7 أبريل، 2024 12:46 ص
Search
Close this search box.

من جديد .. تجنيد الأصوليين اليهود في الجيش الإسرائيلي تثير معركة إعلامية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبد العزيز :

يرفض اليهود الأصوليون الخدمة في الجيش الإسرائيلي، وقد تعهدوا بمواصلة المقاومة ضد التجنيد الإجباري.

لكن عدم تجنيد المتدينين تسبب في امتعاض المجتمع الإسرائيلي الذي يتزايد علمانية, ويرى كثيرون أن المتدينين يتهربون من الخدمة العسكرية ويعيشون عالة على المجتمع الإسرائيلي. لكن بعض المحللين يرون  أن تجنيد الأصوليين سيشكل كارثة للجيش الإسرائيلي، لأن الأصوليين يكرهون الجيش وسيرفضون طاعة أوامر قادتهم إذا تعارضت مع أوامر الحاخامات.

ولقد نشرت صحيفة “هاأرتس” العبرية مقالاً للكاتب “يسرائيل كوهين”؛ يتناول فيه اشكالية تجنيد الأصوليين اليهود في صفوف الجيش الإسرائيلي, ويرى أن الأفضل للجيش والمجتمع الإسرائيلي هو ترك الأصوليين وعدم تجنيدهم لأن ولاءهم للرب وحده وليس للدولة وقيادات الجيش.

قبعة المتدينين الأصوليين تثير مخاوف العلمانيين..

يقول “كوهين” إن قرار المحكمة الإسرائيلية العليا بإلغاء القانون، الذي يعفي طلاب المعاهد الدينية اليهودية من التجنيد في صفوف الجيش الإسرائيلي, قد أحدث ضجة داخل الأروقة السياسية وأثار من جديد تلك القضية الشائكة المتعلقة بضرورة المساواة في تحمل عبء الخدمة العسكرية.

وعلق “كوهين” على مقال للكاتب “كوبي نيف”، نشرته صحيفة “هاأرتس” يوم 27 أيلول/سبتمبر المنصرم، وقال فيه إنه لا يجوز للجنود المتدينيين ارتداء “القبعات” خلال الخدمة العسكرية تحاشياً للتباين بين الجنود في جيش الشعب, ولأن “القبعة”, على حد قوله, تشير إلى الولاء للرب وللشريعة اليهودية وتضعهما في مكانة أعلى من القوانين العسكرية.

ويرى “نيف” أن أخطر شيء في السماح بارتداء “قبعة” المتدينين، هو أن ذلك يعني السعي لتقويض جوهر الجيش وصلاحياته, لأن أولئك الجنود يُعلنون أنهم – أولاً وقبل كل شيء – جنود في جيش الرب، ثم في جيش الدفاع الإسرائيلي. كما قال “نيف”: “إذا قام الجيش الإسرائيلي بمنع جنوده المتدينين من ارتداء القبعة، فإنه سيعلن لهم ولجميع الشعب الإسرائيلي بأسره أن المتدينين خلال خدمتهم العسكرية هم جنود في جيش الدولة الإسرائيلية ولا يزعنون إلا لسلطته فقط. أما في المنزل وفي الحياة المدنية فلهم أن يعتبروا أنفسهم جنوداً في (جيش الرب) كما يشاؤون”.

وهنا يرد “كوهين” على مقال “نيف”، فيقول: “ليس هناك الكثير من مقالات نيف التي يمكنني كشخص (أصولي) أن أتفق معها، ولكنني أتفق تماماً مع بعض ادعاءاته في ذلك المقال. لأن (نيف) مُحق في ادعائه بأن القبعة ترمز إلى إلتزام المرء الشديد – وكذلك الجندي – بمنهج الخالق, والداعين إليه مثل الحاخامات وعلماء الشريعة. وذلك أيضاً على حساب إلتزامه بطاعة قياداته. ولهذا السبب تحديداً, أعتقد أنه ليس هناك من جدوى في تجنيد الأصوليين اليهود في صفوف الجيش، بل إن تجنيدهم قد يسبب ضرراً”.

إن توضيح “نيف” في بداية مقاله بأنه لا يدعو إلى استبعاد الجنود المتدينين من جيش الدفاع الإسرائيلي، بل إلى منعم من ارتداء “القبعات”، ليس في محله لأن كل كلامه لاحقاً يُثبت أنه يعتقد العكس تماماً, أي أنه لا مكان للجندي الأصولي في جيش الدفاع الإسرائيلي.

اختلاف الولاءات يهدد الجيش والمجتمع..

يوضح “كوهين” أن الجنود غير المتدينين لديهم ولاء واحد فقط وهو للجيش وقادته والدولة وقيمها. أما الجنود المحسوبون على “الحركة الصهيونية الدينية” فلديهم ولاء مزدوج: “أحدهما للدين والشريعة والرب، والآخر للقومية اليهودية والدولة الإسرائيلية”. (وتجلى ذلك أثناء عملية فك الارتباط عن قطاع غزة، حيث كان الكثير منهم في حالة انهيار أمام التناقض الظاهري بين الولاءين).

أما الجنود الأصوليين, أو ما يُطلق عليهم بـ”الحريديم” فلا يدينون إلا بولاء واحد فقط وهو للسلطة الروحية العليا، أي لخالق الكون. ولذلك، إذا كان “نيف” صادقاً في ادعائه الأساسي بأن هناك تناقضاً بين “القبعة” وقيم الجيش الإسرائيلي، فمن الأفضل، بل ومن اللائق، ألا يتم تجنيد الأصوليين في الجيش. لأن “نيف” يثير في مقاله مشكلة أساسية ناجمة عن تجنيد الأصوليين, وهي: “هل القبعة هي التي ستسيطر أم القيم العسكرية ؟”.

فمن ناحية، يخشى العلمانيون – وهم مُحقون – من أنه كلما تم تجنيد مزيد من الأصوليين، كلما زاد احتمال تغيير هوية الجيش. وهناك مظاهر مثل شكاوى الفتيات المجندات، من مطالبتهن بالإلتزام بالاحتشام وعدم الاختلاط بالجنود في الممارسات اليومية, ستصبح واقعاً ملموساً, كما ستسود مظاهر التدين في الجيش. وعلى الجانب الآخر يخشى الأصوليون – وهم مُحقون أيضاً – من أن “بوتقة الجيش” ستسحق جدران مجتمعهم المُنغلق وستغير وعي الشباب الأصولي وتجعلهم علمانيين.

تجنيد الأصوليين سيدمر الجيش..

يضيف “كوهين” أن الكاتب “أوري أفنيري” قد وصف تلك المعضلة بكلمات واضحة في مقال له بصحيفة “هاأرتس”، 26 أيلول/سبتمبر 2017، حيث قال: “إن تجنيد الأصوليين كان سيدمر جيش الدفاع الإسرائيلي من الداخل, لأن ذلك كان سيتطلب من الجيش التخلي عن تجنيد الفتيات والفصل التام بين الجنود والمجندات. وعدم إجراء التدريبات المشتركة التي تجمع بين الجنسين”.

ويعتقد “أفنيري” أن المجتمع الإسرائيلي ينبغي أن يتخذ قراراً واحداً ونهائياً: “فإما القضاء بالقوة على المجتمع الأصولي المُنغلق والعمل على إذابته داخله، أو ترك الأصوليين يعيشون وفق منهجهم”. ويضيف “أفنيري” بقوله: “إذا اختارت إسرائيل تصفية المجتمع الأصولي، فإن تجنيد شباب الأصوليين في الجيش الإسرائيلي هو السبيل الأمثل”.

وهنا يؤكد “كوهين” على أن هذا الطرح في الحقيقة سيُلحق الضرر بالجميع. وعلى أية حال، ستكون الخسارة أكبر من الربح وسيكون الضرر أكبر من النفع. فإذا تم تجنيد جموع الأصوليين (وانضموا إلى أتباع الصهيونية الدينية)، فبطبيعة الحال ستسود “القبعة”، وسيتعرض جيش الشعب إلى تغيير جذري مصحوب بحالة من التدين الفعلي، ولكن العلمانيين لا يمكنهم أن يقبلوا بذلك. وإذا حدث العكس، وتعرض الأصوليون المجندون للعلمنة والذوبان في المجتمع الإسرائيلي، فإن قيادة التيار الأصولي لن يمكنها أيضاً قبول ذلك.

ويخلص الكاتب الإسرائيلي “يسرائيل كوهين” في النهاية إلى أن الاستنتاج الواضح من مقالي “نيف” و”أفنيري”؛ هو أن مكان الشباب الأصوليين ليس في الجيش الإسرائيلي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب