خاص : ترجمة – محمد بناية :
“طيور السنونو”؛ كلمة لها سابقة تاريخية في الأدب السياسي الإيراني، وقد انتشرت مؤخرًا في وسائل الإعلام.
وتُطلق كلمة “السنونو” للدلالة على المرأة التي تضعها الأجهزة الأمنية في طريق المسؤولين، والشخصيات السياسية، والمعارضين للحكومة بل والدبلوماسيين في الخارج، بغرض الإيقاع بهم عن طريق التقرب منهم وإقامة علاقات معهم.
ورغم سابقة القضاء على عدد من الوجوه السياسية، عبر الاستفادة من مشروع “السنونو”، إلا أن هذا المشروع تترد صداه مجددًا بسبب قضية “محمد علي نجفي”، المتهم بقتل زوجته الثانية، “ميرتا استاد”. بحسب موقع (راديو الغد) الأميركي الناطق بالفارسية.
بين النفي والتأكيد..
حيث اتهم عدد من الوجوه الإصلاحية؛ وكذلك “علي مطهري”، عضو البرلمان الإيراني، “ميترا استاد”، بالإنضمام إلى مجموعات “السنونو”. في المقابل؛ نفى شقيق “ميترا استاد”، وكذلك “غلام حسين إسماعيلي”، المتحدث باسم السلطة القضائية، تلك الاتهامات أو تواطؤ “ميترا استاد” مع الأجهزة الأمنية.
في حين رأى بعض المستخدمين على شبكات التواصل الاجتماعي؛ أن الهدف من مثل هذه الاتهامات هو محاولة إنقاذ “محمد علي نجفي”.
ومن أبرز الشخصيات السياسية التي أُقصيت عن الساحة السياسية بسبب التورط في علاقات نسائية؛ يمكن الإشارة إلى، “حسين موسوي تبريزي” و”عبدالمجيد معادي خواه” و”عطاء الله مهاجراني” و”علي جنتي”، حيث نُشرت التقارير والتخمينات عن دور الأجهزة الأمنية في هذه العملية، لا سيما فيما يتعلق بملفات، “جنتي ومهاجراني”، مع هذا لا تعترف المؤسسات الرسمية أو أصحاب هذه القضايا، (في كثير من الحالات)، بمثل هذه الشكوك والتقارير نظرًا لحساسية المسألة.
وقائع تُكتشف..
مع هذا؛ فقد تحدث البعض عن هذه المسألة بوضوح وصراحة مثل المحامية، “شيرين عبادي”، الناشطة في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، التي اتهمت عناصر “وزارة المخابرات” بتوريط زوجها وإجباره على إجراء حديث تليفزيوني عبر مجموعات “السنونو”.
وكذلك الحال بالنسبة للمحامية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، “مهرانجيز كار”، التي اتهمت “وزارة المخابرات” باستخدام مجموعات “السنونو” في إعداد ملف أخلاقي ضد زوجها، “سيامك پورزند”.
وقد تكرر نفس الكلام فيما يتعلق بقضية، “محمد علي نجفي”، الذي اتهم زوجته بالعمل ضده لصالح جهات أمنية.
واتهم النائب البرلماني، “علي مطهري”، بشكل ضمني، الأجهزة الأمنية، بتكليف مجموعات “السنونو” بالتحليق فوقه باعتباره سياسي ناقد ومعارض والتقاط الصور والأفلام لإجباره على إغلاق فمه وإقصاءه عن المشهد السياسي الإيراني.
وبالتزامن مع أحداث قضية، “محمد علي نجفي”، عمدة “طهران” السابق، قال “محمد سرافراز”، رئيس هيئة الإذاعة والتليفزيون سابقًا، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر): “الأجهزة الأمنية كانت قد أرسلت لي أنا أيضًا طائر سنونو”.
أسلوب أمني موروث من العهد الملكي..
والواقع أن مسألة استخدام النساء في إقصاء المعارضين؛ لها سابقة في أغلب الأنظمة الأمنية حول العالم، وكانت رائجة في “إيران”، إبان العهد الملكي. فقد تعرض “پرويز ثابتي”، مسؤول الأمن الداخلي في “جهاز السفاك”، بكتابه (فخ الحادث) لتلكم المسألة، وقال: “كلف جهاز السافاك مجموعة من النساء بإقامة علاقات غير مشروعة مع عدد من الوعاظ ورجال الدين أمثال، محمد تقي فلسفي؛ وجعفر شجوني؛ ومحمود قمي؛ ومحمد صادق لواساني”.
وكان “جعفر شجوني”؛ قد أكد في حوار مع برنامج (الرؤية بالليل)، وجود أفلام وصور عن علاقات هذه المجموعات النسائية مع رجال دين.
وبعد الثورة؛ أعتمدت “وزارة المخابرات” نفس الأسلوب في إقصاء المعارضين السياسيين؛ وبلغت هذه المسألة ذروتها في فترة رئاسة، “علي فلاحيان”، وزارة المخابرات.
وبعد إعترافات بعض المسؤولين السابقين في حكومة، “محمد خاتمي”، وغيرهم من الشخصيات السياسية، قيل إنهم أجبروا أثناء التحقيقات على الإعتراف بعد تهديدهم بعلاقاتهم النسائية.
غلق ثلاث سحابات !
ويقول أحد السياسيين، بحسب الرواية المشهورة بينهم: “يتعين على السياسي إغلاق ثلاث سحابات هي سحاب البنطال، والجيب والفم”.
وربما لذلك تساءل “مصطفى كواكبيان”، عضو البرلمان، قائلاً: “هل يمكن الاستفادة من السنونو لو لا يوجد العش ؟”.. في المقابل أكد البعض أن المعارضة هي السبب الرئيس وراء إقصاء السياسيين عن المشهد السياسي.
على سبيل المثال؛ في رسالته الأخيرة إلى، آية الله “علي خامنئي”، المرشد الإيراني، بخصوص قضية “روح الله حسينيان”؛ كتب “سعيد منتظري”، نجل المرحوم، آية الله “حسين علي منتظري”، نائب المرشد الأول للثورة سابقًا: “لو لم يضفي أصدقاءه بمحكمة رجال الدين الخاصة الطابع الرسمي على ملفه الأخلاقي الشنيع، لما تمكن من الاستمرار في الحياة بحكم الشرع والقانون”.
وبينما تستفيد الأجهزة الأمنية من مجموعات “السنونو” ضد الدبلوماسيين الأجانب، فقد سقط كذلك عدد من المسؤولين الإيرانيين في مصيدة الأجهزة الأمنية بالدول الأخرى. من ذلك ما قامت به أجهزة الأمن الألمانية بوضع إحدى الحسناوات في طريق النائب البرلماني السابق، “علي أكبر حسيني”، وقاموا بتصويره، وبحسب الروايات فقد استخدمت الحكومة الألمانية، هذه الأفلام، في الإفراج عن التاجر الألماني، “هلموت هوفر”، المحكوم عليه بالإعدام في “إيران” بتهمة العلاقة الجنسية غير المشروعة مع إحدى الإيرانيات، الذي اتهم بدوره الأجهزة الأمنية الإيرانية بتكليف إحدى الفتيات للقيام بهذه المهمة.
جدير بالذكر؛ أن صحيفة (إنصاف نيوز) الإصلاحية؛ كانت قد نشرت سلسلة تقارير العام الماضي، عن تجنيد بعض أرامل جنود الحرب “الإيرانية-العراقية” للإيقاع ببعض الساسة الإيرانيين.