من لاعبي كرة القدم إلى زيارة “الأسد” .. تعددت الأسباب وسر استقالة “ظريف” غامض !

من لاعبي كرة القدم إلى زيارة “الأسد” .. تعددت الأسباب وسر استقالة “ظريف” غامض !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بالتزامن مع زيارة الرئيس السوري، “بشار الأسد”، لـ”إيران”، أعلن وزير الخارجية الإيراني، “جواد ظريف”، استقالته بشكل مفاجيء، مساء أمس الاثنين، دون توضيح الأسباب، فيما قبلها الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”.

ونشر “ظريف” تدوينة عبر حسابه على موقع، (إنستغرام)؛ قائلاً: “مع التهاني بذكرى ميلاد فاطمة الزهراء، وعيد الأم في إيران، أشكر أبناء الشعب الإيراني العزيز والشجاع في إيران؛ والمسؤولين خلال الـ 67 شهرًا الماضية، وأعتذر بصدق عن عدم قدرتي على مواصلة الخدمة وعن جميع أوجه القصور أثناء الخدمة”.

من جهتها؛ نقلت وكالة أنباء (فارس)، المقربة من “الحرس الثوري”، عن مصدر بـ”وزارة الخارجية” تأييده استقالة “ظريف”.

بدوره؛ قال مساعد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “سيد عباس موسوي”، لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، (إرنا)، إن ما تم نشره عبر صفحة “ظريف”، حول استقالته، صحيح.

وكانت وسائل إعلام إيرانية قد لاحظت غياب “ظريف” عن مراسم استقبال رئيس النظام السوري؛ سواء خلال لقاءه مع المرشد الأعلى، “علي خامنئي”، الذي حضره كبار المسؤولين، أو لقاء “بشار الأسد”، بالرئيس، “حسن روحاني”.

كما استغرب مراقبون عدم وجود أية شخصية سورية ترافق “بشار الأسد”؛ خلال لقاه بالقادة الإيرانيين.

لأسباب تتعلق بـ”الاتفاق النووي” !

يُذكر أنه، في 10 كانون ثان/يناير الماضي، انتشرت أنباء متضاربة عن استقالة وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، من منصبه، عندما قرر النظام الإيراني الخروج من “الاتفاق النووي”. ونقلت صحيفة (مستقل) الإيرانية، حينها، عما وصفته بمصدر مطلع في “المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني”؛ عن احتمال انسحاب “طهران” من “الاتفاق النووي”، المبرم عام 2015، بين القوى الكبرى الست (5+1) والذي انسحبت منه “أميركا”، في آيار/مايو الماضي.

وفي الوقت ذاته؛ نقل موقع (انتخاب)، المقرب من الحكومة الإيرانية، خبر نية “ظريف” الاستقالة وخروج “إيران” من الاتفاق.

خلافات مع التيار المتشدد..

وتؤكد تقارير إيرانية، منذ فترة، وجود خلافات بين “حسن روحاني”، والتيار المتشدد داخل “إيران”؛ وعلى رأسه “الحرس الثوري” والمقربين من المرشد، “علي خامنئي”، بسبب تمسكه بـ”الاتفاق النووي”.

ففي تصريحات للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “بهرام قاسمي”، في كانون ثان/يناير 2019، نفى أنباء ترددت عن إعتزام “ظريف” على التقدم باستقالته، مؤكدًا على أن هذه محاولات من بعض العناصر في الداخل تحاول تقويض مكانة الوزارة والوزير، وذلك للدور الأساس والحيوي لهما.

مشيرًا، وقتها، إلى ما يتردد حول الجهاز الدبلوماسي لـ”طهران”، ومنها استقالة “ظريف” وانسحاب “إيران” من “الاتفاق النووي” وخلافات مع “روحاني” حول شؤون السياسة الخارجية.

ونفى، وقتها، “قاسمي”، أنباء انسحاب “إيران” من “الاتفاق النووي”، الذي يدعمه “ظريف” بشدة، كاشفًا عن وجود مصالح داخلية لبعض الأطراف في إلغائه، قائلًا: “يبدو أن البعض يخطط لتشويش الرأي العام وإثارة التوتر في السوق بهدف الحفاظ على مصالح التجار”.

وقبل تصريحات “قاسمي” بأسبوع، نفى رئيس مكتب الرئاسة الإيرانية، “محمود واعظي”، نبأ استقالة “ظريف”، محاولًا التغطية على الخلافات التي تعصف بحكومة “روحاني”، مؤكدًا على أن رئيس، “حسن روحاني”، وأعضاء الحكومة يدعمون “جواد ظريف” بقوة.

لتصريحات لها علاقة بإسرائيل..

وفي تقارير سابقة لبعض الصحف الإيرانية البارزة، هاجمته صحيفة (كيهان) الأصولية، في كانون أول/ديسمبر 2018، تصريحات له عن دولة الاحتلال الإسرائيلي، قال فيها إنه لا أحد من المسؤولين الإيرانيين طالب بمحو “إسرائيل” من الوجود، وقد اعتبرت الصحيفة الإيرانية الأصولية أن ما قاله “ظريف” عن إسرائيل، “تحريف لمباديء الثورة”، لأن السياسة الرسمية لـ”الجمهورية الإسلامية” هي تدمير دولة الاحتلال.

صحيفة (كيهان)، المقربة من المرشد الأعلى، “علي خامنئي”، قالت بأن ما صرح به “ظريف” يخالف الواقع، ويتعارض مع تصريحات المرشد، “خامنئي”، والسياسة الرسمية لـ”إيران” عن محو “إسرائيل” من الوجود.

وتوجد خلافات متجذرة بين “جواد ظريف”، الذي يميل للتيار الإصلاحي مع التيار المتشدد، الذي يمثله “المرشد” و”الحرس الثوري”، ليس فقط منذ خروج “الولايات المتحدة” من “الاتفاق النووي”، ولكن منذ مساعي “ظريف” للوصول إليه، عام 2015، حيث يعتبر المتشددين أنه سيقلل من قدرات “الحرس” العسكرية والاقتصادية.

رفضًا للتوترات التي أشعلها “الحرس الثوري”..

عن أسباب الاستقالة؛ أعلنت مصادر إيرانية على صلة بمكتب الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، أنها جاءت احتجاجًا ورفضًا للتوترات التي أشعلها “الحرس الثوري” في المنطقة، إضافة إلى تنفيذه هجمات في “أوروبا”؛ كانت آخرها التي وقعت في “فرنسا”.

وقالت المصادر، التي رفضت الكشف عن هويتها؛ إن: “اعتقال أحمد رضا محمدي دوستار، وماجد غورباني في الولايات المتحدة، بتهمة التجسس لحساب إيران، وجمع معلومات عن منظمة مجاهدي خلق المعارضة، ومراكز يهودية، فضلاً عن اعتقال الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، بشأن عزمه تنفيذ هجوم إرهابي يستهدف اجتماعًا للمعارضة الإيرانية في باريس، كل ذلك دفع ظريف إلى تقديم استقالته إلى روحاني”.

وكان الإدعاء البلجيكي قد وجه، الأربعاء الماضي، الاتهام إلى الدبلوماسي الإيراني، “أسد الله أسدي”، و3 إيرانيين آخرين بالتخطيط لهجوم إرهابي يستهدف اجتماع المعارضة الإيرانية في “فرنسا”، في حزيران/يونيو الماضي.

وأضافت المصادر أن: “ظريف يرى أن (فيلق القدس)، التابع لـ (الحرس الثوري)، الذي يقوده الجنرال قاسم سليماني، بات يستهدف علاقات إيران مع الدول الأوروبية، التي تعمل للحفاظ على الاتفاق النووي”، مشيرة إلى أن: “ظريف تلقى رسائل إمتعاض من مسؤولين أوروبيين عقب اعتقال الدبلوماسي أسد الله أسدي، المقرب من (فيلق القدس) الإيراني، الذي كان يخطط لهجوم إرهابي في باريس”، لافتة إلى أن: “ظريف غاضب جدًا من تورط أسد الله أسدي وعدم دعم وزير الاستخبارات محمد علوي”.

المصادر أفادت بأن “ظريف قال في رسالته التي قدمها لروحاني، إنه يطلب الاستقالة بسبب غياب سلطة سياسية للتأثير على النظام الحالي، بالنظر إلى الإيديولوجية المناهضة للغرب التي يدعمها، المرشد علي خامنئي، ونقص الدعم من روحاني، ولتحقيق هذه الغاية فإنه يريد وقف الأنشطة المسلحة للحرس الثوري في أوروبا، إلى أن تنجح في التوصل إلى صفقة أفضل، لكن هذا الطلب تم رفضه من روحاني، وقدم استقالته”.

لزيارة “بشار الأسد”..

فيما قالت مواقع إيرانية؛ إن السبب الرئيس للاستقالة كان زيارة الرئيس السوري، “بشار الأسد”، والتي نسقها قائد (فيلق القدس)، في (الحرس الثوري)، “قاسم سليماني”، وذلك خلال زيارة أجراها إلى “دمشق” دون إطلاع “جواد ظريف” على التفاصيل.

خنجر معارضيه أصبح مؤثرًا..

كما نقلت وكالة أنباء (خبر أون لاين) الإيرانية، مساء أمس الاثنين، عن مصادر في الخارجية الإيرانية بأن صبر الوزير، “جواد ظريف”، قد نفد ولم يعد باستطاعته إكمال مهامه.

من جهته؛ قال “علي رضا رحيمي”، عضو لجنة الأمن والسياسة الخارجية في البرلمان، إن: “استقالة ظريف تثبت أن خنجر معارضيه في الداخل كان مؤثرًا”.

لانتقادات واجهها من لاعبي كرة قدم !

أما صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإٍسرائيلية، زعمت أن استقالة “ظريف” جاءت على خلفية الانتقادات التي واجهها خلال الفترة الماضية، وخاصة من كبار لاعبي كرة القدم الإيرانيين، بعدما صرح أنه فخور بتعرض “إيران” لضغوط شديدة بسبب دعمها للفلسطينيين.

وقال اللاعبون للوزير المستقبل، ردًا على تصريحه، إن الشعب الإيراني هو الذي يعيش تحت ضغط، كما أن الغضب الشعبي ضد الحكومة يتزايد يومًا بعد يوم.

ولفتت الصحيفة العبرية إلى أنه منذ نحو أسبوع، ذكرت تقارير إعلامية بريطانية أن مدافع المنتخب الإيراني لكرة القدم، “فوريا غفوري”، تم إستدعاؤه من قِبل السلطات الإيرانية بسبب الانتقادات التي وجهها لوزير الخارجية، “جواد ظريف”، فيما يتعلق بكل السياسات الإيرانية المتعلقة بالصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”.

وتحول دعم مدافع المنتخب الإيراني، “فوريا غفوري”، الأربعاء الماضي، عبر موقع (تويتر)؛ إلى منصة للهجوم على سياسات حكام “طهران”. كما طالب اللاعب الإيراني الكبير، “علي كريمي”، بضرورة استقالة “ظريف”.

ومن جهته رد المرشد الإيراني الأعلى، “علي خامنئي”، على تصريحات “غافوري”؛ وقال: “هناك أشخاص يستغلون أن الدولة تمنحهم الأمن لكي يعملوا ويلعبوا، وهم عليهم أن يفهموا أن السياسات الإيرانية هي التي تسمح لهم بذلك”.

وأمضى “ظريف”، الذي عُين وزيرًا للخارجية، في 15 آب/أغسطس 2013، أكثر من 22 عامًا في “الأمم المتحدة”، وصار يُلقب في بلده، منذ إبرام “الاتفاق النووي” بين “إيران” والدول الست، (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين)، بـ”سفير السلام”.

ويُعد الدبلوماسي الإيراني، المكلف بالمفاوضات حول “الملف النووي”، من أكبر دعاة الدبلوماسية العلنية المتباينة والمعادية لدبلوماسية التهديد والعزل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة