“مهد تمدن” تناشد .. من أجل مستقبل أطفال “إيران” اعقدوا اتفاق !

“مهد تمدن” تناشد .. من أجل مستقبل أطفال “إيران” اعقدوا اتفاق !

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

في بلاد تضرب بجذورها في الحضارة والثقافة والحكمة، ينشأ الآن جيل من الأطفال حاملًا على أكتافه النحيلة أثقال آلام المجتمع التي تستّعصي على الوصف؛ حيث لم يُحرم هؤلاء الأطفال الذين نشأوا في ظل العقوبات، والتضخم، وانخفاض جودة التعليم، والاضطرابات الأسرية، من فرص النمو الطبيعية فقط، وإنما هم ضحية قرارات لم يكن لهم فيها دور. بحسّب ما استهل “محمد مهدي سید ناصري”؛ تقريره المنشور بصحيفة (مهد تمدن) الإيرانية.

اليوم يُصّارع أطفال “إيران”؛ أكثر من أي وقتٍ مضّى، تقاطع السياسة مع الحياة. والدبلوماسية إن كانت ذات يوم مسألة تخص النخبة ولا تحظى باهتمام الشعب، فإنها اليوم تؤثر بشكلٍ مباشر على سلة معيشة الأسرة، وجودة تغذية الأطفال، والوصول إلى تعليم جيد، والدواء، والأمن النفسي؛ بل ورؤى الأبناء المستقبلية.

في ضوء هذه الأوضاع، لا يمكن الحديث فقط عن السيّادة والمصالح الوطنية، دون إدراج حقوق الأطفال كمستَّفيدين أساسيين من المستقبل، وكمواطنين حاليين في المجتمع، ضمن النقاشات واتخاذ القرارات.

حقوق الطفل الإيراني والمفاوضات النووية..

والمفاوضات الأخيرة بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، من “عُمان” وحتى “روما”؛ ثم العودة مجددًا إلى “مسقط”، تنطوي ليس فقط من المنظور السياسي والاستراتيجية، وإنما من منظور منظومة حقوق الطفل على رسائل تاريخية.

وأي اتفاق لا يستطيع إنقاذ الأطفال من الفقر، والظلم التعليمي، وقلق الأمن، وانهيار الأسر النفسي، لا يستحق ادعاء النصر. والأجيال الحالية تتطلع إلى مستقبل يكون فيه: “الأمن” ليس مجرد حدود مغلقة، بل يعني طمأنينة نفسية، وفرصًا متساوية، وأملًا في غدٍ أفضل.

والمصالح العليا للطفل من الناحية القانونية، ليست مجرد شعار أخلاقي، وإنما مبدأ مُلزم في صناعة السياسات الداخلية والدولية، قد يُمثل تجاهلها تعدي واضح على حقوق الأجيال المستقبلية.

لن تصمت بعد اليوم أجيال (زد) و(ألفا) الفضوليين، وبخاصة جيل (ألفا) الذي ينمو بعقلية عالمية، في مواجهة القرارات الفوقية. هم يُريدون مستقبلًا لا يعني فيه “الأمن” الحدود المغلقة، وإنما الطمأنينة النفسية والفرص المتساوية والأمل في الغد.

سؤال المستقبل على طاولة المفاوضات..

والسؤال الكبير حاليًا: هل صانع السياسات الإيراني على استعداد للبقاء على طاولة المفاوضات واتخاذ قرار إنساني من أجل أبناء هذا الجيل ومستقبلهم ؟

أطفالنا اليوم، مرآة لمستقبل هذا البلد. والحقيقة أن مستقبل إيراننا العزيزة، لا يُرسم في حسابات القوى الجيوسياسية العالمية، بل في قلوب الأطفال الذين يعيشون اليوم في ضيق اقتصادي، وأزمات بيئية، وعدم مساواة تعليمية، وعدم استقرار نفسي.

وإذا كانت هذه الأزمات نتيجة استمرار سوء الإدارة والتسّويف، فإن الحل يكمن في العودة إلى العقلانية والحوار والدبلوماسية.

على طاولة المفاوضات، لا يُحلُّ مجرد قضية سياسية فحسّب، بل يُفتح طريقٌ لعودة الأمل إلى المجتمع، وعلاج الجروح الخفية في نفس الطفل، وإحياء الثقة العامة.

فإذا لم يكن بقدور الأب والأم الآن علاج ابنهما المريض، أو تخلف طالب عن التعليم، فالمسؤولية تقع على الهياكل التي جعلت الطفل خارج جدول أعمالها.

لا توجد تنمية، ولا عزة، وقوة دون اهتمام بكرامة الطفل الإنسانية، وتوفير حقهم في حياة جيدة. وحقوق الطفل ليست مجرد مذكرة دولية أو توصية أخلاقية، وإنما أساس الحكم الإنساني المستشرف للمستقبل. وكل سلطة حاكمة، من أجل الحفاظ على شرعيتها، مُلزمة بأن تكون مسؤولة أمام الأجيال القادمة.

والآن اقتربت لحظة تاريخية، لحظة لاتخاذ القرار، للسلام، للخروج من دائرة عدم الثقة المهلكة، حان الوقت للوصول إلى اتفاق إنساني، حكيم، ذكي وشجاع من أجل غد أطفال “إيران” الأعزاء.

ليس من أجل السلطة، بل من أجل الحياة ! ليس من أجل انتصار سياسي، بل لإنقاذ جيل لم يحظَ بعد بحق الاختيار، لكن له حق العيش.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة