16 أبريل، 2024 10:17 ص
Search
Close this search box.

من أوروبا إلى لبنان .. حينما يصبح “الغاز” سلاحًا جيوستراتيجيًا في أزمة الطاقة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

من المواجهة الروسية مع “أوروبا” إلى “شرق البحر المتوسط”؛ ​​وأزمة الطاقة في “لبنان”، أصبح الغاز سلاحًا دبلوماسيًّا.

سلطت صحيفة (الإندبندنت) البريطانية؛ الضوء على أزمة الغاز التي يمتد أثرها من “لبنان” إلى “أوروبا” مع اقتراب الشتاء، وذلك في تحليلٍ نشرته، لـ”أحمد أبودوح”، الصحافي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، الذي يرى أن الغاز أصبح يُستخدم بوصفه سلاحًا جيوسياسيًّا على عدة جبهات، غير أنه من الممكن أن تكون له نتائج عكسية.

ويستهل الكاتب تحليله بالقول: يشترك الناس الذين يعيشون في “بيروت” أو “باريس” أو “لندن”؛ في المخاوف نفسها من الشتاء البارد الوشيك، لأن “الغاز” الذي يبعث الدفء في منازلهم أو يضيئها إما غير متوفر أو متوفر بثمن باهظ.

وتوضح عديد من العوامل “أزمة الطاقة”. وقد يتمثل أحدها في ارتفاع الطلب مقابل انخفاض العرض؛ بسبب التعافي الاقتصادي الذي جاء في وقت أقرب من المتوقع من تداعيات جائحة (كوفيد-19). كما أن التوجه الجديد المدعوم من الحكومة الصينية في مكافحة تغيُّر المناخ سبب آخر. وبالطبع، هناك أسباب أخرى متمثلة في عقود من الفساد السياسي وانعدام الكفاءة، كما تُشير إلى ذلك كارثة “لبنان”.

وهناك شيء واحد يُركِّز عليه الأوروبيون واللبنانيون على حدٍّ سواء؛ على أمل الخروج من الأزمة: دبلوماسية خطوط الأنابيب. يقول المحللون إن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، يرى أن هناك فرصة سانحة لاستغلال التفاوت بين العرض والطلب وعدم القدرة على التنبؤ الجيوسياسي المرتبط بذلك.

حينما يصبح “الغاز” سلاحًا..

يقول “أبودوح”؛ إن الأزمة أوضحت، من الناحية العملية، كيف يمكن نشر “الغاز الطبيعي”، بوصفه سلاحًا جيوسياسيًّا، لكنه سلاح ذو خصوصية فريدة: إنه غير فعَّال ورديء، والخطر من أنه يمكن أن يأتي بنتائج عكسية.

يقول البروفيسور “أندرياس غولدثاو”، الذي يشغل كرسي “فرانز هانيل” للسياسة العامة بجامعة “إرفورت”، في “ألمانيا”، إن: “الغاز بوصفه سلاحًا جيوسياسيًّا؛ لا ينجح إلا في علاقة تجارية غير متكافئة للغاية، حيث يكون لأحد الطرفين اليد العليا بوضوح. ويمكن القول إن هذا لم يكن هو الحال أبدًا في علاقات الغاز بين الاتحاد الأوروبي وروسيا. وأوروبا عميل رئيس، ولم يكن لدى روسيا عديد من الخيارات للتصدير إلى أي مكان آخر”.

وفي حين أن العقبات الجيوسياسية لم تكن في الأصل شرارة لعاصفة الطاقة، فإن البديل الدبلوماسي المؤقت قد يوفر مخبأً من عواقبها الوخيمة.

روسيا تستخدم “الغاز” في لعبة “فرِّق تسُد”..

ينوِّه الكاتب إلى أنه؛ خلال نزاع التسعير، في عام 2009، مع “أوكرانيا”، قطعت شركة الغاز الروسية العملاقة، “غازبروم”؛ جميع الإمدادات عن “أوروبا”، مما أضرَّ بدولها الجنوبية الشرقية وأجزاءٍ أخرى من “الاتحاد الأوروبي”.

وفي أعقاب أزمة 2014؛ المتعلقة بضم “شبه جزيرة القرم”، أغلقت “روسيا” الصنابير مرةً أخرى واتهمت، “أوكرانيا”، بالتقاعس عن سداد ديونها لشركة “غازبروم”.

وينقل “أبودوح”؛ عن “غولدثاو”؛ قوله إن: “روسيا لديها تاريخ من استخدام إمدادات الطاقة والتسعير؛ بوصفها وسيلة لشراء الأصدقاء وممارسة لعبة فرِّق تسُد مع العملاء الفرديين، في الاتحاد الأوروبي. والآن بعد أن وُضِع نظامٌ قويٌّ ومشتركٌ لسياسة الطاقة الأوروبية، أصبحت هذه الممارسات صعبةً للغاية”.

وقالت “ماريا باستوخوفا”، وهي مستشارة بارزة للسياسات في (E3G)، وهي مؤسسة فكرية مستقلة لتغير المناخ، إنه: “إذا كانت روسيا تستخدم صادراتها من الغاز؛ بوصفها سلاحًا سياسيًّا، فإن هذا السلاح غير فعَّالٍ للغاية”.

وفي عام 2007، اقترح “الاتحاد الأوروبي”؛ حزمة إصلاح ثالثة للطاقة، والتي تهدف إلى تحسين أداء سوق الطاقة الداخلي في “الاتحاد الأوروبي”. واستهدفت السياسات، التي دخلت حيز التنفيذ، في عام 2009، وهو العام نفسه الذي أحكمت فيه “موسكو” إغلاق صنابير الطاقة، إحداث تكامل في سوق الطاقة في “الاتحاد الأوروبي” لتعزيز المنافسة.

ومنذ ذلك الحين، كانت التوترات بشأن “الغاز الروسي”؛ سببًا في عدم الإلتفات إلى أي حديث عن ذوبان الجليد بين الجانبين.

وأضافت “ماريا”: “تفاقم النفور بين روسيا والاتحاد الأوروبي، إذ تبنَّى الاتحاد الأوروبي تدابير إضافية لتشديد نُظُم سوق الغاز، واعتماد رؤية الصفقة الخضراء التي من شأنها أن تقلل بفاعلية واردات الغاز بنسبة: 40%؛ على مدى السنوات العشر المقبلة، وبنسبة تربو على: 90؛ بحلول عام 2050”.

40 % من غاز أوروبا يأتي من روسيا..

واستدرك “أبودوح”؛ قائلًا: لكن هذا سيحتاج إلى بعض الوقت للحصول على نتائج فعلية. والآن، لا تزال “أوروبا” تستورد: 90% من غازها. وتزودها “روسيا” بحوالي: 40% من إجمالي إمداداتها.

وفي الوقت نفسه؛ وفي “المملكة المتحدة”، حيث إنهارت عديد من شركات الطاقة نتيجةً لارتفاع الأسعار، تحصل 80% من المنازل على التدفئة باستخدام الغاز. ووفقًا لـ (رويترز)، تُعادل سعة التخزين في “المملكة المتحدة” حاليًا حوالي أربعة إلى خمسة أيام من الطلب على “الغاز” في فصل الشتاء، بالانخفاض عن 15 يومًا في السابق.

وفي الأسبوع الماضي، أعلن “بوتين” أن “موسكو” مستعدة لزيادة إمداداتها إلى “أوروبا” وتعويض الأزمة. لكن قرار “غازبروم” ضخ الغاز في الاحتياطيات الوطنية لـ”روسيا”؛ ربما يكون قد أظهر إحساسًا بألعاب “بوتين” النفسية الفريدة مع القادة الأوروبيين.

تقول “كاتيا يافيمافا”، وهي باحثة بارزة في معهد “أكسفورد” لدراسات الطاقة، إنه: “بينما صرحت شركة (غازبروم) مرارًا وتكرارًا – في آيار/مايو وآب/أغسطس 2021 – أنها كانت بصدد تصدير: 183 مليار متر مكعب من الغاز إلى أوروبا، في عام 2021، وكانت ملتزمة بهذه التوقعات، يبدو أن أوروبا توقعت المزيد من روسيا؛ وفوجئت عندما قررت شركة (غازبروم) إعطاء الأولوية لملء خزاناتها في روسيا على تقديم المزيد من الغاز لأوروبا”.

غير أن النقاد يتَّهمون، “الكرملين”، بإبقاء الإمدادات عند مستويات منخفضة بطريقة مصطنعة لرفع أسعار “الغاز”؛ والضغط على المسؤولين الأوروبيين والألمان للتحول إلى عمليات خط أنابيب (نورد ستريم-2) المثيرة للجدل.

التصديق على “نورد ستريم”..

لفت الكاتب إلى تصريح المسؤولين الروس علنًا؛ أن: “الانتهاء المبكر من التصديق”، على (نورد ستريم-2)، سيساعد في: “تهدئة الوضع الحالي”.

وقالت “ماريا باستوخوفا”، لصحيفة (الإندبندنت): “إن رسائل الكرملين بشأن ضرورة تسريع التصديق على خط أنابيب (نورد ستريم-2)؛ هي محاولة سيئة التخطيط إلى حدٍّ ما لاستخدام ارتفاع أسعار الغاز لصالح شركة (غازبروم) والكرملين”.

وأشارت إلى أن ذلك: “لا يغير الموقف العام للاتحاد الأوروبي، تجاه روسيا، (إذا حدث الأسوأ)، ولا يساعد في الحفاظ على صورة (غازبروم)؛ بوصفها مورِّدًا يُعوَّل عليه”.

“غاز المتوسط” ملغوم بالمتاعب..

يقول الخبراء؛ أنه بالإضافة إلى “الغاز الطبيعي” المُسال في “قطر”، فإن البديل الأوروبي الآخر سيكون الاكتشافات الضخمة لـ”الغاز”، في “شرق البحر المتوسط”. لكن المنطقة، على الرغم من قربها من القارة التي تُعاني، مليئة بالصراعات والمنافسة والخلافات التاريخية، وتضم دولًا مثل: “مصر وإسرائيل ولبنان وتركيا”.

وفي العقد الماضي، خلقت المنافسة الجيوستراتيجية على اكتشافات “الغاز”، نظامًا إقليميًّا مبنيًّا على الاستجابة المتبادلة لمبدأ العين بالعين، إذ يمكن ترجمة إحباطات “مصر” من الأعمال المثيرة لـ”تركيا”، في “ليبيا”، إلى تشكيل تحالفات لعرقلة عمليات التنقيب التركية عن “الغاز”، في “البحر الأبيض المتوسط”.

ومن العقبات الأخرى التي تتجه في طريقها للحل القابل للبقاء فيما يتعلق باعتماد “أوروبا” المفرط على “روسيا”، تكلفة الاتصال الباهظة الثمن والمخاطر التقنية والطلب المحلي المرتفع.

يقول “غولدثاو”: “إمدادات غاز شرق البحر المتوسط؛ ​​ستخدِم بالأساس الأسواق المحلية في إسرائيل ومصر والمنطقة الأوسع. وبالإضافة إلى ذلك، فإن تركيا طرف في اللعبة؛ ومن المحتمل أن تُعرقل التطوير السريع لحقول الغاز في أراضي قبرص”.

لكن إمدادات “الغاز”، المتنازع عليها في “شرق البحر المتوسط”؛ ​​يمكن أن تكون شريان حياة لـ”لبنان”، حيث تسببت أزمة الطاقة في انقطاع الكهرباء بالكامل وسط أزمة اقتصادية حادة. وجمعت أزمة الطاقة اللبنانية الفرقاء القدامى معًا بطريقة يمكن أن تخلق ديناميكيات إقليمية جديدة. وأعلن مسؤولون في المنطقة، هذا الشهر، أنهم وضعوا اللمسات الأخيرة على خطة يمكن أن تمنح الأمل لملايين المواطنين اللبنانيين الذين يعانون من حرارة الأزمة.

غاز مصر إلى لبنان..

وألمح الكاتب إلى أنه، بحسب الخطة التي تحظى بدعم أميركي، ستزود “مصر”، محطات توليد الكهرباء اللبنانية، بـ”الغاز”، من خلال خط أنابيب يُمر عبر: “الأردن وسوريا”. كما سيُصدِّر “الأردن” الكهرباء، التي يجرى توليدها بالأساس من “الغاز” المستورَد من “إسرائيل”. لكن مشكلة “لبنان” تكمن في استخدامه لمحطات الكهرباء القديمة التي تعمل بـ”الديزل”، مما يُبرز حاجته الوشيكة إلى وقود “النفط” أكثر من حاجته إلى “الغاز الطبيعي”.

يقول “جيم كرين”، محلل الطاقة للشرق الأوسط في معهد “بيكر” بجامعة “رايس”، لصحيفة (الإندبندنت): “لا أحد يعرف؛ هل يتخلى لبنان عن توليد الطاقة بالديزل وينتقل إلى نظام أكثر حداثة أم لا. وسيكون الغاز تحسنًا كبيرًا لأنه أنظف وأرخص بكثير”.

ومنذ أيلول/سبتمبر الماضي، رَسَت ناقلتا “نفط” إيرانيتان في “ميناء بانياس” السوري. ونُقِل الوقود بالشاحنات إلى حدود “لبنان”، في خطوة صوَّرها (حزب الله)، المدعوم من “إيران”، على أنها انتصار كبير على “العقوبات الأميركية” على صادرات “النفط” الإيرانية. وتعتمد “الولايات المتحدة” على الخطة الجديدة لإحباط الهيمنة الإيرانية، في “لبنان” و”سوريا”؛ وتقديم حل يقره حلفاؤُها العرب.

لكن الترتيب المثير للجدل؛ قد يشهد استخدام “الغاز” والكهرباء، من “إسرائيل”؛ في إضاءة مقر قيادة عدوها اللدود، (حزب الله)، وتوفير “إسرائيل” مخرجًا لديكتاتور “سوريا” الدموي، “بشار الأسد”، للخروج من العزلة الدولية.

خطة أميركا بنقل “الغاز المصري” لن تضعف شوكة إيران !

ومع ذلك؛ فإن استخدام إمدادات “الغاز” لتفكيك عقود من النفوذ الإيراني في المنطقة؛ قد يثبت أن خطة إدارة “بايدن” وهمية، بحسب الكاتب.

يقول “ستيفن رايت”، الأستاذ المساعد في جامعة “حمد بن خليفة” في “قطر”، إن: “قبضة إيران و(حزب الله)؛ لن تضعف بسبب الغاز؛ فهي أكثر رسوخًا وتعقيدًا ولن تتلاشى في أي وقت قريب”.

وعلى الرغم من موافقته السريعة المزعومة على الخطة، فإن طموحات “الأسد” في إعادة التأهيل، من خلال منحه دورًا أكبر في حل أزمة “لبنان”؛ قد تتعثر قريبًا.

ويختتم “أبودوح” مقاله؛ بما أضافه “رايت” قائلًا: “وهذه الخطة لن تكون كافيةً لتوفير الخلاص، للأسد، في نظر المجتمع الدولي. وعلى أي حال، كانت سوريا لاعبًا رئيسًا في إيجاد حالةٍ من عدم الاستقرار في لبنان، في المقام الأول، من خلال (حزب الله)، وهو وكيل لسوريا وإيران. وفي أحسن الأحوال، سنرى البراغماتية تُستخدم مع سوريا، لكن الخلاص لن يكون مطروحًا”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب