26 أبريل، 2024 8:56 م
Search
Close this search box.

من “دافوس” .. “كيسنجر” ينضم لدعوات “الممر الآمن لأوكرانيا” و”زيلينسكي” مازال يأمل في لقاء “بوتين” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

دخلت العملية الروسية العسكرية الخاصة في “أوكرانيا”؛ شهرها الرابع دون أن تلوح في الأفق نهاية وشيكة، فهل يُمثل مقترح “هنري كيسنجر”، مخرجًا لتلك الحرب التي تُهدد العالم أجمع بشرارة الحرب العالمية الثالثة ؟

الهجوم الروسي على “أوكرانيا”، الذي تصفه “موسكو” بأنه عملية عسكرية خاصة، بينما يصفه الغرب بأنه غزو، كان قد بدأ 24 شباط/فبراير الماضي؛ واستمر على كامل الأراضي والمدن الأوكرانية حتى أواخر نيسان/إبريل، عندما أعلنت “موسكو” إنتهاء المرحلة الأولى من الهجوم وسحبت قواتها من غرب “أوكرانيا” وركزت عملياتها العسكرية في شرق وجنوب البلاد.

والأزمة الأوكرانية؛ في الأصل، أزمة جيوسياسية طرفاها “روسيا” وحلف الـ (ناتو)؛ بقيادة “الولايات المتحدة الأميركية”، إذ ترى “موسكو” في سعي حكومة “كييف”، برئاسة “فولوديمير زيلينسكي”، الانضمام للحلف العسكري الغربي تهديدًا لأمنها القومي. وطلب الرئيس الروسي؛ “فلاديمير بوتين”، من نظيره الأميركي؛ “جو بايدن”، ضمانات أمنية بأن “أوكرانيا” لن تنضم لحلف الـ (ناتو)، بناءً على وعد يرجع تاريخه لنحو ثلاثة عقود قدمته “واشنطن”؛ لـ”موسكو”، بأن الحلف الغربي لن يتوسع شرقًا بوصة واحدة بعد إنهيار “الاتحاد السوفياتي”.

ما هي تفاصيل اقتراح “كيسنجر” ؟

منذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرب، كان واضحًا أن الغرب؛ بقيادة “الولايات المتحدة”، لن يدخروا وسعًا في تقديم كل أشكال الدعم لـ”أوكرانيا” كي تصمد لأطول وقت ممكن أمام الدب الروسي، وفي الوقت نفسه ظل الباب مفتوحًا أمام إمكانية التوصل لاتفاق سلام بين “موسكو” و”كييف”، لكن وتيرته وشروطه ظلت متأرجحة حتى الآن.

وكانت جولات من المفاوضات على الأراضي التركية؛ قد أحرزت تقدمًا لافتًا، وقال “زيلينسكي”؛ أواخر آذار/مارس 2022، إن مفاوضين من “كييف” يدرسون مطلبًا روسيًا بالحياد الأوكراني: “هذه النقطة من المفاوضات مفهومة بالنسبة لي؛ وهي محل مناقشة ودراسة بعناية”، في إشارة على قبول “كييف” بفكرة الحياد وهي مطلب روسي أساس.

لكن مع بدء انسحاب القوات الروسية من غرب “أوكرانيا”، وجهت “واشنطن” و”كييف” اتهامات لـ”موسكو” بارتكاب: “جرائم حرب” بحق مدنيين أوكرانيين؛ وهي المزاعم التي نفاها (الكرملين) جملةً وتفصيلاً ولم تُقدم “أوكرانيا” أدلة حاسمة بشأنها، لكن تسببت تلك الاتهامات في توقف مفاوضات السلام بين الجانبين.

مصدر الصورة: أسوشيتد برس

وزير الخارجية الأميركي الأسبق؛ “هنري كيسنجر”، قدم اقتراحًا؛ هذا الأسبوع، في “المنتدى الاقتصادي العالمي”؛ في (دافوس)، يُشير إلى إمكانية أن تسمح “أوكرانيا”، لـ”روسيا”، بالاحتفاظ بشبه جزيرة “القِرم”، التي ضمتها “موسكو”؛ عام 2014.

وقال “كيسنجر”: “يجب أن تبدأ المفاوضات في الشهرين المقبلين قبل أن تحدث اضطرابات وتوترات لن يتم التغلب عليها بسهولة”، وأضاف: “من الناحية المثالية، يجب أن يكون الخط الفاصل هو العودة إلى الوضع السابق”، ما يُشير على ما يبدو إلى أن “أوكرانيا” توافق على التخلي عن جزء كبير من “دونباس” وشبه جزيرة “القِرم”.

وكانت “موسكو”؛ قد ضمت شبه جزيرة “القِرم” الأوكرانية؛ عام 2014، ودعمت انفصاليين في “إقليم دونباس”؛ أعلنوا استقلال منطقتي: “دونيتسك” و”لوغانسيك” في الإقليم. وأعلن “بوتين” الاعتراف رسميًا باستقلال المنطقتين؛ يوم 21 شباط/فبراير الماضي، أي قبل بدء الهجوم بثلاثة أيام.

وما يقترحه “كيسنجر” يُمثل في حقيقة الأمر أحد السيناريوهات المطروحة كمخرج للحرب الأوكرانية، وأشار له “توماس فريدمان” بالفعل؛ في إحدى مقالاته في صحيفة (نيويورك تايمز)، وأطلق “فريدمان” عليه سيناريو: “الحلول الوسط القذرة”، وتوقعه الكاتب الأميركي في حالة فشل الجيش الروسي في تحقيق انتصار عسكري حاسم وسريع من جهة؛ وفشل الأوكرانيون في الحفاظ على تماسكهم من جهة أخرى.

وقال “فريدمان” إن هذا السيناريو قد يكون واردًا في حالة تماسك الجيش والشعب الأوكراني في وجه الهجوم الروسي فترة كافية، حتى يبدأ تأثير العقوبات في الظهور على الاقتصاد الروسي، وفي هذه الحالة قد يشعر الطرفان؛ (روسيا وأوكرانيا)، بالرغبة في قبول: “حلول وسط قذرة”، تتمثل في وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الروسية. وفي مقابل ذلك، يتم التنازل رسميًا؛ لـ”روسيا”، عن شبه جزيرة “القِرم” و”إقليم دونباس”، وتُعلن “كييف” رسميًا عدم انضمامها لـ (الناتو) أبدًا. وفي الوقت نفسه تُعلن “الولايات المتحدة” وحلفاؤها الغربيون رفعًا فوريًا للعقوبات التي تم فرضها على “روسيا”.

كيف جاء الرد الأوكراني ؟

لكن “زيلينسكي” انتقد بشدة اقتراح “كيسنجر”، واقتراحات أخرى طرحت من دول غربية أيضًا، تقضي بتخلي بلاده عن أراضٍ وتقدم تنازلات لإنهاء الحرب مع “روسيا”، قائلاً إن الفكرة تُشبه محاولات استرضاء “ألمانيا النازية”؛ في عام 1938.

وأدلى “زيلينسكي” وأحد كبار مساعديه بتصريحات غاضبة عن الأمر؛ في وقت تواجه فيه القوات الأوكرانية هجومًا جديدًا في منطقتي: “لوغانسيك” و”دونيتسك”. وكانت هيئة تحرير صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية قد كتبت؛ قبل أسبوع، قائلة إن التوصل إلى سلام عن طريق التفاوض قد يتطلب اتخاذ “كييف” بعض القرارات الصعبة؛ نظرًا لأن تحقيق نصر عسكري حاسم ليس بالأمر الواقعي.

وقال “زيلينسكي”؛ في كلمة مصورة في وقت متأخر من مساء الأربعاء 25 آيار/مايو: “بصرف النظر عما تفعله الدولة الروسية، هناك من يقول: لنأخذ مصالحها في الاعتبار، هذا العام في (دافوس)، سمع مرة أخرى، على الرغم من سقوط آلاف الصواريخ الروسية على أوكرانيا، وعلى الرغم من عشرات الآلاف من الأوكرانيين الذين يُقتلون، وعلى الرغم مما حدث في بوتشا وماريوبول وغيرهما من المدن المدمرة، ومعسكرات التصفية التي أقامتها الدولة الروسية والتي يقتلون فيها ويعذبون ويغتصبون ويُهينون”.

زاعمًا: “لقد فعلت روسيا كل هذا في أوروبا، لكن مع ذلك، في (دافوس)، على سبيل المثال، يخرج كيسنجر من الماضي العميق؛ ويقول إن قطعة من أوكرانيا يجب أن تُمنح لروسيا. يتكون لديكم انطباع بأن تقويم السيد كيسنجر لا يُشير إلى عام 2022؛ وإنما إلى عام 1938، وأنه يعتقد أنه يُخاطب جمهورًا ليس في (دافوس) وإنما في ميونيخ في ذلك الوقت”.

“زيلينسكي”؛ كان يُشير إلى توقيع “بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا”؛ في عام 1938، اتفاقًا في “ميونيخ”، منح الديكتاتور النازي؛ “أدولف هتلر”، أراضي فيما كانت آنذاك دولة “تشيكوسلوفاكيا”؛ ضمن محاولة فاشلة لإقناعه بالتوقف عن مواصلة التوسع في ضم الأراضي.

وقال “زيلينسكي”: “ربما كتبت (نيويورك تايمز) أيضًا شيئًا مشابهًا؛ في عام 1938. لكن اسمحوا لي بأن أذكركم، إنه عام 2022 الآن”. وأضاف: “هؤلاء الذين ينصحون أوكرانيا بمنح روسيا شيئًا، هذه الشخصيات الجيوسياسية العظيمة، لا يرون أبدًا أشخاصًا عاديين، أوكرانيين عاديين، ملايين يعيشون على الأراضي التي يقترحون تقديمها في مقابل سلام وهمي”.

ولم يكن “كيسنجر” و(نيويورك تايمز) أصحاب الاقتراحات الوحيدة هذا الأسبوع، إذ حثت “إيطاليا والمجر”؛ “الاتحاد الأوروبي”، على الدعوة صراحة إلى وقف إطلاق النار في “أوكرانيا” وإجراء محادثات سلام مع “روسيا”، ما جعلهما على خلاف مع الدول الأخرى الأعضاء المصممة على اتخاذ موقف متشدد مع “موسكو”.

وقال “أوليكسي أريستوفيتش”، مستشار “زيلينسكي”، في وقت سابق؛ إن من الواضح أن بعض الدول الأوروبية تُريد أن تُقدم “أوكرانيا” تنازلات للرئيس الروسي، وأضاف في تصريحات مصورة نشرت على الإنترنت: “لن يُتاجر أحد بغرام واحد من سيادتنا أو ملليمتر من أراضينا. أطفالنا يموتون والقذائف تحول الجنود إلى أشلاء، ويطلبون منا التضحية بالأرض… لن يحدث هذا أبدًا”.

أما “ماريا زاخاروفا”، المتحدثة باسم “وزارة الخارجية” الروسية، فقد وصفت في وقت سابق؛ خطة السلام الإيطالية لـ”أوكرانيا”؛ بأنها: “خيال”، وقالت في إفادة أسبوعية، في إشارة إلى المبادرة الإيطالية: “لا يمكنكم إمداد أوكرانيا بالسلاح بيد، ووضع خطط لحل سلمي باليد الأخرى”.

كان وزير الخارجية الإيطالي؛ “لويغي دي مايو”، قد كشف الخطوط العريضة للخطة الأسبوع الماضي، وقال (الكرملين)؛ يوم الثلاثاء، إنه لم يطّلع على المبادرة؛ لكنه يأمل في تلقيها عبر القنوات الدبلوماسية. وقالت “زاخاروفا” عن الاقتراح: “إذا كانوا يأملون في أن تنتهز روسيا الاتحادية أي خطة غربية، فإن هناك الكثير مما لا يفهمونه”.

مصدر الصورة: RT

كيف تسير الحرب ميدانيًا إذاً ؟

تطرح تلك المقترحات الغربية بشأن اتفاق سلام “روسي-أوكراني” تساؤلات بشأن التوقيت، بطبيعة الحال، في ظل مواصلة تقديم الدعم العسكري لـ”كييف” وتشديد العقوبات على “موسكو”. إذ أقر “الكونغرس” خطة دعم عسكري لـ”أوكرانيا”؛ قيمتها: 40 مليار دولار في نفس اليوم تقريبًا الذي قدم فيه “كيسنجر” مقترحه في (دافوس). نعم، قد تكون مجرد مصادفة وقد لا يكون “الكونغرس” على دراية بمقترح “كيسنجر” والعكس، لكن بشكل عام هناك إصرار غربي على إيقاع الهزيمة؛ بـ”بوتين”، في “أوكرانيا”، وسحق “روسيا” حتى تدخل الحظيرة الأميركية، فلماذا تكرر الحديث عن اتفاق سلام تُقدم بموجبه “أوكرانيا” تنازلات لـ”روسيا” الآن ؟

قد يكون للتطورات الميدانية على الأرض علاقة مباشرة بذلك التطور، إذ كثفت “روسيا” من هجومها في “دونباس” بشكل لافت مع دخول الحرب شهرها الرابع، وبعد أيام قليلة من السيطرة المطلقة على “ماريوبول”.

فقد شنت “روسيا” هجومًا جديدًا؛ فجر الأربعاء، على أبعد مدينة تُسيطر عليها “أوكرانيا” في الشرق بمنطقة “دونباس”، فيما يُهدد بإغلاق آخر ممر هروب رئيس للمدنيين في طريق التقدم الروسي. وتسعى “روسيا” بسط السيطرة الكاملة على “دونباس”، التي تتألف من مقاطعتين في الشرق، لصالح الانفصاليين.

وأرسلت روسيا آلاف القوات إلى المنطقة، حيث تُهاجم من ثلاث جهات بغية تطويق القوات الأوكرانية المتمركزة في مدينة “سيفيرودونيتسك” على الضفة الشرقية لـ”نهر سيفيرسكي دونيتس” ومدينة “ليسيتشانسك” المقابلة لها على الضفة الغربية. وسيؤدي سقوطهما إلى وقوع منطقة “لوغانسك” بأكملها تحت السيطرة الروسية، وهو هدف رئيس لـ (الكرملين). ويدعي “زيلينسكي”: “كل ما تبقى من قوة لدى الجيش الروسي يتركز الآن على هذه المنطقة”. وذكر مكتبه أن الروس شنوا هجومًا على “سيفيرودونتسك” في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، وأن البلدة تتعرض باستمرار لقصف بقذائف (المورتر).

وفي كلمة عبر رابط فيديو لكبار الشخصيات في “المنتدى الاقتصادي العالمي”؛ في (دافوس) بـ”سويسرا”، قال “زيلينسكي” إن الصراع لا يمكن أن ينتهي إلا بمحادثات مباشرة بينه وبين “بوتين”.

وقال إنه: “كخطوة أولى نحو المحادثات”، يتعين على “روسيا” الانسحاب إلى خطوط ما قبل غزوها في 24 شباط/فبراير. ويقول أقرب حلفاء “أوكرانيا” إنهم يخشون أن تدفع دول غربية أخرى؛ “كييف”، للتخلي عن أراض. وقال رئيس وزراء “إستونيا” إنه لا ينبغي إجبار “أوكرانيا” على تقديم تنازلات.

وأضاف: “الاستسلام لبوتين أخطر بكثير من استفزازه. كل هذه التنازلات التي تبدو صغيرة للمعتدي تؤدي إلى حروب كبيرة. لقد ارتكبنا هذا الخطأ بالفعل ثلاث مرات: جورجيا وشبه جزيرة القِرم ودونباس”.

الخلاصة هنا هي؛ أن الحديث عن السلام ووقف إطلاق النار من الجانب الأوكراني والغربي يبدو مرتبطًا إلى حدٍ كبير بما تحققه القوات الروسية من تقدم على الأرض، حتى لو كان بطيئًا بحسب التكتيك الروسي المعلن من بدء العملية العسكرية، فهل يُمثل مقترح تنازل “أوكرانيا” عن “القِرم” و”دونباس”؛ لـ”روسيا”، نافذة لإيقاف الحرب قريبًا.. وهل تترك “واشنطن” تلك المحاولات للسلام تنجح في إيقاف حرب يعمل “البيت الأبيض” باستمرار على توهجها دائمًا ليس فقط على حساب الشعب الأوكراني وإنما أمتدت إلى “السويد” و”فنلندا” ومدى إصرار “واشنطن” والـ (ناتو) على ضمهما إلى التحالف الغربي ؟

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب