“مهدي مظاهري” يرصد .. سياسات “الصين” في الخليج .. المصالح والمحركات !

“مهدي مظاهري” يرصد .. سياسات “الصين” في الخليج .. المصالح والمحركات !

خاص : ترجمة – د. محمد بناية :

مؤخرًا زار الرئيس الصيني؛ “المملكة العربية السعودية”، وأثار والمسؤولين السعوديين وأعضاء “مجلس التعاون الخليجي” بالبيانات المعادية لـ”الجمهورية الإيرانية”؛ والتي كانت سببًا في استثارة الغضب الشعبي في “إيران”، الكثير من الأفكار والتحليلات المختلفة بشأن دوافع التقارب الصيني مع الدول الخليجية؛ كما يقرر “محمد مهدي مظاهري”، في مقاله التحليلي المنشور على موقع (المركز الدولي لدراسات السلام) الإيراني.

لكن ما غاب في هذه الضجة “الإخبارية-التحليلية”، هو دراسة وتحليل المتغيرات والعوامل التي كانت سببًا في انجذاب هذا الغول الآسيوي العملاق إلى منطقة الخليج وتوقيع العديد من الاتفاقيات الإستراتيجية مع دول هذه المنطقة.

ومما لا شك فيه أن “الصين” من الدول التي كانت تمتلك علاقات تقليدية وقديمة مع منطقة الخليج، لاسيما بعد فترة السبعينيات واختيار سياسية الانفتاح، ووفق الإستراتيجية الجديدة؛ (الإصلاح والتقدم)، تعمل “الصين” على تطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع كل الدول، واتباع سياسة التعايش السلمي معها، ولذلك هي بصدد تطوير علاقاتها ووجودها في منطقة الخليج.

وخلال العقود الخمس الماضية، ساهمت الكثير من المتغيرات في انجذاب “الصين” إلى منطقة الخليج؛ نُشّير إلى بعضها فيما يلي:

الوصول الآمن إلى مصادر الطاقة..

تبنّت “جمهورية الصين الشعبية”؛ طوال فترة “الحرب الباردة”، رؤية إيديولوجية فيما يخص القضايا العالمية، لكن لعبت المصالح والبراغماتية في مرحلة ما بعد الحرب دورًا كبيرًا في السياسات الخارجية الصينية.

والواقع كانت “الصين” بحاجة أكبر إلى مصادر الطاقة الأحفورية؛ كـ”النفط والغاز”، بالتوازي مع التنمية الاقتصادية الاستثنائية والمُثّيرة للدهشة، وهذا هو السبب الرئيس في الوجود الصيني بمنطقة الخليج.

ولذلك سعت أوائل التسعينيات إلى التقرب مع الدول الخليجية: كـ”السعودية وقطر والإمارات وإيران”.

وبالنظر إلى انقسام دول الطاقة في الخليج إلى طيف متحالف مع “الولايات المتحدة”؛ كالدول العربية، وآخر معارض لـ”الولايات المتحدة”؛ كـ”إيران”، سّعت “الصين” إلى بناء حالة من الموازنة بين الأطراف المتنافسة بالمنطقة والتأكيد على المشاركة الإستراتيجية الشاملة مع هذه الأطراف.

الركوب المجانب على الأمن الأميركي بالخليج..

من المنظور “العسكري-الأمني”، تسّعى “الصين” قدر المسّتطاع إلى تثّبيت مكانتها بالمنطقة باعتبارها طرف رئيس، لكنها لا تُريد خلق أجواء أمنية والمواجهة مع النفوذ الأميركي بالمنطقة، وإنما هي تعتبر جهود الدول الغربية؛ وبخاصة “الولايات المتحدة”، لتوفير الأمن في هذه المنطقة بمثابة فرصة؛ بحيث تستطيع الاستفادة من هذه الأزمات المجانية في تطوير مكاسبها الاقتصادية.

الملاحظة الأخرى أن “بكين” لطالما سعت لتنأى بنفسها عن الدخول في صراعات هذه المنطقة والإلتزام بمعاهدات طويلة الأمد، وفي هذا الإطار تتبع “الصين” سياسة التعامل مع “الولايات المتحدة” في ظل الأطر العامة للموازنة بمنطقة الخليج.

وبعد تغيير الإدارة الأميركية اهتمامها عن منطقة غرب آسيا والتركيز في إستراتيجية الأمن القومي للعام 2021م؛ على الدور الروسي والصيني، تغيّرت نسبيًا سياسات “الصين” الأمنية تجاه دول الخليج.

وبالتالي سّعت إلى تطوير مكانتها العسكرية في هذه المنطقة وتعمل بشكلٍ سّري على بناء منشأة عسكرية في ميناء (خليفة) على مسافة: 50 ميلًا؛ شمال “أبوظبي”.

كذلك فإن بيع أسلحة عسكرية مثل طائرات (L-15)، إلى دول الخليج؛ وبخاصة “الإمارات”، من المؤشرات الأخرى على تغيّر إستراتيجية “الصين” في الخليج وتطوير نفوذها العسكري في هذه المنطقة.

التمدد باتجاه الجهات الفاعلة الخالية من المخاطر..

اهتمام “الصين” بالقضايا الاقتصادية من الأسباب التي حالت دون إلتزام هذا البلد لإقامة علاقات مع دولة أو دول خاصة، وإنما توطيد العلاقات مع أي طرف يستطيع تأمين مصالحها على نحوٍ أفضل.

في غضون ذلك، قادت خصوصية منطقة الخليج السياسية، وانقسام دول هذه المنطقة، إلى عدم الدخول في الخلافات السياسية والموازنة بين الأطراف المتنافسة بتأمين الحد الأقصى من المصالح والمكاسب.

وفي هذا الصّدد فقد سّاعدت سياسات الموازنة بين “إيران” ودول الخليج، على تقوية وجودها ونفوذها بالخليج دون استثارة حساسية دول هذه المنطقة، والتركيز في التعاملات مع مختلف دول المنطقة على المصالح المشتركة الاقتصادية بالأسّاس، بالإضافة إلى التعاون الإستراتيجي الشامل مع كل الدول.

وفي إطار سياسات الموازنة، ضاعفت “الصين” في السنوات الأخيرة من تعاملاتها مع “الجمهورية الإيرانية”، وتعميق العلاقات الثنائية بالتوقيع على اتفاقية التعاون لمدة (25 عامًا).

ورغم “العقوبات الأميركية” تشتري “الصين” جزء كبير من “النفط الإيراني”، وتدعم نسّبيًا موقف “طهران” في المفاوضات النووية.

من جهة أخرى ضاعفت “الصين” من تعاونها الاقتصادي مع الأطراف المنافسة لـ”الجمهورية الإيرانية” في الخليج.

وفي هذا الصدد؛ يمكن تفسير اهتمام “الصين” بتطوير العلاقات الاقتصادية مع “السعودية والإمارات والبحرين وقطر وعُمان”؛ وبخاصة في مجال البنية التحتية، والاتصالات، والطاقة وكلها مجالات حيوية بالنسبة لمشروع “الحزام والطريق” الصيني.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة