خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة جدية، صرح مسؤول عراقي بأن بلاده تتجه إلى إبرام مذكرات تفاهم مع خمس دول عربية وأجنبية لاسترداد الأموال العراقية المنهوبة.
وقال “معتز فيصل العباسي”، المدير العام لدائرة استرداد الأموال بـ”هيئة النزاهة” العراقية، في تصريح لصحيفة (الصباح) الحكومية؛ نشرته اليوم الثلاثاء: “نعمل على استعادة الأموال العراقية المهربة؛ وفق معايير ستوضع لإبرام مذكرات تفاهم وتبادل المعلومات عن الأشخاص المطلوبين وأموالهم وتنظيم طلبات المساعدة القانونية”.
وذكر أن “هيئة النزاهة”، في طور إبرام عدد من مذكرات التفاهم مع كل من: “الأردن ولبنان والكويت وتركيا وبولندا”، كما أن السعي مستمر للتوجه نحو دول أخرى لإبرام مثل هذه المذكرات لتعزيز التعاون معها.
وأشار إلى أن الأولوية في اختيار الدول تكون بحسب الإعتقاد والمعرفة بإمكانية وجود أموال فساد مهربة في تلك الدول.
موضحًا أن ملفات الاسترداد تتضمن مجموعة من الوثائق عن المطلوبين والأموال المهربة؛ وطلب المساعدة الدولية، وتقدم للدول التي يتواجد فيها المتهم أو المُدان بغية الحجز على أمواله.
إرسال خطابات لدول العالم..
وقبل يومين؛ أعلن وزير العدل، “سالار عبدالستار”، إرسال خطابات إلى دول العالم بشأن الأموال العراقية المنهوبة.
وذكر الوزير أن “العراق” أرسل خطابات من خلال سفاراته المنتشرة في العالم إلى جميع الدول التي توجد فيها أموال عراقية منهوبة، سواء التي كانت مودعة في البنوك إبان حكم النظام السابق؛ أم الخاصة بغسيل الأموال الذي حدث بعد 2003.
وتم تشكيل لجان عن طريق الدائرة القانونية في الوزارة؛ بالتعاون مع “وزارة الخارجية”؛ للمباشرة في مخاطبة سلطات تلك الدول واسترجاع هذه الأموال.
تزايد الأزمة الاقتصادية..
تتزامن هذه الإجراءات مع زيادة حدة الأزمة الاقتصادية، في “العراق”، حيث بلغت قيمة العجز في موازنة 2021؛ كما أقرها البرلمان: 19.8 مليار دولار، مقابل: 23.1 مليار، في العام 2019، علمًا بأن “العراق” لم يُقر موازنة 2020؛ بسبب التوتر السياسي.
ويُحاول “العراق” تحريك جميع المسارات والجهود، سواء المحلية منها أو الخارجية؛ لاستعادة أمواله المهربة، التي قُدرت بنحو: 500 مليار دولار.
مؤتمر استرداد الأموال المهربة..
واستضافت “بغداد”، خلال أيلول/سبتمبر الماضي؛ مؤتمرًا دوليًا لاسترداد الأموال العراقية المهربة إلى الخارج، حضره عدد من وزراء العدل ورؤساء مجالس القضاء والأجهزة الرقابية في العديد من الدول العربية.
وخرج المؤتمر الذي إنعقد على مدى يومين؛ ببيان ختامي على شكل توصيات مقسمة ضمن: 18 نقطة، من أهمها التشجيع على عقد اتفاقيات ثنائية بين الدول، مما يُساعد “العراق” على استعادة أمواله، فضلاً عن أهمية قيام “بغداد”؛ بإصدار أدلة إرشادية تُبسط آلية استرداد الأموال.
تفشي الفساد وسوء الإدارة..
ومنذ عام 2003، يُعاني “العراق” من تفشي الفساد في أغلب مؤسساته وسوء إدارة، ما أسفر عن ضياع ثروات طائلة على مشاريع وهمية وعمليات غسل أموال يتهم جهات نافذة بالوقوف خلفها.
ورغم الجهود التي يُبذلها “العراق” في استرجاع أمواله المهربة خارج البلاد، فإنه لم يحصل منها إلا على القليل.
استرداد 3% فقط من الأموال المهربة !
وتم تهريب معظم تلك الأموال ما بين حقبتين زمنتين في تاريخ “العراق”، بدأت خلال حكم “صدام حسين”؛ وتواصلت ما بعد عام 2003، والتي يُشكل الجزء الأكبر منها.
وتقع تلك الأموال؛ التي تؤكد دوائر النزاهة في “العراق”، رصدها وتعقب آثارها عند بنوك ومصارف أجنبية وعربية، وقد عمد مهربوها إلى تسجيلها بأسماء آخرين وعناوين غير رسمية، خشية الملاحقة والتتبع القضائي.
ورغم الجهود المبذولة من قبل دائرة استرداد الأموال المهربة؛ فإنها لم تنجح في استرداد أكثر من: 3%، بحسب مسؤولين في السلطة التشريعية.
وتكشف تصريحات لـ”هيئة النزاهة البرلمانية”؛ أن نحو: 350 مليار دولار؛ قد تم استنزافها في مشاريع وهمية وهربت إلى خارج البلاد ما بعد 2003، فيما يُتهم مسؤولون رفيعو المستوى، بينهم وزراء ومن بدرجتهم؛ بالوقوف وراء تلك العمليات.
فوضى التشريعات وتردي الأوضاع الأمنية..
وتسببت فوضى التشريعات والأوضاع الأمنية المضطربة في أن يكون “العراق” بيئة جاذبة للفساد وهدر المال العام، أفضت في نهاية المطاف إلى تعثر الحكومة العراقية في الثلث الأخير من العام الماضي؛ في توفير رواتب موظفي الدولة واللجوء إلى الاقتراض الداخلي والخارجي، لسد العجز في إيرادات البلاد عقب انخفاض أسعار “النفط” وظروف جائحة (كورونا).
ملاحقة “حيتان الفساد”..
وكان “مصطفى الكاظمي”، الذي وصل إلى رئاسة الوزراء، في آيار/مايو من العام الماضي، قد تعهد بملاحقة من أسماهم: بـ”حيتان الفساد”، واسترداد الأموال المنهوبة عبر تشكيل لجنة خاصة بذلك الأمر.
وسجلت حقبة “الكاظمي”، نشاطًا ملحوظًا في ملفات الفساد تمثل في تحريك دعاوى قضائية ضد مسؤولين كبار في حكومات تعاقبت على حكم “العراق”، ما بعد نيسان/إبريل 2003.
ومع الإطاحة بنحو: 32 مسؤولاً ما بين وزير ومن بدرجته وبقية من شغلوا مناصب مهمة، خلال عام من حكم رئيس الوزراء، إلا أن بعض المراقبين يؤكدون أن المافيا وكبار الفاسدين ما زالوا بمنأى عن مطرقة القضاء.
قانون لاسترداد عائدات الفساد..
وفي خضم “الأداء المتواضع”، الذي تُبذله الدوائر المعنية بتتبع الأموال المنهوبة من “العراق”، وفق مراقبين، دفع رئيس العراق، “برهم صالح”، بمشروع قانون إلى البرلمان لاسترداد ثروات البلاد المهربة.
وتكبد “العراق”، منذ سقوط نظام “صدام حسين”، (18 عامًا)، خسائر مالية ضخمة، وفقًا لما كشفه الرئيس العراقي، “برهم صالح”.
وقال الرئيس العراقي، في خطاب متلفز؛ إن حجم الأموال التي تم تهريبها إلى خارج البلاد، خلال تلك الفترة؛ من صفقات الفساد بلغ نحو: 150 مليار دولار.
وقال إنه تقدم بمشروع قانون لاسترداد عائدات الفساد إلى “البرلمان العراقي”، وأوضح أن القانون يتضمن إجراءات عملية استباقية رادعة، وأنه يتضمن خطوات لاحقة لاستعادة أموال الفساد.
ونشرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية؛ تفاصيل مشروع القانون نقلاً عن بيان من رئاسة الجمهورية العراقية؛ الذي أوضح أنه يشمل جميع مسؤولي الدولة العراقية الذين تسلموا المناصب العليا الأكثر عرضة للفساد، منذ العام 2004 وحتى الآن، من درجة مدير عام فما فوق، وتقوم الجهات المالية المختصة بإعداد قائمة موثّقة بشاغلي هذه المناصب؛ خلال 17 سنة الماضية.
ومشروع القانون الذي يتعقب الفاسدين، يهدف لاسترداد الأموال الآتية داخل “العراق” وخارجه، والأموال والعائدات الإجرامية في أية جريمة فساد، أو ممتلكات تعادل قيمتها، والإيرادات والمنافع المتأتية من عائدات جريمة فساد والممتلكات التي حولت إليها أو بدلت بها أو التي اختلطت معها.