كتبت – أماني الجبالي :
يؤدي التليفزيون التعليمي دوراً كبيراً في الارتقاء بالعملية التربوية، خاصة بعد التطورات التقنية التي شهدها قطاع الإعلام والتعليم على حد سواء، وتعد تجربة فضائية “العراق التربوية” أحدى التجارب الرائدة في العراق، من حيث البث الفضائي والمساحة الزمنية المخصصة لتقديم الدروس واقبال الطلبة على متابعتها والذي تجاوز المليون، سواء من خلال الشاشة أو عن طريق موقع القناة على شبكات التواصل الإجتماعي، خاصة بعد انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية.
وتحتاج قناة “العراق التربوية” مزيد من التطوير والإمكانيات لتلبي احتياجات الطلبة، حيث أكدت دراسة علمية، نشرتها مجلة “الكوفة” العلمية التابعة لجامعة الكوفة في عددها الأول لعام 2017، على أن القناة تحتاج إلى إعادة النظر في أسلوب تقديم الدروس لطلبة المراحل المنتهية، وجعل الأسئلة متنوعة لكي لا تكون الدروس جافة أو مملة، والتي قد تؤدي إلى عزوف الطلبة من متابعتها، كما أنهم يشاهدون القناة لمدة محدودة لا تزيد في أغلب الأحيان عن ساعة واحدة حيث يتابعون درس واحد أو درسين.

تعديل فترات المشاهدة..
جاءت نتائج الدراسة العلمية، التي تحمل عنوان: “اشباع فضائية العراق التربوية الحاجات التعليمية لطلبة الصفوف المنتهية، دراسة ميدانية على عينة من طلبة مدارس بغداد” للأستاذ المساعد بكلية الإعلام، جامعة بغداد، “د. عمار طاهر محمد”، مؤكدة على أن “الطلاب ينصرفون عن مشاهدة القناة في حال وجود مدارس متميزة تقدم لهم ما يشبع حاجاتهم التعليمية، كما يجب عليها عرض الدروس التي تشبع رغباتهم وتلبي حاجاتهم في فترتي الظهيرة والمساء لارتفاع نسبة المشاهدة، مع إعادة ترتيب مناهج أيام العطل ولا سيما الجمعه والسبت، مع تقديم منهاجاً خاصاً يراعي حاجات الطلبة التعليمية”.
هدف الباحث من دراسته، التعرف على الاشباعات والدوافع لطلبة الصفوف المنتهية، السادس والإعدادي بالتحديد، من خلال التعرض إلى فضائية “العراق التربوية” والتقصي عن أسباب متابعتها والعزوف عن مشاهدة دروسها التعليمية فضلاً عن الحاجات الحقيقية التي يبحث عنها الطلبة عبر شاشة القناة.
وتم اختيار 4 مدارس في بغداد، بمعدل مدرستين للذكور اختصاص علمي وأدبي ومدرستين للإناث اختصاص علمي وأدبي، بجانب “الكرخ والرصافة” في بغداد، ففي جانب الكرخ وقع الاختيار على “إعدادية المنصور للبنين” الفرع العلمي وثانوية الجامعة للبنات للفرع الأدبي التابعة لتربية الكرخ الأولى وفي جانب الرصافة “إعدادية الحريري للبنات” الفرع العلمي و”إعدادية الأعظيمة للبنين” الفرع الأدبي التابعة إلى تربية الرصافة الأولى.
ويرجع اختيار تلك المدارس لأنها تقع ضمن مناطق معظم قاطنيها من ذوي الدخل المتوسط والمرتفع، حيث ينخرط الطلبة في الدروس الخصوصية بشكل كبير، كما تحقق تلك المدارس نسبة نجاح عالية سنوياً، وتم اختيار 100 مبحوث من المدارس الأربعة بواقع 25 مبحوث لكل مدرسة، وقد خصصت 20 استمارة للطلبة الذين يتابعون الدروس التعليمية في فضائية “العراق التربوية”، و5 استمارات للطلبة الذي لا يتابعون، وذلك لاكتشاف أسباب عدم التعرض.
دوافع الطلبة للمشاهدة..
أشارت الدارسة إلى عدة دوافع للطلبة في مشاهدة القناة أبرزها أن ما تطرحه الدروس التعليمية مرشح لأن يكون في الأسئلة الوزارية، كما يسعى عدد من الطلبة إلى مطابقة ما تطرحه الدروس بعدها نموذجية مع ما يقدمه المدرس في المدرسة للتأكد من صحته، الأمر الذي يعني وجود شكوك معينة لدى الطلبة بكفاءة مدرسي المدارس، كما يتابع عدد من الطلبة الشريط الإخباري في القناة لمتابعة تعليمات وزارة التربية التي تخص الإمتحانات وغيرها.
وأكدت الدراسة على عدة مميزات تقدمها القناة، ومنها أنها تلبي حاجات الطلبة من حيث تقديمها لجميع الدروس وتغطية المنهج المقرر بالكامل بطريقة سهلة عبر مدرسين معروفين بالخبرة والكفاءة، كما أن عرض القناة للدروس التعليمية عبر مواقع التواصل الإجتماعي، خاصة الـ”يوتيوب”، يلبي إحتياجات الطلبة في مشاهدة المحاضرات خلال جميع الأوقات، ولاسيما التي لم يشاهدوها بسبب ضيق الوقت أو انشغالهم بالمدرسة أو الإمتحانات.
مزيد من التطوير..
لفتت الدراسة إلى أن الطلبة يشعرون أن مدة الدرس الواحد 30 دقيقة غير كافية لتلبي حاجاتهم التعليمية، مع إقرارهم أن قاعة الدرس في استوديوهات القناة مريحة لهم لاستقبال الدورس، كما يحتاجون إلى توفير سبل عديدة للتواصل مع الدرس المقدم من قبل القناة مع رغبتهم في طرح الأسئلة والتفاعل مع المدرسين أثناء المحاضرات عبر مواقع التواصل الإجتماعي الخاصة بالقناة، كما أن هناك ضرورة في إعادة النظر في البرامج الأخرى غير الدروس التعليمية لأنها لا تحظى بنسبة مشاهدة مقبولة، بجانب أن دروس “اللغة العربية واللغة الانكليزية والرياضيات” تعتبر القاسم المشترك بين الطلبة من الذكور والإناث في الفرعين العلمي والأدبي، الأمر الذي يتطلب توجيه مزيد من الاهتمام بها من قبل القناة.
التليفزيون التربوي..
بدأ البث الأول للتليفزيون التربوى في العراق عام 1977، الذي قدم برامج ثقافية وإرشادية متنوعة تتوجه إلى مختلف شرائح المجتمع بما فيهم الطلبة، فقد أولت الحكومة العراقية آنذاك اهتماماً خاصاً لها، حيث مثلت البرامج للطالب حصة كبيرة، واستمر الحال إلى عام 1991، وتحديداً عند احتلال العراق للكويت، حيث توقف التليفزيون التربوي، وتم تحويله إلى “وزارة الإعلام” لتأسس بدروها بدلاً عنه “التليفزيون الثقافي”، وبعد سنوات تحول إلى “الفضائية العراقية”.
نشأة القناة..
تعد فضائية “العراق التربوية” قناة تليفزيونية تعليمية أطلقتها “وزارة التربية العراقية”، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم الـ”يونسكو” فى أذار/مارس 2010، وجاء في موجبات إنشائها أنها “استجابة إلى التحديات الناجمة عن الصعوبات الأمنية التي تحول دون قدرة عدد من التلاميذ على الإلتحاق بالمدارس عبر إعطائهم فرصة متابعة دراستهم بفضل أسلوب التعليم عن بُعد”.
وقد تم تمويل مشروع اطلاق القناة من “المجموعة الأوروبية” بمبلغ 6.5 ملايين دولار، وتبث القناة بصورة متواصلة على مدى 24 ساعة عبر القمر الصناعي “نيل سات” وعلى التردد 10775 هرتز – أفقي 27500، برامج تربوية تتبع منهج البرنامج الدراسي العراقي، وتتوجه القناة بصورة أساسية لطلاب المرحلة الإبتدائية والثانوية داخل العراق وخارجه.
وتبث القناة 450 ساعة شهرياً، بواقع 18 ساعة يومياً، موجهة إلى طلبة الصفوف المنتهية، وقد أسهمت بشكل كبير في الحد من التدريس الخصوصي عن طريق انتاجها 2750 درساً تعليمياً لطلبة الإبتدائي والثانوي والمهني إلى جانب تسجيل 456 حلقة تربوية متنوعة، فضلاً عن مد الطالب العراقى بما يحتاجه من دروس من خلال نشرها عبر موقعها الالكتروني على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الإجتماعي، وكذلك طباعتها على “أقراص ليزرية” وتوزيعها بين المديريات العامة للتربية في بغداد والمحافظات.