8 أبريل، 2024 5:34 ص
Search
Close this search box.

من تسميم مياه الشرب إلى التجويع وحرق الأرض .. تفاصيل الخطة الإسرائيلية لجعل “غزة” غير قابلة للحياة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات- كتابات:

بشكلٍ منهجي تعمل “إسرائيل” على جعل “غزة” غير صالحة للحياة، كما تُظهر العديد من التقارير الإخبارية والتقيّيمات الصادرة عن جهات أممية وحقوقية، فيما يبدو أنه تنفيذ لتهديدات العديد من المسؤولين الإسرائيليين.

وتُعد الحرب الإسرائيلية على “غزة” هي الأكثر فتكًا وتدميرًا في الذاكرة الحديثة، ووفقًا لبعض التقديرات، فهي بالنظر إلى نسّبة السكان، تُعد بنفس التدمير الذي سببه قصف الحلفاء لـ”ألمانيا”؛ خلال الحرب العالمية الثانية، والذي أباد: (60) مدينة ألمانية. وقُتل ما يُقدر بنحو نصف مليون شخص.

جعل “غزة” غير صالحة للحياة هدف إسرائيلي مُعّلن..

ومنذ 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، نزح داخليًا: (1.9) مليون شخص – (85%) من سكان “غزة”. وقد أدى نطاق أوامر الإخلاء إلى حصر السكان في أقل من ثُلث مساحة “قطاع غزة”. ويعيش معظم النازحين داخليًا في ظروف مكتظة، حيث تتزايد الأمراض المعدية، ويُكافحون من أجل الحصول على الغذاء والماء والرعاية الصحية الكهربائية والصرف الصحي والمأوى مع وصول الشتاء لذروته.

وسبق أن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “بنيامين نتانياهو”، إن سكان شمال “قطاع غزة” لن يعودوا إلى تلك المنطقة طالما استمرت الحرب، فيما طالب وزير المالية الإسرائيلي المتطرف؛ “بتسلئيل سموتريتش”، بأن تُسّيطر “إسرائيل” على “قطاع غزة” بشكلٍ دائم، داعيًا إلى الاستيطان اليهودي داخل القطاع، بينما يُخطط زعماء المسّتوطنين للاسّتيطان في شمال “غزة” !

على الأرض؛ رُغم تأكيد “الولايات المتحدة” رفضها تهجير سكان شمال “غزة” بشكلٍ دائم، فإن جيش الاحتلال يعمل عن كثب لجعل “غزة”؛ ولا سيما شمالها غير صالحة للحياة.

“قتل المنازل” أخطر خطوة في عملية تفريغ “غزة” من البشر..

وبالفعل؛ وصفت “الأمم المتحدة”؛ “قطاع غزة”، بأنه: “غير صالح للسكن”، حيث دُمرت أكثر من: (70%) من المباني أو تضررت، وعلى ضوء ذلك يتهم العديد من الخبراء في القانون الدولي؛ “إسرائيل”، بجريمة: “قتل المنازل”، أي التدمير المتعمد والمنهجي للمساكن الفلسطينية، حسّبما ورد في تقرير لموقع (الجزيرة.نت).

وقال تقرير لصحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية نُشر في أواخر كانون أول/ديسمبر؛ إن الدمار الذي أصاب منازل القطاع لا مثيل له في حرب المدن الحديثة، موضحة أن إزالة الأنقاض ستسّتغرق سنة على الأقل وما بين: (07) و(10) سنوات لإعادة بناء المنازل المدمرة.

كما قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بتدمير المستشفيات والمدارس والجامعات بشكلٍ شبه كامل، حيث أعلنت “وزارة الأوقاف والشؤون الدينية”؛ في “غزة”، يوم الأحد، أن الجيش الإسرائيلي دمر ألف مسجد وعشرات المدافن في القطاع، واغتال أكثر من مئة داعية، خلال حربه المتواصلة؛ منذ 07 تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وقبل عدة أيام قالت وزيرة الصحة الفلسطينية؛ “مي الكيلة”، إن أكثر من نصف مستشفيات “قطاع غزة” أصبحت خارج الخدمة؛ بسبب القصف أو نفاد الوقود والكهرباء، فيما قال منسّق فرق الطواريء الطبية بمنظمة الصحة العالمية؛ “شون كيسي”، إنه لم يرَ أي دليل على أن مستشفيات “قطاع غزة” تُستخدم لأغراض أخرى، وذلك في رده على سؤال بشأن مزاعم “إسرائيل” باستخدام (حماس) لمستشفيات “غزة” كبُنى عسكرية.

وقال أطباء بريطانيون عملوا في مستشفى “شهداء الأقصى” بقطاع غزة، لوكالة (الأناضول) إنهم شاهدوا هناك أسوأ الإصابات في حياتهم المهنية، واضطروا في كثير من الأحيان إلى علاج الجرحى دون معدات طبية.

تجويع المدنييّن واحد من أساليب الحرب الرئيسة !

إضافة لذلك؛ تستخدم الحكومة الإسرائيلية تجويع المدنييّن كأسلوب من أساليب الحرب في “قطاع غزة”، وهو ما يُعد جريمة حرب، حسّب منظمة (هيومن رايتس ووتش) الأميركية.

وتتعمد القوات الإسرائيلية منع توصيل المياه والغذاء والوقود، في حين تُعيّق عمدًا المساعدات الإنسانية، وتدمر على ما يبدو المناطق الزراعية، وتُحّرم السكان المدنييّن من الأشياء التي لا غنى عنها لبقائهم على قيّد الحياة، حسّب (هيومن رايتس ووتش).

“الأمم المتحدة” تحذر من قيام إسرائيل بتغييّر تركيبة “غزة” السكانية عبر بث الرعب..

وحذرت “باولا غافيريا بيتانكور”، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين داخليًا، في 22 كانون أول/ديسمبر 2023، من أن “إسرائيل” تسّعى إلى تغيّير تركيبة سكان “غزة” بشكلٍ دائم من خلال أوامر الإخلاء المتزايدة باستمرار والهجمات واسعة النطاق والمنهجية على المدنيين والبُنية التحتية المدنية في المناطق الجنوبية من القطاع المحاصر.

وقالت: “لقد تراجعت إسرائيل عن الوعود التي قدمتها بشأن سلامة أولئك الذين امتثلوا لأوامرها بإخلاء شمال غزة”. وأضافت: “لقد تم تهجيرهم قسّرًا مرة أخرى، إلى جانب سكان جنوب غزة”.

وتساءلت: “أين سيذهب سكان غزة غدًا بعد ذلك ؟”.

وقالت: “مع استمرار توسيّع أوامر الإخلاء والعمليات العسكرية وتعرض المدنيين لهجمات لا هوادة فيها بشكلٍ يومي، فإن الاستنتاج المنطقي الوحيد هو أن العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة تهدف إلى ترحيل غالبية السكان المدنيّين بشكلٍ جماعي”.

فلقد تم تدمير المسّاكن والبُنية التحتية المدنية في “غزة” بالأرض، مما يُحبط أي احتمالات واقعية لعودة النازحين من “غزة” إلى ديارهم، مما يكرر تاريخًا طويلًا من التهجير القسّري الجماعي للفلسطينيين على يد إسرائيل، حسّب المقررة الأممية.

يأتي ذلك فيما صُدرت دعوات إسرائيلية للغزاويين للنزوح إلى “سيناء” المصرية في بداية الحرب، ثم دعا وزراء في حكومة الاحتلال بعد ذلك دول العالم بما فيها دولة أوروبية لاستقبال مهجرين من “غزة”؛ باعتبار ذلك هو حل الأزمة.

اعتقالات وتهجير قسّري لمن رفض الرحيل من شمال “غزة”..

ومع إصرار بعض سكان شمال “قطاع غزة”، على البقاء في منازلهم، حيث ما زال هناك عشرات الآلاف من المدنييّن، فإن “إسرائيل” يبدو أنها قد لجأت للاعتقال والتهجير القسّري والتعذيب لإخلاء المنطقة، حيث قالت “مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان” إن هناك تقارير مُثيرة للقلق من شمال “غزة” عن اعتقالات جماعية وسوء معاملة وتعذيب واختفاء قسّري لآلاف الفلسطينيين المحتملين.

وتُفيد التقارير بأن من بين المعتقلين أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم: (12 عامًا) وأشخاصًا تبلغ أعمارهم: (70 عامًا). والأكثر إثارة للقلق هو وجود تقارير عديدة تُفيد بأن العديد من المعتقلين تعرضوا لسوء المعاملة الخطيرة، والتي قد تصل في بعض الحالات إلى مستوى التعذيب.

وتقول التقارير كذلك إن جيش الاحتلال الإسرائيلي أصدر تعليماته لمن تبقى من المدنييّن، وهم عادة من النساء والأطفال، بالتحرك جنوبًا قبل تدمير ملاجئهم، مما أدى في كثير من الحالات إلى عمليات نزوح متعددة. كما وردت معلومات موثوقة تُفيد بأن ما يقرب من: (140) امرأة وفتاة قد تم احتجازهن تعسّفيًا وهن محتجزات حاليًا في أماكن غير معلنة.

ولم يتم تزويد عائلات المعتقلين بأي معلومات عن مصير أو مكان أقاربهم أو أي أسباب احتجازهم؛ مما أدى إلى تفاقم شعورهم بالألم والخوف.

على سبيل المثال؛ في صباح يوم 12 كانون أول/ديسمبر 2023، أغارت قوات الاحتلال الإسرائيلية على “مستشفى كمال عدوان” في “بيت لاهيا”، شمال “قطاع غزة”، بعد عدة أيام من الحصار والقصف على المستشفى. وبحسّب ما ورد كان المستشفى يستضيف حوالي: (3.000) نازح، بالإضافة إلى المرضى والطاقم الطبي. وتُفيد التقارير بأن جيش الدفاع الإسرائيلي احتجز ما بين: (1.000) و(1.200) فلسطيني، معظمهم من الرجال والصبيان الذين تتراوح أعمارهم بين: (16) و(65 عامًا)، بما في ذلك الطاقم الطبي والمرضى والمشّردون داخليًا، ونقلهم إلى جهة مجهولة. ولا يزال أكثر من: (70) من الكوادر الطبية، من بينهم الدكتور “أحمد الكحلوت”، مدير عام المستشفى، محتجزين.

ومؤخرًا؛ أجبر الاحتلال الإسرائيلي عائلات فلسطينية في “غزة”، على النزوح القسّري إلى وسط وجنوب القطاع، بعد اقتحام منازلهم ومراكز إيواء لجأوا إليها سابقًا، فيما قال “المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” إنه يُنظر بخطورة بالغة لانتقال “إسرائيل” إلى مرحلة إفراغ المدينة من سكانها عنوة وبقوة السلاح.

ومما يُثير القلق البالغ أن “المفوضية السّامية لحقوق الإنسان” تلقت عددًا متزايدًا من التقارير التي تُفيد بمقتل مدنييّن، بما في ذلك عمليات إعدام خارج نطاق القضاء، على ما يبدو، في أماكن اللجوء، ولا سيما المدارس. وقد تُشكل مثل هذه الحوادث جرائم حرب يجب التحقيق فيها بشكلٍ فوري وكامل.

“قتل بيئة غزة” بدأ باستخدام المياه كسلاح حربي..

وحولت “إسرائيل” المياه إلى سلاح دمار شامل في “غزة”، حيث كان حرمان الفلسطينيين من المياه الصالحة للشرب منذ بداية الحرب، تكتيكًا عسكريًا أساسيًا، وتهدد بأزمة مياه دائمة في القطاع.

فمنذ البداية؛ أغلقت “إسرائيل” الأنابيب التي تُغذي القطاع في السابع من تشرين أول/أكتوبر. وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي؛ “يوآف غالانت” أن إسرائيل: “تُفرض حصارًا كاملاً على غزة. لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، لا وقود. كل شيء مغلق. نحن نقاتل حيوانات بشرية، ونتصرف على هذا الأساس”.

تُهدد بتدمير المخزون المحدود من المياه الجوفية للأبد بدعوى محاربة الأنفاق !

وحذر خبراء من أن إغراق أنفاق (حماس) بمياه البحر يُهدد بتدمير الحياة الأساسية في “غزة”، وأن هذا يُشّكل أحد عناصر جريمة الإبادة الجماعية.

وشّبه المقرر الخاص لـ”الأمم المتحدة” المعني بالحق في المياه؛ “بيدرو أروجو أجودو”، الأمر بأسطورة تمليح الرومان لحقول قرطاج لجعل أراضي أعدائهم غير صالحة للسكن، حسّبما ورد في تقرير لصحيفة (الغارديان-the Guardian) البريطانية.

ويُهدد ذلك بجعل التربة مشّبعة وغير مستقرة، مما قد يتسّبب في انهيار الأرض ومقتل العديد من الأشخاص. وتحويل الحقول الزراعية الخصبة إلى حفر مملحة من الطين، وتدهور مياه الشرب النظيفة، التي كانت تُعاني بالفعل من نقص في “غزة”.

ويتهم تقرير لموقع “حركة الديمقراطية في أوروبا” 2025؛ (diem25)، عنوانه: “قتل بيئة غزة”، “إسرائيل”، بأنها لا تُريد عبر خطتها لإغراق الأنفاق بمياه البحر فقط تفكيك قدرات (حماس) العسكرية، ولكن زيادة تدهور وتدمير طبقات المياه الجوفية في “غزة”؛ (الملوثة بالفعل بمياه الصرف الصحي التي تسّربت من الأنابيب المتهالكة). خاصة أن المسؤولين الإسرائيليين اعترفوا علنًا بأن هدفهم هو ضمان أن تُصبح “غزة” مكانًا غير صالح للعيش فيه بمجرد إنهاء حملتهم العسكرية القاسية.

تدمير الزراعة.. أشجار لا تعوض..

كانت “غزة” تنُتج في المتوسط أكثر من: (5000) طن زيت زيتون سنويًا من أكثر من: (40000) شجرة، ولكن منذ 07 تشرين أول/أكتوبر 2023، توقف الحصاد. وبدلاً من ذلك، أدت تكتيكات الأرض المحروقة التي اتبعتها “إسرائيل” إلى تدمير عدد لا يُحصى من بساتين الزيتون. وتؤكد صور الأقمار الصناعية التي تم نشرها في أوائل كانون أول/ديسمبر، أن: (22%) من الأراضي الزراعية في “غزة”.

كما تقوم “إسرائيل” بتسّميم “غزة” من الأعلى. وتعرض العديد من مقاطع الفيديو التي حللتها “منظمة العفو الدولية”، وأكدتها صحيفة (واشنطن بوست)، لقطات من قنابل مضيئة وأعمدة من الفسفور الأبيض تنهمر على المناطق الحضرية المكتظة بالسكان.

و”الفوسفور الأبيض”؛ سّام وخطير على صحة الإنسان. وإسقاطه على البيئات الحضرية يُعتبر الآن غير قانوني بموجب القانون الدولي، و”غزة” هي واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض.

تقول “لما فقيه”؛ مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في (هيومن رايتس ووتش): “في أي وقتٍ يتم فيه استخدام الفسفور الأبيض في مناطق مدنية مزدحمة، فإنه يُشّكل خطرًا كبيرًا يتمثل في حروق مؤلمّة ومعاناة مدى الحياة”.

كما أن تركيزات كبيرة منه لها أيضًا آثار ضارة على النباتات والحيوانات. يمكن أن يُعطل تكوين التربة، مما يجعلها حمضية للغاية، بحيث لا تُصبح صالحة لزراعة المحاصيل.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب