من المقاطعة إلى الاستنفار بسبب الاغتيال .. الصدريون يشعلون الشارع السياسي العراقي وإنذار بالانفجار

من المقاطعة إلى الاستنفار بسبب الاغتيال .. الصدريون يشعلون الشارع السياسي العراقي وإنذار بالانفجار

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

من الدعوى لمقاطعة الانتخابات إلى التهديد باغتياله؛ يُربك أنصار (التيار الصدري) المشهد السياسي العراقي مع إعلانهم الاستنفار بعد إعلان أحد الصحافيين العراقيين تحذيرًا لرئيس (التيار الوطني الشيعي) من قيام أحد الأشخاص باغتياله، وهو ما سبقه تدشين حملة واسعة تدعو لمقاطعة الانتخابات.

وأشعلت تصريحات للصحافي العراقي؛ “علي فاضل”، خلال الساعات الماضية، الشارع الصدري، بعد أن تحدث عن وجود: “مخطط جاد لاغتيال زعيم التيار؛ مقتدى الصدر، بطائرة مُسيّرة خلال زيارته المعتادة لمرقد والده في النجف”.

وتُعيّد هذه التطورات إلى الأذهان ما كشفه “فاضل”؛ في وقتٍ سابق، من تسريبات صوتية نسَّبت إلى رئيس الوزراء السابق؛ “نوري المالكي”، تضمنّت أوصافًا بذيئة بحق “الصدر”، منها وصفه: بـ”الجاهل”، ما فجّر حينها موجة غضب واسعة داخل الشارع الصدري.

استنفار أنصار “الصدر”..

وسرعان ما انتشرت التصريحات الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي؛ مترافقة مع مقاطع فيديو أظهرت خروج حشود كبيرة من أنصار “الصدر” إلى الشوارع في “البصرة والناصرية” وأحياء عدة في “بغداد”.

كما تجمع المئات أمام مقر (سرايا السلام)؛ في منطقة “الطويسة”، وسط “البصرة”، هاتفين بشعارات غاضبة ومطالبين بتأمين “الصدر” وحماية مقرات التيار من أي استهداف محتمل.

زيارة “الصدر” لمرقد والده..

في خضم هذه التطورات؛ ظهر “الصدر”، صباح الإثنين، في تسجيل مصّور من “النجف”، وهو يؤدي زيارة إلى مرقد والده، وقد بدا هادئًا ومبتسمًا، في رسالة فسّرها أنصاره على أنها تحدٍ واضح لمحاولات النيل من مكانته أو إثارة الذعر داخل قواعده الشعبية.

هجوم حاد على منتقدي المقاطعة..

في الأثناء؛ شّن “الصدر”، هجومًا حادًا على الأصوات التي انتقدت قراره بمقاطعة الانتخابات التشريعية المقبلة.

وأكد “الصدر”؛ في بيان صحافي، أمس الإثنين، أن تلك الانتقادات: “لا تستنّد إلى أي منطق سياسي”، لافتًا إلى أن غياب (التيار الصدري) سيترك فراغًا لا يمكن إنكاره في المشهد الانتخابي.

وقال “الصدر”؛ إن إجراء الانتخابات الأولى في “العراق” من دون (التيار الشيعي الوطني)، سيؤدي إلى تزايد المخاوف عند المشتركين وتكهناتهم بالسيناريوهات المحتملة، مبينًا أن خصومه: “أطلقوا ادعاءات عن نية التيار منع الوصول إلى صناديق الاقتراع، أو إثارة الفتن، أو تحريك قواعده الشعبية المليونية عبر احتجاجات ومظاهرات قد تكون سلمية أو غير ذلك”.

وتابع “الصدر”؛ بلهجة هجومية: “نعم كل إناءٍ بالذي فيه ينضح، لأن الأمر لو كان معكوسًا لفعلوها، بل ولأتوا بما هو أسوأ، بل بعضهم يتمنى أن لا تُجرى الانتخابات في موعدها لأنه غير واثق من نتائجه، أو لأنه يُريد الحفاظ على ما حصل عليه من مغانم، وكأن وجوده أهم من العملية الديمقراطية، إن وجدت”، وفق تعبيره.

واستطرد بالقول: “الغريب أن سهامهم ما زالت توجّه نحو (التيار الشيعي الوطني) رغم اعتزاله العملية الديمقراطية، ورفضه المشاركة في انتخابات وصفها بالمهلهلة، التي لا تُسمن ولا تُغني من جوع، وتتيح للفاسدين الهيمنة، وللخاسرين التربع على مقاعد البرلمان”.

امتداد لقرار انسحاب 2022..

ويأتي موقف “الصدر” الجديد امتدادًا لقراره المفاجيء؛ في حزيران/يونيو عام 2022، بسّحب نواب تياره؛ البالغ عددهم: (73) نائبًا، من البرلمان، بعد فشل محاولاته في تشّكيل حكومة: “أغلبية وطنية” بعيدًا عن (الإطار التنسيّقي).

وأدى هذا الانسحاب إلى إعادة رسم التوازنات داخل “مجلس النواب” العراقي، وفتح الباب أمام (الإطار) لتشكيّل الحكومة الحالية برئاسة؛ “محمد شيّاع السوداني”.

تقويض شرعية الاستحقاق..

وكان أنصار (التيار الصدري) قد خاضوا معركة مبكرة من نوعٍ مختلف، عنوانها رفض العملية الانتخابية برمتها؛ في حزيران/يونيو الماضي، حيث قاموا في محافظات مثل: “بابل، والبصرة، وميسان”، إضافة إلى العاصمة “بغداد”، بنشر لافتات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، في خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة ميدانية مبكرة لتقويض شرعية الاستحقاق قبل انطلاقه.

المراقبون يرون أن هذه الأجواء قد تفتح الباب أمام تصعيد سياسي وأمني في المرحلة المقبلة، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات، وما يُرافقها من صراع محتدم بين (التيار الصدري) وخصومه التقليديين داخل (الإطار التنسيّقي).

مرحلة قلق..

فبدوره؛ أوضح الخبير الأمني؛ “عبدالغني الغضبان”، أن: “من المفترض أن تُجرى الانتخابات في 11/ 11/ 2025، لكن هناك مؤشرات – وإن كانت ضئيلة – قد تؤدي إلى تأجيلها بسبب ظروف داخلية وخارجية”.

وأضاف “الغضبان”؛ لموقع (إرم نيوز)، أن: “التوتر بين (التيار الصدري) و(الإطار التنسيّقي)، إلى جانب العقوبات المفروضة على إيران والتصعيد الإسرائيلي ضد الفصائل، كلها عوامل تجعل الساحة العراقية في مرحلة قلق، وقد تُعرقل الاستحقاق الانتخابي”، مشددًا على أن: “وجود (التيار الصدري) في العملية السياسية يُمثّل مطلبًا لكل القوى، كونه يخلق توازنًا في المعادلة السياسية”.

محاولات لخلق فتنة جديدة..

في المقابل؛ نفى القيادي في ائتلاف (دولة القانون)؛ “ياسر صخيل”، وجود أي توجه لاستهداف “الصدر”، مؤكدًا أن: “الطرفين أبناء خط واحد، وهو خط المرجع الديني؛ محمد محمد صادق الصدر”، معتبرًا أن: “ما يُثار مجرد محاولات لخلق فتنة جديدة داخل البيت الشيعي”.

ويرى مختصون أن ما يجري اليوم يُعيّد إحياء الخلافات القديمة بين (التيار الصدري) و(الإطار التنسيّقي)، التي بلغت ذروتها عقب انسحاب “الصدر” من البرلمان في 2022، ورفضه الدخول في تسويات مع قوى الإطار.

وقد مثّل ذلك الانسحاب صدمة سياسية؛ إذ ترك الساحة أمام خصومه لإدارة العملية السياسية، لكنه في الوقت ذاته رسخ شعورًا بعدم استقرار التوازنات داخل البيت الشيعي.

نظام قابل للانفجار..

من جانبه؛ قال الباحث السياسي؛ “غالب الدعمي”، إن: “النظام السياسي في العراق يعيش على فوهة بركان، وفي أي لحظة يمكن أن ينفجر ويُحرق الجميع”، لافتًا إلى أن: “كل الملفات تحولت إلى ميدان صراع بين القوى الحاكمة، من التسّقيط السياسي إلى الأموال والمعامل والاستثمارات، وهو ما يُنذر بانفجار وشيك”.

موضحًا أن: “هذه التشابكات تجعل أي حدث صغير قابلًا للتحول إلى أزمة كبرى، خصوصًا مع غياب الثقة بين الأطراف، ووجود مصالح متعارضة تدفع الجميع إلى حافة المواجهة”.

ويُشيّر الخبراء أيضًا إلى أن بقاء (التيار الصدري) خارج المعادلة السياسية سيؤدي إلى إنتاج حكومة غير مستقرة، حتى وإن جرت الانتخابات في موعدها، إذ إن وجود “الصدر” داخل البرلمان يوفر توازنًا ضروريًا بين القوى الشيعية والسنَّية والكُردية، ما يعني أن الحكومة المقبلة ستبقى عُرضة للضغط الشعبي والسياسي على حدٍ سواء.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة