خاص : ترجمة – آية حسين علي :
حققت دولة “موريتانيا”، على مدار السنوات الماضية، نقلة نوعية في مجال مكافحة “البلاستيك” والحد من استخدامه لتأثيره السلبي على البيئة، ورصدت مراسلة صحيفة (لا بانغوارديا) الإسبانية، في العاصمة “نواكشوط”، “سونيا أوفريل”، كيف استطاعت الدولة والسكان التكيف مع غياب الأكياس البلاستيكية واستبدالها بأخرى مصنوعة من الورق المقوى، بعدما لمسوا تأثيرها السلبية على حياتهم وأعمالهم.
موريتانيا تفوقت على دول غنية..
عبّرت المراسلة عن إندهاشها من أن تتمكن دولة فقيرة مثل “موريتانيا” من تخطي حواجز لم تستطع الدول المتقدمة والغنية من إجتيازها، إذ أصدرت الحكومة قانونًا يقضي بمنع استخدام أو تداول الأكياس البلاستيكية منذ عدة سنوات، لذا قاموا باستبدالها بأخرى مصنوعة من الورق بشكل أساس، ومع ذلك، وحسب تجربة المراسلة، فإنها رغم تصنيعها من مادة رقيقة إلا أنها تتحمل كميات كبيرة؛ كما أن لمسها يجلب المتعة، إنه يذكرنا بأفلام الزمن الجميل حين كانت تحمل السيدة الرقيقة في يدها كيسًا مصنوعًا من الورق وتضع به كل ما تشتريه من السوق.
موريتانيا أعلنت الحرب بالقانون..
منذ كانون أول/يناير من العام 2013؛ تعد كل أشكال التعامل في الأكياس البلاستيكية من التصنيع أو البيع أو الاستخدام محظورة، بموجب القانون في “موريتانيا”، وينص القانون أيضًا على عقاب من يخالف بالسجن لمدة تصل إلى السنة، ويتعرض من يصنع أو يستورد أو يستخدم هذه الأكياس لغرامة تصل قيمتها إلى 2500 يورو، وهو مبلغ هائل في البلد الواقع أقصى شمالي غرب قارة إفريقيا، إذ يقابل اليورو الواحد نحو 4140 أوقية موريتانية.
وتصنع تلك الأكياس الورقية بعناية؛ بحيث يمكنها حمل كل البضائع الموجودة في السوق بداية من “الفريك” وحتى “الكسكس” والزيت المعبأ في زجاجات، ولجأت الحكومة إليها وعممتها بسلاح القانون والعقوبات حفاظًا على البيئة من جانب؛ ومن الجانب الآخر خوفًا على ثروتها الحيوانية والسمكية التي تُعد جزءًا أساسيًا من الاقتصاد الموريتاني المتهالك.
خطر على الثروة الحيوانية والسمكية..
وصل استخدام الأكياس البلاستيكية إلى درجات مبالغ فيها لدرجة أنه قديمًا كان يمنح كل من يدخل السوق أكياسًا حتى وإن لم يكن مقبلًا على شراء أي شيء، والنتيجة أن تلك الأكياس كانت تلقى في كل مكان بعد استخدامها، وكشفت دراسة أجريت في مسالخ “نواكشوط”؛ أن 80% من الحيوانات عُثر داخل أحشاءها على بقايا بلاستيك، وذكر وزير البيئة، “يحيى ولد الفضل”، أن 70% من الحيوانات الصغيرة كانت تموت بسبب قضم الأكياس المصنوعة من “النايلون البلاستيكي” الموجودة في كل مكان حتى المناطق الصحراوية في البلد الإفريقي.
تسببت الأكياس البلاستيكية في معضلة كبيرة أيضًا بالنسبة إلى العاملين في صيد السمك؛ إذ يعاني كثير منهم من التفاف عشرات الأكياس حول المروحة التي تلف لرفع الشباك إلى سطح المراكب ما يجعلهم يتكبدون خسائر كبيرة.
وكانت النفايات البلاستيكية، (أغلبها من الأكياس)، تمثل ما بين 20% و25% من النفايات العامة، ونحو 80% من حجمها، تصبح المشكلة أكبر عندما تعلم أن البلد يواجه صعوبات كثيرة في إعادة تدويرها، نظرًا للتكلفة الكبيرة التي تتطلبها هذه العملية ولا تستطيع الموازنة تحملها، لذا لم يُعد أمام الدولة حكومة وشعبًا، البالغ عدده نحو 4 ملايين نسمة فقط، (حسب تعداد 2017)، سوى إعلان الحرب على الأكياس البلاستيكية.
التدخين معضلة كبيرة..
لا يزال أمام “موريتانيا” تحديًا أصعب يتعلق بارتفاع نسب المدخنين من الجنسين؛ إذ رغم المبادرات والحملات التي أطلقتها المؤسسات الرسمية والمنظمات المعنية بالمجتمع إلا أن الإحصاءات تشير إلى تزايد الأعداد بشكل صادم، فهل تستطيع الحكومة تقديم حل نهائي كما أنهت أزمة البلاستيك ؟.