27 أكتوبر، 2024 12:27 ص
Search
Close this search box.

من الشروط السورية إلى الرغبة التركية في الانفتاح .. هل ينجح التطبيع بين الدولتين ؟

من الشروط السورية إلى الرغبة التركية في الانفتاح .. هل ينجح التطبيع بين الدولتين ؟

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

أعلنت “سورية”، السبت، موقفها من إعادة العلاقات مع “تركيا”، مؤكدة أن هذا الطرح يجب أن يبُّنى على احترام المصلحة المشتركة للبلدين.

وقالت “وزارة الخارجية” السورية في بيان: “ترى سورية أن نتيجة تلك المبادرات ليست غاية إعلامية، وإنما مسّار هادف يسّتند إلى حقائق قائمة، ويبُّنى على مباديء محددة تحكم العلاقة بين الدولتين، أساسها احترام السيّادة والاستقلال ووحدة الأراضي ومواجهة كل ما يُهدد أمنهما واستقرارهما، ويخدم المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين”.

شروط سورية للتطبيع..

وأضافت: “سورية تؤكد أن أي مبادرة في هذا الصّدد يجب أن تبُّنى على أسس واضحة ضمانًا للوصول إلى النتائج المرجوة، والمتُّمثلة بعودة العلاقات بين البلدين إلى حالتها الطبيعية، وفي مقدمة تلك الأسس انسّحاب القوات المتواجدة بشكلٍ غير شرعي من الأراضي السورية، ومكافحة المجموعات الإرهابية التي لا تُهدد أمن سورية فقط، بل أمن تركيا أيضًا”.

وأوضحت “الخارجية” أن “سورية”: “حرصّت دائمًا على التميّيز الواضح ما بين الشعوب من جهة، وسياسات وممارسات الحكومات التي ألحقت الأذى بسورية، وبدولها من جهة أخرى، وفق ما أثبتّته الوقائع والأحداث”.

كما أفادت أن: “مصلحة الدول تبُّنى على العلاقة السّليمة فيما بينها وليس على التصادم أو العدائية، وانطلاقًا من ذلك حرصت سورية على التعامل بإيجابية مع مختلف المبادرات التي طرحت لتحسّين العلاقات بينها وبين تلك الدول، وفي ذات الإطار تعاملت سورية مع المبادرات الخاصة بتصحيح العلاقة (السورية-التركية)”.

دعوى “إردوغان” للتقارب..

وكان الرئيس التركي؛ “رجب طيب إردوغان”، قد قال، الجمعة، إن وزير خارجيته؛ “هاكان فيدان”، يُجري الترتيبات من أجل لقاء مع الرئيس السوري؛ “بشار الأسد”، داعيًا إلى تأييد هذه الدعوة التاريخية.

وأضاف “إردوغان”: “نعتقد أن السلام العادل ممكن في سورية، ونُعرب في كل فرصة عن أن سلامة الأراضي السورية في مصلحتنا أيضًا. تركيا أكثر من ستسّتفيد من السلام العادل في سورية”.

وأشار الرئيس التركي إلى أن: “الخطوة الأكثر أهمية في عملية بناء السلام بدء حقبة جديدة مع سورية”.

وأردف: “تطورت هذه العملية في اتجاه إيجابي حتى الآن، وآمل أن نتخذ خطوات ملموسّة قريبًا”.

وتابع “إردوغان”: “على الولايات المتحدة وإيران أن تكونا سعيدتين بهذه التطورات الإيجابية، وأن تدعما العملية الرامية إلى إنهاء كل المعاناة (في سورية)”.

وفي وقتٍ سابق؛ أكد “إردوغان” أن بلاده: “تنتظر اتخاذ الأسد خطوة لتحسّين العلاقات معها، حتى تستجيب بالشكل المناسب”.

جاء ذلك في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي، على متن الطائرة خلال عودته من العاصمة الألمانية؛ “برلين”، بعد حضوره مباراة منتخبي “تركيا وهولندا”، ضمن منافسات ربع نهائي “بطولة أوروبا لكرة القدم”؛ (يورو 2024).

وسّاطة روسية..

من جهتها؛ رحبت “روسيا” بتلك الدعوى، حيث دائمًا ما تضغط، وهي أحد أقوى داعمي حكومة “الأسد” التي لها في الوقت نفسه علاقات وثيقة مع “تركيا”، من أجل استئناف العلاقات الدبلوماسية.

ففي كانون أول/ديسمبر 2022، أجرى وزراء الدفاع التركي والسوري والروسي محادثات في “موسكو”، في أول اجتماع وزاري بين “تركيا وسوريا”؛ منذ عام 2011. كما توسّطت “روسيا” في اجتماعات بين مسؤولين سوريين وأتراك العام الماضي.

إلا أن المحادثات لم يُكتب لها النجاح؛ وواصل مسؤولون سوريون انتقادهم علنًا للوجود التركي في شمال غرب البلاد. وصرح “الأسد” في مقابلة مع شبكة (سكاي نيوز عربية)؛ في آب/أغسطس الماضي، بأن الهدف من محاولات التقارب من جانب “إردوغان”، هو: “إضفاء الشرعية على الاحتلال التركي في سورية”.

يبدو أن “روسيا” تسّعى مجددًا لإجراء محادثات بين الخصّمين. لكن في هذه المرة، عرض “العراق” – الذي تشترك حدوده مع تركيا وسورية – القيام بدور وسّاطة، كما فعل سابقًا بين الخصّمين الإقليميين “السعودية وإيران”.

وسيلة للتواصل الإيجابي..

وتعليقًا على تلك المسُّتجدات؛ قال “آرون لوند”، الزميل في مركز أبحاث (سنتشري إنترناشيونال)، إن “العراق” ربما عرض الوسّاطة كأحد سُبل تخفيف الضغط التركي عن حزب (العمال الكُردستاني)، الانفصالي الذي يُشّن تمردًا ضد “تركيا” منذ الثمانينيات، وله قواعد في شمال “العراق”.

وأضاف “لوند”؛ أنه من خلال دفع التقارب مع “سورية”، ربما تسّعى “بغداد”: “إلى إيجاد أحد أشكال التواصل الإيجابي مع تركيا، وخفض تهديد تركيا بالتدخل”.

كذلك تغيّر الوضع الجيوسياسي في المنطقة في ظل “حرب غزة”، ومخاوف من تحّولها إلى صراع إقليمي أوسّع.

لمواجهة التأثيرات الإقليمية..

وقال محلل الشؤون التركية ومدير صندوق (مارشال الألماني) في أنقرة؛ “أوزغور أونلوهيسارسيكلي”، إن البلدين ربما يشُّعران بعدم الأمان، لذا يسّعيان إلى إقامة تحالفات جديدة في مواجهة أي تأثير إقليمي محتمل للحرب.

مضيفًا “أونلوهيسارسيكلي”؛ أن “إردوغان” ربما يسّعى إلى التقارب مدفوعًا – ولو جزئيًا – بمشاعر العداء المتصاعدة لـ”سورية” وسّط أبناء بلده. لذا يُرجّح أن “إردوغان” يأمل في التوصل إلى اتفاق قد يُمهد الطريق لعودة العديد من اللاجئين السوريين في بلاده البالغ عددهم: (3.6) ملايين لاجيء.

خطوة نحو إنهاء عُزلة “الأسد”..

أما من جانب “سورية”؛ فيُعد استئناف العلاقات مع “تركيا” خطوة نحو إنهاء عُزلة “الأسد” السياسية في المنطقة، بعدما ظل منبوذًا لأكثر من عقد عقب حملة القمع الحكومية الوحشية ضد المتظاهرين عام 2011، ومزاعم ارتكاب جرائم حرب طفت على السطح بعد ذلك.

ورُغم خلافاتهما حول الوجود التركي في شمال غرب “سورية”، فإن لدى “دمشق وأنقرة” مصلحة مشتركة في الحد من الحكم الذاتي للأكراد في شمال شرق “سورية”.

مخاوف الانسّحاب الأميركي..

وقال “أونلوهيسارسيكلي”؛ إن “تركيا” ربما تشعر بالقلق من احتمال تدهور الوضع الأمني في شمال شرق “سورية” في حال سّحبت “واشنطن” قواتها المتُّمركزة هناك حاليًا؛ في إطار تحالف ضد (داعش)، مضيفًا أن ذلك ربما يتطلب من “تركيا”: “التعاون – أو على الأقل التنسّيق – مع سورية لمعالجة تبعات الانسّحاب الأميركي”.

تحقيق مكاسّب اقتصادية..

ويُرجّح “جوزيف ضاهر”؛ الباحث السويسري-السوري والأستاذ الزائر في معهد (الجامعة الأوروبية) في “فلورنسا”، أن حكومتي البلدين تأملان في تحقيق: “مكاسب اقتصادية” متواضعة من خلال التقارب. فرُغم أن التجارة لم تتوقف على الإطلاق، إلا أنها تُجري حاليًا من خلال وسّطاء، في حين يسمح استئناف العلاقات الدبلوماسية بالقيام بعمليات تجارية رسّمية.

لا اتفاقات كبيرة..

لا يُرجّح محللون أن تؤدي المحادثات إلى انسّحاب تركي كامل من شمال غرب “سورية” تُطالب به “دمشق”، أو إلى أي تحول كبير آخر على الأرض في المستقبل القريب.

ويرى “لوند” إنه رُغم أن مصالح البلدين: “تتلاقى فعليًا إلى حدٍ كبير، إلا أن هناك أيضًا خلافات واسعة، والكثير من الذكريات السيئة والمرارة”؛ التي قد تُعرقل: “عقد اتفاقات حتى على مستوى أدنى”.

مضيفًا أن “إردوغان” و”الأسد” ربما ينتظران نتيجة الانتخابات الأميركية، التي يمكن أن تُحّدد الدور الأميركي في المنطقة مستقبلاً، قبل التوصل إلى اتفاق بينهما.

كما ذكر “لوند” أنه على المدى الطويل: “يقول المنطق أن الوضع يفرض شكلاً من التعاون بين تركيا وسورية… إنهما دولتا جوار تتشّابك مصالحهما، والجمود الحالي لا يُفيد أيًا منهما”.

وأشار “أونلوهيسارسيكلي”؛ إلى أنه لا يُرجّح التوصل إلى: “اتفاق كبير” نتيجة المحادثات الحالية، لكن زيادة وتيرة إجراء حوارات قد تسُّفر عن: “بعض من إجراءات بناء الثقة”.

وقال “ضاهر” إن النتيجة الأكثر ترجّيحًا للمحادثات هي إبرام بعض “الاتفاقيات الأمنية” بين الجانبين، ولكن ليس انسّحابًا تركيًا كاملاً من “سورية” على المدى القصّير، خاصة وأن الجيش السوري أضعف من أن يتمكن من السيّطرة على شمال غرب “سورية” بمفرده.

وأضاف: “سورية غير قادرة وحدها على استعادة شمال غربي البلاد بأكمله، وعليها التعامل مع تركيا”.

احتجاجات ضد التطبيع..

وتقول (bbc) في تقريرٍ لها؛ إنه في “تركيا” وفي مناطق “سورية” الخاضعة لسيّطرة الحكومة، ينظر الكثيرون إلى احتمالات التقارب بشكلٍ إيجابي. ومن جانبٍ آخر، اندلعت احتجاجات في شمال غرب “سورية” ضد احتمال تطبيع العلاقات بين “دمشق وأنقرة”، الداعمة للمعارضة السورية.

كما ينظر الأكراد السوريون بريبة وتخوف إلى التقارب المحتمل بين البلدين. وجاء في بيان للسلطة التي يقودها الأكراد في شمال شرق “سورية”؛ أن المُّصالحة المرتقبة ستكون بمثابة: “مؤامرة ضد الشعب السوري” و”شّرعنة واضحة للاحتلال التركي” للمناطق ذات الأغلبية الكُردية التي استولت عليها القوات المدعومة من “تركيا”.

مخاوف اللاجئين السوريين..

غير أن كل ذلك الحديث؛ عن إمكانية عودة العلاقات بين “أنقرة ودمشق”، إلى سابق عهدها، أرسل موجات من الخوف، في أوساط اللاجئين السوريين في “تركيا”، والذين يزيد عددهم عن ثلاثة ملايين سوري، يعيشون هناك منذ الحرب التي بدأت في “سورية” في العام 2011.

ويبُدي هؤلاء اللاجئون؛ مخاوف من أن تقدم الحكومة التركية، على إعادتهم قسّرًا إلى “سورية”، حيث قد لا تكون البيئة آمنة بالنسبة لهم، خاصة وأن ذلك الحديث عن التطبيع بين “أنقرة ودمشق”، يأتي بعد أسبوع فقط، من موجة عنف ضد المهاجرين السوريين في “تركيا”، أصابتهم بحالة من الذعر.

وكان العشرات من الأتراك؛ قد نفذوا قبل ما يزيد على أسبوع، اعتداءات شملت حرق محال وسيارات للسوريين، بولاية “قيصري” وسط “تركيا”، والتي يُقيّم بها أكثر من: (82) ألف لاجيء سوري، حسّب البيانات التي تتُيحها رئاسة الهجرة التركية.

وزار وزير الداخلية التركي؛ “علي يرلي كايا”، ولاية “قيصري” بعد تلك الأحداث، وعقد مؤتمرًا صحافيًا، تحدث فيه عن توقيف أكثر من ألف شخص في عموم “تركيا”، على خلفية الهجمات العنصرية، قبل أن يجتمع بعدد من سكان المدينة، ويُغادر دون لقاء المتضررين من اللاجئين السوريين، الأمر الذي أثار انتقادات بحق الوزير.

من جانبه؛ شّدد “إردوغان” بعد تلك الأحداث، على أن النظام العام في البلاد خط أحمر، وقال إنه: “من غير المقبول تحمّيل البعض، اللاجئين فاتورة عدم كفاءتهم”، وشّدد على أن: “حرق بيوت الناس وإضرام النار في الشوارع أمر مرفوض، بغض النظر عن هوية من يقومون بذلك”.

وكانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، التي تتخذ من “بريطانيا” مقرًا لها، قد قالت الجمعة 05 تموز/يوليو، إن الوضع في “سورية” ليس آمنًا بما يسمح بعودة ملايين اللاجئين من “تركيا”.

العودة الطوعية..

يُذكر أن الرئيس التركي؛ “رجب طيب إردوغان”، كان قد كرر في تصريحات عدة، منذ العام الماضي أن بلاده، تدعم منذ البداية العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين، وأشار إلى أن القضية مدرجة، على أجندة مسّار الحوار الرباعي المتواصل بين “تركيا، وروسيا، وإيران، والنظام السوري”، وأن هناك مؤشرات إيجابية للغاية بهذا الخصوص.

والأسبوع الماضي؛ كرر “إردوغان” حديثه بهذا الصّدد، إذ قال إن: (670) ألف سوري، عادوا إلى تجمعات سكنية في شمال “سورية”، ومن المتوقع عودة مليون شخص آخر.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة