كتبت – آية حسين علي :
مرت ثلاثة أشهر منذ انتهاء الانتخابات البرلمانية الهولندية، التي أجريت في 15 من آذار/مارس الماضي، وحتى الآن لم يتم تشكيل حكومة جديدة، كما أن الاتفاق على تشكيل حكومة ائتلافية تضم الأحزاب الليبرالية اليسارية واليمنية والديموقراطية والأحزاب ذات المرجعية البيئية، باء بالفشل للمرة الثانية.
وكانت هذه الأحزاب مجتمعة، قد حصلت على أغلبية المقاعد في البرلمان، بواقع 85 مقعد من بين 150 إجمالى عدد المقاعد، لكنها تفككت بسبب خلافات على سياسات اللجوء.
“جيسي كلافر” من أصل مغربي يدافع عن حقوق اللاجئين..
كان السبب في فشل المحاولة الثانية، النائب “جيسي كلافر”، رئيس “حزب اليسار الأخضر” ذي المرجعية البيئية، بسبب معارضته لسياسات اللجوء في هولندا، وشدد على أن اللاجئين الفارين من الحرب، وخاصة السوريين، لهم الحق في طلب اللجوء لدى أوروبا.
يذكر أن “كلافر” الشاب، ينحدر من أصول مغربية، لأب مغربي وأم هولندية، لكنه تربى وتلقى تعليمه في هولندا، وتدرج في المناصب حتى تولى رئاسة “حزب اليسار الأخضر” في آيار/مايو عام 2015.
حالة ركود واختبار حقيقي..
أوضح شركاء “كلافر” من التكتلات الثلاثة، التي تشكل مجتمعة أغلبية برلمانية، له أن موجة الهجرة لا تفرق بين الفارين من المعارك المسلحة والمهاجرين لأسباب اقتصادية، وجميعهم يفضلون إلغاء اتفاقات مثل ذلك الموقع بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.
ويرغب الشركاء في تكرار اتفاق الولايات المتحدة مع دول في شمال إفريقيا مثل “مصر وتونس” لاحتواء النزوح الإنساني، مقابل دعم مالي، لكن “كلافر” غادر المباحثات والوضع السياسي الآن في حالة ركود.
ويجب على الساسة الهولنديين تخطي اختبار حقيقي في الصمود، لأن لا أحد منهم يتوافق مع رأي الآخر.
خلافات أخرى بين الأحزاب..
من جانب آخر، ترفض الأحزاب الليبرالية اليسارية، تأييد حزب “الاتحاد المسيحي” البروتستاني المعارض لمبدأ “الحق في الموت”، الذي تضمنه برنامجه الانتخابي. وهو عبارة عن توسيع القتل الرحيم ليشمل الأصحاء ممن تزيد أعمارهم عن 70 عاماً، ولا يريدون العيش أكثر من ذلك، وهي نقطة غير مسموح بمناقشتها بالنسبة لليبراليين.
كما لا يرغب الاشتراكيون الراديكاليون في الحديث مع حزب رئيس الوزراء “مارك روته”، “حزب الشعب من أجل الحرية والديمقراطية”، الذي ينتمي إلى التيار الليبرالي اليميني، ويفضلون الديموقراطية المسيحية.
أما الاشتراكيون الديموقراطيون، الذين يعتبرون الخاسر الأكبر في الانتخابات حيث حصلوا على 9 مقاعد فقط، ينتظرون لعب دور المعارضة.
وبالطبع جميعهم بعيدون عن زعيم المعارضة ضد المسلمين، اليميني “خيرت فيلدرز”، الذي جاء حزبه في المركز الثاني وحصل على 20 مقعداً.
ليس جديداً..
لم تكن معارضة “كلافر” لسياسات اللجوء أمراً مفاجئاً، بل على العكس، فقد كان دائماً ما يشكك في اتفاقات اللجوء التي توقع مع دول العالم الثالث التي، بحسب رأيه، “لا تضمن احترام حقوق اللاجئين مثلما يحدث في تركيا مع السوريين”.
وقبل رفضه تشكيل حكومة، طالب بـ”ضمانات حقيقية لا تكون مجرد وثائق لا تستطيع المقاومة داخل أروقة الاتحاد الأوروبي”.
وفي ضوء استعداده المبدئي الجيد، استدعى النائب عن الحزب الاشتراكي الديموقراطي “هرمان تغينك ويلينك”، خبراء في القانون الإنساني، وقالوا له إن اتفاقات مثل الاتفاق التركي مع الولايات المتحدة لا يتوافق مع معاهدة الأمم المتحدة للاجئين.
وشغل “ويلينك” منصب النائب السابق لرئيس مجلس الدولة، كما أنه يقوم بدور الوساطة في عملية تشكيل الحكومة.
وأضاف الخبراء أن “الاتحاد وقع مع أنقرة بخصوص اللاجئين السوريين، وكل حالة لها ظروف فريدة، ويمكن لمواطني الدول الأخرى طلب اللجوء لدى أوروبا”.
هولندا تحتاج إلى معجزة..
بهذا توقع الكثيرون أن المشكلة قد حُلت، وأن تشكيل الحكومة الجديدة بات قريباً، لكن “كلافر” اجتمع مجدداً مع حزبه وطلب أمراً آخر إلى جانب قبول اللاجئين الفارين بسبب انقسام دولهم، وهو أن توافق هولندا على قبول ما بين 5 و25 ألف لاجئ كل عام، لكنه فوجئ بإجماع على الرفض وموجة من الانتقادات.
وقال الزعيم الديمقراطي المسيحي “سيبراند بوما”، رداً على طلب “كلافر” الجديد مستنكراً: “ألا يكفي كلافر كل القضاة الأوروبيين والمتخصصين في الشؤون الإنسانية واللجنة الأوروبية ودول الاتحاد الأروبي ؟”.
لكن تعليق “الاتحاد المسيجي” كان أكثر تفاؤلاً، حيث قال: “نحتاج إلى معجزة ونحن نؤمن بالمعجزات”.