من المخالفات المالية إلى شبكات التجسس .. نزاعات جديدة بين تركيا والنمسا !

من المخالفات المالية إلى شبكات التجسس .. نزاعات جديدة بين تركيا والنمسا !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

اختراق وتخبط دبلوماسي جديد لـ”أنقرة” على الأراض النمساوية، في سياسة خارجية واهنة واستراتيجية اختراق فاشلة وضعت مسار العلاقات الثنائية على شفا الهاوية.

حيث حذر وزير داخلية النمسا، “كارل نيهمر”، الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، من محاولاته لإنشاء شبكات تجسس داخل بلاده، مشددًا على أن هذا النهج سيكون له عواقب خطيرة على تركيا.

وقال “نيهمر” – في تصريحات: “إن النمسا دولة ديمقراطية، ويجب على أي شخص يهدد حقوقنا الأساسية أن يتوقع أننا سنعمل ضده بكل الوسائل المتاحة لنا”.

وكانت الأجهزة الأمنية في النمسا قد ضبطت مؤخرًا شبكة تجسس تقودها سيدة تعمل لصالح الاستخبارات التركية.

وقالت صحيفة (كرونه) النمساوية، إن سلطات إنفاذ القانون في “فيينا” تتبعت أثر جاسوس تركي، خلال التحقيق في اشتباكات حزيران/يونيو الماضي، بين نشطاء أكراد وأتراك في قلب فيينا.

ونقلت الصحيفة عن وزير الداخلية، “كارل نيهامر”، قوله إن: “المشتبه به اعترف بأنه جزء من شبكة تجسس تنقل المعلومات إلى الحكومة التركية”، مضيفًا أن: “مكتب المدعي العام النمساوي يعتزم توجيه الاتهام للمشتبه به بالتجسس”.

ولفت الوزير إلى أن المشتبه به كان سجينًا في تركيا، وكان شرط الإفراج عنه هو العمل كجاسوس على الرعايا الأتراك المقيمين في النمسا.

ودفعت الحادثة الوزيرة، “سوزان راب”، للتحذير من أن: “النمسا أصبحت دولة مستهدفة من قِبل أنشطة التجسس التركي”، مضيفة أن: “المخابرات التركية تمارس نفوذها على الأفراد والجمعيات والمساجد التركية العاملة هنا”.

وتابعت أن: “ذراع رجب طيب إردوغان الطولى تصل إلى فيينا، وهذا يضر الإندماج في النمسا، ونحن لن نتسامح معه”.

فيما قال “هربرت كيكل”، زعيم الكتلة البرلمانية لـ”حزب الحرية” المعارض (شعبوي)، في تصريحات إعلامية، إنه: “لابد أن تكون هناك تداعيات سريعة في المجال الدبلوماسي بعد اكتشاف شبكة تجسس تركية، أولها طرد السفير التركي”.

خطط تركية لتنفيذ سلسلة اغتيالات..

على غرار ذلك، لم تمر أيام حتى انكشف المخطط الأكبر، حين سلم عميل للاستخبارات التركية نفسه لنظيرتها النمساوية، واعترف بوجود خطط تركية لتنفيذ سلسلة من الاغتيالات السياسية في فيينا.

ونقل موقع (زاك زاك) المحلي، عن مصادر لم يسمها، قولها إن هيئة حماية الدستور، (الاستخبارات الداخلية)، أجرت تحقيقات مع العميل الذي أقر بأنه يسعى لتنفيذ اغتيالات سياسية تشمل السياسي، “بريفان أصلان”، ومالك الموقع، “بيتر بيلتس”، سياسي نمساوي مناويء لتركيا، إضافة إلى عضو البرلمان الأوروبي، “أندريس شنايدر”.

إلى أى مدى يمكن ملاحقة أعدائه ؟

واعتبرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية؛ أن إدعاءات هذا العميل، الذي عرّف عن نفسه باسم “فياز أوزتورك”، إن صحَّت، “توفر نظرة ثاقبة جديدة على المدى الذي يكون فيه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، مستعدًا للذهاب لملاحقة أعدائه”. وقد يؤدي اعتراف “أوزتورك”، المفصَّل في تقرير الشرطة الذي أطلعت عليه صحيفة (نيويورك تايمز)، إلى الشك في صحة إدانة “متين توبوز”، الذي عمل في وزارة الخارجية الأميركية وإدارة مكافحة المخدرات في إسطنبول، والذي حكمت عليه في حزيران/يونيو الماضي؛ بالسجن لأكثر من ثماني سنوات بتهمة مساعدة جماعة إرهابية مسلحة.

وتعتبر قضية “توبوز” واحدة من عدة قضايا ضد أميركيين وموظفين حكوميين أميركيين في تركيا، يؤكد المسؤولون الأميركيون أن لا أساس لها؛ وأنهم يرون أنها محاولة من قِبل “إردوغان” لممارسة نفوذه في علاقاته العدائية المتزايدة مع الولايات المتحدة.

وأضاف تقرير (نيويورك تايمز): “لقد ترافق استبداد إردوغان، المتنامي خلال العقد الماضي، مع حملة عدوانية ضد خصومه في الداخل والخارج، والتي بدأت عندما اختلف مع الاتحاد الأوروبي واشتدت بعد الانقلاب الفاشل، في عام 2016، الذي ألقى الرئيس باللوم فيه على الولايات المتحدة وعلى رجل الدين المقيم فيها، فتح الله غولن”.

وأوضح التقرير أن حملة القمع في تركيا؛ أدت إلى سجن عشرات الآلاف من خصوم “إردوغان” السياسيين، في الغالب بناءً على أدلة واهية أو ملفقة. وفي الخارج تورطت تركيا في عمليات استرجاع قسرية لأكثر من 100 من أنصار “غولن”. كما أكد محققون فرنسيون أن تركيا وصلت لحد اغتيال ثلاثة مسلحين أكراد في باريس، في عام 2013. وقد تلقى أتراك معارضون لـ”إردوغان”، يعيشون في الخارج، إخطارات عبر (الإنتربول) بصدور مذكرات اعتقال بحقهم، كما اشتكوا من مضايقات ومراقبة عملاء أتراك لهم.

ولطالما كانت الحكومة النمساوية قلقة بشأن نفوذ المخابرات التركية في النمسا، ودقّت قضية “فياز أوزتورك” ناقوس الخطر في هذا السياق.

وعندما سلم “أوزتورك” نفسه، في 15 أيلول/سبتمبر الماضي، أخبر الشرطة أنه تقاعد من وظيفة امتدت لفترة طويلة في وكالة المخابرات التركية المعروفة باسم ( MIT)، ولكن تم تكليفه مؤخرًا بتنفيذ هجوم على “أيغول بيريفان أصلان”، وهي نائبة سابقة عن (حزب الخضر) النمساوي، من أصل كُردي، وناقدة بارزة لـ”إردوغان”. ومنذ ذلك الحين تم اعتقاله من قِبل المدعين النمساويين، الذين يحققون معه الآن بتهمة العمل في جهاز استخبارات عسكري أجنبي.

وقال “أوزتورك” إنه، في أوائل أيلول/سبتمبر 2017، طُلب منه التوقيع على إفادة شاهدة ضد “توبوز”، حيث تم تهديده بالذهاب للسجن إن لم يفعل ذلك. وأضاف “أوزتورك”: “لقد وضعوني بالقوة كشاهد، ووضعوا أمامي ورقة فارغة، ووقعت عليها.. وإلا كنت سأذهب إلى السجن مع متين توبوز”. وأضاف: “في تركيا، يفعلون ذلك دائمًا بهذه الطريقة”.

كما قال “أوزتورك” إنه تلقى أوامر بإطلاق النار على “أصلان”، حيث تم الاتصال به لأول مرة للحصول على هذه المهمة من قِبل المدعي العام التركي في إسطنبول، في عام 2018. وكان من المفترض أن ينفذ الهجوم، في آذار/مارس الماضي، لكن الإغلاق أعاق سفره إلى فيينا، كما أخبر الشرطة. وقال “أوزتورك”، الذي يحمل جواز سفر إيطاليًا، إنه علق في “ريميني” بإيطاليا، حيث انتهى به الأمر بكسر في إحدى ساقيه في حادث. ثم قال إنهـ في آب/أغسطس الماضي، اتصل به رجل عبر تطبيق (واتس آب) وطلب منه السفر إلى “بلغراد” في صربيا، ومقابلة أحد معارفه في مقهى تركي.

ولدى سؤاله من قِبل الشرطة عن سبب تسليمه لنفسه، قال “أوزتورك” فعل ذلك لإنقاذ نفسه. وتابع: “أنا لا أحب هذا النوع من الأشياء، أنا لست قاتلاً مأجورًا”. كما حدد “أوزتورك” أهدافًا أخرى كانت قد أعطيت له، بالإضافة إلى الهجوم على “أصلان”. وفي هذا السياق، قال “بيتر بيلز”، ناشر المجلة الإلكترونية (ZackZack)؛ التي كانت أول من نشر أخبار عن “أوزتورك”، إن الشرطة أخبرته أنه أحد هؤلاء المستهدفين وعرضت عليه الحماية.

وكان “بيلز”، وهو أيضًا نائب سابق عن (حزب الخضر)، عضوًا في لجنة الرقابة على المخابرات، وهو ناقد قديم وبارز لـ”إردوغان”، خاصة في ما يتعلق بمعاملته للأكراد.

مخالفات مالية وضريبية..

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تم اكتشاف مخالفات مالية وضريبية في 211 جمعية تركية عاملة على أراضيها، وهو ما وصفته وزيرة الإندماج النمساوية، “سوزان راب”، بـ”الوقاحة”.

ووفق ما نشرته صحيفة (كرونه) المحلية، فإن محققين بدأوا، منذ النصف الثاني من 2019، بتدقيق ملفات الضرائب في مئات الجمعيات التركية العاملة بالبلاد.

ونقلت الصحيفة عن وزير المالية، “غرينوت بلوميل”، قوله إنه: “تم فحص ملفات 211 جمعية تركية، والنتائج كانت مقلقة للغاية”.

وتابع: “اكتشفنا أخطاء كبيرة، وسحبنا نتيجة لذلك وضعية عدم الربحية من 40% من الأعمال التي خصصت للمراجعة، بسبب إنتهاكات خطيرة للقوانين ومخالفات مالية”.

وأضاف أن: “هناك مخالفات تقدر بالملايين.. وهذا يضر بصورة العمل التطوعي بأكمله”.

استدعاء السفير التركي..

وفي أوائل الشهر الجاري، استدعت الخارجية النمساوية السفير التركي، “أوزان سيهون”، للمرة الثالثة خلال 5 أشهر، لتوضيح طبيعة القوانين النمساوية التي تجرم التهرب الضريبي والتمويل الخارجي للمنظمات الناشطة بأراضيها.

ونقلت صحيفة (كورير) النمساوية، عن مصادر لم تسمها، قولها إن هناك ضغوطًا كبيرة على فيينا لاتخاذ خطوات قوية ضد الجمعيات التركية.

فرض عقوبات أوروبية..

وعلى المستوى الأوروبي؛ تصدر “سبستيان كورتس”، الفريق الداعي لفرض عقوبات أوروبية قوية على نظام الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، بسبب سياسته المزعزعة للاستقرار في شرق المتوسط، وتحركاته التي تهدد الأمن الأوروبي الداخلي.

ووفق (كورير)، فإن تصرفات نظام “إردوغان”، “غير المسؤولة”، دفعت العلاقات مع فيينا إلى الهاوية، وخلقت توترًا غير مسبوق منذ عقود، متوقعة أن تتزايد الضغوط على الحكومة لاتخاذ إجراءات قوية ضد أنقرة وأذرعها في النمسا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة