من يملكها يُدير العالم .. الشركة التايوانية التي تستعد “واشنطن” لإحراق العالم في سبيل الاستيلاء عليها !

من يملكها يُدير العالم .. الشركة التايوانية التي تستعد “واشنطن” لإحراق العالم في سبيل الاستيلاء عليها !

وكالات – كتابات :

“شركة مغمورة تُدير العالم”.. قد لا يعرف أغلبنا أن شركة شبه مجهولة تحتل مساحة لا تزيد عن بضعة ملاعب لكرة القدم؛ قادرة على وقف مظاهر الحياة الحديثة، إنها شركة (TSMC)؛ التي تقود صناعة أشباه الموصلات التايوانية، التي تحولت ريادتها إلى لعنة جعلتها في موقف لا تُحسد عليه، ولكن كيف بنت “تايوان” هذه الصناعة العملاقة.. وكيف أخرجت اللاعبين الأميركيين الذين اخترعوا هذه التقنية من الساحة ؟

وتوصف “تايوان” بأنها: “سعودية التكنولوجيا”، حيث يمكن أن تؤدي أي أزمة فيها إلى توقف العالم وعودته للعصور البدائية؛ بسبب اعتماده على صناعة أشباه الموصلات التايوانية.

وأشباه الموصلات أو ما يُسمى: “الرقائق”، هي المواد التي تقع في المنتصف فيما يتعلق بقدرتها على توصيل الكهرباء بين المواد الجيدة التوصيل والعوازل، وهي مواد لا غنى عنها لجميع المنتجات الإلكترونية تقريبًا في حياتنا اليومية. فهي ليست حيوية للأجهزة الإلكترونية المحلية اليومية فحسب، بل هي أيضًا عنصر أساس في منتجات الأمن القومي، مثل الطائرات المقاتلة والأقمار الصناعية، وباتت توصف هذه الصناعة بأنها نفط العصر الحديث.

يمكن توضيح الأهمية الجيوسياسية لأشباه الموصلات بشكلٍ أفضل من خلال ما قاله “Martijn Rasser”، الزميل في “مركز الأمن الأميركي الجديد”: “كل من يتحكم في تصميم وإنتاج هذه الرقائق الدقيقة، سوف يُحدد مسار القرن الحادي والعشرين”.

وتحتكر “تايوان” تقريبًا هذا المُنتج المرتبط بالأمن والاقتصاد، فهي تُنتج: 63% من حصة سوق أشباه الموصلات العالمية، حيث بلغت قيمة إنتاجها في عام 2020؛ 107.53 مليار دولار أميركي.

و”شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات”؛ (TSMC)، هي واحدة من أكثر الشركات المُصّنعة لشرائح الكمبيوتر تأثيرًا في العالم، حيث تمتلك (TSMC) حصة كبيرة من تصنيع الرقائق العالمية لدرجة أنها غالبًا يصفها المراقبون بأنها الشركة التي تُدير العالم.

فهي تُصّنع الرقائق المستخدمة في المنتجات اليومية من أجهزة الكمبيوتر المحمولة والمكتبية إلى أجهزة التلفزيون وأجهزة التحكم عن بُعد، حتى إلكترونيات السيارات والطائرات، حيث يحتوي كل مُنتج حديث تقريبًا على شريحة إلكترونية بداخله.

وتستحوذ (TSMC) على: 54% من الحصة السوقية العالمية لأشباه الموصلات، ولكن عندما يتعلق الأمر بمعظم الرقائق المتقدمة، فإن (TSMC) مسؤولة عن: 92% من الإنتاج؛ بينما (سامسونغ) الكوريا الجنوبية مسؤولة عن: الـ 8% الباقية، وفقًا لبيانات (Capital Economics).

إلى جانب شركة (Samsung) الكورية، تُعد (TSMC) واحدة من شركتين فقط تُنتجان شرائح 05 نانومتر الدقيقة الأكثر دقة وتطورًا.

وتقوم (TSMC) ببناء مصنع لتصنيع شرائح 03 نانومتر؛ التي ستتكون أسرع بنسبة تصل إلى: 70% وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة؛ وسيتم استخدامها في الأجهزة المختلفة من الهواتف الذكية إلى أجهزة الكمبيوتر العملاقة.

وتوجد شركات مثل: (Apple) و(Microsoft) و(Asus) و(Yamaha) و(Panasonic)؛ وتقريبًا كل شركات التقنية في العالم على قائمة عملاء (TSMC)، حسبما ورد في تقرير لموقع (History Computer).

“تايوان” أصبحت ذات أهمية بالغة للصين وأميركا على السواء..

ظلت “تايوان” لعقود من الزمان نقطة إشتعال إستراتيجية بين “الصين” و”الولايات المتحدة”، لقد استند دعم “الولايات المتحدة”؛ لـ”تايوان”، تاريخيًا إلى معارضة “واشنطن” للحكم الشيوعي في “بكين”، الذي يسعى لضم “تايوان” باعتبارها كانت جزءًا من البلاد، حتى عام 1949، عندما هزم “الحزب الشيوعي”؛ “حزب الكومنتناتغ”، الذي كان يحكم “الصين” ففر الأخير إلى “تايوان” ومعه جزء كبير من الجيش والنخبة الاقتصادية والإدارية ليؤسس ما يُعرف بجمهورية الصين الوطنية في “تايوان”، والتي اعتبرت نفسها لمجمل الصين، واحتلت مقعد “الصين” الدائم في “مجلس الأمن”؛ قبل أن تحل محلها “جمهورية الصين الشعبية”؛ في عام 1971، ثم اعترفت “أميركا”؛ بـ”الصين الشعبية”، في عام 1979.

وتُعتبر شركتا (TSMC) وUnited Microelectronics Corporation (UMC) التايونيتان هما أكبر شركتين لتصنيع الرقائق في العالم، فيما تُعد شركة (MediaTek) التايوانية رابع أكبر شركة لأشباه الموصلات على مستوى العالم.

لا يمتلك العملاء الرئيسيون لشركة (TSMC)، مثل شركات “الصين” و”الولايات المتحدة”، القدرة على إنتاج أشباه الموصلات المتقدمة التي يحتاجون إليها. ونتيجة لذلك، أصبحت “تايوان” حلقة وصل لا غنى عنها في الإنتاج العالمي لأشباه الموصلات، وبالتالي أصبح استمرار “تايوان”؛ ككيان مستقل عن “الصين”، مصلحة جيوسياسية حيوية لـ”الولايات المتحدة”.

يعتمد ما يصل إلى: 90% من أشباه الموصلات، التي تستخدمها الشركات التكنولوجية الأميركية – بما في ذلك: (Apple) و(Nvidia) و(Qualcomm) – على التصنيع التايواني. وفقًا لتقديرات “جمعية صناعة أشباه الموصلات الأميركية”، فإن حدوث خلل كامل في سلسلة توريد أشباه الموصلات العالمية من شأنه أن يتسبب في خسارة سنوية قدرها: 490 مليار دولار أميركي في الإيرادات لمنتجي الأجهزة الإلكترونية العالميين في جميع أنحاء العالم.

في عام 2020، تضررت صناعة أشباه الموصلات في “تايوان” جراء جائحة (كورونا)، وأدى النقص العالمي في الرقائق إلى أزمة كبيرة في سلاسل التوريد، أظهرت أهمية دور “تايوان” وشركة (TSMC)، وقرعت أجراس إنذار لدى “الصين” و”الولايات المتحدة”؛ على السواء، بشأن خطورة هذا الاعتماد الكبير على “تايوان” في هذا القطاع الحساس، حيث إن تركيز إنتاج الرقائق في “تايوان” يمكن أن يتعطل بسبب الزلازل والجفاف وأي تهديد عسكري محتمل عبر “مضيق تايوان”، مما يُشكل خطرًا على الاقتصاد العالمي.

قال “مارك ويليامز”، كبير الاقتصاديين في “آسيا”؛ في شركة الاستشارات (كابيتال إيكونوميكس)، إن مشاكل صناعة السيارات أظهرت كيف أصبحت أشباه الموصلات مُدخلاً أساسيًا في المنتجات حتى غير الإلكترونية، وكذلك مدى اعتماد العالم على “تايوان” لإنتاجها، حسبما نقلت عنه (الغارديان) البريطانية.

“أميركا” و”الصين” تفشلان في اللحاق بالجزيرة..

ما زالت “بكين” متأخرة عن صناعة أشباه الموصلات التايوانية بشكلٍ كبير، وحتى “الولايات المتحدة”؛ التي اخترعت هذه الصناعة، متأخرة عن “تايوان” وبطبيعة الحال “أوروبا وروسيا”.

وتسعى القوتان العظميان، “الولايات المتحدة” و”الصين”، يائستين للحاق بركب بطل التكنولوجيا الفائقة في “تايوان” أي شركة (TSMC)، فيما يعتقد أن (TSMC) تدرس توسيع خططها الحالية لضخ مليارات الدولارات في مصانع في ولاية “آريزونا” الأميركية.

لم تنجح الشركات الصينية في محاولتها لمضاهاة براعة (TSMC) التصنيعية، لكن “الولايات المتحدة” نالت نصيبها في هذه المعاناة، حيث انسحبت شركة (GlobalFoundries)، المنافس الأميركي الوحيد المتبقي لشركة (TSMC)، من السباق لتطوير قدرة إنتاج رائدة؛ في عام 2018.

كما استعانت شركة (Intel) الأميركية الشهيرة بمصادر خارجية لإنتاج بعض المعالجات؛ وضغط (البنتاغون) بهدوء على “الولايات المتحدة”، لزيادة الاستثمار في صناعة الرقائق المتقدمة، حتى لا تعتمد أسلحة “أميركا” على الشركات المُصّنعة الأجنبية.

يقول تقرير مراجعة سلسلة التوريد لمدة: 100 يوم لإدارة “بايدن”: “تعتمد الولايات المتحدة بشكلٍ كبير على شركة واحدة – (TSMC) – لإنتاج رقائقها الرائدة”. إن حقيقة أن شركة (TSMC) و(Samsung)؛ (كوريا الجنوبية)، هي الوحيدة القادرة على صنع أشباه الموصلات الأكثر تقدمًا (بحجم خمسة نانومتر): “تعرض للخطر القدرة على توفير الأمن القومي الأميركي الحالي والمستقبلي واحتياجات البنية التحتية الحيوية”.

ومنعت “الولايات المتحدة”؛ الشركات التي تستخدم المعدات الأميركية أو الملكية الفكرية الأميركية من تصدير المنتجات إلى العديد من الشركات الصينية التي خضعت لـ”عقوبات أميركية”. وأجبر هذا شركات صناعة أشباه الموصلات التايوانية على التوقف عن التعامل مع كبار العملاء الصينيين مثل (Huawei).

“الصين” أيضًا في حاجة ماسة إلى زيادة قدرتها على صنع أكثر الرقائق تطورًا، لكنها، وفقًا لشركة (Capital)، فشلت في تقليل اعتمادها على المنتجين في الخارج مثل (TSMC). في الواقع، يُقال إن (TSMC) تدرس مشاريع في “الصين” تبلغ قيمتها المليارات – بما في ذلك منشأة جديدة في “نانجينغ”.

في عام 2018، قامت الشركات الصينية مثل: (Huawei) بتخزين الرقائق؛ ردًا على تهديدات ضوابط التصدير الأميركية، مما أدى إلى تفاقم النقص. ولم تُساعد عقوبات عهد “ترامب” على شركة (SIMC) الرائدة في صناعة الرقائق في “الصين”.

وتُعد صناعة أشباه الموصلات التايوانية واحدة من أهم أهداف نشاط الاستخبارات الصيني في الخارج.

وهذا يعني أن هدف “الصين” بعيد المدى لإعادة التوحيد مع “تايوان” أصبح الآن أكثر تهديدًا لمصالح “الولايات المتحدة”.

“أميركا” تُجبر “TSMC” على افتتاح مصنع للرقائق على أراضيها..

لهذه الأسباب؛ تُحاول “الولايات المتحدة” جذب (TSMC)؛ إلى “واشنطن”، لزيادة قدرة إنتاج الرقائق المحلية. في عام 2021، وبدعم من إدارة “بايدن”، اشترت الشركة موقعًا في ولاية “آريزونا” لبناء مسبك أميركي. ومن المُقرر أن يكتمل هذا في عام 2024.

أقر “الكونغرس” الأميركي للتو “قانون الرقائق والعلوم”، الذي يوفر: 52 مليار دولار أميركي كدعم لتصنيع أشباه الموصلات في “الولايات المتحدة”. لكن الشركات لن تتلقى تمويلاً أميركيًا وفقًا لهذا القانون إلا إذا وافقت على عدم تصنيع أشباه موصلات متقدمة للشركات الصينية.

هذا يعني أن شركة (TSMC) وآخرين قد يضطرون إلى الاختيار بين ممارسة الأعمال التجارية في “الصين” و”الولايات المتحدة”؛ لأن تكلفة التصنيع في “الولايات المتحدة” تُعتبر مرتفعة للغاية بدون دعم حكومي، حسبما ورد في تقرير لموقع (the Conversation) الأسترالي.

نشأة صناعة أشباه الموصلات التايوانية وكيف سيطرت على السوق ؟

بدأت صناعة أشباه الموصلات التايوانية؛ في عام 1974. وفي عام 1976؛ أقنعت الحكومة شركة (RCA) الأميركية الرائدة بنقل تكنولوجيا أشباه الموصلات إلى “تايوان”.

في عام 1985، تم تعيين “موريس تشانغ”؛ المهندس التايواني، الذي كان يعيش بـ”الولايات المتحدة” لتطوير صناعة أشباه الموصلات من قبل الحكومة التايوانية. في عام 1986، أطلق “موريس تشانغ” إنشاء ما أصبح فيما بعد أول مصنع لتصنيع أشباه الموصلات التابع لشركة (TSMC).

بحلول عام 1987، أصبح مركز تصنيع الرقائق في (Hsinchu)، بـ”تايوان”، أول موقع رسمي لشركة (TSMC).

في غضون عام واحد فقط، لفت مصنع التصنيع انتباه المستثمرين متعددي الجنسيات. شكلت حكومة “تايوان” شركة (Taiwan Semiconductor Manufacturing Company) كمشروع مشترك مع شركة (Philips) الهولندية ومستثمرين آخرين من القطاع الخاص.

في عام 1987، كانت (TSMC) رائدة في نموذج المسبك الخالي من “الفابليس”، مما أعاد تشكيل صناعة أشباه الموصلات العالمية.

بحلول عام 1992، تم تصنيف (TSMC) كأفضل مسبك للسيليكون في العالم. وظفت الشركة: 250 مهندس عمليات وقادت الطريق في تكنولوجيا العمليات المتطورة.

في عام 2007، تفوقت صناعة أشباه الموصلات التايوانية على “الولايات المتحدة”، وأصبحت في المرتبة الثانية بعد “اليابان”.

وصل إنتاج القطاع إلى: 39 مليار دولار أميركي في عام 2009، ليحتل المرتبة الأولى في حصة السوق العالمية في تصنيع وتغليف واختبار الـ (IC).

خلال السنوات الأولى من تصنيع الرقائق الدقيقة، قامت (TSMC) بتزويد جميع منافسي مكونات الكمبيوتر في السوق من (AMD) و(NVIDIA) إلى (IBM) و(Intel). قام “تشانغ” بتوجيه الشركة لبيع الرقائق الأولى بمعدل أعلى لزيادة الثقة في جودة منتجاتها وتحقيق أرباح مبكرة لنمو الشركة بشكل أسرع. أثبت هذا التكتيك أنه حكيم؛ لأن الأرباح المتزايدة سمحت لشركة (TSMC) بتعزيز عملية تصنيع الرقائق؛ لدرجة أن أي شركة جديدة ستحتاج إلى ميزانية قدرها: 100 مليار دولار لمحاولة منافستها.

أدى النجاح المذهل في مبيعات الشركة إلى توزيع أرباح على الموظفين تُقدر قيمتها بأكثر من: 100000 دولار لكل منهم.

منعت قيمة الأسهم وقوة المنتج والسمعة المهنية شركة (TSMC) من رؤية خسارة فادحة في سوق الأوراق المالية والنمو في حصتها في السوق.

في الفترة بين عامي: 2020 – 2021 باتت (TSMC) عملاقًا هادئًا في صناعة التكنولوجيا، حيث احتلت مكانة قوية في البورصة وأغلبية الحصة السوقية لأشباه الموصلات. مع معدل الإنتاج الإضافي للشركات التابعة لها ومعايير الجودة في عمليات الشركة، فإن (TSMC) أصبحت قوة يكاد يكون من المستحيل مواجهتها، لم يتضح هذا في أي وقت آخر أكثر مما ظهر خلال جائحة عام 2020.

لماذا تسببت الجائحة في أزمة الرقائق التي نُعاني منها اليوم ؟

نتيجة ضغوط الحكومة التايوانية في طريقة التعامل مع جائحة (كورونا)، فقد اضطرت العديد من شركات صناعة أشباه الموصلات إلى خفض الإنتاج، يُغطي إنتاج شركة (TSMC) حوالي: 90% من سوق أشباه الموصلات في بعض القطاعات، أدى تراجع إنتاجها إلى تأثير كبير على تصنيع الإلكترونيات الاستهلاكية، حيث عانت شركات مثل: (AMD)، و(Nvidia)، و(Apple)، و(Sony)، و(Microsoft)، وعدد كبير من شركات التكنولوجيا التي تعتمد على إمدادات الرقائق الدقيقة، من خفض الإنتاج، وكذلك شركات السيارات.

لم يُعرض النقص في الرقائق (TSMC) لخطر مالي لأنها بلا منافس موازٍ في قدراتها، لقد أظهرت الشركة الآن للعالم أهميتها وقيمتها، إذا كان هناك أي شيء، فمن المؤكد أن (TSMC) ستشهد ارتفاعًا في قيمة الأسهم مع استمرار العالم في التعافي.

لماذا خرجت الشركات المنافسة من السوق ؟

ازدهرت صناعة أشباه الموصلات في “تايوان” بفضل عقود من الدعم الحكومي وتصميم السياسات المتعمدة لدعم هذه الصناعة والإدارة الفعالة لسلسلة التوريد وريادة الأعمال في القطاع الخاص، مع الاهتمام بالبحث العلمي والتدريب.

ومن الأمور التي أفادت صناعة أشباه الموصلات التايوانية، هو التواجد في نفس الموقع الجغرافي للعملاء والموردين الرئيسيين. “هذا يجعل إدارة سلسلة التوريد أكثر كفاءة”.

فأحد الأسباب الرئيسة التي تجعل شركة (TSMC) فعالة وأعمالها مربحة للغاية هو تركيزها التصنيعي في “تايوان”، وفقًا للمحللين، حيث تقول “نينا كاو”؛ المتحدثة باسم (TSMC): “المواقع الرئيسة لشركة (TSMC) في تايوان قريبة بما يكفي؛ بحيث يمكن للشركة تعبئة مهندسينا بمرونة لدعم بعضهم البعض عند الضرورة”.

منذ عشرين عامًا، كان هناك: 20 مسبكًا لصناعة أشباه الموصلات، والآن توجد أكثر مرافق هذه الصناعة تطورًا في حرم جامعي واحد في “تايوان”، حيث أخذ صانعو الرقائق الآخرون؛ (على رأسهم الأميركيون)، على مر السنين في التركيز على التصميم وترك الإنتاج إلى مسابك مخصصة مثل (TSMC).

وكلما زادت تكلفة وحدات التصنيع الجديدة، زاد عدد صانعي الرقائق الآخرين الذين بدأوا في الاستعانة بمصادر خارجية واكتفوا بعملية التصميم، والنتيجة انسحب عدد أكبر من منافسي (TSMC) في سوق المسابك، حسبما ورد في تقرير لصحيفة (فايننشيال تايمز) البريطانية.

يمكن القول إن (TSMC) وغيرها من الشركات التايوانية، عقدت صفقة مع الشركات الأميركية، اتركوا لنا العمل المرهق وهو تصنيع رقائق أصغر حجمًا، وتولوا أنتم العمل المُربح وهو تصميم الرقائق، وسقطت الشركات الأميركية في هذا الفخ.

جعلت التكلفة الباهظة لهذه الصناعة من الصعب على الشركات الأخرى الاستمرار في لعبة تصنيع الرقائق المتقدمة.

ولكن تراجع شركة أميركية عملاقة مثل: (Intel)، ليس بسبب المال وحده، ولكن لأسباب تقنية، فلقد أصبح تقليص حجم “الترانزستورات”، لحشر المزيد من المكونات في شريحة واحدة، إنجازًا هندسيًا صعبًا، حسبما ورد في تقرير صحيفة (فايننشيال تايمز).

حجم “الترانزستور” 03 نانومتر هو فقط: 1/20.000 من شعرة الإنسان. تأتي التعديلات على الآلات والمواد الكيميائية اللازمة لتحقيق ذلك بسهولة أكبر بالنسبة لصناعة أشباه الموصلات التايوانية مع التركيز على تقنية التصنيع هذه، والمجموعة الواسعة من التطبيقات التي طورتها شركة (TSMC).

والآن، يوجد في “تايوان” عدد كبير من العمال ذوي المهارات العالية والمتخصصين من ذوي الخبرة في صناعة تصنيع أشباه الموصلات – وغالبًا ما يعملون لساعات طويلة.

هل تستطيع “أميركا” توفير نفس الظروف للشركة ؟

في المقابل؛ بالكاد من الممكن في “الولايات المتحدة” توظيف قوة عاملة مؤهلة وذات خبرة بنفس التكلفة؛ كما هو الحال في “تايوان”. في الوقت الحاضر، تُمثل “الولايات المتحدة”: 12% فقط من إنتاج الرقائق العالمي.

لتشغيل المصانع في “الولايات المتحدة”، تحتاج (TSMC) إلى نقل كبار المهندسين التايوانيين إلى هناك، وكذلك نقل سلسلة تصنيع (IC) إلى “الولايات المتحدة”، مع تحمل مخاطر تسريب التكنولوجيا المتقدمة لمنافسي (TSMC).

يُقدر شخص مقرب من شركة (TSMC) أن تكاليف الإنتاج في “الولايات المتحدة” أعلى بنسبة: 8 إلى 10% منها في “تايوان”.

الشركة التايوانية عليها الاختيار بين “أميركا” أو “الصين”..

بصرف النظر عن المخاوف الاقتصادية، لم يُعد بإمكان (TSMC) الاحتفاظ بموقف محايد؛ كما كان في السابق، وسط حرب التكنولوجيا بين “الولايات المتحدة” و”الصين”.

في ظل الرقابة على الصادرات الأميركية للحد من وصول “بكين” إلى تكنولوجيا أشباه الموصلات، فإن إنشاء المصانع في “الولايات المتحدة” يعني أن شركة (TSMC) ستحتاج إلى وقف تصديرها إلى “الصين”، مما يؤدي إلى خسارة: 20% من الإيرادات السنوية لشركة (TSMC).

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة