كتب احمد النعيمي : ضربت العراق موجة شديدة من الصقيع في مناطق شمال ووسط وغرب البلاد، رافقها تساقط مستمر للثلوج التي غطت مساحات واسعة من شمال البلاد، فيما يكافح النازحون في المخيمات والهياكل وبيوت الطين الوقت للحصول على الدفء بشتى الطرق إن توفرت.
وفي ظل انقطاع التيار الكهربائي المستمر وشح وقود التدفئة والفقر الشديد، حيث لا يجد الكثير من العراقيين ما يدفئون به أطفالهم الصغار سوى بعض الأغطية والملابس القديمة، ووسط غياب المتابعة الحكومية لأحوال النازحين وجد شبابٌ وناشطون وإعلاميون أنفسهم أمام مسؤولية إنسانية أكبر من قدراتهم الذاتية، فأخذوا يجولون بسياراتهم الخاصة لتفقد النازحين ليلاً ونهاراً، ويقدمون لهم ما يتبرع به بعض الميسورين.
الناشط عمر الدليمي أوضح أنَّ “تفقد النازحين أصبح مهمة إنسانية للجميع في ظل غياب تام للجهات الحكومية العراقية، ونقوم بجولات تفقدية للنازحين ليلاً ونهاراً، وقد صادفتنا حالات إنسانية قاسية للغاية في ظل موجة البرد الشديد التي ضربت البلاد حالياً”.
وأضاف الدليمي أنَّ “أشد احتياجات النازحين هي الملابس الشتوية والأغطية الخاصة كالبطانيات فضلاً عن وقود التدفئة، خاصة لمن يسكن المخيمات والهياكل قيد الإنشاء، وهم في حالة صعبة وخطيرة بصراحة وإمكاناتنا محدودة للغاية، حيث نعتمد على تبرعات بعض الميسورين”.
الناشط المدني سامي العاني أوضح أنَّ “موجة البرد الشديدة والصقيع الذي خلفته فضلاً عن الثلوج التي تستمر بالتساقط على المناطق الشمالية من البلاد، تهدد حياة النازحين، فهم لا يملكون أدنى المستلزمات التي تمكنهم من الاستمرار، وخاصةً أطفالهم الصغار الذين قد يفتك بهم البرد الشديد”.
وبين العاني أنَّ “غياب الدعم الحكومي للنازحين سيتسبب بكارثة إنسانية، فكثير منهم لا يملكون ملابس شتوية لصغارهم ويعيشون في مخيمات من القماش لا تقيهم البرد مطلقاً”. وطالب العاني المنظمات الإنسانية العربية والدولية بالتدخل الفوري لإنقاذ النازحين، وتقديم المساعدة لهم بشكل عاجل، محذراً من كارثة إنسانية خطيرة أمام غياب الحكومة العراقية.
ويعيش آلافٌ من نازحي الأنبار في مخيمات الحبانية وعامرية الفلوجة وبزيبز وأبو غريب والغزالية في بغداد، ومناطق أخرى من وسط البلاد وشمالها في ظروف قاسية.
ظافر مرعي (45 عاماً) نازحٌ في أحد مخيمات عامرية الفلوجة يقول “البرد شديد جداً، ولا نملك حتى ملابس شتوية لأطفالنا، والخيام لا تقينا موجة الصقيع ولا يوجد وقود للتدفئة وليست هناك متابعة حكومية لنا مطلقاً، فنحن منسيون لولا متابعة بعض الشباب الناشطين والميسورين”.
ويضيف مرعي انه لا نجد ما نوفر به الدفء لأطفالنا الصغار الذين سيفتك بهم البرد الشديد، ونطالب بتدخل دولي لإنقاذنا من هذه المأساة الخطيرة فلا وقود تدفئة ولا حطب ولا ملابس أو بطانيات، فماذا سنفعل غير انتظار الموت برداً”.
وفي المناطق الشمالية من البلاد حيث يعيش عشرات الآلاف من النازحين، بدأت الثلوج تتساقط بكثافة هناك سبقتها موجة برد غير مسبوقة، وجد النازحون أنفسهم فيها على حافة الهلاك بحسبهم.ويبين الناشط المدني علي العبيدي أنَّ “حكومة الإقليم تتابع أحوال النازحين هناك بشكل مستمر، وتوفر احتياجاتهم بشكل دوري ضمن لجان خاصة، غير أنَّ دور الحكومة العراقية المركزية منعدم تجاههم، ووجدنا أنفسنا كناشطين أمام مسؤولية إنسانية لتفقد أحوالهم والوقوف على احتياجاتهم”.
ونزح من مناطق جرف الصخر والأنبار وصلاح الدين وديالى والموصل أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون نازح، مع بدء العمليات العسكرية التي شنتها الحكومة العراقية منذ نحو عامين مطلع 2014 ضد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” الذي يسيطر على مساحات واسعة من البلاد.