلت العراق حديثاً بعد عام 2003، حيث تشهد البلاد “انفتاحا كبيرا على العالم الخارجي، بعد أن كانت تعاني من العزلة عن ثقافات العالم الأخرى”.
وعن سبب انتشار هذا النوع من الفن وسط الشباب يضيف نسيم في حوار مع وكالة “دويتشه فيله” “إن إهمال الفنون الشعبية الأصيلة من قبل المؤسسات الثقافية في العراق أدت إلى حدوث فجوة، دفعت الشباب إلى إيجاد البديل وإن كان على حساب الثقافة الشعبية”.
ويؤكد نسيم أن هذا الفن -وإن حظي بعدد كبير من المعجبين- إلا أنه لن يستمر طويلاً على خلفية وجوده كفن دخيل على الذوق الموسيقي العراقي، إذ “ليس له أسس أو جذور نابعة من الثقافة العراقية التي تدعم استمراره”.
“الجنرال” أحد أشهر وجوه الراب في تونس، وساهمت أغانيه وموسيقاه في الربيع التونسي
أما الدكتورة فوزية العطية،أستاذة علم الاجتماع في جامعة بغداد، فتوضح أن سبب انتشار هذا النوع من الغناء وميول الشباب العراقي له يعود إلى “تطلع وانفتاح الشباب العراقي على محيطه الخارجي من خلال الثورة المعلوماتية الحديثة، فضلاً عن تنامي بعض القضايا الاجتماعية كالبطالة وشعور الشباب بالإحباط ومحاولته سد ذلك الفراغ من خلال الارتقاء بالسلم الاجتماعي في تقليد أقرانه في تلك الدول”.
هذا بالاضافة إلى أن “الأزمات والحروب التي مر بها العراق طيلة السنوات الماضية وما نتج عنها من حرمان، والتي دفعت الشباب إلى البحث عن متنفس لرفض كل هذه الإشكاليات التي تهيمن على المجتمع”، وقد وجدوا المنفذ في موسيقى الراب.
وتنوه الخبيرة الاجتماعية إلى ضرورة تدخل الجهات المعنية بالثقافة والمؤسسات التربوية والجهات الرقابية خلال هذه الفترة “لتفعيل دور الثقافة المحلية كبديل عن الثقافات الدخيلة التي تنافي قيم المجتمع العراقي”.
 
* مواقع + مدونات

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب