19 أبريل، 2024 2:55 م
Search
Close this search box.

من انتقال الشراكة الكاملة إلى الحفاظ على معادلة إرضاء إيران وأميركا .. “السوداني” يزور واشنطن !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

في زيارة رسّمية بطلب من “واشنطن”؛ التقى رئيس الحكومة العراقية؛ “محمد شيّاع السوداني”، الاثنين الماضي، في “البيت الأبيض”، الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، بحثت العديد من الملفات المشتركة بين “العراق” و”أميركا”، أهمها الأمنية والاقتصادية ووضع المنطقة.

“بايدن”؛ قال خلال لقائه “السوداني”: مُلتزمون بحماية مصالح “أميركا” وشركائها في المنطقة، بما فيها “العراق”، مؤكدًا عزمه الابتعاد عن تمدّد الصراع في الشرق الأوسط، فيما قال، إن الشراكة بين “الولايات المتحدة” و”العراق” بالغة الأهمية ونرى ذلك في اتفاقية (الإطار الاستراتيجي) ومحاربة تنظيم (داعش).

وفي تغريدةٍ له عبر منصة (إكس)؛ يوم الثلاثاء، قال “بايدن”: “التقيت اليوم برئيس وزراء العراق؛ السوداني، لإجراء محادثة واسعة النطاق حول رؤيتنا لعلاقة واسعة ومتعددة الأوجه”، مردفًا، أن: ‏”المحادثات تراوحت بين الاستقرار الإقليمي وتوسيّع الفرص للعائلات العراقية وتعزيز سيّادة العراق وأمنه”.

الانتقال من العلاقة العسكرية إلى الشراكة الكاملة..

أما رئيس الحكومة العراقية؛ “السوداني”، فقال: نعمل على الانتقال مع العلاقة العسكرية إلى الشراكة الكاملة مع “الولايات المتحدة”، مضيفًا؛ أن “العراق” جاد في تفعيل اتفاقية (الإطار الاستراتيجي)، وأكد لـ”بايدن”: نُريد وقف الصراع بالشرق الأوسط ومنع اتسّاعه.

“السوداني” أردف: زيارتنا إلى “واشنطن” تأتي في وقتٍ حساس ودقيق ولها أهمية في تاريخ العلاقة بين البلدين، إذ قال: قاتلنا معًا وانتصرنا على الإرهاب وتحقق ذلك بفعل الشعب العراقي وتكاتف مكوناته، وضعنا المنهجية السّليمة للانتقال العسكري من خلال اللجنة العُليا التي ستُقدر الموقف وقدرات الأجهزة الأمنية، لافتًا إلى أن وجوده في “واشنطن” يحمل الرغبة بالنهوض بواقع شعب بلد عريق مثل “العراق”.

إقامة علاقة قوية بين “طهران” و”واشنطن” !

ويرى تقرير لـ (bbc) البريطانية؛ جاءت زيارة “السوداني” في أصعب توقيت ممكن مع هذا التوتر بين “إسرائيل” و”أميركا” من جهة و”إيران” من جهة أخرى. يتمثل جزء كبير من المهمة السياسية لأي رئيس وزراء في “العراق” اليوم – في قدرته على إقامة علاقة قوية مع كل من “إيران” و”أميركا”، وكلما توتر الوضع بين “واشنطن” و”طهران” أصبحت تلك المهمة أصعب.

كان “السوداني”؛ وما يزال يأمل في الحفاظ على ما تحقق في السنوات الماضية من استقرار نسّبي في “العراق” أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا مقارنة بالسنوات الماضية؛ التي شهدت حربًا مدمرة مع تنظيم الدولة الإسلامية، وقبل ذلك فترات من العنف الطائفي أعقبت الغزو الأميركي لـ”العراق” عام 2003.

الهجوم الإيراني على “إسرائيل”..

اصطحب “السوداني” وفدًا كبيرًا تجاوز الـ (134) شخصًا ضم العشرات من الوزراء وكبار الموظفين والمستشارين ورجال الأعمال والمعُّلقين الإعلاميين وغيرهم.

خلال مؤتمره الصحافي؛ خيّم موضوع الهجوم الإيراني على “إسرائيل” على الأسئلة، خصوصًا وأن الهجوم مَر عبر الأجواء العراقية التي دخلت منها الطائرات المُسيّرة والصواريخ الإيرانية في طريقها إلى “إسرائيل”.

تلقّى رئيس الوزراء العراقي أسئلة كثيرة عن ذلك أجاب عنها موازنًا بين ثوابته وبين ما يقتّضيه المنهج الدبلوماسي الذي تطورت على أساسه علاقته بـ”أميركا” ليصل إلى زيارتها. ألقى اللوم على “إسرائيل” ولم يوجه اللوم أو الإدانة بوضوح لـ”إيران” لاختراقها المجال الجوي العراقي أثناء الهجوم.

لن يكون “العراق” ساحة للصراع..

سألته (bbc) بوضوح عن موقفه من حيث المبدأ من الهجوم، ومن اختراق مجاله الجوي من قبل “إيران” التي يتمتع معها هو ومجموعته السياسية بعلاقات قوية. أجاب أيضًا بطريقته التي تتجنب المباشرة عن أنه يضع “العراق” أولاً، وأن هذا هو منهجه في هذه الزيارة، وبأنه يُريد تجنيب “العراق” أي اختراق مماثل أو أن يتحول إلى ساحة للصراع، وذكر أكثر من مرة إن الأراضي العراقية لم تكن منطلَقًا للهجوم.

وذّكر مراسل (bbc)؛ رئيس الوزراء العراقي، بأن “بايدن” اتهم جماعات عراقية مدعومة من “إيران” بالمشاركة في الهجوم، وسألتُه إنْ كان “بايدن” قد طلب منه تغيّير سياسته في التعامل مع تلك الجماعات، خصوصًا وأن “السوداني” لم يتردد في ضم قوى تخضع للعقوبات الأميركية إلى حكومته؛ وفي الظهور مع شخصيات تخضع للعقوبات الأميركية علنًا.

هنا جاءت اللحظة الأكثر صراحة في حديث رئيس الوزراء العراقي؛ الذي قال إنه لا يحتاج لتلقي النصائح من أحد، وبأن السياسات العراقية يضعها “العراق” فقط.. كانت تلك لحظة نادرة غادر فيها “السوداني” خطابه الحريص في هذه الزيارة أو كاد. لكن وبغض النظر عن الخطاب والألفاظ فإن لـ”إيران” نفوذًا كبيرًا في “العراق”، ولها حلفاء عراقيون قريبون من حكومة “السوداني” أو هم فيها.

الانسّحاب الأميركي من “العراق”..

العنوان الآخر الذي استّبق وصول “السوداني” إلى “واشنطن” إعلاميًا؛ كان فكرة الانسّحاب الأميركي من “العراق”. إذ يقع رئيس الوزراء العراقي تحت ضغط القوى العراقية القريبة لـ”إيران”، والتي تُريد انسّحابًا شاملاً للقوات الأميركية. لذلك ركزت بعض عناوين التغطيات الإعلامية على فكرة أن “السوداني” قادمٌ لمناقشة الانسّحاب.

لكن تلك القضية أعقد مما تبدو !

فـ”الولايات المتحدة” لا تستخدم أبدًا مصطلح الانسّحاب، إذ يُشكّل الوجود العسكري الأميركي ضمانًا لـ”واشنطن” على استمرار الوضع العسكري الراهن في “العراق” و”سورية”، والذي تحقق بعد الحملة على تنظيم (داعش).

تعرّض “السوداني” لوابّل من الأسئلة الصحافية عن الانسّحاب الأميركي وتفاصيله وعن كّونه أمرًا تُريده “إيران” أو القوى العراقية المدعومة من “إيران”، وكان جوابه دائمًا يتمثل في القول إن الانسّحاب الأميركي مطلب عراقي أوّلاً وليس مطلبًا إيرانيًا.

أعاد لأكثر من مرة ما قاله أثناء لقائه “بايدن” من تذّكير بأعمال اللجان العسكرية المشتركة “الأميركية-العراقية”، التي تبحث في تراجع وانحسّار تنظيم (داعش)، وفي تطور قدرات القوات العراقية، وتدّرس الظروف من أجل تحديد موعد إنهاء مهمة قوات التحالف الذي تقوده “أميركا” منذ تشّكيله لمساعدة “العراق” في قتال التنظيم قبل عشرة أعوام.

موازنة المواقف..

رُغم كثرة الأسئلة والأجوبة عن هذا المحور إلا أن “السوداني” أبى أن يُغيّر خطابه الذي يوازن فيه بين مواقفه ومواقف القوى التي تدعمه في “العراق”، وبين “أميركا” وما تُريد.

تحدث “السوداني” كثيرًا عن قناعته بأن “القضية الفلسطينية” وسياسات “إسرائيل” فيها؛ وخصوصًا في “حرب غزة”، تُمثل المعضلة الأساسية التي تمنع الاستقرار في الشرق الأوسط. لكن فيما يخص “العراق” تحديدًا قال إنه يُريد تجنب تحّول بلده إلى ساحة للصراع، وبأنه يتحدث مع “إيران” من جهة ومع “أميركا”” من جهة أخرى من أجل ضمان ذلك.

الحفاظ على معادلة إرضاء “إيران” و”أميركا” معًا..

وأشارت (bbc) إلى أن “السوداني” استفاد كثيرًا من الاستقرار النسّبي في “العراق”، وانخرطت حكومته في خطة إنفاق كبيرة شملت مشاريع بدأت تظهر ملامحها في “بغداد” وأماكن أخرى راسّمةً صورة مختلفة نوعًا ما لـ”العراق”. ما زالت الخلافات السياسية موجودة، وما زالت هناك مشاكل كبرى مثل الفساد الهائل الذي يدخل في مفاصل الحكومة على مستوياتها المتعددة.. وما يزال الاقتصاد العراقي معتمدًا بشدة على “النفط” دون خطط تنمية حقيقية.. وما زالت نسّبة الفقر واضحة في المجتمع، لكنّ هنا تغييّرًا يتحدث عنه مَن يزور “العراق” ويتحدث للناس العاديين. يأمل “السوداني” أن يتحول هذا التغييّر إلى إنجاز سياسي يطبع فترته في رئاسة الحكومة التي قد يحلم أيضًا بأن يُلحقها بفترة أخرى، لكن نجاح زيارته وتحقيق أهدافه سيعتمدان على نفس المعادلة التي تعامل معها أسلافه من رؤساء الحكومات في “العراق” طوال العقدين الماضيين – وهي معادلة إرضاء “إيران” و”أميركا” معًا.

زيارة مشّروطة..

وحول عدم التطرق للملف وغياب القادة الأمنيين عن وفد “السوداني”: “الكبير”، بل وإبداء “السوداني” موافقة “العراق” على مخرجات اللجان المشكلة لهذا الغرض “مهما كانت”، يقول المحلل السياسي؛ “محمد علي الحكيم”، في تصريح لـ (روج نيوز)، إن: “وفد السوداني إلى واشنطن، والذي تجاوز الـ (134) شخصًا، لكنه رُغم هذا لم يضم القيادات العسكرية والأمنية من وزير الدفاع ووزير الداخلية ومستشار الأمن القومي ورئيس أركان الجيش، يؤشر أن السوداني لا نية له للتحاور حول بعض الملفات وعلى رأسها ملف إخراج القوات الأميركية”.

ويُضيف “الحكيم”؛ أن: “السؤال المطروح، لماذا السوداني لم يذكر اكتفاء الحاجة لقوات التحالف الدولي؛ وبالتحديد الأميركية في العراق، خلافًا لما صّرح به خلال بعض اللقاءات الصحافية والتلفازية، وكذلك ما تم طرحه خلال بعض اللقاءات مع بعض قادة الدول أن اكتفاء العراق بحاجة للقوات الأجنبية”، مبُّينًا أن: “السوداني خلال كلمته مع بايدن؛ أكد أنه نُريد الانتقال إلى شراكة مسّتدامة ضمن اتفاقية (الإطار الاستراتيجي)، بالتالي فإن هذه الزيارة مشّروطة كما أكدنا سابقًا والمحاور محدودة ولا يحق فتح ملف خروج القوات الأميركية إطلاقًا مما يدل على وجود ازدواجية”.

ويؤكد أن: “السوداني ذكر أكثر من مرة رغبته وجديته بالانتقال من العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة الأميركية إلى العلاقات الاقتصادية والثقافية والأمنية؛ وأسّماها بالعلاقات الشاملة، أي بمعنى يُريد تفعل بنود الاتفاقية الشاملة على الأصّعدة كافة، وعدم ذكر اكتفاء الحاجة للقوات الأجنبية، وهذا يؤكد عدم وجود رغبة حقيقة لدى جميع الأطراف السياسية بخروج القوات الأميركية من العراق، بل هناك نية لتفعيل بنود الاتفاقية على أوسع نطاق”.

وتعول الأوساط السياسية وتحديدًا قوى (الإطار التنسّيقي)، على طرح ملف إنهاء تواجد قوات “التحالف الدولي” على الأراضي العراقية، لا سيما بعد الهجمات الأميركية التي طالت قادة من الفصائل المسلحة في “العراق”.

وكان مسؤول بـ”وزارة الخارجية”، أكد في 10 نيسان/إبريل الجاري، أن زيارة “السوداني” لن تشهد أي تغيّيرات جذرية في العلاقة بين “بغداد” و”واشنطن”، لكنه استدرك أن الزيارة ستتّخللها مناقشة ملف قوات التحالف والوجود الأميركي في “العراق”، وملف العقوبات الأميركية المالية على المصارف والبنوك العراقية الأهلية، والتعاون في مجالات أمنية واقتصادية مختلفة.

التحول لعلاقات ثنائية أمنية مسّتدامة..

من جانبه؛ يؤكد الخبير الأمني؛ “مخلد حازم الدرب”، في تصريح لـ (روج نيوز)، أن: “ملف خروج القوات الأميركية، وضعت له أطر واستراتيجيات وأوقات وهنالك لجان مشتركة ولجان فرعية مشكلة لهذا الموضوع، وكانت هناك تصريحات واضحة من الأميركيان بأنهم سيتحولوا إلى علاقات ثنائية أمنية مسّتدامة ضمن اتفاقية (الإطار الاستراتيجي) الموقّعة عام 2008”.

ويتُابع أن: “السوداني من خلال زيارته لم يصطحب معه إلى واشنطن أي وفد أمني لمناقشة ملف انسّحاب قوات التحالف، فهو أعطى أولوية للملفات الأخرى ضمن بنود هذه الاتفاقية وهو ملف الاستثمار وملف الطاقة وملف الاقتصاد، لذلك اصطحب معه شخصيات من ضمنها وزراء ضمن هذا المجال”.

ويُشير إلى أن: “السوداني كان واضحًا في الكلمة التي ألقاها عند حضوره البيت الأبيض، حيث لم يتكلم نهائيًا عن موضوع الانسّحاب وإنهاء التواجد الأميركي في العراق لاعتبارات أهمها أنه تم حسّمها من قبل اللجنة العسكرية”.

وتجري “بغداد” و”واشنطن” جولات من المحادثات المشتركة لإخراج قوات “التحالف الدولي” من “العراق”، إذ عقدت الجولة الأولى، في 27 كانون ثان/يناير الماضي، فيما أفضت الجولة الأولى إلى اتفاق على تشّكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف وإنهائها، إلى جانب الانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية وقد بدأت اللجنة أعمالها في 11 شباط/فبراير الماضي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب