4 مارس، 2024 2:01 م
Search
Close this search box.

من التضخم إلى الركود .. نظرة على أوضاع الاقتصاد الإيراني الحالية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – محمد بناية :

التضخم في الاقتصاديات القوية، ظاهرة طبيعية لا مفر منها.. وبصورة تمثيلية يمكننا القول: “اقتصاد دولة ما؛ يشبه سيارتك تضخ فيها البنزين وتتحرك. تعرض البنزين على المحرك وهو بدوره يطلب البنزبن للحركة. لكن يجدر الإنتباه إلى كمية البنزين التي تتحول إلى حرارة وتتبدد دائمًا بسبب الإحتكاك في المحرك. بمعنى أن متوسط (الطلب) في الاقتصاد القوي عادةً ما يكون في الحدود المناسبة وأكثر من (العرض) لمجرد الحركة. وعدم التوزان هذا يظهر في شكل غلاء. فالتضخم في أبسط تعريف هو مرادف لتلكم الحرارة والخسارة التي لا مفر منها في دورة الاقتصاد القوي”. بحسب “وسام واثقي”؛ مستشار اقتصادي دولي، في مقاله المنشور بصحيفة (كيهان) اللندنية المعارضة.

تكلفة التضخم في الاقتصاد الضعيف..

يواجه اقتصاد دولة ما، بسبب سوء الإدارة، كما السيارة مشكلة فنية وإحتكاك بشكل يفوق المطلوب ويتراجع الإنتاج وترتفع الحرارة والتضخم والغلاء.

ويزداد الأمر سوءً بالفساد والإحتكار والعوامل الأخرى المدمرة للاقتصاد، فلن يقتصر الأمر على ارتفاع حرارة سيارة الاقتصاد، وإنما سوف ترتفع الحرارة إلى درجة تنعكس سلبًا على سرعة السيارة ووقوفها بالنهاية.. وفي هذه الحالة قد يتجاوز التصخم نسبة 100% بسبب الخسارة الكبيرة.

وهذا بالضبط ما حدث في “إيران”، في الفترة ما بين كانون ثان/يناير وتشرين ثان/نوفمبر 2018. وبحسب تحليل الخبراء فقد ارتفع معدل التصخم من 10%؛ طوال تسعة أشهر إلى أكثر من 350%.

من قمة التضخم إلى أعماق الركود..

إذا ما أخدنا في الاعتبار أسباب ارتفاع معدلات التضخم، (مثل العقوبات المفروضة على مبيعات النفط والغاز)، فقد تكبدت الحكومة الإيرانية تكاليف استمرار دورة اقتصادها المختلة. آنذاك تراجعت بسرعة الدورة الاقتصادية بالشكل الذي سوف يؤثر على سقوط معدلات مبيعات النفط.

في هذه الحالة قد يسقط اقتصاد الدولة من قمة التضخم إلى قاع الركود في غضون بضعة أشهر.. لقد إنهارت عوائد “الجمهورية الإيرانية”، في الأشهر الماضية، بمقدار الثلثين، وذلك بسبب “العقوبات الأميركية” في المقام الأول.

في الوقت نفسه؛ تراجعت نسب التصخم من 350% إلى ما دون 150%، في غضون ثلاثة أشهر، بينما إفلاس الهيكل الاقتصاد للدولة يزيد من مخاطر هذا التوجه. ويمكن ملاحظة هذا الأمر من خلال إنهيار أسهم “بورصة طهران” خلال الأشهر الماضية.

لماذا يستمر الغلاء بشكل  متوحش ؟

الطريف؛ أننا نتحرك من أعلى نسبة تضخم، 350%، بإتجاه الركود، وبالتالي استمرار موجة الغلاء المتزايد. ويسأل الكثير من المواطنيين في تعجب: لماذا ؟!..

السبب الرئيس للغلاء لا يقتصر على “التضخم الطبيعي للاقتصاد المريض” أو ارتفاع معدلات التضخم؛ وإنما هو ناجم في الغالب عن الفجوة الكبيرة بين العرض والطلب. وسبب هذه الفجوة العميقة والمتزايدة بين العرض والطلب، والنقض هو الإنهيار الاقتصادي الذي يشمل الكثير من العوامل؛ مثل: الأعراض الجانبية للفساد المزمن، وفشل الهياكل الاقتصادية ومن بينها “البنوك”، وإفلاس البنوك والشركات، وإنهيار العملة، والاحتكار، والتهريب، والسوق السوداء، سياسة التلاعب، والعسكرة، وشمول العقوبات.

وبالتالي؛ لهذا الغلاء أسباب هيكلية جامعة في الدولة والسياسة والمجتمع. بمعنى أن هذا النوع من الاقتصاد والغلاء يُسمى “التضخم الكبير” ويكون مصحوب في العادة بمحيط سياسي ضعيف، وفي هذه الحالات تسعى الحكومات للاستفادة من كل التكاليف المتاحة؛ مثل القوى البشرية وكل أنواع الإدخار، والرقابة على النظام الاقتصادي مثل “التعاونيات” و”كوبنات” وغيرها، بالإضافة إلى “البروغندا” والدعاية بما يحفظ استقرارها السياسي. تلكم هى الحالة الإيرانية وسوف يستمر هذا الوضع خلال الأشهر المقبلة.

الأشهر المقبلة..

حال استمرار الوضع السياسي والموقف الحكومي الراهن، (داخليًا وخارجيًا)، خلال الأشهر المقبلة؛ فسوف نشهد للأسف في ظل الغلاء المتزايد إتجاه كامل نحو الركود الكامل، إتساع نطاق البطالة، واستمرار ملف الإفلاس، وتوقف الإنتاج في سلسلة توفير فرض العمل وفرض الرقابة المختلفة في النظام الاقتصادي.

بينما الحكومة الإيرانية تستعد للعودة للركود، تسعى لإيجاد هياكل اقتصادية “دفاعية” مدفوعة بحافز المحافظة على الاستقرار السياسي، ولو بالآليات الحكومية الفاعلة لمواجهة العقوبات مثل “آلية الاتحاد الأوروبي المالية الخاصة”.

وسام واثقى

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب