24 أبريل، 2024 3:19 م
Search
Close this search box.

من الترفع إلى “تقبيل العتبات” .. “بايدن” يسعى لزيارة السعودية طلبًا لوِد “ابن سلمان” .. فماذا سيكون الثمن ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

هل يزور “جو بايدن”؛ “السعودية”، ويلتقي ولي العهد فعلاً ؟.. هذا ما تقوله تقارير أميركية، فكيف انقلب موقف الرئيس الأميركي من الهجوم على “الرياض” وتجاهُل الحاكم الفعلي للمملكة، إلى باحث عن: “الرضا” بشتى الطرق ؟…

ورغم أن العلاقات بين “السعودية” و”الولايات المتحدة” تندرج تحت خانة التحالف الإستراتيجي، الموثقة باتفاق يرجع تاريخه إلى عام 1945، بين الملك “عبدالعزيز آل سعود”، والرئيس الأميركي؛ “روزفلت”، وكانت مدة الاتفاقية: 60 عامًا، وتم تجديدها لنفس الفترة عام 2005، فإن تلك العلاقات وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ تولى؛ “جو بايدن”، المسؤولية خلفًا؛ لـ”دونالد ترامب”.

وما بين كلمات “بايدن” القاسية بشأن المملكة؛ خلال حملته الانتخابية عام 2019، وبين التقارير الصحافية اليوم عن: “سعي” بايدن إلى ترتيب زيارة لـ”السعودية”، شهدت العلاقات خلالها تحولات كثيرة وانقلابات واضحة، يرصد هذا التقرير أبرز محطاتها.

زيارة بايدن “المحتملة” للسعودية..

نبدأ القصة من أحدث محطاتها؛ وهي الحديث عن احتمالات قيام الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، بزيارة “السعودية”؛ خلال جولته في الشرق الأوسط، حيث نشر موقع (أكسيوس) الأميركي تقريرًا، الخميس 26 آيار/مايو 2022، قال فيه إن “بايدن” يُفكر في زيارة “السعودية”؛ خلال جولته المقررة إلى الشرق الأوسط، نهاية حزيران/يونيو، وذلك نقلاً عن مصادر داخل الإدارة الأميركية.

مصدر الصورة: رويترز

يقوم حاليًا إثنان من كبار مستشاري الرئيس؛ “بايدن”، بزيارة سرية إلى “السعودية”، لإجراء محادثات حول ترتيب محتمل بين “السعودية” و”إسرائيل” و”مصر”، واتفاق لزيادة إنتاج “النفط” والعلاقات الثنائية بين “واشنطن” و”الرياض”، بحسب ما نقله تقرير الموقع الأميركي عن ثلاثة مسؤولين أميركيين حاليين وسابقين، دون ذكر أسمائهم.

وقال هؤلاء المسؤولون إن التوصل إلى: “تفاهمات”؛ بين “الولايات المتحدة” و”السعودية”، بشأن القضايا المذكورة، يُمثل: “أمرًا جوهريًا”؛ فيما يتعلق بإجراء تلك الزيارة.

وذكرت المصادر أن “بريت ماكغورك”، منسق شؤون الشرق الأوسط في “البيت الأبيض”، و”أموس هوتشستين”؛ مستشار الخارجية الأميركية لشؤون الطاقة، وصلا “السعودية”، الثلاثاء 24 آيار/مايو، لعقد اجتماعات مع مسؤولين سعوديين كبار.

وأضاف موقع (أكسيوس) أن “البيت الأبيض” رفض التعليق على مسألة الزيارة، فيما قال متحدث باسم “الخارجية الأميركية”؛ إنه ليس هناك: “سفر رسمي للإعلان عنه في هذا الوقت”. كما لم تردّ السفارة السعودية في “واشنطن” على الفور على طلب للتعليق من جانب الموقع الأميركي.

إن زيارة رئيس أميركي؛ لـ”السعودية”، لا تُعتبر حدثًا غير عادي، بشكل عام، لكن زيارة “بايدن”؛ تحديدًا، إلى “المملكة” لا تُمثل فقط حدثًا غير عادي، بل تُمثل انقلابًا أو سيرًا عكس الاتجاه، فساكن “البيت الأبيض” كان قد قطع: “شعرة معاوية” مع “الرياض”؛ قبل أن تطأ قدماه “البيت الأبيض” رئيساً، ثم زاد الطين بلة مرات عديدة بعد أن تسلم منصبه رسميًا.

“بايدن”؛ عندما كان لا يزال يسعى للفوز بترشيح الحزب (الديمقراطي)؛ ليُصبح أمام “دونالد ترامب”، كان قد تعهد بأن “الولايات المتحدة” سوف تُلقن: “الديكتاتوريين درسًا من خلال معاقبة السعودية”، وأضاف خلال مناظرة لمرشحي الحزب؛ عام 2019: “سوف نجعلهم؛ (حكام السعودية)، يدفعون الثمن، وسوف نجعلهم منبوذين كما يستحقون”.

تلك التعهدات من “بايدن”؛ جاءت في معرض تعليقاته على ما يجب أن تفعله “واشنطن” تجاه مقتل الصحافي المُعارض؛ “جمال خاشقجي”، الذي نفذه عملاء مرتبطون بالحكومة السعودية في قنصلية الرياض بـ”إسطنبول”، مطلع تشرين أول/أكتوبر 2018. وتوجهت أصابع الاتهام لولي العهد السعودي؛ “محمد بن سلمان”، الذي نفى علمه أو تورطه في جريمة الاغتيال التي هزت العالم أجمع؛ نظرًا لبشاعة تفاصيلها.

بايدن وتجاهله لولي العهد..

دخل “بايدن”؛ “البيت الأبيض”، رئيسًا يوم 20 كانون ثان/يناير 2021، رافعًا شعار: “أميركا عادت لقيادة العالم”، وقال إنه سيجعل: “حقوق الإنسان” في القلب من سياسته الخارجية، وبدا أن حزمة القرارات التي اتخذها وتتعلق بالشرق الأوسط موجّهة في مجملها ضد “السعودية”.

أعلن “بايدن” أنه سيُعيد “أميركا” إلى “الاتفاق النووي” الإيراني، الذي كان “ترامب” قد انسحب منه؛ عام 2018، كما قررت إدارته نشر تقرير استخباراتي حول جريمة اغتيال “خاشقجي”، كانت إدارة “ترامب” قد شملته بالسرية، وهو التقرير الذي أسهمت “وكالة الاستخبارات المركزية” في إعداده، وخلص إلى أن ولي العهد السعودي على الأرجح أمر باعتقال أو قتل الصحافي المُعارض.

ورغم أن الكشف عن ذلك التقرير السري؛ بشأن اغتيال “خاشقجي”، لم يُمثل في حد ذاته تغييرًا جوهريًا في طبيعة العلاقات بين “السعودية” و”الولايات المتحدة”، فإنه مثّل مأزقًا حقيقيًا لإدارة “بايدن”، ربما بصورة أكثر مما سببه من إزعاج لـ”السعودية”، بحسب تقرير نُشر وقتها لموقع (Responsible Statecraft) الأميركي، رصد أن أي محاولة من “واشنطن” لفرض عقوبات على ولي العهد السعودي قد تنسف العلاقات بين البلدين تمامًا.

مصدر الصورة: BBC

ثم أعلنت إدارة “بايدن” حزمة من القرارات تتعلق بالحرب في “اليمن”، أوقفت من خلالها دعم عمليات التحالف الذي تقوده “السعودية”، كما حظرت بيع الأسلحة الهجومية لـ”الرياض”، وقررت رفع جماعة (الحوثي) من قائمة المنظمات الإرهابية، بعد أن كانت إدارة “ترامب” قد أدرجت تلك الجماعة المدعومة من “طهران” في القائمة.

إحياء “الاتفاق النووي” وحظر الأسلحة ورفع التصنيف الإرهابي عن (الحوثي) ونشر التقرير الاستخباراتي في اغتيال “خاشقجي”، كلها قرارات موجهة ضد “السعودية” اتَّخذها “بايدن”. وعندما أجرى الرئيس الديمقراطي اتصاله الأول بقيادة المملكة – فالعلاقات الإستراتيجية بين الطرفين حتّمت ذلك بطبيعة الحال – قرر أن يُهاتف الملك “سلمان”، مواصلاً تجاهله لولي العهد، رغم علم الجميع بأن ولي العهد هو الحاكم الفعلي للمملكة.

“الملك سلمان؛ هو نظير الرئيس بايدن، وأتوقع أن يجري حوار بينهما في وقت ما، لكن ليس لدي جدول زمني محدد لتلك المحادثة”، كانت تلك كلمات؛ “جين ساكي”، المتحدثة السابقة باسم “البيت الأبيض”، في شباط/فبراير من العام الماضي، ردًا على سؤال بشأن: “الاتصال الأول” الذي سيُجريه “بايدن” مع “السعودية”، لكن الأسئلة في ذلك الوقت كانت تتركز على: هل، أو متى سيحدث تواصل مباشر بين “بايدن” والأمير “محمد بن سلمان”، وهو ما بدا وقتها أنه أمر يأنف منه “بايدن” ويُريد تجنبه بأي شكل.

هناك بالطبع عناصر كثيرة شكَّلت ذلك الموقف من جانب “بايدن”، يتعلق أغلبها إن لم يكن جميعها فعليًا بالأوضاع الداخلية الأميركية. فـ”ترامب” ومستشاره الأول وصهره؛ “غاريد كوشنر”، كانت تربطهما علاقة خاصة بولي العهد السعودي، وهي العلاقة التي استخدمها الديمقراطيون ضد الجمهوريين في الانتخابات الأخيرة، في ظل تراجع شعبية المملكة في الغرب عمومًا، وفي “أميركا” خصوصًا، في أعقاب اغتيال؛ “خاشقجي”.

“النفط” يقلب الموازين في وجه “بايدن”..

أجرى “بايدن” اتصالين بالملك “سلمان”، بفاصل زمني عام كامل، لكن الفارق بين محتوى الاتصالين شاسع، ويعكس التحولات الضخمة في العلاقات بين الجانبين. فالاتصال الأول، في شباط/فبراير 2021، ركّز على ما يمكن وصفها: “بمحاضرة حول حقوق الإنسان”، وجَّهها “بايدن” إلى الملك، بينما جاء الاتصال الثاني أشبه: “باستجداء” أميركي لزيادة إنتاج “النفط السعودي”.

فقد أعلن “البيت الأبيض”، فجأة ودون مقدمات، عن اتصال هاتفي بين الرئيس؛ “جو بايدن”، والملك “سلمان بن عبدالعزيز”، في شباط/فبراير الماضي، وقبل بداية الهجوم الروسي على “أوكرانيا”. وركز الاتصال على بحث إمدادات الطاقة والتطورات في الشرق الأوسط، بما في ذلك قضايا “إيران” و”اليمن”.

وأكد “الزعيمان الإلتزام بضمان استقرار إمدادات الطاقة العالمية”، فيما شدد الملك “سلمان” على: “أهمية الحفاظ على توازن أسواق البترول واستقرارها، منوهًا بدور اتفاق (أوبك) التاريخي في ذلك، وأهمية المحافظة عليه”.

أجرى “بايدن” ذلك الاتصال بعد أن رفضت (أوبك) زيادة الإمدادات لتهدئة الأسعار المتصاعدة، وأفادت مصادر أميركية مطلعة على الاتصال الهاتفي؛ أن: “المملكة العربية السعودية؛ لعبت تاريخيًا دورًا حيويًا في ضمان توفر إمدادات جيدة بأسواق الطاقة العالمية لدعم قوة وصمود الاقتصادات”.

وقدم “بايدن” للملك، في تلك المكالمة الثانية؛ وبحسب بيان “البيت الأبيض”، صورة تفصيلية عن الجهود الرامية لتقييد البرنامج النووي الإيراني، وكذلك سعي الإدارة لإقرار السلام في “اليمن”، واستمر تجاهل “البيت الأبيض”؛ لولي العهد السعودي، أو هكذا بدت الأمور.

لكن “السعودية” رفضت زيادة الإنتاج، وصاحب القرار هو ولي العهد بطبيعة الحال، ومع بداية الهجوم الروسي على “أوكرانيا” وارتفاع أسعار “النفط” ومواجهة “بايدن” أزمة ارتفاع الأسعار في توقيت حساس للغاية، قبل انتخابات التجديد النصفي لـ”الكونغرس”، المُقررة في تشرين ثان/نوفمبر المقبل، بدأت: “الضرورات تُبيح المحظورات”.

ولي العهد يفرض شروطه على “بايدن” !

الواضح أن الشهرين الماضيين قد شهدا ما يمكن وصفه باستسلام “بايدن” للأمر الواقع، وسعي الرئيس الأميركي وكبار مستشاريه إلى إعادة بناء الجسور المحروقة مع ولي العهد السعودي، وصاحب القرار الفعلي في شؤون المملكة، والسؤال الآن أصبح، هل فات أوان رأب الصدع فعلاً بين “بايدن” والأمير “محمد بن سلمان” ؟

إذ كانت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية قد نشرت مقالاً عنوانه: “كيف فقد بايدن السعودية ؟”، رصد كيف أن سياسة الرئيس الأميركي قد أفقدت “واشنطن” نفوذها لدى أكبر مُنتج لـ”النفط” في العالم، والحليف التقليدي لـ”الولايات المتحدة” في الشرق الأوسط؛ منذ أكثر من: 77 عامًا.

ورصد المقال؛ كيف تسببت إدارة “بايدن” في دفع السعوديين نحو الشرق، وتحديدًا تجاه: “الصين” و”روسيا”، رغم أن مسألة استخدام “اليوان”؛ كعُملة تداول عالمية ليست مسألة سهلة، ورغم أن “الريال السعودي” مرتبط بـ”الدولار”؛ فإن سعي ولي العهد لإعادة مناقشة المسألة مع الرئيس الصيني؛ “شي جين بينغ”، مؤشر على أن “الولايات المتحدة” قد فقدت نفوذها لدى “السعودية” بشكل كامل.

مصدر الصورة: آسوشيتد برس

وهكذا وجد “بايدن” نفسه مضطرًا إلى التعامل مع ولي العهد السعودي، لكن يبدو أن محاولات الرئيس قد باءت بالفشل حتى الآن، في ظل رفض الأمير “محمد بن سلمان”؛ الرد على اتصال من ساكن “البيت الأبيض”، وانفعال ولي العهد على مستشار “بايدن” للأمن القومي؛ “جيك سوليفان”، بسبب قضية “خاشقجي”. ورغم أن تلك المحطات وغيرها تظهر في تقارير إعلامية ولا توجد توضيحات رسمية بشأنها، فإن الواضح أن الأمور انقلبت، وبات “بايدن” هو من يسعى للقاء ولي العهد؛ بينما الأخير يفرض شروطًا كي يتم اللقاء.

الأسبوع الماضي، نشرت شبكة (سي. إن. إن) الأميركية تقريرًا حول سعي الجانب الأميركي لترتيب لقاء بين “بايدن”؛ وولي العهد السعودي، خلال زيارة الأول المرتقبة إلى “إسرائيل”، والآن بات الحديث يدور حول زيارة مرتقبة قد يقوم بها “بايدن” إلى “السعودية”، خلال ما باتت الآن جولة مرتقبة إلى الشرق الأوسط.

الخلاصة هنا هي أن الواضح هو أن “بايدن” قد أدرك أن مصلحته ومصلحة حزبه (الديمقراطي) تُحتّم عليه السعي للقاء ولي العهد السعودي، سواء في “السعودية” أو في الخارج، ويظل السؤال: هل يوافق ولي العهد على ذلك اللقاء، وكيف يمكن أن يكون “الثمن”، أو التنازلات التي سيُقدمها كل طرف ؟

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب