فيما تشهد الاوضاع السياسية ارباكا ظاهرا نتيجة اختلاف المواقف السياسية للكتل من محاولات سحب الثقة من الحكومة كما تسعى الكتلتين العراقية والكردية والوعود بالاصلاح التي يطلقها التحالف الوطني الحاكم فأن تداعيات هذه الازمة تنتقل الى ايران عبر قادة عراقيين يجرون مباحثات سياسية مع المسؤولين هناك نظرا لتأثير ايران على الاوضاع السياسية في العراق والتي عبرت عن ارتياحها لاجراءات المالكحكومته لاستباب الامن والاستقرار.
فبالاضافة الى بدء رئيس التحالف الوطني العراقي ايراهيم الجعفري ورئيس المجلس الاعلى الاسلامي عمار الحكيم مباحثات مع المسؤولين الايرانيين في طهران فقد تم الاعلان عن زيارة اليها ايضا سيبدؤها الجمعة المقبل نائب الرئيس جلال طالباني في زعامة الاتحاد الوطني الكردستاني رئيس وزراء أقليم كردستان السابق برهم صالح.
فقد بحث الحكيم مع ممثل قائد الثورة الاسلامية علي خامنئي وامين المجلس الاعلى للامن القومي سعيد جليلي “الاجراءات المؤثرة والناجحة التي اتخذتها الحكومة العراقية لاستباب الامن والاستقرار في هذا البلد” .. وقال جليلي ان تقديم الخدمات في مختلف المجالات الى الشعب يجب ان يكون هو الخطاب السائد وموضع التوافق في العراق. واعرب “عن ارتياحه لتمكن العراق في ظل سيادة الديمقراطية الحقيقية من تجاوز المشاكل الامنية والسياسية” كما نقلت عنه وسائل اعلام ايرانية. واشار امين المجلس الاعلى للامن القومي الى “المكانة العراق على الصعيدين الاقليمي والدولي مؤكدا على الامكانيات الناجمة عن ترؤس العراق للجامعة العربية”. واضاف “ان تعاون العراق اقليميا سيساهم في احلال الامن والاستقرار على صعيد المنطقة”.
من جانبه شرح رئيس المجلس الاعلى الاسلامي العراقي عمار الحكيم آخر المستجدات في العراق والمنطقة واشار تدخلات الاجانب العلنية والسرية لزعزعة امن واستقرار العراق وقال “ان تجربة السنوات الماضية لمختلف اطياف العراق في التعامل البناء لتحقيق الهدوء والاستقرار في العراق قد كشف عن عن مستقبل مشرق لتطور ورخاء الشعب العراقي”.
كما بحث رئيس التحالف الوطني العراقي ابراهيم الجعفري مع علي اكبر ولاياتي مستشار قائد الثورة الاسلامية خامنئي للشؤون الدولية العلاقات العراقية الايرانية وتطورات الاوضاع السياسية في العراق على ضوء الازمة التي تضرب البلاد منذ اواخر العام الماضي . وقدم الجعفري شرحا عن ابعاد ورقة الاصلاح السياسي التي يعدها التحالف الوطني لانهاء الازمة السياسية في العراق.
وكان رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري اعلن السبت الماضي إكمال ورقة الإصلاح السياسي داعيا الفرقاء السياسيين الى الدخول في حوار فوري ومباشر يفضي الى حل الملفات العالقة وفق سقوف زمنية متفق عليها. وقال خلال مؤتمر صحافي في بغداد إن لجنة كلفها لإعداد ورقة الإصلاح لتكون بديلة عن مطالب سحب الثقة من الحكومة قد أنجزت عملها.
وأشار إلى أنّ لجنة الإصلاح ستشرع قريبًا بالعمل على حسم ملف الوزارات الأمنية ووضع صيغة معينة للقضاء على الفساد المالي والإداري في دوائر الدولة وتم وضع توقيتات لحلها حسب الأهمية لكنه أوضح أن هناك بعض الملفات تحتاج الى وقت مثل المجلس الاتحادي والنظام الداخلي لمجلسي النواب والوزراء.
ويشارك الجعفري والحكيم في مؤتمر “النساء والصحوة الاسلامية” الذي بدا اعماله في طهران اليوم الثلاثاء بطهران بحضور الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ويستمر لمدة يومين وتشارك فيه الف شخصية من 80 دولة في العالم.
ومن جهته يصل الى طهران الجمعة المقبل بدعوة رسمية من حكومتها برهم أحمد صالح رئيس وزراء اقليم كردستان نائب الأمين العام للاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة طالباني . وأعلن ممثل حكومة إقليم كردستان في طهران ناظم عمر دباغ في تصريح وزعه مكتب اعلام الاتحاد الوطني ان برهم صالح سيجت مع خلال زيارته الى طهران التي تستغرق خمسة ايام مع الرئيس الايراني نجاد العلاقات بين البلدين واخر التطورات على الساحة السياسية العراقية على ضوء الازمة السياسية الجارية في البلاد.
وتأتي مباحثات المسؤولين العراقيين الثلاثة في طهران في وقت اشار فيه سياسيون عراقيون الى ان طهران تمارس ضغوطا على الرئيس طالباني من اجل الحيلولة دون سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي . وكان وفد ايراني زار العراق اواخر الشهر الماضي وبحث مع القادة السياسيين تطورات الازمة السياسية في العراق وامكانية التوسط من اجل انهائها.
وجاءت مباحثات المسؤولين العراقيين هذه في طهران في وقت حث محللون سياسيون اميركيون بارزون ادارة االرئيس باراك أوباما على تنظيم اجتماع للفرقاء السياسيين على ان يعقد في مكان ما في الغرب وتناقش فيه الامور العالقة بينهم بالتفصيل محذرين من ان ارتفاع مستوى العنف وعدم الاستقرار السياسي في العراق قد يهدد “بحرب اهلية” حسب ما نقلت صحيفة واشنطن تايمز.
وقالت الصحيفة انه بعد عام ونصف من مغادرة القوات الاميركية العراق، يعاني هذا البلد الذي انهكته الحروب من اعمال عنف ينفذها مسلحون انتفعوا من الصراع على السلطة بين فصائل البلد الاثنية والطائفية”. واوضحت ان” حزيران كان ثاني اكثر الشهور دموية منذ انسحاب القوات الاميركية من العراق في 18 من كانون الاول (ديسمبر) الماضي وتواصل العنف بحدوث تفجير كبير او هيجان اطلاق نار مرتين في الاسبوع تقريبا، واغلبها تستهدف زوارا شيعة وتحمل بصمات القاعدة، هذا على الرغم من ان بعض العراقيين قالوا انهم يعتقدون ان الفصائل السياسية وراء هذه الافعال”.
واشارت الصحيفة الى ان احد الصحافيين سأل في الاسبوع الحالي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند، عما اذا كانت العلاقة بين السيد المالكي والولايات المتحدة “هي حقا متوترة جدا هذه الايام”. فأجابت نولاند “نواصل نمط الحوار نفسه الذي كنا نمارسه طوال الوقت الماضي”، مضيفة “نحافظ على قناة مفتوحة ليس مع رئيس الوزراء فقط، بل مع كل الشخصيات السياسية الكبيرة في العراق، ونحن نستعمل هذه التحديات، من بين امور اخرى، لنشجعهم على العمل معا وتسوية اختلافاتهم السياسية من خلال عمليات دستورية”.
وتعتزم القائمة العراقية والتحالف الكردستاني تقديم طلب الى البرلمان باستجواب المالكي كطريقة أخرى لسحب الثقة منه بعد ان فشلا في إقناع الرئيس جلال طالباني بتقديم طلب سحب الثقة الى مجلس النواب.
يذكر أن العراق يشهد أزمة سياسية منذ أواخر العام الماضي مباشرة، بعد الإنسحاب الأميركي من البلاد نهاية عام 2011 بسبب تصاعد الخلافات بين الكتل السياسية حول قضايا تتعلق بالشراكة في إدارة الدولة بالاضافة إلى ملفات أخرى ما دفع بعضها إلى الدعوة لسحب الثقة من المالكي بعد عدة اجتماعات في مدينتي اربيل والنجف.
وكانت الدعوة لسحب الثقة عن طريق رئيس الجمهورية قد فشلت بعد أن أعلن طالباني في التاسع من حزيران الماضي أن عدد الموقعين على سحب الثقة من رئيس الوزراء نوري المالكي بلغ 160نائبا فقط وهو اقل من العدد المطلوب البالغ 163 ودعا مجددا إلى عقد الاجتماع الوطني لحل الأزمة السياسية لكنه لم يتم بعد تحديد موعد أو مكان أو جدول أعمال هذا المؤتمر .