27 مارس، 2024 11:54 م
Search
Close this search box.

من إريتريا إلى أرض الصومال .. لماذا قبلت بعض الدول الإفريقية مقاطعة قطر ؟ (2)

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – رشا العشري :

من إريتريا إلى أرض الصومال.. تعددت الأسباب حول قبول تلك الدول لمقاطعة قطر، فمن ناحية نجد أن العلاقات الاقتصادية والسياسية كان لها الدور في تعزيز المصالح الإفريقية سواء في دعم الاقتصاد الداخلي، أو التوسط في النزاعات الداخلية أو دعم شرعية أنظمة بعينها, وغيرها من المصالح التي عولت عليها تلك الدول للتوجه نحو التنمية والاستقرار باكتساب الحليف الخليجي.

من جهة أخرى نجد أن الهدف الخليجي يكمن في تعزيز نفوذه في القارة الإفريقية لإزاحة النفوذ الإيراني والمد الشيعي، ناهيك عن القواعد العسكرية التي تطمح دول الخليج في إرسائها داخل القارة بما يحقق القوة العسكرية والاقتصادية في آن واحد من خلال التحكم في بعض المناطق المطلة على البحر الأحمر، مثال على ذلك القاعدة السعودية في “جيبوتي”, وقواعد الإمارات العربية في “اريتريا” وأرض “الصومال”.

مواقف بعض الدول الإفريقية من المقاطعة..

اتخذت الدول الإفريقية موقف الوقوف بجانب الدول الأربع, وعزمت على مقاطعة قطر أو خفض التمثيل الدبلوماسي معها, كـ”النيجر وموريتانيا والسنغال وجيبوتي وجزر القمر وليبيا وتشاد وموريشيوس”.

فبالرغم من قطع “جزر القمر” العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة وإصدار قرار بمغادرة السفارة القطرية في موروني البلاد، إلا أنه كان هناك تخوف أثاره غضب المعارضة على مصير الاستثمارات القطرية في الدولة، بما في ذلك فندق (Retaj) الفاخر في موروني.

أما “موريشيوس” فقد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وذلك في بيان لها متهمة الثانية بدعم الإرهاب، وإلتزامها بدعم إجراءات حكومة المملكة العربية السعودية والدول الأخرى في مساعيها لاجتثاث أي تهديدات ضد أمن السلام العالمي.

وتأتي “ليبيا” في مقدمة الدول الإفريقية التي أعلنت موقفها من قطر, حيث أعلنت حكومة شرق ليبيا المقاطعة، واتهم المتحدث باسم الجيش الليبي “أحمد المسماري” كلاً من تركيا وقطر والسودان بدعم الإرهاب داخل ليبيا وسوريا. وقال: “أن ليبيا أعلنت مقاطعة قطر قبل أن تعلن الدول العربية الأربع عن مقاطعتها”. لافتًا إلى أن القيادة الليبية “لا تدعو لضرب الشعب القطري ولا تعادي الشعب القطري ولا التركي ولا السوداني، ولكننا نهاجم القادة”،على حد قوله.

في حين رفض البعض الأخر مقاطعتها, كـ”السودان والصومال وبعض الدول المغاربية”، وذلك لاعتبارات أخرى ربما ارتبطت بمصالح الأخيرة مع قطر.

إريتريا..

بالرغم أنها ساندت قطر في البداية، إلا أنها قطعت العلاقات معها، مُفضِلة الحليف السعودي الإماراتي، يذكر أنه في 2015، أنشات الإمارات قاعدة عسكرية في “ميناء عصب” الساحلية الإريتريه، حيث تقوم حالياً بعملياتها العسكرية ضد مقاتلي الحوثي في اليمن، مع الشروع في توسيع الميناء لإيواء طائراتهما وسفنهم وقواتهم.

في حين ذكرت وسائل أخرى أن “إريتريا” اختارت موقف الحياد ولم تقطع علاقتها بقطر، حيث أعلنت وزارة الاعلام في “أسمره” في الثاني عشر من حزيران/يونيو: “أن القرار الذي اتخذته مصر والسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين لا يقتصر على قطر وحدها، حيث أن إمكانات قطر محدودة للغاية. وهي مبادرة لابد أن تكون في اتجاهات كثيرة للتحقيق الكامل للأمن والاستقرار الإقليميين”. يأتي ذلك بعد يوم من زيارة المسؤولين القطريين إلى “أسمره” و”أديس أبابا” لالتماس الدعم في الأزمة الحالية.

حيث يعني البيان أن قطر وحدها ليست مسؤولة عن الإرهاب، الذي ينبع من مصادر متعددة، وأضاف: “أن أسباب الاضطرابات المتصاعدة عديدة ومعقدة وطويلة الأمد. بالتالي فإن ردع البلاء ومرتكبيه من أجل ضمان الأمن والاستقرار المستدامين ليس مهمة سهلة”. خاصة وأن قطر من ضمن العدد القليل من الحلفاء الدوليين الموثوق بهم على حد قول البروفيسور “هاريفير هوفن”.

هنا يرجع التحول في الموقف الإريتري واتخاذه النهج الخليجي على حساب قطر، حيث جاء البيان, أو القرار, الذي اتخذه فريق الخبراء بشأن أزمة الخليج متأخراً لأسباب عديدة:

1 . الأحداث التي أظهرتها “ويكليكس”, التي وقعت في 21 كانون ثان/يناير 2013, ونشرتها صحيفة “هاداس” الإريتريه، والتي تتحدث عن زيارة “عبد الله جابر” (*), للسفارة السعودية في إريتريا، حيث قال “جابر” للسفير: “أن النظام الحاكم يكره الإسلام كثيراً، وأنه يريد أن يرى إسرائيل أقوى في المنطقة، لكي تتمكن من مواجهة أي نفوذ إسلامي. ولذلك، سمحت الدولة شخصياً للإسرائيليين بأن تكون لهم قواعد عسكرية في الجزر الإريترية والبر الرئيس وهو ما يوضح انتشار القواعد العسكرية الإسرائيليه في إريتريا”، إلا أن الحكومة السعودية لم تأبه بهذه المزاعم، وقررت أن تبقي على العلاقات مع الحكومة الإريترية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وكما ترى “ويكليكس” أن هدف “عبد الله جابر”, من ذلك هو كسب الدعم السعودي في محاولة انقلاب 2013، لكن السعوديين تجاهلوه.

2 . بالرغم من إنشاء قطر مركز ديني لجماعات دينية إريترية متحفظة جداً في لندن بمساعدة من الأموال القطرية. إلا أن قناة “الجزيرة” الإنكليزية القطرية, كان لها الدور في دعم إنقلاب كانون ثان/يناير 2013، وكذلك خلال الفترة 2015، وذلك من خلال بث ونشر عدداً لا يحصى من المقالات، بل والأفلام الوثائقية السلبية عن الحكومة والدولة الإريترية بشكل عام، بما جعل الدولة في وضع متورط أمام المحكمة الجنائية الدولية. وذلك على حد قول المحللين الإريتريين.

3 . وبالرغم من أن قطر قامت بالاستثمار والمشاركة في الاقتصاد الإريتري لفترة طويلة، إلا أنها حولت استثماراتها بشكل كبير في السودان وإثيوبيا. دل على ذلك تأخرهم في بناء منتجع في “جزيرة داهلاك”, حيث مرت أكثر من عشر سنوات ولم تنته من بناءه. فضلاً عن توقفها عن العمل دون مبرر كاف. وهو ما آثار غضب الحكومة الإريترية.

4 . الدعم والتعاون الاقتصادي والأمني الذي تقدمه كلاً من السعودية والإمارات العربية ومصر لصالح إريتريا، فضلاً عن دور الإمارات والقوات السعودية في التواجد في إريتريا، وتحقيق الاستقرار بين الجانب الإريتري والإثيوبي، كان كفيلاً للوقوف بجانب الدول الأربع.

أرض الصومال (صومالي لاند)..

أعلنت حكومة “صومالي لاند”، التي تطالب بسيادتها ولا تعتبر نفسها جزءاً من الصومال، في العاشر من حزيران/يونيو الماضي أنها تؤيد تأييداً تاماً موقف السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بشأن قطر. كما منعت الخطوط الجوية القطرية من استخدام أجوائها. وبما أن قطر لا تعترف بأرض الصومال بوصفها ذات سيادة، وبأن لها مجال جوي، فليس من الواضح ما إذا كانت الخطوط الجوية القطرية ستقبل الحظر.

حيث ترتبط “صومالي لاند” بعلاقات وثيقة مع الإمارات بسبب التوصل إلى اتفاق يقوم بموجبه ميناء دبي العالمي بترميم مرفأ بربرة. إلى جانب استئجار قاعدة عسكرية في ميناء بربرة لمدة 25 عاماً، وذلك للسيطرة على الحرب في اليمن، مقابل تطوير البنية التحتية وخلق فرص العمل.

يأتي ذلك في ظل عقد صفقات استثمارية متعددة تقدر بالملايين من الجنيهات الإسترلينية، والتي من الممكن أن تؤخر المفاوضات السياسية في التوفيق بين الحكومتين، وهو ما دفع المنطقة إلى الوقوف بجانب المعسكر الخليجي، خاصة مع دعم قطر للصومال بزعامة “عبد الله فيرماغو”.

خلاصة القول..

نجد أن وقوف العديد من الدول الإفريقية بجانب الدول الأربع, كان له تأثيراً متأرجح ما بين الإيجابية والسلبية في مجمل الأزمة، إلا أنه انعكس على قطر في النهاية بخسارة الكثير من الحلفاء على الصعيد الدبلوماسي؛ وقد يزيد هذا الأمر المزيد من توتر العلاقات مع تلك الدول لا سيما “إريتريا”، والذي كان موقفها مع الدول الأربع له تأثير سلبي على وضعها السياسي والعسكري مع سحب قطر قواتها من المنطقة الحدودية المتنازع عليه مع “جيبوتي”.

إلا أن خروج القوات القطرية من الحدود الإريترية الجيبوتية قد يعزز التواجد الإماراتي السعودي المصري من جانب, في ظل استغلال الفراغ العسكري مما يعطي دوراً لتصدر القوات المصرية أو الإماراتية من خلال اتفاقية جديدة لتواجد قوات عسكرية على الحدود بين الدولتين, وهو ما يعزز مواقف الدول الأربع ووجودها في مواجهة قطر.

أما على صعيد العلاقات مع “أرض الصومال”، فلن تغير من موقفها تجاه قطر, خاصة وأن الآخيرة لم تدعمها في مواجهة الحكومة الصومالية، وهو ما يلقي أبعادًا سلبية على سير المفاوضات, وربما وصولها إلى طريق مسدود، خاصة بعد شروع الإمارات في تقوية أرض الصومال ببناء القاعدة العسكرية، وتنمية البنية التحتية لتلك المنطقة (أو ما يطلق عليها جمهورية أرض الصومال).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) “عبد الله جابر”: القيادي البارز والرجل الثالث في “حزب الجبهة” الحاكم الإريتري ومسؤول الشؤون التنظيمية, والذي تم اتهامه وآخرين بالتورط في محاولة الانقلاب على نظام الحكم في 2013, لمطالبته بإصلاحات سياسية وتوافق وطني. حيث قامت السلطات بالقبض على أبرز العسكريين المنفذين للعملية وفي مقدمتهم “صالح عثمان” قائد قوات المدرعات التي احتلت مبنى الإذاعة والمطار، إضافةً إلى نائب قائد القوات الخاصة (امانيل)، وقطعت المصادر بإلقاء القبض على “عبد الله جابر”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب