26 أبريل، 2024 12:52 م
Search
Close this search box.

موجة عنف جديدة تضرب “العراق” .. ما أهدافها وهل تُقابل برد عسكري ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

عاد “العراق” من جديد لدائرة العنف، حيث أثار تفجير دموي شهدته مدينة “الصدر”، بـ”بغداد”، الخميس، وقبله بساعات؛ سلسلة هجمات متبادلة في “إقليم كُردستان العراق” ومحيطه، مخاوف من عودة موجات العنف إلى “العراق”، بهدف خلط الأوراق في البلاد.

انفجار مدينة “الصدر”؛ قالت السلطات عنه إنه تسبب في سقوط قتيل ونحو 20 جريحًا، إضافة إلى الأضرار المادية.

وفي وقت متأخر من مساء الأربعاء، أعلنت “وزارة الداخلية”، في “إقليم كُردستان”، أن طائرة مُسيّرة مفخخة استهدفت قاعدة لقوات “التحالف الدولي”؛ داخل “مطار أربيل الدولي”، للمرة الثالثة في غضون شهرين، فيما أعلنت “وزارة الدفاع” التركية؛ أن 3 صواريخ أخرى استهدفت قاعدة للقوات التركية، في منطقة “بعشيقة”، وتسببت في مقتل أحد الجنود الأتراك وجرح آخرين. وسقط أحد الصواريخ قرب قرية، ليتسبب في جرح طفلة. وبعد ساعات من الهجوم، استهدف صاروخ مقرًا لـ (الحشد الشعبي)؛ على أطراف “نينوى”.

وتأتي تفجيرات “أربيل” الأخيرة، بعد شهرين بالضبط؛ من وقوع تفجيرات مشابهة، في السادس عشر من شباط/فبراير الماضي، حيث قُصف “مطار أربيل الدولي” ومحيطه، بثمانية صواريخ (كاتيوشا)، أطلقت من منطقة قريبة جنوبي المدينة، مما أدى إلى مقتل مقاول مدني وإصابة جندي أميركي و5 متعاقدين.

وتوصلت التحقيقات المشتركة التي أجرتها أجهزة الأمن في “إقليم كُردستان”؛ إلى أن فصيلاً مرتبطًا بـ (الحشد الشعبي)، المدعوم من “إيران”، قد نفذ تلك الهجمة، وألقت القبض على واحد من المتورطين في العملية.

انسحاب الجماعات المسلحة..

ومن أبرز الردود السياسية الكُردية على الحادث الأخير، ما جاء من رئيس حكومة “إقليم كُردستان العراق”، “مسرور بارزاني”، الذي طالب في منشور على صفحته الرسمية بموقع (تويتر): بـ”انسحاب أي جماعات مسلحة لا تعمل ضمن قوات الأمن العراقية الرسمية، فورًا من حدود إقليم كُردستان”، موضحًا أنه سيجري في الأيام المقبلة: “محادثات مع شركاء عراقيين ودوليين؛ لبحث السُبل الكفيلة لتحقيق ذلك”.

مطالبة “بارزاني”؛ جاءت بعد مكالمات هاتفية أجراها مع رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، ورئيس مجلس النواب، “محمد الحلبوسي”، ووزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”.

تحميل الحكومة المركزية المسؤولية..

وحمل ناشطون أكراد، على وسائل التواصل الاجتماعي، الحكومة المركزية العراقية؛ مسؤولية تكرار مثل هذه الهجمات على مدينة “أربيل”، وباقي مناطق “إقليم كُردستان العراق”، وذكروا أن الحكومة المركزية العراقية لم تلاحق المتورطين في الهجمات السابقة ولم تعاقبهم، رغم كشف الأجهزة الأمنية الكُردية لهوياتهم وتنظيماتهم العسكرية ومناطق تمركزهم.

كما شددوا على قضية المناطق المتنازع عليها، بين الحكومة المركزية وحكومة “إقليم كُردستان العراق”، التي تمتد لأكثر من ألف كيلومتر، جنوب الإقليم، حيث تسمح الحكومة المركزية بانتشار المئات من الفصائل المسلحة غير النظامية؛ وغير الملتزمة بأي ضوابط سياسية أو عسكرية، ولا تلتزم حتى بتعليمات القائد العام للقوات المسلحة.

وفوق ذلك، فإن الناشطين الأكراد يرون أن الحكومة المركزية لا تقبل بأي تعاون وانتشار مشترك، بين الجيش العراقي وقوات (البيشمركة) الكُردية، لذلك تحولت تلك المنطقة إلى ساحة لنشر الفوضى في جميع مناطق “العراق”، بالذات على “إقليم كُردستان”، مذكرين الحكومة المركزية العراقية بمهامها وواجباتها الدستورية.

رد على قصف إسرائيل للمفاعل النووي..

تعليقًا على تلك الهجمات؛ قال المحلل السياسي، “واثق العلواني”، لموقع (سبوتنيك) الروسي؛ أن: “القصف على مطار أربيل؛ كان ردًا على القصف الإسرائيلي على المفاعل النووي في إيران”، مشيرًا إلى أن: “التوتر الحاصل، بين إيران وإسرائيل، وبين إيران والولايات المتحدة، والمشاحنات بينهم؛ يكون الرد عليها داخل العراق من قِبل الفصائل المسلحة الموالية لإيران، والتي لا تستطيع الحكومة السيطرة عليها”.

وحذر “العلواني”؛ من أن: “الولايات المتحدة قد تُفرض عقوبات دولية على العراق؛ نتيجة لاستهداف القوات الأميركية المتكرر في العراق”، مقللاً من: “أهمية اللجان التحقيقية التي يتم تشكيلها في العراق؛ عقب أي حادثة، حيث لا يُنتج عنها أي تبعات قانونية، كما أن رئيس الوزراء لا يستطيع مواجهة الفصائل المسلحة والتي تسيطر على أغلب مفاصل الدولة”.

تستهدف إجراء الانتخابات البرلمانية..

من جهته؛ قال الباحث الكُردي العراقي، “ريباز بنجويني”، في اتصال مع موقع (سكاي نيوز عربية)؛ إن تفجيرات “أربيل” الأخيرة؛ يمكن فهمها على 3 مستويات مركبة، لكل واحد منها وظائف خاصة يسعى المرتكبون إلى تثبيتها، موضحًا: “يبدو أن الجهة المنفذة، وهي معروفة للغاية، لا تريد لإقليم كُردستان أن يكون بقعة مستقرة، على غير باقي مناطق العراق، خصوصًا بعد التوافق الاستثنائي، الذي خطته القوى السياسية العراقية مجتمعة بشأن الميزانية العامة للبلاد”.

فـ”تكرار هذه الهجمات، على إقليم كُردستان، وبالذات عاصمته الحيوية، إنما هو محاولة لإعاقة ذلك، وضمن نفس السياق فإن إرباك الإقليم؛ والوضع الداخلي عمومًا، هو هدف الفاعلين لإعاقة إجراء الانتخابات البرلمانية العامة في خريف هذا العام”.

مسعى لخلط الأوراق الإقليمية !

وتابع “بنجويني”، المختص في الشؤون الأمنية؛ قائلاً: “من جهة أخرى، فإن الطابع الإقليمي لهذه الهجمات واضح جدًا. فلا يمكن لأحد أن ينكر بأنها تأتي غداة تعقد فرص نجاح المفاوضات الدولية؛ بشأن ملف إيران النووي في فيينا، وبعد تعرض واحد من المفاعلات النووية الإيرانية لهجوم معقد، لذلك ثمة من يسعى لأن يخلط الأوراق الإقليمية تمامًا. بالضبط كما كانت الهجمات التي نفذت قبل شهرين من الآن، وكانت بمثابة رسالة تقول إن العراق سيدفع ثمنًا غاليًا ما لم تدخل الولايات المتحدة لمفاوضات مباشرة مع إيران”.

لجر أربيل إلى صراع عسكري مفتوح..

ويعتقد الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي، “رحيم الكعبي”، أن الميليشيات تهدف إلى جر “إقليم كُردستان” وقواه الأمنية إلى الصراع العسكري المفتوح الذي تريد “إيران”، من خلاله؛ تحويل “العراق” إلى ساحة صراع مفتوح، بينها وبين “الولايات المتحدة”.

وقال “الكعبي”، في تصريح لصحيفة (العرب)؛ إن: “الأكراد فهموا، منذ القصف الأول لمطار أربيل، أن الهدف ليس أمنيًا أو عسكريًا بقدر ما هو محاولة لخلط الأوراق، من خلال تسخين الجبهة من جهة الإقليم وعدم جعلها منطقة آمنة للأميركان، وتعكير صفو العلاقة بين حكومة الكاظمي والإقليم”.

ولا يتوقع أن يستجيب الأكراد للخطة الإيرانية الهادفة إلى توريطهم في مواجهة لا تصب في مصلحتهم. وعلى الأرجح سيتعاملون مع ما جرى على أراضي إقليمهم، على أساس أنه “حرب بالوكالة” لا مصلحة مباشرة لهم فيها؛ حتى لو طلب الأميركيون منهم الرد على مصدر الهجمات.

كما أنه ليس مستبعدًا أن ينال الصمت الكُردي رضا “الولايات المتحدة”، خاصة أن الهدف منه محاولة تشتيت الضغوط الغربية والإسرائيلية عليها، في الملف النووي، وخلق نقاط تصعيد على أكثر من واجهة على أمل خلط الأوراق.

كما أنه لن يقبل الأكراد، في كل الأحوال، بإشتعال الوضع الأمني في مناطقهم، فهو يضر باستقرار الإقليم وبخطط التحضير لاستقلاله. لكن إذا تم إهمال الرد وأحتكم الأميركيون إلى وعود كُردية تنتهي بالتسويف، فإن “إيران” و(الحشد الشعبي)؛ يكونان قد حققا غايتهما في الضغط على “واشنطن” و”أربيل”، في الوقت نفسه، دون خسائر.

ويقول “الكعبي”؛ إن “إيران”، التي يُزعجها تحلي الأكراد بكل هذا النفس الطويل وعدم الإنجرار إلى الرد، ليس لديها الوقت الكافي في مفاوضاتها مع القوى الدولية؛ بشأن برنامجها النووي، لذلك تضرب هذه الأيام يمينًا وشمالاً؛ إن لم نقل إنها تلعب الآن بكل أوراقها أو تحرق كل أوراقها.

الميليشيات أداة لتنفيذ الأجندات الإقليمية والخارجية..

فيما يرى عضو “لجنة الأمن والدفاع” البرلمانية، “كمال خورشيد”؛ أن الحكومة العراقية والمؤسسات الأمنية تعلم الجهات المستهدفة لـ”مطار أربيل”، ويُعد الهجوم امتدادًا لاستهداف البعثات الدولية وقواعد قوات “التحالف الدولي”، مشيرًا إلى أن ذلك أضر كثيرًا بسمعة “العراق” أمام المجتمع الدولي.

وعن أهداف الهجمات، يتابع “خورشيد” حديثه لـ (الجزيرة نت)؛ ليؤكد أن الفصائل المسلحة باتت أداة لتنفيذ الأجندات الإقليمية والخارجية، لافتًا إلى أن الهجمات تنطلق عادة من المناطق المحاذية للإقليم، وخاصة من الجهات التي تنتشر فيها هذه المجموعات المسلحة على الحدود بين الإقليم والمحافظات الأخرى، مشيرًا إلى أنه لا يمكن لأحد أن ينقل طائرات مُسيرة أو صواريخ؛ ما لم يكن على قدر كبير من الحماية.

خطر على مجمل الأوضاع الأمنية !

وفي وقت ما تزال التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحادث، فإن العديد من المراقبين أكدوا خطورته على مجمل الأوضاع الأمنية في البلاد، كما يقول الخبير الأمني والإستراتيجي، “فاضل أبورغيف”، في حديثه لـ (الجزيرة نت).

وفي ما يتعلق بمحاكاة السيناريو اليمني، يضيف “أبورغيف”، المقرب من دوائر صنع القرار بالبلاد، أن الهجمات بالطائرات المُسيرة ليست حكرًا على أحد، إلا أن بعض الجماعات المسلحة تُصاب بحمى أو عدوى لنقل التقنيات التي تستخدم في الدول الأخرى.

موضحًا أن الحادث ما يزال في بدايته، وبالتالي هناك الكثير من السيناريوهات التي يمكن أن تفسر الهجوم، موضحًا أن “أربيل” لديها مشكلات مع “حزب العمال الكُردستاني”، (PKK) ، وأيضًا هناك تهديدات من بعض الفصائل المسلحة، ولا يمكن تحديد الجهة المنفذة بصورة سريعة.

يصب في مصلحة “إيران”..

ويؤكد رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة “غالوب” الأميركية للأبحاث، “منقذ داغر”؛ أنه قد لا تكون هذه الهجمات مثل سابقاتها في التأثير والرد، إذ يرى أن الجناح المتشدد، داخل “إيران”؛ لا يريد صلحًا مع “الولايات المتحدة”؛ ولا العودة لـ”الاتفاق النووي”، وبالتالي فإن الجماعات التي تدعمها “إيران”؛ لا تريد التهدئة مع “واشنطن”، في “العراق”، وتحاول جرها لحرب جديدة.

ويتابع “داغر”، في حديثه لـ (الجزيرة نت)؛ أن الوضع غير المستقر في “العراق” يصب في مصلحة “إيران”؛ وديمومة استمرارها فيه، وبالتالي فإن الهجمات على “أربيل” تأتي في إطار معرفة المهاجمين أن إدارة الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، لا يمكنها السكوت على مثل هذه الهجمات، لافتًا إلى أن الفترة التي تسبق الانتخابات العراقية المقبلة؛ ستشهد جعجعة كبيرة للسلاح، بما يضمن للجانب الأكثر تشددًا الفوز بها، بحسب تعبيره.

محاكاة للسيناريو اليمني..

فيما يرى الباحث السياسي الكُردي، “محمد زنكنة”، أن استخدام الطائرات المُسيرة، في استهداف “أربيل”، محاكاة للسيناريو اليمني، بما يعني تغييرًا في الطريقة التي تستهدف بها القواعد الأميركية، في “العراق”، بما يؤكد اتجاه “العراق” لمزيد من التعقيد في الوضع الأمني.

ويضيف “زنكنة”، في حديثه لـ (الجزيرة نت)؛ أن الجهة التي تبنت الهجمات؛ هي (سرايا أولياء الدم)، وهي جهة غير معروفة، إلا باستهدافها السابق لـ”أربيل”، معتقدًا أن هذه الهجمات لا تخرج عن التبعية الإيرانية، وأنها جاءت لتقويض ما حققه الإقليم أمنيًا وسياسيًا، خاصة بعد حل الإقليم لجميع مشكلاته مع الحكومة الاتحادية، بحسب تعبيره.

توقعات برد عسكري..

لكن الباحث في الشأن السياسي العراقي، “أحمد المنصوري”، قال لـ (عربي21)، إن: “إقليم كُردستان في وضع لا يُحسد عليه؛ كونه أصبح أحد الأهداف للميليشيات الموالية لإيران، مثلما تفعل مع السفارة الأميركية، في بغداد، والقواعد العسكرية في عموم العراق”.

وأضاف “المنصوري”؛ قائلاً: “لكن الفارق بين إقليم كُردستان والحكومة العراقية، في “بغداد”، أن أربيل لن تبقى صامتة حيال زعزعة أمنها الداخلي، فهي تضم استثمارات أجنبية وعربية كبيرة، ولا يمكن التفريط بها، لذلك أتوقع ردًا عسكريًا على الهجمات”.

وأوضح أن: “الرد العسكري ربما يكون بضربة جوية موجعة تنفذها قوات التحالف الدولي؛ بمعلومات من الأجهزة الأمنية الكُردية، كما حصل في المرة السابقة، عندما كانت الضربة في سوريا، ضد (كتائب حزب الله) العراقية، في شباط/فبراير 2021”.

ولم يستبعد “المنصوري”؛ أن: “ترد قوات (البيشمركة) بشكل مباشر أيضًا على مجاميع تابعة، لـ (الحشد الشعبي)، في المناطق المحاذية للإقليم في نينوى، وكركوك، وديالى، لأن الولايات المتحدة ستكون إلى جانبهم في حال أي صراع يندلع بين (الحشد الشعبي) والقوات الكُردية”.

ونوّه إلى أن: “الأحزاب السياسية في إقليم كُردستان والسلطات، في أربيل، لن يسمحوا بأن تحول الميليشيات أراضيهم إلى منطقة للصراع الإيراني مع الولايات المتحدة، فالأمور أمامهم مكشوفة، ويعرفون من يستهدفهم ولماذا”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب