9 أبريل، 2024 2:48 م
Search
Close this search box.

من أنت يا مستشار الأمراء وصديق الإرهابيين ؟ .. سؤال تبحثه صحافية كندية حول “خاشقجي” !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

تقول الصحافية الكندية، “شناز كرمالي”، التي تغطي الأحداث السياسية بمنطقة الشرق الأوسط: إن قضية اختفاء الصحافي السعودي، “جمال خاشقجي”، بما تحمل من نهاية مأساوية تُعد رسالة مهمة، لا تعكس فقط مدى إصرار القادة العرب على إسكات صوت المعارضين؛ وإنما تعكس أيضًا ضرورة تحليل شخصية  الأفراد وفق معايير متعددة.

بداية التعرف على “خشقجي”..

تقول “كرمالي”: لقد كانت المرة الأولى التي تعرفتُ فيها على “خاشقجي” – ذلك الصحافي الذي اختفى منذ قرابة أسبوعين في “تركيا” – هي عندما كُنت أستعد لإجراء حوار صحافي مع، “محمد جمال خليفة”، الذي كان مُقربًا من زعيم (القاعدة) السابق، “أسامة بن لادن”، وكان ذلك الحوار لـ”هيئة الإذاعة الكندية”، (CBC)، في عام 2003. أي بعد عامين من تفجيرات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر التي نفذها تنظيم (القاعدة) وأسفرت عن مقتل الآلاف.

وكان الكثيرون في العالم الغربي ما زالوا يبحثون عن الأسباب التي جعلت العالم العربي يُضمر العداء لـ”الولايات المتحدة الأميركية”.

كان “خليفة”، في ذلك الوقت، يتسم بالغموض، ولكنه بعد ذلك بأربعة أعوام وافته المنية في ظروف غامضة بدولة “مدغشقر”. وبعد تفجيرات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، قيل إن “خليفة” قد افترق عن نهج “بن لادن”، بعدما قرر الأخير تأسيس تنظيم (القاعدة) في عام 1998.

وكان من بين التهم التي لاحقته؛ أنه المسؤول الأول عن تمويل الجماعات الإرهابية الموالية لتنظيم (القاعدة)، وكان سببًا في اعتقال المجموعة التي حاولت تنفيذ عملية إرهابية استهدفت “مبنى مركز التجارة العالمي” عام 1993.

“خاشقجي” يعرض خدماته..

تُضيف الصحافية الكندية بالقول إن “خاشقجي”، كان في تلك الفترة، يشغل منصب نائب رئيس تحرير صحيفة (Arab News) اليومية، التي كانت تصدر باللغة الإنكليزية، وكان يُعد واحدًا من عشرات الصحافيين والمحللين الذين توجهتُ إليهم لمحاولة التعرف على مكان تواجد “خليفة”. وظللت طيلة عدة أشهر لم أتلقى ردًا على مكالماتي الهاتفية أو رسائلي عبر البريد الإلكتروني، إلى أن تلقيت ردًا من “خاشقجي”، حيث أبلغني أنه يعرف أين يتواجد “خليفة”، ووافق أن يساعدني في إجراء حوار صحافي مباشر معه.

كانت تلك الخطوة تُعد سبقًا صحافيًا مهمًا، لأنها فرصة نادرة لمحاورة شخص كان من أشد المقربين لزعيم تنظيم (القاعدة)، “بن لادن”. ولم يكتف “خاشقجي” بأنه أوفى بوعده من خلال مساعدتي على إجراء ذلك الحوار، بل إنه تواصل مع محللين سياسيين عرب، ممن يجيدون الحديث باللغة الإنكليزية، حيث شاركوا في تقرير آخر أعدته عن الشأن السعودي.

بين الأمراء والإرهابيين..

بحسب “كرمالي”؛ يعلم أي مراسل صحافي أو باحث يقوم بتغطية الأحداث في دول الخليج، مدى صعوبة العثور على شخصيات محل ثقة ومستعدة لتقديم معلومات وإيضاحات حول ما يجري في “المملكة العربية السعودية”. وإنني أُدرك أنني لست الصحافية الأجنبية الوحيدة التي كان لها تجارب إيجابية مشابهة من خلال التعامل مع “خاشقجي”.

لقد كان “خاشقجي” من هذه الناحية وافر العطاء والإسهام، وكان دومًا، على استعداد لإجراء لقاءات صحافية بشكل علني أمام الكاميرات، ولم يتخوف من ذكر اسمه في التقارير الإخبارية. لكن “خاشقجي” كان أيضًا شديد الحذر، وحتى المراسلون الذي استعانوا به لإستقاء المعلومة، قد فعلوا ذلك بعد فحص وتمحيص. لأنه في النهاية ما من شخص، مهما كان مسؤولاً، يمكنه أن يقول صراحة بأنه على صلة بإرهابيين دوليين وكذلك بالعائلة المالكة ؟

لم يكن صحافيًا عاديًا..

توضح الصحافية الكندية بأنه؛ ليس سرًا أن الحياة العملية لـ”خاشقجي” قد إتخذت مسارين متقابلين، وهما: المسار الإعلامي عبر مقالاته وتقاريره، والمسار الرسمي الحكومي، حيث عمل مستشارًا لبعض كبار المسؤولين في النظام السعودي.

فخلال الفترة بين عامي 2003 – 2006؛ كان “خاشقجي” بمثابة الساعد الأيمن لأحد أبرز الأمراء في “المملكة السعودية”، وهو الأمير “تركي بن فيصل” – الذي سبق له أن تولى منصب رئيس جهاز الاستخبارات، وعمل سفيرًا للمملكة في كل من “الولايات المتحدة الأميركية” و”بريطانيا”. لذا كان من الواضح أن “خاشقجي” لم يكن صحافيًا عاديًا.

مجرد انتقادات ضمنية..

غير أن “خاشقجي” لم يكن أيضًا مستشارًا سياسيًا عاديًا. فعلى سبيل المثال تبنت صحيفة الـ (Arab News) – عندما كان “خاشقجي” رئيس تحريرها – نهجًا جريئًا، من حيث المطالبة بمنح مزيد من الحريات الشخصية لمواطني “المملكة العربية السعودية” وضرورة توعية الشباب بأهمية العمل. كما قامت الصحيفة بتغطية موضوعات غير تقليدية، مثل أزمة العاملين الأجانب في الدول الخليجية، وكذلك محنة “الطائفة الشيعية” في “مملكة البحرين”. وكان يحظر على وسائل الإعلام الخليجية أن تتطرق إلى مثل تلك القضايا.

ولكن رغم كل ذلك، ليس من الصواب أن يوصف “خاشقجي” بأنه كان “شديد النقد” للنظام السعودي، مثلما يزعم صحافيون غربيون كثيرون منذ اختفائه. فقبل أن يشرع في استغلال صحيفة الـ (واشنطن بوست)؛ لتكون وسيلته لإحداث التغيير في العام الماضي – بعد منعه من الكتابة لوسائل الإعلام السعودية المختلفة –  كان النقد الذي يوجهه “خاشقجي” لقادة بلاده مجرد نقد ضمني وتلميحي.

ويشهد على ذلك مقال نُشر الأسبوع الماضي، للدكتورة “مضاوي الرشيد” – أستاذ زائر في جامعة الاقتصاد والسياسة بلندن – حيث وصفت فيه “خاشقجي”: “بأنه كان من أشد المدافعين عن المملكة السعودية، وكانت تحفظاته وملاحظاته بشأن السياسة السعودية معتدلة دائمًا وكان يتم تفهمها. بل كانت ملاحظاته تلقى في بعض الأحيان قبولاً حسنًا لدى النُخب الحاكمة، لاسيما عندما كان يدعم بشكل علني الموقف السعودي من الحرب المدمرة في اليمن، (رغم أنه قد أبدى في مقال نشره مؤخرًا نبرة مختلفة تمامًا)، ومن إعدام رجل الدين الشيعي، “نمر باقر النمر”، عام 2016، ومن التدخل العسكري السعودي لإسكات الاحتجاجات التي شهدتها البحرين، عام 2011”.

ثناء على “خاشقجي”..

يجدر القول، بعد اختفاء “خاشقجي”، إن كثيرًا من الخبراء والصحافيين والسياسيين الذين كان يناظرهم  “خاشقجي” باستمرار في لقاءات تليفزيونية، قد أعربوا عن تقديرهم له وأسفهم لما حدث في حقه.

ففي تغريدة على منصة التواصل الاجتماعي، (تويتر)، قال “محمد مرندي”، الأستاذ بـ”جامعة طهران”: “لقد اختلفت مع، خاشقجي، حول كثير من القضايا والموضوعات، ولكن خلافًا للتصريحات التي صدرت عن جهات خليجية، فقد كان، خاشقجي، دومًا، شخصًا مهذبًا وخلوقًا سواء كان ذلك معي أو مع الإيرانيين الآخرين”.

تشير “كرمالي” إلى أن هناك صحافي آخر – سُجن سابقًا في “البحرين”؛ لأنه قام بتغطية ما إرتكبته “القوات السعودية” من عنف ضد المتظاهرين – قد حكى لها أنه كان يعارض بشدة آراء “خاشقجي” فيما يتعلق بالتدخل الإيراني في المنطقة، لكنه لا يزال يُجله ويحترمه، نظرًا لأنه كان يسعى من أجل التغيير والإصلاح. وما كان لأحد أن يبقى طويلاً في “السعودية” إذا لم يكن له أصدقاء. ولقد كان “خاشقجي” حريصًا على طرح الحقيقة وإفساح المجال لمختلف الآراء.

دفع ثمن الحقيقة..

ويبدو في نهاية المطاف أن “الأصدقاء” الذين ساعدوا “خاشقجي” على البقاء لسنوات طويلة، هم أولئك الذين أسكتوه. وإذا صحت الأخبار الأخيرة، التي تناولتها وسائل الإعلام التركية، بأنه قد تعرض للضرب والقتل داخل “القنصلية السعودية” في “إسطنبول”، فمعنى ذلك أن “خاشقجي” قد لاقى مصير العديد من المعارضين الذين دفعوا ثمنًا باهظًا لأنهم قالوا كلمة الحق.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب