19 أبريل، 2024 2:51 م
Search
Close this search box.

من يدفع “فاتورة” هدر النفط العراقي؟.. سؤال أزلي

Facebook
Twitter
LinkedIn

من نصدق.. معلومات أجهزة الأمن الوطني أم وزارة النفط العراقية؟.. فجهاز الأمن الوطني كشف إحدى أكبر عمليات الفساد والسرقة التي تستهدف قوت العراقيين وتمس 98 % من إنتاج العراق من النفط الذي يدعم الموازنة المالية، بينما تنفى الجهة المسؤولة عن إنتاج النفط أي إهدار أو إنتاج غير مقيد بالدفاتر في البصرة.

بدأ دخان الفضيحة يتصاعد مع ما ذكره النائب في كتلة التحالف الوطنيّ الحاكم “صادق المحنا”، في الخامس عشر من كانون ثان/يناير 2017، من وجود عمليات “سرقة” في عدادات النفط بمحافظة البصرة تتراوح ما بين 100 – 300 ألف برميل يومياً، مبيناً أن قيمتها تقدر بنحو 20 مليون دولار يومياً و600 مليون دولار شهرياً، وإذا حسبناها بالعام قدرت بـ7 مليار و200 مليون دولار.. ميزانية دول كبيرة بالكامل تخرج دون حساب وتوضع في جيوب مجهولة، رئيس الوزراء “حيدر العبادي” بدوره طالب وهيئة النزاهة بمتابعة القضية والحفاظ على الثروات العراقية التي “تسرق دون رقيب” على حد قولهم.

“المحنا”، الذي ينتمي إلى كتلة العبادي سياسياً، تابع معلوماته الخطيرة بقوله إن الباخرات التي تخرج من الميناء تكون محملة بضعف حمولتها المسجلة، فأين يذهب دخل غير المسجل من ملايين براميل النفط؟

إجابات عائمة
يؤكد النائب في كتلة التحالف الوطني أن هناك مشروع لنصب عدادات منذ عام 2008 لكن حصل فيها تلكؤ، وأنه تم تقديم إستفسار وسؤال إلى وزير النفط حول هذه القضية فجاءت الإجابة بأن الموضوع صحيح لكن تم معالجته، لافتاً إلى أنه بمتابعة هذه القضية الخطيرة من جانبه لم يجد أية أدلة أو ملفات تثبت معالجة الموضوع من قبل الوزارة!

من حق العراقيين مع هذه المعلومات أن يتعجبوا، فكيف للحكومة أن تبحث عن قروض بمليارات، بينما يُسرق سنوياً من نفط العراق أكثر من سبعة مليارات دولار؟

وبعد 10 أيام كاملة من هذا الإتهام الخطيرة، ردت وزارة النفط العراقية ببيان يقول إن العراق يعتمد أدق المعايير الدوليّة في تصدير النفط العراقيّ عبر موانئ التصدير، وتشرف على هذه العمليّة جهات رقابيّة محليّة ودوليّة!

وأكّدت أنها تعتمد على منظومة عدّادات إلكترونيّة حديثة معايرة، وفقاً للمعايير العالميّة ذات شهادات نافذة ومصدق عليها من قبل الشركة الفاحصة العالميّة “Intertek” التي تشرف على عمليّات التحميل وتدقيق الكميّات المصدّرة عبر العدّادات والمصدق عليها، لكن الوزارة لم تقدم أي دليل ملموس على الأرض غير كلمات في بيان.

تواطوء المالكي
يقول نواب بالبرلمان العراقي إن جهاز الأمن الوطنيّ وجّه كتاباً إلى وزارة النفط أكّد فيه أنّ 100 – 300 ألف برميل يوميّاً تهرّب من نفط البصرة. كما أنّ الإجتماعات الدوريّة التي تعقدها وزارة النفط والفاحص العالميّ أكّدت وجود هذا الهدر الكبير.

كما تؤكد تقارير وجود شبهة تواطؤ من رئيس وزراء العراق السابق “نوري المالكي”، فعندما أثير هذا الأمر في عهده شكّل لجنة للتّحقيق في عمليّة هدر النفط في البصرة، لكنّها لم تخرج بنتيجة، لأنّه شكّلها من قبل المستفيدين من تهريب النفط، الذين بدورهم أخفوا المعلومات لصالح المليارات التي يتقاسمونها.

فروق كبيرة
“المحنا” الذي فجر القضية في وجه الحكومة، أشار إلى أنّ “إحدى الشركات الأجنبيّة التي كانت تعمل في العراق سابقاً أكّدت وجود فروق كبيرة عند نقل النفط الخام إلى الناقلات تصل إلى 50 في المئة”، لافتاً إلى أنّ “الشركة انسحبت بعد إطّلاعها على حجم الفساد في عمليّة تصدير النفط”.

ويتابع في حديثه لـ”المونيتور” بقوله إنّ المشتركين في فساد تهريب النفط أطراف عدّة، يجب محاسبتهم، وأنه رغم إتّخاذه كلّ الإجراءات القانونيّة ومخاطبته لرئيس الوزراء “حيدر العبادي” ووزارة النفط لمحاسبة الجهة الفاسدة، لم يحصل على جواب شاف لكلّ تساؤلاته!

بالتأكيد النائب العراقي لم يتحرك من تلقاء نفسه، ولا يكيل هذه الإتهامات جزافاً، فهناك من أمده بمستندات أو على الأقل أطلعه على تقارير مراقبة ومتابعة لما يحدث في موانئ البصرة النفطية بالجنوب العراقي، إذ يفند إدعاءاته بقوله إن “وزارة النفط نصبت عدّادات لقياس النفط في موانئ البصرة فعلاً، لكن لم يجرِ تغييرها بالشكل الصحيح، ثمّ طالبت في عام 2013 بإبدالها، وما زالت المشكلة نفسها حتّى الآن”.

ويضيف: وزارة النفط رمت مشكلة هدر النفط على عقود الخدمة التي جلبت شركات النفط الأجنبيّة، وهو كلام غير صحيح لأنّ الشركات الأجنبيّة لا علاقة لها بعدّادات النفط، أي أنها دائرة لإبعاد أي مسئولية أو إتهامات عن الوزارة.

لم ينته الأمر هنا، إذ قال العضو فيها “عزيز كاظم” إنّ العراق يستخدم “نظام الذرعة”، الذي يكون من خلال حساب حجم الناقلة، وهذا يفتقد إلى الدقّة وتجري فيه عمليّة تهريب النفط، هكذا بكل صراحة ووضوح قالها الرجل “هناك كارثة تجري في البصرة”.

براءة جاهزة
وبحسب وزارة النفط، فإن العراق يصدر نفط البصرة من خلال مينائي “البصرة” و”العميّة” العائمين، وتستغرق عمليّة تعبئة الناقلة بالنفط الخام بين 48 و56 ساعة، وتجري عمليّة نقل النفط، في حضور ممثل عن الشركة المشترية للنفط وشركة تسويق النفط العراقيّ “سومو”، وتراقب هذه العمليّة من قبل الفاحص الدوليّ ممثلاً بشركة “إنترتك”.

وتمثل وظيفة الفاحص الدوليّ الثالث، وهو شركة “إنترتك”، بفحص النفط الذي يكون ضمن المعايير الدوليّة والمتفّق عليها بين العراق والشركة النفطيّة التي اشترت النفط، إضافة إلى قياس كميّة النفط على الناقلة النفطيّة من خلال عدّادات النفط الموجودة في الميناء والناقلة. وأكّدت وزارة النفط على أنّ عمليّة نقل النفط الخام في موانئ البصرة تجري وفق منظومة عدّادات حديثة ومراقبة من أطراف عدّة، إضافة إلى استخدام “نظام الذرعة” كمرحلة أخيرة من عمليّة تعبئة النفط.

في المقابل، يدافع مدير ميناء البصرة “خليل حنتوش” عن منصبه بقوله، في النشرة الإعلاميّة لوزارة النفط: إنّ “الطاقة الحاليّة لميناء البصرة تبلغ 1.850 مليون برميل يوميّاً، وهو يتكوّن من أربعة أرصفة”، وأنّ “هناك لجنة مشكّلة تضمّ ممثل عن شركة نفط الجنوب والشركة المشترية للنفط وشركة الفاحص الدوليّ، تقيس سطح الناقلة قبل عمليّة ضخ النفط، ولجنة أخرى تقوم بقياس كميّة النفط الموجود على سطح الناقلة”، وأنّ الفرق بين قراءة اللجنة الأولى واللجنة الثانية يمثل صافي التحميل، وهو ما يطابق العدّادات الموجودة في الميناء، هذا رده ننقله كما جاء.

مافيا النفط
بينما يقول وزير النفط “جبار علي حسين اللعيبي”، إن “الصادرات النفطية لشهر كانون اول/ديسمبر الماضي من المنافذ الجنوبية، ارتفعت إلى ثلاثة ملايين و510 الف برميل باليوم”، وأنها تعتبر أعلى معدل تصديري وغير مسبوق يتحقق من حقول الوسط والجنوب، فأين كانت هذه المعدلات التصديرية من الجنوب العراقي قبل ذلك؟.. ومن يتحمل ما خسره ويخسره العراقيون يومياً من قوتهم وأسرهم بسبب ما يجري من نهب ممنهج – إن أثبت – نشك في أن تتمكن أي جهة عراقية في إثبات عملية التهريب إلا إذا كان هناك من يجري الإعداد للإطاحة به، فمافيا تهريب النفط عاتية ليست محلية فقط بل دائما ما تضم دوليين “يغرفون” من خيرات العراقيين في بطونهم وبنوكهم عبر عمولات مستمرة لا تنقطع.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب