16 نوفمبر، 2024 5:53 ص
Search
Close this search box.

من ورائها أميركا والغرب .. لماذا تُصر إسرائيل على دفع المنطقة نحو الهاوية ؟

من ورائها أميركا والغرب .. لماذا تُصر إسرائيل على دفع المنطقة نحو الهاوية ؟

وكالات – كتابات:

أعلنت “بريطانيا” عن إرسال طائرات استطلاع للعمل فوق “قطاع غزة” ومساعدة “إسرائيل”، بينما تم استهداف (03) سفن تجارية في “البحر الأحمر” وسط اتهامات أميركية؛ لـ”إيران”، فهل تتدحرج كرة الثلج في المنطقة ؟

كانت التخوفات من أن يجر العدوان الإسرائيلي على “قطاع غزة”؛ المنطقة والعالم إلى حرب إقليمية شاملة قد تراجعت إلى حدٍ ما خلال هدنة الأسبوع؛ (24 تشرين ثان/نوفمبر – 01 كانون أول/ديسمبر)، لكن استئناف جيش الاحتلال عدوانه على القطاع أعاد تلك التخوفات إلى الواجهة بصورة غير مسّبوقة.

“بريطانيا” تُرسل طائرات إلى “غزة”..

أعلنت حكومة “المملكة المتحدة”؛ برئاسة “ريشي سوناك”، الأحد 03 كانون أول/ديسمبر، أنها ستُرسل طائرات استطلاع للعمل فوق منطقة الشرق المتوسط وفوق أجواء “إسرائيل” و”قطاع غزة”، بحسّب تقرير لصحيفة (الغارديان) البريطانية.

“أولويتنا القصوى هي سلامة المواطنين البريطانيين. وكدعم لأنشطة إنقاذ الرهائن الجارية حاليًا، ستقوم وزارة الدفاع البريطانية بطلعات استطلاع جوي فوق شرق المتوسط بما فيها الأجواء فوق إسرائيل وغزة”، بحسّب بيان صادر عن “وزارة الدفاع” البريطانية.

“لن تكون طائرات الاستطلاع مسلحة وليس لها أدوار قتالية، ومهمتها الوحيدة هي تحديد أماكن وجود الرهائن. وسيتم تمرير أي معلومات تتعلق بإنقاذ الرهائن إلى السلطات المعنية والمسؤولة عن إنقاذ الرهائن”، في إشارة مباشرة إلى جيش الاحتلال الإسرائيلي.

كانت الحكومة الأكثر تطرفًا في تاريخ “إسرائيل”؛ والتي يترأسها “بنيامين نتانياهو”، قد أعلنت منذ عملية (طوفان الأقصى)، يوم 07 تشرين أول/أكتوبر، أن القضاء على “حركة المقاومة الإسلامية”؛ (حماس)، في “غزة” هو الهدف الرئيس، واجتاح جيشها القطاع بريًا لتنفيذ هذا الهدف.

و(طوفان الأقصى)؛ هو الاسم الذي أطلقته “حركة المقاومة الإسلامية”؛ (حماس)، على عمليتها العسكرية الشاملة ضد جيش الاحتلال الذي يُفرض حصارًا خانقًا على القطاع منذ (17 عامًا). ففي تمام الساعة السادسة صباحًا بالتوقيت المحلي لـ”فلسطين” في ذلك اليوم، شنّت (حماس) اجتياحًا فلسطينيًا لمسّتوطنات “الغلافط المحاذية لـ”قطاع غزة” المحاصَر، حيث اقتحم مقاتلون من (كتائب عز الدين القسّام) البلدات المتاخمة للقطاع، بعد أن اخترقوا الجدار الحديدي وسّحقوا (فرقة غزة)؛ التابعة لجيش الاحتلال، في ظل غطاء جوي من آلاف الصواريخ التي أُطلقت من “غزة” باتجاه “تل أبيب والقدس” ومدن الجنوب.

ووسّط حالة الذعر والصدمة التي انتابت الإسرائيليين، وانتشار مقاطع فيديو وصور لدبابات ومدرعات تابعة لجيش الاحتلال، إما محروقة وإما تحت سّيطرة المقاومين الفلسطينيين، وأسْر العشرات من جنود جيش الاحتلال والمسّتوطنين، وسّيطرة فلسطينية كاملة على مسّتوطنات، أعلنت دولة الاحتلال أنها: “في حالة حرب”، للمرة الأولى منذ حرب تشرين أول/أكتوبر 1973، وهو اعتراف بأن هجوم المقاومة الفلسطينية هو هجوم عسكري.

وتُمثل عملية إنقاذ الأسرى أحد أهم أهداف العدوان الإسرائيلي؛ لكن ما تم الإفراج عنهم من هؤلاء جاء في إطار صفقة تبادل للأسرى مع حركة (حماس) شملت الإفراج عن أسرى لدى الاحتلال، وكان ذلك خلال هدنة الأسبوع.

الإعلان البريطاني عن مشاركة طائراته في عمليات تجسّس فوق “غزة” هدفها مساعدة جيش الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه يُعتبر: “مشاركة فعلية في العدوان على الشعب الفلسطيني”، بحسّب ما جاء في بيان لحركة (حماس).

حرص البيان البريطاني على التأكيد على طبيعة طلعاته الجوية فوق “غزة”، وأنها ليست مشاركة في العمليات العسكرية، لكنها تقتصر فقط على جمع المعلومات، إلا أن طريقة توظيف جيش الاحتلال لما توصف بأنها: “معلومات”، في هذا السياق، تُشير إلى أن تلك المعلومات التي قد تجمعها طائرات التجسّس البريطانية ستؤدي على الأرجح إلى مزيد من الضحايا المدنيين في “غزة”.

فجيش الاحتلال يوظف تطبيقات تعمل بـ”الذكاء الاصطناعي” ويمّدها بالمعلومات والبيانات لاستخراج قائمة بالأهداف ومن ثم يتم قصفها بغض النظر عن الأضرار المدنية سواء بشرية أو مادية، بحسّب ما كشفه تحقيق استقصائي مشترك بين مجلة (Mag+972) وموقع (Local Call)، وكلاهما إسرائيلي، يرصد أسباب الارتفاع غير المسّبوق في أعداد الضحايا المدنييّن بسبب العدوان الإسرائيلي على “قطاع غزة”.

استهداف سفن في “البحر الأحمر” وهجمات متسّارعة الوتيرة..

في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه “بريطانيا” عن إرسال طائراتها للعمل فوق “غزة”، أعلنت جماعة (الحوثي) اليمنية مسؤوليتها عن استهداف سفينتين تجاريتين إسرائيليتين في “البحر الأحمر”، بينما أعلنت (البنتاغون) أن مدمرة أميركية أسقطت طائرات مُسيَّرة لدى مهاجمتها: (03) سفن في “البحر الأحمر”.

وقال العميد “يحيى سريع”؛ المتحدث باسم (الحوثيين)، إن البحرية التابعة لهم هاجمت سفينتين إسرائيليتين في “البحر الأحمر” بطائرة مُسّيرة وصاروخ، بينما زعم متحدث عسكري إسرائيلي أن السفينتين ليس لهما أي صلة بـ”إسرائيل”.

أيضًا في اليوم نفسه؛ قالت ثلاثة مصادر أمنية عراقية؛ لـ (رويترز)، إن ضربة جوية أميركية قرب مدينة “كركوك” الشمالية؛ أدت إلى مقتل خمسة أعضاء في فصيل مسّلح تدعمه “إيران”، بينما كانوا يستعدون لإطلاق مقذوفات متفجرة على قوات أميركية في “العراق”.

وأكد مسؤول عسكري أميركي تنفيذ: “ضربة للدفاع عن النفس ضد تهديد وشيك”، استهدفت موقعًا يستخدم لإطلاق طائرات مُسيّرة بالقرب من مدينة “كركوك”؛ بعد ظهر الأحد.

وذكر بيان صادر عن (المقاومة الإسلامية في العراق)؛ وهي مظلة تُمثل عدة فصائل عراقية مسّلحة لها صلات وثيقة بـ”طهران”، إن خمسة من أعضائها قُتلوا وتعهدت بالانتقام من القوات الأميركية. وكانت الجماعة قد أعلنت مسؤوليتها عن هجمات ضد القوات الأميركية طوال يوم الأحد.

ففي وقتٍ سابق الأحد؛ قال مسؤول عسكري أميركي إن قوات أميركية ودولية تعرضت لهجوم بعدة صواريخ في منطقة إنزال (رومالين)؛ في شمال شرق “سورية”، لكن لم يقع قتلى أو جرحى، أو تُلحق أضرارًا بالبُنية التحتية.

والاثنين 04 كانون أول/ديسمبر، قال المتحدث باسم “وزارة الخارجية” الإيرانية؛ “ناصر كنعاني”، ردًا على سؤال من (رويترز) حول قيام “إسرائيل” بقتل اثنين من (الحرس الثوري) الإيراني في “سورية”؛ الأسبوع الماضي، إن “طهران” سترد على أي هجمات على مصالحها في “سورية”.

وذكر “كنعاني”: “لن يمر أي عمل ضد مصالح إيران وقواتنا الاستشارية في سورية دون رد”.

وفي الإطار ذاته؛ نقلت وسائل إعلام أميركية عن مسؤولين في (البنتاغون) قولهم؛ إن: “هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر جاءت بتوجيه من إيران”، بينما انتقد قائد سلاح البحرية الأميركية السابق؛ “كينيث بريثويت”، في تصريحات لشبكة (Foxnews) الأميركية، ما وصفه بأن: “الولايات المتحدة لا تفعل ما يكفي لتحقيق الاستقرار في المنطقة”.

على الجانب الآخر؛ قال وزير خارجية إيران؛ “أمير حسين عبداللهيان”، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العُماني في “طهران”؛ إنه: “في الوقت الذي لا تسّعى فيه الجمهورية الإسلامية إلى التصعيد، فإن أطرافًا أخرى؛ (يقصد إسرائيل وحلفاءها وبخاصة أميركا)، مصرون على دفع المنطقة إلى حافة الهاوية من خلال استمرار العدوان على المدنييّن الفلسطينيين في غزة”.

هل تدفع “إسرائيل” المنطقة إلى حافة الهاوية ؟

من المهم هنا التأكيد على أنه خلال فترة هدنة تبادل الأسرى كانت الهجمات من جانب الحوثيين في “اليمن” والفصائل العراقية المسلحة و(حزب الله) في “لبنان” تجاه القوات الأميركية والإسرائيلية قد توقفت بشكلٍ كامل، ومع استئناف “إسرائيل” عدوانها على “غزة” عادت تلك الهجمات وبوتيرة أكثر تسّارعًا، أخذًا في الاعتبار أن العدوان الإسرائيلي عاد أيضًا أكثر شراسة.

هذا الموقف؛ أي استهداف القوات الأميركية في “العراق” و”سوريا” واستهداف السفن الإسرائيلية في “البحر الأحمر” وتبادل القصف بين (حزب الله) و”إسرائيل” على الحدود “اللبنانية-الإسرائيلية”، ليس بجديد، حيث كان موجودًا بالفعل على مدى (48 يومًا) من العدوان الإسرائيلي على “غزة”، لكنها تظل هجمات متفرقة ومحسّوبة ولم تؤدّ إلى صراع شامل.

ربما يمكن تفسّير استئناف تلك الهجمات في السّياق ذاته؛ وهو أمر وارد، بمعنى ألا تتحول إلى صراع شامل، لكن من المستحيل استبعاد أن تتدحرج كرة الثلج هذه بصورة أسرع فتخرج الأمور عن السّيطرة، وذلك في ظل عدد من المعطيات:

01 – شراسة العدوان الإسرائيلي المسّتأنف على “غزة” وسقوط الضحايا المدنيين بأعداد كبيرة للغاية، وهو ما يُشير إلى أن جيش الاحتلال ليست لديه أية نية لتغيّير قواعد الاشتباك.

ولا شكَّ هنا في أن هذه “اللامبالاة” بأرواح الفلسطينيين؛ سترفع من درجة الغليان الشعبي في المنطقة وحول العالم.

02 – تواجه “إيران” والجماعات المسلحة التي تواليها مأزقًا ربما يُهدد بفقدان مصداقيتها على المستوى الشعبي، ففي نهاية المطاف تُطلق على نفسها (محور المقاومة) للوجود الأميركي في المنطقة وللاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ومع استمرار الشعب الفلسطيني في “غزة” وفصائله المقاومة في الوقوف بمفردهم أمام آلة القتل الإسرائيلية المدعومة أميركيًا وبريطانيًا أيضًا؛ ستزداد تلك الضغوط بطبيعة الحال، وقد تدفع تلك الجماعات وحتى “إيران” إلى مزيد من التصعيد.

03 – تواجه الإدارة الأميركية، برئاسة؛ “جو بايدن”، في عام انتخابي، مأزقًا مزدوجًا. فداخليًا، يضغط الجمهوريون نحو مزيد من التصعيد ضد “إيران”، وخارجيًا تواجه مصداقية “أميركا” كقوة عظمى تآكلاً متسّارعًا، هذا إن كان قد تبقى منها شيء أصلاً.

فإما أن تُمارّس إدارة “بايدن” ضغوطًا حقيقية لكبح جُماح العدوان الإسرائيلي، وإما أن تواصل مسّارها الحالي دون أن تكون لديها أي سّيطرة فعلية على كرة الثلج التي تتدحرج بسرعة وتأخذ الأمور نحو حافة الهاوية.

الخلاصة هنا هي؛ أنه كلما طال أمد العدوان الإسرائيلي على “غزة” واستمر ارتقاء الشهداء من المدنيين، خصوصًا الأطفال والنساء، بهذه الصورة العبثية، زادت فرص خروج الصراع عن نطاق القطاع وتحوله إلى مواجهة شاملة يحذر منها الجميع دون أن يبدو أن هناك أحدًا يتخذ خطوات جادة نحو منعها.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة