7 أبريل، 2024 12:47 ص
Search
Close this search box.

من “كُردستان” إلى رأسمالية الدولة .. “كارنيغي” يرصد عوائق في “طريق التنمية” العراقي !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات- كتابات:

ذكر معهد (كارنيغي) الأميركي للأبحاث؛ أن مشروع (طريق التنمية) لربط “الخليج” بـ”تركيا”، من شأنه أن يُعّزز مكانة “العراق” الجيوسياسية كمّمر تجاري ويؤمن الأرباح المالية، لكنه يواجه عقبات، بما في ذلك تحديات التمويل والتنفيذ، بالإضافة إلى انتشار الفساد، وعدم الاستقرار الأمني، فيما لفت إلى أن “إقليم كُردستان” يرى أن عدم مرور المشروع به خطة من خلفها دوافع سياسية واقتصادية تستهدف إضعافه.

وأشار التقرير الأميركي؛ إلى أن الحكومة العراقية لم تُنّفذ دراسة جدوى كافية للتأكد من القيمة الاستراتيجية لـ (طريق التنمية)، فيما لا يبدو أن هناك إجماعًا بين المؤسسات الحكومية حول نطاق المشروع وأهدافه وكلفته.

الأحزاب المهيّمنة..

وأضاف التقرير أن هناك تساؤلات حول ما إذا كانت بعض الأحزاب المهيمّنة في البرلمان ستُخصص أموالاً له، لأنها لا تُريد أن تُسّاهم في تقوية رئيس الوزراء؛ “محمد شيّاع السوداني”.

واعتبر التقرير أنه بالنظر إلى التحديات العديدة التي يواجهها المشروع؛ فإن “العراق” سوف يجد صعوبة في حشّد الدعم الإقليمي للمشروع، بالإضافة إلى القدرة على إغراء الدول الأخرى لكي تستثمر فيه أو تسّتفيد منه بنفسها.

ومع ذلك؛ فإن التقرير يعتبر أنه ما يزال أمام الحكومة الفرصة من أجل معالجة مواقف المشّككين في المشروع، إلا أن ذلك يتطلب إضفاء الطابع المؤسسي على إدارة المشروع، وتطوير الشراكات مع الأطراف المانحة والقطاع الخاص، وضمان الشفافية.

وبعدما لفت تقرير (كارنيغي) إلى أن فكرة تحويل الحدود إلى نقاط ربط بين الدول والقارات؛ ازدهرت خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه قال إن الكثير من هذه المشاريع، التي تُحّركها حسابات داخلية ومغلفة بخطاب قومي شعبوي، قد تؤدي في نهاية الأمر إلى تعّزيز المنافسة ومفاقمة الصراعات، بدلاً من أن تُعّزز التكامل الاقتصادي.

الاقتصاد الريّعي..

وفي حين وصف التقرير؛ (طريق  التنمية)، بأنه مشروع كبير يسّعى للاستفادة من موقع البلاد الجغرافي وحدودها المتعددة، قال إنه يُمثل أيضًا محاولة لتقديم نموذج تنموي جديد يمكنه تحقيق استقرار البلد سياسيًا والتخفيف من العواقب الضارة للاقتصاد الريّعي.

إلا أنه عبّر عن المخاوف من أن تكون: “الطموحات العراقية متضخمة”، مؤكدًا أن الأكثر أهمية هو أن “العراق” سوف يضطر إلى إيجاد مكان لنفسه وسّط التنافسّ الجيواقتصادي والجيوسياسي الإقليمي، مع طرح مشاريع الربط التجاري المتنافسّة، بما في ذلك “مبادرة الحزام والطريق” الصينية، والممر الاقتصادي بين “الهند والشرق الأوسط وأوروبا”، وطموحات “إيران” في التحول إلى منصة للتجارة العابّرة للإقليم.

ولفت التقرير إلى أن (طريق التنمية) ظهر بعد فترة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في “العراق”، مدفوعًا بالغضب الشعبي المتزايد بسبب جوانب القصور في الطريقة التي تم بها إدارة البلد سياسيًا واقتصاديًا.

وأضاف أن حكومة “السوداني” تبنّت المشروع، وأن التحالف السياسي الداعم لرئيس الحكومة أطلق على حكومته اسم: “حكومة الخدمات”، ما يعني أنها ستهتم في الدرجة الأولى بتحسّين جودة الخدمات، وأن الحكومة لم تكن ترغب في الانجرار إلى القضايا المشحونة سياسيًا، والتي منعت الحكومات السابقة من التقدم في تنمية البلاد.

وقال التقرير إن “السوداني” يُريد منح الأولوية للاقتصاد على الأهداف الحكومية الأخرى، ولكن ليس من خلال تقديم نموذج تنموي يخلق تحولاً جذريًا في سياسات إعادة التوزيع، أو تطوير السياسات التعليمية وبناء القدرات للشباب، أو المشاركة في المزيد من الخصخصة.

وأشار إلى أن “السوداني” يُريد بدلاً من ذلك تقديم نموذج لرأسمالية الدولة؛ حيث يتم النظر إلى المشاريع الاستراتيجية العملاقة باعتبارها تحويلية، وهو نموذج توجد أمثلة له في “مصر والسعودية وتركيا”، وهو يعتمد بشكلٍ أساس على تقييّمات متسّرعة، بالإضافة إلى جرعات الشعبوية الاقتصادية.

وتابع (كارنيغي)؛ قائلاً إن هذا النهج: “يُركز على كسّب تأييد الشرائح السياسية من خلال تنفيذ المشاريع العملاقة التي تجلب الهيبة، بدلاً من حل المشاكل الاقتصادية فعليًا”، مضيفًا أنه: “مشروع اقتصادي يدور حول هدف سياسي وهو الحفاظ على الوضع القائم من خلال البحث عن حلول جزئية للتحديات الاقتصادية”.

“تفاصيل الشيطان” !

وبرُغم أن التقرير اعتبر أن المشروع يبدو جذابًا من الناحية النظرية، إلا أن: “الشيطان يكّمن في التفاصيل”، مضيفًا أن (طريق التنمية) ليس مفهومًا جديدًا، وأن الفكرة متداولة منذ سنوات عديدة.

وتابع أن المسؤولون العراقيون يقولون إن المشروع سيُعّزز التجارة بين “آسيا وأوروبا”، مما يُقلل الفترة الزمنية لنقل البضائع بين “ميناء شنغهاي” الصيني و”ميناء روتردام” الهولندي من: (03) إلى (15) يومًا ما سيجعل “العراق” مركزًا مهمًا للتجارة الدولية وممرًا رئيسًا للسّلع مما سيُحفز اقتصاده ويخلق فرص العمل ويُنتج مصادر دخل جديدة للدولة، حيث يُقدر المسؤولون العراقيون الإيرادات بنحو أربعة مليارات دولار سنويًا، بينما تُقدر التكلفة الإجمالية للمشروع بنحو: (17) مليار دولار.

لكن تقرير (كارنيغي) لفت إلى هشاشة وضع حدود “العراق” (الجنوبية-الجنوبية) والشمالية، وتحديدًا في “الفاو” جنوبًا، ومع “تركيا” شمالاً؛ خصوصًا بعدما سيّطر تنظيم (داعش) على محافظة “نينوى” منفذًا عمليات تطهير عرقي وطائفي ما زعزع استقرار المنطقة بأكملها، ثم أصبحت المنطقة ساحة لحروب جديدة، بالدرجة الأولى بين الجيش التركي وحزب (العمال الكُردستاني).

وأردف التقرير أنه في حال: “نجح (طريق التنمية) في الوصول إلى الحدود من خلال التعاون (العراقي-التركي)، فقد يؤدي ذلك إلى إطلاق العنان لمرحلة جديدة من الديناميكية الاقتصادية التي تُسّاهم في تهدئة مثل هذه الصراعات وتدفع البلدان إلى العمل بنهج مختلف”، مضيفًا أنه: “سيكون ذلك أحد الأمثلة على كيفية تحويل المناطق الحدودية المثيرة للجدل من خلال التنمية”.

العوائق المحتملة..

لكن التقرير اعتبر أنه بينما ينظر قادة “العراق” إلى (طريق التنمية) على أنه علاج سّحري لمشاكل البلد العديدة، إلا أن هذه المشاكل نفسها هي التي قد تُسّاهم في إعاقة أو منع تنفيذ المشروع، بما في ذلك عدم الكفاءة والفساد داخل الهيئات الحكومية، مما يُعرقل تنفيذ المشاريع العملاقة ويُبّدد الأموال الكبيرة اللازمة لتمويلها، وذلك بالإضافة إلى انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي، الأمر الذي قد لا يُعيّق استكمال المشروع فحسّب، بل أيضًا قد يحّول دون جذب العملاء والمستثمرين.

وقال التقرير؛ إن هناك منافسة جيواقتصادية وجيوسياسية كبيرة على مشاريع الترابط التجاري الإقليمي، إذ أن بعض الدول تُعارض (طريق التنمية) أو تظل غير داعمة له.

إلى ذلك؛ يقول التقرير إن منتّقدي المشروع يرون أنه قد يكون مجرد غطاء جديد للفساد السياسي، وبأنه سيتم استغلاله من أجل تمرير أرباح غير قانونية إلى الأحزاب السياسية الحاكمة ورجال الأعمال المرتبطين بالأحزاب.

كما أشار التقرير إلى أن بعض الأحزاب مترددة في تخصيص ميزانية كبيرة لتنفيذ المشروع، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الخوف من أن يُعّزز ذلك موقف “السوداني” فيما يتعلق بالأطراف السياسية الفاعلة الأخرى.

ولفت التقرير إلى أن: “هناك أيضًا مشكلة انعدام الأمن وعدم الاستقرار في العراق، والتي لن تُحدّد فقط من سيختار استخدام (طريق التنمية)، ولكن أيضًا من قد يستثمر في المشروع”.

“إقليم كُردستان”..

وقال التقرير إن حكومة “إقليم كُردستان” تعترض على المشروع لأن الخطة الأولية للطريق الرئيس استّبعدت الإقليم الذي يشترك في الحدود مع “تركيا”، وتلتف حوله عبر محافظة “نينوى”، مضيفًا أن السلطات الكُردية تعتقد أن استبعاد الإقليم من الخطة له دوافع سياسية واقتصادية ويهدف إلى إضعاف المنطقة الكُردية.

ولفت التقرير إلى أن حزب (العمال الكُردستاني)، الذي يتمتع بحضور قوي في غرب محافظة “نينوى” وعبر الحدود في “سورية”، والذي دخل في صراع طويل مع الحكومة التركية، قد يُعرقل أعمال البناء أو حتى يُهدد عملية النقل على (طريق التنمية).

ورأى التقرير أن الضعف النسّبي للحكومة العراقية؛ ووجود فصائل مسّلحة، بعضها له تاريخ من الابتزاز والاختلاس، قد يُمثل عقبة حقيقية إضافية أمام المشروع، مشيرًا إلى أن بعض الجماعات المسّلحة المتحالفة مع “إيران”، والتي أقامت وجودًا قويًا في شمال “العراق” وفي المثُلث “العراقي-التركي-السوري”، قد تُشكل تهديدًا أمنيًا.

وبعدما تحدث التقرير عن وجود عامل آخر يُثير الشّكوك حول إمكانية تنفيذ المشروع، يتمثل بوجود مجموعة متنوعة من مشاريع الترابط الإقليمية المتنافسة، والتي لكل منها تداعيات جيوسياسية وجيواقتصادية كبيرة، قال إنه مما قد يُزيد الأمور تعقيدًا أن “العراق” عّالق اليوم بين الحاجة إلى تطوير بنُيته التحتية باستخدام عائداته النفطية المتزايدة وحقيقة أن سياساته الداخلية مرتبطة بشكلٍ متزايد بالمنافسات الإقليمية.

وقدم التقرير أمثلة مثل ما يجري فيما يتعلق بـ”حرب غزة”، وتهديدات “إيران” وحلفائها الإقليميين والتوترات في “البحر الأحمر”؛ حيث اعتبر التقرير أنه في ظل هجمات (الحوثيين) على السفن في هذا الممر البحري، فإن مثل هذا الوضع يمكن أن يجعل (طريق التنمية) بديلاً مفيدًا، لكن بما أن (أنصار الله) هم جزء من (محور المقاومة)؛ الذي تقوده “إيران”، فإنه من غير المُرجّح أن تٌشّجع “طهران” وحلفاؤها العراقيون على إيجاد طريق بديل للتجارة، عبر “العراق”.

الموقع الجغرافي لـ”العراق”..

وتابع التقرير أن “العراق” لا يحتل موقعًا رئيسًا في الخطط الصينية لتحسّين الترابط الإقليمي، حيث يمر الطريق البري الذي اقترحته “بكين” على نطاق واسع عبر “آسيا الوسطى وتركيا”، وليس عبر “العراق”، وأنه لذلك فإن الحكومة العراقية صّورت “ميناء الفاو” كمشروع تكميّلي، يوفر طريقًا بحريًا جديدًا يمكن أن يخدم أيضًا “الصين” والقوى الاقتصادية الصاعدة في “آسيا”، من خلال تقصّير الفترة الزمنية وتكاليف التجارة مع “أوروبا”.

وأضاف: “حتى هنا، فإن العراق يواجه منافسة شرسة من الدول المجاورة، والبعض منها أكثر رسوخًا في التجارة الدولية وإدارة الموانيء والشحن، مثل: الإمارات، وبعضها لديه القدرة على تعطيل خطط العراق لتنفيذ (طريق التنمية)، مثل: تركيا وإيران والكويت”.

ولفت أيضًا إلى أن الدعم التركي لـ (طريق التنمية)، وهو ضروري للمشروع، مشّروط بقدرة “أنقرة” على الاستفادة منه، ولهذا عّارضت “تركيا” مبادرة الطريق الهندي الذي رّعته “الولايات المتحدة”؛ في أيلول/سبتمبر الماضي.

وتابع أنه يبدو لدى “واشنطن” دافعان لدعم هذا المخطط، الأول لمواجهة (مبادرة الحزام) الصينية، والثاني هو تعزيز اندماج “إسرائيل” في الشرق الأوسط.

ومع ذلك؛ قال التقرير إن هناك عوامل قد تحد من الاهتمام التركي بـ (طريق التنمية)، ولا تتعلق فقط بالصعوبات التي قد يواجهها “العراق” في تنفيذ المشروع، ويتضمن ذلك الخلافات “العراقية-التركية”، وخصوصًا فيما يتعلق بالعمليات الأمنية التركية في شمال “العراق”؛ ضد حزب (العمال الكُردستاني)، وهناك أيضًا نزاعات بين البلدين حول تقاسم مياه نهريّ “دجلة والفرات”، وقضية نقل النفط من “إقليم كُردستان” إلى “تركيا”، وهو ما تُعارضه “بغداد”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب