خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
حطت أول رحلة جوية مباشرة من “السعودية” على الأرض المحتلة، في “مطار بن غوريون”، عصر الإثنين؛ وفق وسائل الإعلام الصهيونية. ونفذت الرحلة شركة طيران “غت إيرلاين” الإماراتية، دون تقديم المزيد من المعلومات، إذ لا يُعرف هوية المسافرين.
وكانت “السعودية” قد وافقت، العام الماضي، في إطار المساعي الرامية إلى تعبيد مسار تطبيع العلاقات مع “الكيان الصهيوني”، على عبور طائرات “الكيان الصهيوني”، المجال الجوي السعودي؛ باتجاه “الإمارات” و”البحرين”. وقد اتهم الشعب الفلسطيني، حكام “آل سعود”، بخيانة الأهداف الفلسطينية. بحسب “حنيف غفاري”؛ في صحيفة (جام جم) الإيرانية.
ازدواجية “آل سعود”..
ويستهل الكاتب تقريره بأنه: حتى الآن لم تُعلن “الرياض”، التطبيع الرسمي؛ مع كيان الاحتلال، في حين أكد المسؤولون الإماراتيون إدارة “السعودية” ملف التطبيع الإسرائيلي مع “الإمارات” و”البحرين”.
وفي نيسان/أبريل الماضي؛ وصف، “فيصل بن فرحان”، التطبيع الإسرائيلي مع دول المنطقة: بـ”المفيد”، وشدد على إرتباط التطبيع بمسار السلام “الإسرائيلي-الفلسطيني”.
يُذكر أن بعض الدول العربية وقعت، في العام 2020م، اتفاقية تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع “الكيان الصهيوني”. وقد ثمن الصهاينة، دور “الرياض”، وبخاصة، “محمد بن سلمان” ولي العهد، في تعبيد مسار تطبيع بعض الدول العربية مع “تل أبيب”.
لماذا تتجنب “السعودية” إعلان التطبيع ؟
والسؤال: لماذا يتجنب “آل سعود” إعلان تطبيع العلاقات مع كيان الاحتلال رسميًا ؟.. يُجدر البحث عن إجابات في التوصية الأميركية وشركاء المنطقة، (وبخاصة بعض أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي)، والتي تنص على تأجيل الإعلان الرسمي؛ قبل إكتمال منظومة التطبيع العربي مع “الكيان الصهيوني”، لأن “السعودية” تعتبر نفسها زعيم العالم العربي.
والحقيقة يبدو أن “السعودية” لم تلتزم بالتوصية، ولا يعتزمون الإعلان الرسمي عن الإنضمام إلى دائرة التطبيع التي صنعوها؛ قبل إثارة نفور الرأي العام في دول المنطقة، وبخاصة الشعب الفلسطيني.
والإجراءات على شاكلة هبوط طائرة تحمل مسؤولين سعوديين في “مطار بن غوريون”؛ تُمثل حكم الإشارات التي تهدف إلى تهيئة الرأي العام في المنطقة.
بعبارة أفضل؛ لم يطرأ اتفاق جديد على ملف تطبيع علاقات “الرياض” مع “تل أبيب”، ولكن يبدو أن “السعودية” بصدد ترسيم شكل وكيفية الإعلان عن هذه العلاقات.
تركيبة مؤلمة..
الإعلان عن التطبيع السعودي مع “الكيان الصهيوني”؛ لا يعني موازنة جديدة للقوة في المنطقة؛ إذ أن هذه العلاقات قد بلغت أعلى مستوياتها، حتى الآن، لاسيما في الحوزات الأمنية والإقليمية.
مع هذا؛ يبدو أن إعلان العلاقات لن يكون مكلفًا بالنسبة لـ”السعودية” (!!) – يؤكد التقرير – فالتركيبة الرسمية للسياسات “السعودية-الصهيونية”، سوف تُزيد من الميزانية الرسمية لـ”السعودية”، فضلًا عن الميزانية غير الرسمية تقترن وبروز أي مناقشات في منطقة الخليج وغرب آسيا.
والأبعد من ذلك، أن إعلان العلاقات لا يعني إلتزام “السعودية” بأي اتفاق إقليمي مع الدول الأخرى. ورغم ما يبدو من سعى “آل سعود” إلى الظهور كطرف إقليمي ذكي قادر على تأمين مصالح كل أطراف غرب آسيا. إلا أن المحللون يعلمون جيدًا أن “السعودية” لن تضطلع بهذا الدور (!)، وأن على “الرياض” إزاء هذه المعادلة الاختيار بين :
01 – أن تعتبر نفسها جزء من الأزمة، ومناقشة آثار وتداعيات الأزمات الصهيونية والأميركية في المنطقة على أمنها الوطني والإقليمي.
02 – ألا تترفع فقط عن إعلان التطبيع مع “الكيان الصهيوني”، وإنما إنهاء سياساتها غير الرسمية التي تستهدف التأمين المطلق للمصالح الأميركية والصهيونية في المنطقة.
03 – وهو خيار غير متصور، إذ الأفضل لـ”آل سعود” عدم الإنشغال بالمشاريع الخيالية للإستراتيجيات الأميركية (!!). بحسب الكاتب.
مشكلة “آل سعود” الرئيسة..
مشكلة “آل سعود” الرئيسة؛ ترتبط بعدم الفهم العميق للتطورات الراهنة في المنطقة. هكذا يرى الكاتب – فـ”الرياض” لا تدرك، حتى الآن؛ إحداثيات المنطقة التي تقع فيها من المنظور الإستراتيجي والتكنيكي.
والأفضل لـ”السعودية”، قبل أن تُطلق الرصاصة الأخيرة على جسدها شبه الميت، التركيز كليًا على خريطة حرب قيادات “وزارة الدفاع” في “اليمن”.
عليها أن تُعرج على الهزيمة الثقيلة والمكلفة في محافظة “مأرب”، كى تنتبه إلى أن حجم معاناة الدولة التي وعدت “الولايات المتحدة”، عام 2014م، بتحويل “اليمن” إلى حديقتها الخلفية في غضون شهر واحد.
ومما لا شك فيه؛ أن خطوة في النظام الدولي، وبخاصة فيما يتعلق بأمن المنطقة سيكون له تبعات وتداعيات على صاحب هذه الخطوة، و”السعودية” ليست استثناء من هذه القاعدة.
ولو تتراجع القيادات “السعودية” سريعًا عن مسار الإضمحلال، ربما يكون هناك أمل في عودتها إلى أحضان شعوب المنطقة والعالم الإسلامي، لكن بالفعل لا توجد مؤشرات على هذه الرؤية العقلانية بين القيادات السعودية.