22 نوفمبر، 2024 10:34 م
Search
Close this search box.

من روسيا إلى الأردن .. المطامع تتزايد على “النفط العراقي” على حساب العراقيين والنتائج حبيسة الأدراج !

من روسيا إلى الأردن .. المطامع تتزايد على “النفط العراقي” على حساب العراقيين والنتائج حبيسة الأدراج !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

عاد الحديث عن مشروع خط أنابيب “البصرة” إلى الواجهة من جديد، بعدما أعلنت “وزارة النفط” العراقية ترحيل مشروع خط أنابيب “البصرة-العقبة”، إلى الحكومة المقبلة للمصادقة عليه وتنفيذه.

وأكد المتحدث باسم “وزارة النفط”؛ “عاصم جهاد”، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العراقية، أن الحكومة الحالية لم تُصادق على المشروع حتى الآن.

وقال: “حتى الآن لم يجر أي اتفاق ولم تتم إحالة العقد”، لافتًا إلى أنه: “سيتم ترحيله للحكومة المقبلة لدراسة المشروع مع الجهات المختصة”.

وفيما لفت إلى أن: “المشروع لم يُصادق عليه حتى الآن؛ ولم تتم إحالته إلى أي جهة”، شدد على أن وزارته: “تحرص على حماية الثروة وإدارتها، وأنها تنفيذية تلتزم بالبرنامج الحكومي المصادق عليه من قبل الحكومة ومجلس النواب”.

ما هو مشروع خط أنابيب “البصرة” ؟

والمشروع عبارة عن أنبوب نفط “عراقي-أردني”؛ يستهدف نقل “النفط الخام” المُستخرج من حقول “البصرة” الواقعة جنوب “العراق” إلى مدينة “العقبة” في جنوب “الأردن”.

وجرى اقتراح المشروع لأول مرة في ثمانينيات القرن الماضي؛ وقد وافقت عليه كل الحكومات المتعاقبة على إدارة “العراق”؛ منذ 2003، لكنه لم ير النور أبدًا.

وعن طبيعة المشروع، قال المتحدث باسم “وزارة النفط” العراقية: “المشروع عبارة عن مرحلتين، الأولى من البصرة إلى حديثة؛ وهي مجموعة أنابيب تنقل النفط العراقي إلى المصافي العراقية وإلى محطات الطاقة الكهربائية”.

ولفت إلى أن: “الجزء الثاني من المشروع يبدأ من حديثة إلى أن ينتهي في ميناء العقبة الأردني لتصدير النفط إلى باقي العالم، وينقل نفطًا بحدود: 200 ألف برميل يوميًا وهذه الفكرة الأولية للمشروع”.

ونظريًا؛ يمتد هذا الأنبوب مسافة مقدارها: 1700 كم؛ وكان من المفترض الإنتهاء من تنفيذ المشروع؛ في عام 2017، وتُقدر تكلفته بنحو: 08 مليارات دولار.

يُضيف المرونة للقطاعات النفطية ويُزيد الطاقة التصديرية..

ومن جانبه؛ قال مدير الدائرة الاقتصادية بـ”وزارة النفط” العراقية؛ “هشام ياس”، خلال المؤتمر الصحافي: “نتوقع انقطاع أو تقليل الكميات المصدرة من النفط والغاز من روسيا إلى أوروبا؛ ما يُحفزنا لأن نكون قريبين أكثر لأوروبا”، مضيفًا أن الظروف السياسية في العالم والتوتر بين “الولايات المتحدة” و”إيران”؛ كانت تُحفز أكثر بفكرة تنفيذ مشروع خط أنابيب “البصرة-العقبة”، مؤكدًا أنه يُضيف مرونة للقطاعات النفطية في “العراق” ككل، ويُعزز الطاقات التصديرية للبلاد.

وبدوره؛ أعلن مدير المشاريع بـ”وزارة النفط” العراقية؛ “شاكر محمود”، أنه تم تعديل ورسم خارطة للمشروع في اجتماع مجلس الوزراء؛ بتاريخ 05 نيسان/إبريل الجاري، مشيرًا إلى أن كلفة المشروع لا تتجاوز: 08 مليارات ونصف المليار دولار.

وكانت “وزارة النفط” العراقية ذكرت في إيضاح أصدرته؛ في 19 كانون ثان/يناير الماضي، أن مشروع خط أنابيب “البصرة-العقبة” تعود فكرته إلى عام 1983، ولا يزال قيد الدراسة والتحليل، ولم تتم إحالته إلى شركة أو ائتلاف شركات لتنفيذه.

وأوضحت الوزارة أن المشروع يهدف إلى إضافة منفذ تصديري جديد للصادرات النفطية، بطاقة مليون برميل في اليوم، في مقابل زيادة الصادرات النفطية من المنفذ الجنوبي إلى أكثر من: 03 – 06 ملايين برميل في اليوم، وبحسب متطلبات السوق النفطية العالمية مستقبلاً.

مطالب بضمانات أميركية..

وعلى الرغم من أن المشروع يحمل الطابع الاستثماري والاقتصادي، إلا أن الخلافات والاعتراضات ذات الطابع السياسي كانت حاضرة منذ اللحظة الأولى التي إنطلقت منها فكرة إنشاء المشروع بين الحكومتين: العراقية والأردنية؛ عام 1983. وقتذاك، حيث طالبت حكومتا: “بغداد” و”عمان”، بضمانات أميركية لمنع استهداف الأنبوب من قبل “إسرائيل”، وما زالت الأخيرة بعد نحو أربعة عقود؛ حاضرة بقوة في تفاصيل المشروع المقترح، حيث تقدم بعض القوى السياسية العراقية، خصوصًا تلك التي لديها صلات وثيقة مع “طهران”، بذريعة أن “إسرائيل” ربما ستكون من بين الدول المستفيدة من المشروع، وتاليًا هي ذريعة كافية لرفضه وعرقلة المباشرة به.

وفيما يتعلق بالصراعات السياسية التي تُعرقل غالبًا البدء بالمشروع، يُلاحظ أن رئيس الوزراء العراقي الأسبق؛ “نوري المالكي”، الذي زار “الأردن” في دورته الوزارية الثانية؛ عام 2012، للاتفاق على إنشاء الأنبوب عاد، اليوم ليُطالب برفض البدء بتنفيذه، وطالب: بـ”التريث وعدم المضي في تنفيذه وترك الأمر إلى الحكومة المقبلة”.

وشدد “المالكي” على: “ضرورة التوازن في تصدير النفط، وألا يقتصر أغلبه على الجنوب، ويجب تبديد شبهة أن النفط العراقي سيصل إلى العقبة؛ ومنها إلى الكيان الصهيوني”.

لهذا أبدى ائتلاف (دولة القانون)؛ الذي يتزعمه “المالكي”، دعمه ضمن سياق تعدد منافذ التصدير إلى: “مشروع نقل النفط عبر ميناء طرطوس في سوريا، بعد استتباب الأمن هناك والعمل على إصلاح الأنبوب الناقل عبر الأراضي السورية”.

وهناك مبالغة في حجم الأموال الاستثمارية المخصصة لإنجاز المشروع، حيث يتحدث بعض المعترضين عن نحو: 18 مليار دولار، فيما تؤكد “وزارة النفط” أنها تُقارب: الـ 09 مليارات دولار فقط.

وسبق وأن هاجمت “وزارة النفط”؛ أولئك الذين: “يتصدون” للحديث عن موضوع الأنبوب النفطي، سواء من المحسوبين على الطبقة السياسية أو المحسوبين على التحليل الاقتصادي، وقالت: “إنهم يفتقرون إلى المعلومات الدقيقة، ولا يفقهون في الموضوعات التي يتحدثون فيها، أو أنهم يعرفون ويحرفون الحقيقة لمصالح وأهداف ونيات مختلفة على حساب الصالح العام”.

وأكدت “وزارة النفط” أن: “المشروع استثماري واقتصادي وإستراتيجي وتنموي، يهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الجوار والمنطقة”.

اعتبارات سياسية وجيوسياسية تُعطل لمشروع..

الخبير النفطي البارز؛ “نبيل المرسومي”، يرى أن المشروع: “يُمثل أهمية قصوى للعراق في اتجاه تنويع منافذ تصدير النفط الخام ودخول أسواق جديدة”. ويعتقد بوجود: “اعتبارات سياسية وجيوسياسية وراء الجدل المحتدم بين المعترضين والمؤيدين للمشروع”.

وفي تدوينة عبر (فيس بوك)، يقول “المرسومي”؛ إن المشروع يخدم مصالح البلاد: و”سيوفر إمكانية تصدير النفط إلى ثلاث دول في آن واحد وهي: الأردن وسوريا وتركيا”.

وسجّل “المرسومي” ملاحظات محددة على دراسة جدوى المشروع التي قامت بها “وزارة التخطيط”؛ في وقت سابق، وضمنها أنها: “لم تأخذ بالاعتبار الجوانب الأمنية في المناطق التي يمر فيها الأنبوب في العراق والأردن”، في إشارة إلى إمكانية وجود جماعات إرهابية؛ (داعش وغيرها)، في تلك المناطق.

روسيا تضغط لإحياء أنابيب النفط التي تربط الحقول العراقية بميناء “بانياس” السوري..

وبالتزامن مع ذلك؛ وفي تصريحات قد توضح أسباب إيقاف مشروع أنبوب “نفط البصرة”، أفادت مصادر سياسية في العاصمة العراقية؛ “بغداد”، بأن “روسيا” تضغط عبر سفارتها، لإحياء ملف أنبوب “النفط”، الذي يربط الحقول العراقية بميناء “بانياس” السوري، وهو ما يعني الاستغناء عن أنبوب النفط “الكُردستاني”، الذي يُصدّر “النفط” عن طريق ميناء “جيهان” التركي.

وقال مصدر؛ رفض الكشف عن اسمه لـ (سكاي نيوز عربية)، إن: “السفير الروسي لدى بغداد، إلبروس كواتراشين، التقى خلال الأيام الماضية، عددًا من الزعامات السياسية وقادة الكتل، وبحث معهم، آفاق إعادة تأهيل هذا الأنبوب، ضمن خطة موسكو لتعزيز الجوانب الاقتصادية في المجال السوري”.

وحسب المصدر؛ فإن: “كتلًا سياسية من قوى (الإطار التنسيقي)، رحّبت بالفكرة، لكنها اشترطت تسهيلات من الجانب السوري، أو المساهمة في عملية إعادة التأهيل”.

وخلال الأيام الماضية؛ أجرى سفير “روسيا” لدى “بغداد”؛ عدة حوارات؛ إذ التقى الأمين العام لـ (عصائب أهل الحق)؛ “قيس الخزعلي”، ورئيس ائتلاف (دولة القانون)؛ “نوري المالكي”، وغيرهما.

وتعتبر “روسيا” أن إعادة تشغيل هذا الأنبوب سيعود عليهما بأرباح صافية، فبنفوذها وامتلاكها جزءًا من هذا الأنبوب، إنما ستكون تحكمت بجزءٍ وافرٍ من صادرات الشرق الأوسط نحو الدول الأوروبية، بعدما استولت على الأنبوب الذي يُصدر إنتاج “إقليم كُردستان-العراق”؛ عبر “ميناء جيهان” التركي، إذ تملك شركة (روزنفت) الروسية ما نسبة: 60 في المئة من الأنبوب.

يُذكر أن التصدير “العراقي-السوري”، الذي يربط شبكة حقول النفط العراقية بـ”ميناء بانياس”، تأسس من قِبل شركة (بريتيش بتروليوم) البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية، واستُعمل لفترات متقطعة تاريخيًّا، تبعًا لشكل العلاقة التي ربطت الأنظمة السياسية الحاكمة في كل من “سوريا” و”العراق”.

ومع اندلاع الحرب “العراقية-الإيرانية”، توقف هذا الأنبوب عن العمل لفترة طويلة، وعاد إلى التشغيل؛ في عام 1997، مع عودة العلاقات بين النّظامين السوري والعراقي آنذاك، لكنها توقفت تمامًا منذ الغزو الأميركي لـ”العراق”؛ عام 2003، إذ يحتاج راهنًا إلى صيانة إستراتيجية بسبب تأثيرات الحرب في كل من “سوريا” و”العراق” على بنيته التحتية.

الجدوى الاقتصادية للمشروع ضعيفة..

هنا يقول الخبير النفطي العراقي؛ “نبيل المرسومي”، إن: “الأنبوب بحاجةٍ إلى أموالٍ تُقدّر بمبلغ: 08 مليارات دولار، وهو رقم كبير، خاصّة أنه مصمم لطاقة تصديرية تُقدر: بـ 700 ألف برميل يوميًّا، فيما يسعى العراق إلى رفع حجم إنتاجه خلال الفترة المقبلة”.

ويُضيف الخبير العراقي، في تصريح لـ (سكاي نيوز عربية)، أن: “هناك محاولات روسية، حثيثة، بالتنسيق مع سوريا، وإيران والعراق، لإعادة تشييد وإحياء هذا الخط، ليكون بديلًا للخط الكُردي، الواصل إلى جيهان التركي، إذ تسعى موسكو إلى تعزيز مصالحها الإستراتيجية، باعتبارها يمكن التحكم أو السيطرة على الصادرات المتجهة نحو الدول الأوروبية”.

ويُلفت الخبير العراقي إلى أن: “روسيا ترى في هذا الخط رافعة اقتصادية لها في سوريا، ويضمن كذلك مصالح دمشق، وإيران”، مؤكدًا أن: “الجدوى الاقتصادية للمشروع ضعيفة جدًّا، لأن إنتاج حقول كركوك حاليًّا لا تتجاوز: 100 ألف برميل يوميًّا، وهي لا تتناسب مع الطاقة التصديرية للأنبوب، فضلًا عن ارتفاع كلفة إعادة بنائه في ظل الأوضاع غير المستقرة هناك”.

وعلى رغم الدفع السياسي، نحو هذا المشروع، لكن الحكومة العراقية، تميل نحو استكمال أنبوب “البصرة-عقبة”، حيث فوضت قبل أشهر وزير النفط؛ “إحسان عبدالجبار”، بإنهاء الإجراءات اللازمة المتعلقة بالاتفاقية الإطارية للمشروع.

يقول خبراء إن هذه الخطوة الكبيرة أصبحت واقعًا، بعد طول انتظار لإنجاز هذا المشروع الإستراتيجي والحيوي لكلا البلدين، (الأردن والعراق)، كما أنها تُسهم في تحرير اقتصاد “العراق” ونفطه من الإرتهان، وتمنحه مرونة في تصدير نفطه.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة