24 نوفمبر، 2024 2:12 م
Search
Close this search box.

مهاجمة المالكي وإيران تحول مرشحين إلى نجمي تلفزيون

مهاجمة المالكي وإيران تحول مرشحين إلى نجمي تلفزيون

يضع مثال الآلوسي وفائق الشيخ علي، القياديان في “التحالف المدني الديمقراطي”، نفسيهما في صورة نمطية في انتخابات شرسة، يأملان أن تقودهما نحو مقاعد البرلمان في 30 من نيسان القادم.
وبعد سنوات من “الاختفاء”، عاد كل منهما إلى المشهد الانتخابي، من دون أسلحة، سوى الإفراط في ما يصفانه بـ “تعرية الخصوم” الإسلاميين، تحت لافتة “مدنية”.
 
بيئتان متناقضتان
وجاء المرشحان من بيئتين سياسيتين متناقضتين، فالآلوسي يحسب نفسه على الليبراليين، وقد تمكن إلى حد ما من تجاوز الهوية السنية، ولو أن الثمن كان مقتل أبناء له من قبل مسلحي تنظيم القاعدة.
فيما كان الشيخ علي، أحد المتمردين على السلطة الدينية في مدينة النجف، وكان أيام المعارضة السياسية لصدام حسين، “اللسان الحاد” ضد نظام حزب البعث.
أخيراً، اجتمعا سوية على معارضة نوري المالكي، زعيم حزب الدعوة الإسلامية. وفي المقابل، وبينما تركزت حملتهما الانتخابية على تقريع السلطة، لم يكن ثمة متسع من الوقت لبرنامج سياسي واضح، بشأن ما تريد كتلتهما “المدنية” فعله.
وطوال سنوات كان الليبراليون يوجهون انتقادات لاذعة للقوى الإسلامية النافذة، بان برامجها السياسية غير واضحة، كما أنها، من وجهة نظرهم، تقوم بالدرجة الأساس على تحفيز العصبيات الدينية، للسنة والشيعة على حدٍ سواء.
ومنذ انتخابات العام 2005، كان الشيوعيون، وقوى ليبرالية، وحلفاء صغار، من القوى المعتدلة، يعرضون بطرق تقليدية، المضمون السياسي والاقتصادي والأمني، لبرامجهم الانتخابية.
ووجدت الطريقة “غير التقليدية” نجاحاً ساحقاً، حين تمكن محفزو العصبية الطائفية من حصد أصوات ناخبين مكنتهم من الحصول على غالبية مقاعد البرلمان.
وسرعان ما تعلم المرشحان المدنيان، الألوسي والشيخ علي، كيف يمكن لنمطهما التقليدي “الناعم”، أن يعمق الخسائر الانتخابية.
 
عودة بعد اختفاء
عاد فائق الشيخ علي، قبل عامين، إلى بغداد، على نحو تدريجي، وكان قبلها يحرص على “ظهور منظم” في البرامج الحوارية السياسية.
والشيخ علي، زعيم حزب الشعب، الذي يقول ان من بين أهدافه مكافحة الطائفية والفساد، والتصدي لاستغلال الدين في السلطة.
وكانت العادة أن يجده متابعو قناة البغدادية، في برنامج للإعلامي عبد الحميد الصائح، يُبث من لندن، ويخصص لنقد ظواهر سياسية عراقية.
تدريجياً، كثف الشيخ علي شبكة الاتصال مع صحفيين عراقيين، في بغداد، وصار نجماً لكل مادة مرئية تحاول كسب الجمهور، عبر “نمط سائد” من النقد.
وظهر هذا النقد، المدني، على أنه الوجه الآخر لوسائل القوى الإسلامية، التي حققت نتائج مرضية، طيلة السنوات الماضية.
وعرف فائق الشيخ علي بوصفه خبيراً بكواليس الإسلاميين العراقيين، وطرح في الأثير الفضائي، قصصاً عن كواليس شخصيات سياسية شيعية بارزة.
وسرعان ما تهافت عليه صحفيون عراقيون، لكسب دقائق بث “مثيرة”.
مع مرور الوقت، دخل الشيخ علي، السجن، حيث لم يعد يتوقع أحدٌ أنه، هذه المرة، لن يأتي بنقده على المرجعيات الدينية الشيعية، ونوري المالكي، إلى جانب إيران.
ومثلما حرص على مهاجمة زعيم حزب الدعوة، أظهر تعاطفاً مع مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري في العراق.
ويعتمد المرشح المدني، المنحدر من مدينة النجف، في هذا النمط من النقد على تحريك المياه الراكدة في الوسط الديني الشيعي، وكسر “التابو” في منطقة ملغمة.
ويحتاج المدنيون العراقيون إلى طرح أفكارهم بشأن سطوة “الديني” على ما هو سياسي في المعايير التي تشكل خيارات الناخبين، لكن يبدو ان الطرق التي لجأوا إليها، كما يطرحها الشيخ علي، تحصل على نتائج عكسية، فالجمهور الديني في العراق، غالباً، ما يلتف حول أفكاره المركزية، ومعتقداته، والمرجعيات التي تمثلها، كلما تعرضت إلى هجوم.
في نهاية المطاف، يقدم الشيخ علي خدمة إعلانية كبيرة لخصومه الإسلاميين، وعملياً سيكون هو أحد نقاط قوة الحملة الانتخابية للقوى الإسلامية في العراق.
 
مثال الآلوسي
الأمر ليس متشابهاً، إلى هذا الحد، بالنسبة لمثال الآلوسي.
في جلسة جمعت الآلوسي بصحفيين عراقيين، قبل نحو ثلاثة أشهر، كان من الواضح أن حملته الانتخابية ستختزل بالمالكي.
ولاحقاً، لم يوفر النائب السابق، أي جهد لنقد منهجه السياسي، وطريقة إدارته السلطة.
وهاجم الآلوسي “طائفية رئيس الحكومة”، وإخفاقه في تسوية ملف السنة الغاضبين من “نهج الإقصاء” الذي مارسته بغداد ضدهم.
وقد يبدو الآلوسي محظوظاً بأن اتهامه بالطائفية، بوصفه سنياً، سيكون أمراً صعباً، نظراً للخسائر التي كبدها إياه متشددون سنة.
وتعرض الآلوسي، وهو زعيم حزب الأمة العراقية، لمحاولة اغتيال، في 19 شباط (فبراير) 2005، عندما أطلق مسلحون النار على سيارته، فقتلوا ولديه، أيمن (29 سنة)، وجمال (24 سنة)، وحارسه الشخصي. وبعد نحو سنتين، أثيرت قضية مقتل نجليه، عبر اتهام أسعد الهاشمي، وزير الثقافة في حكومة نوري المالكي. وأسعد الهاشمي، قيادي في ما كان يعرف بجهة التوافق السنية.
ولمثال الآلوسي، جمهور خاص، يمثل معتدلين سنة وشيعة، لكنه لا يشكل رقماً صعباً في المعادلة العراقية، نظراً لحدة الانقسام الطائفي بين المكونات.
وقد عرفت التجارب الانتخابية، ووفقاً للقوى التصويتية الفائزة، خسارة أولئك السياسيين الذين يقفون في المنتصف.
لكن، الآلوسي اخفق أخيراً، ليس في الحفاظ على موقعه، بل في الخروج من الصورة النمطية للمرشحين المدنيين، وصار ظهوره الانتخابي، يعني بالضرورة الاقتران بنوري المالكي، وإيران، والفريق السياسي الموالي لها في العراق.
ويشاطر الآلوسي، زميله في التحالف المدني، فائق الشيخ علي، في استثناء الصدر من حملتهما الانتخابية.
المرشحان المدنيان، كانا على قدر معقول من الفرص السياسية التي تؤهلهما لإقناع الجمهور بالبرنامج السياسي، لكنهما انخرطا في نمط إعلاني صاخب، صنع الكثير من الدعاية المضادة، ولم يتح الفرصة ليتعرف الجمهور على هويتهما كنائبين محتملين في البرلمان المقبل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة