19 أبريل، 2024 7:00 م
Search
Close this search box.

منصب “السيدة الأولى” في فرنسا .. ينهي “شهر العسل” بين “ماكرون” وشعبه !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – ابتهال علي :

فيما يعد نهاية لشهر العسل, الذي رفل فيه الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” وقرينته “بريغيت”, عقب فوزه في الانتخابات الرئاسية في آيار/مايو الماضي، يواجه الرئيس الفرنسي، حاليًا، أول أزمة فعلية مع الفرنسيين، ويبدو أن الغلبة فيها ستكون من نصيبهم.

إذ أعلنت الحكومة الفرنسية أن زوجة “ماكرون” لن تحصل على لقب “سيدة أولى”, رسميًا, أو ميزانية خاصة بها، في أعقاب حملة رفض شعبي لمحاولة الرئيس الفرنسي إضفاء صبغة رسمية على دور زوجات الرؤساء الفرنسيين. وهو دور ارتبط بصورة ذهنية سلبية أضلاعها الخيانة الزوجية أو حب الظهور أو القنوع بالبقاء بعيدًا عن الأضواء بعكس زوجات الرؤساء الأميركيين.

وعد المحب لـ”بريغيت”..

قد أثار الوعد الذي قطعه “ماكرون” على نفسه – خلال حملته الانتخابية – باستحداث منصب رسمي لقرينته كـ”سيدة أولى”، حالة من الصخب بين الفرنسيين.

وقال “ماكرون” حينذاك: “ستؤدي دورًا ولن تكون متوارية عن الأنظار، لأنها شريكة حياتي ورأيها يهمني .. وأظن أنه من المهم توضيح هذا الدور”. وأضاف: “أرفض أن تتكبد الدولة الأعباء المالية المتأتية عن هذا الدور لكنني أريده أن يكون مركزاً فعلياً”.

وكانت إحدى المهام التي نفذها “ماكرون” فورًا بعد توليه السلطة تشكيل مجموعة عمل لدراسة وضع “السيدة الأولى” وتحديد دورها بدقة.

منصب عام بدون راتب..

كانت أوساط مقربة من “ماكرون” كشفت عن نية قصر “الإليزيه” توضيح دور “بريغيت” في الحياة العامة, خلال وثيقة, الأيام القليلة القادمة كما أكدت على أن “بريغيت” لن تتقاضى أي مقابل مادي كزوجة للرئيس الفرنسي, وأن دورها سيكون “عامًا” لا “سياسيًا”.

وتوقعت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن الأمور ستصبح أكثر وضوحًا بشأن دور “بريغيت” في الحياة العامة الفرنسية مع صدور “ميثاق الشفافية”، الذي يحدد بدقة وضع “بريغيت ماكرون” ودورها, وكذلك عدد الموظفين العاملين معها, وتكلفة ذلك من أموال دافعي الضرائب الفرنسيين.

الفرنسيون يلجأون لجمع التوقيعات..

رغم أن قصر “الإليزيه” لم يصدر حتى الآن بيانًا رسميًا بشأن الموضوع، إلا أن المسؤولين اضطروا إلى الرد عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي, على حملة جمع توقيعات ضد حصول قرينة الرئيس الفرنسي على لقب رسمي كسيدة أولى أو مكانة أو ميزانية خاصة بها, جمعت أكثر من 275 ألف شخص.

ونقلت صحيفة “لوموند” الفرنسية, عن المتحدث الرسمي باسم الحكومة الفرنسية, “كريستوف كاستانيه” – في سلسلة من التغريدات على حسابه الشخصي على موقع التدوين القصير “تويتر” – أنه لن يحدث تعديل للدستور أو إقرار ميزانية أو راتب لقرينة الرئيس الفرنسي، مطالبًا الفرنسيين بالتوقف عما اسماه مظاهر النفاق والجدال.

وأضاف “كاستانيه”: “تضطلع بريغيت ماكرون بدور ولديها مسؤوليات, ونحن نسعي إلى الشفافية وتحديد الأدوات المتاحة لها”.

“ماكرون” في مرمى النيران..

كشف استطلاع للرأي نشرته صحيفة “هافينغتون بوست” الفرنسية, في آيار/مايو الماضي, أن 68٪ من الفرنسيين يعارضون أن يكون لقرينة رئيسهم أي دور رسمي.

وذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية, في تقرير عنوانه: “ماكرون في مرمى نيران الغضب بسبب منصب السيدة الأولى”, أن مهامًا جسيمة تنتظر “ماكرون”، حيث يحشد معارضوه لتنظيم مظاهرات واسعة ضد إصلاحات قانون العمل الذي تقدمه حكومته في شهر أيلول/سبتمبر المقبل.

وارتفعت وتيرة المعارضة لهذه الخطوة، عندما بادر مواطن فرنسي, يدعى “تيري بول فاليت”, بإطلاق مبادرة حملة على الإنترنت لتجميع توقيعات على عريضة ترفض استحداث منصب “سيدة أولى” ونشر لها عريضة حصلت على أكثر من ربع مليون توقيع، إذ وقع عليها 275 ألف شخص بعد أقل من 3 أسابيع من إطلاقها – بحسب صحيفة “لوموند”. ويعمل “فاليت” كفنان تشكيلي وكاتب.

واعتبرت العريضة أنه لا يوجد مبرر يدعو لأن تحصل “بريغيت” على اموال من ميزانية الدولة، وطالب “فاليت” أن يكون قرار منح “بريغيت” لقب سيدة أولى رسميًا بناء على استفتاء عام وليس بأمر رئاسي.

مؤكدًا على أن الشعب الفرنسي هو الوحيد صاحب الحق في تقرير من يمثلهم, وأن أكثر من 65% من الفرنسيين ضد استحداث المنصب.

كما تم طرح قضية “استحداث” اللقب للنقاش في الجمعية الوطنية (البرلمان), الأسبوع الماضي, ضمن تداول مشروع قانون أخلاقي جديد يطلق عليه قانون “تخليق الحياة السياسية”, والذي ينص على منع حصول أقارب الوزراء وأعضاء البرلمان على وظائف عامة خلال فترة شغلهم المناصب.

وتتمتع “بريغيت ماكرون”, بالفعل, منذ لحظة دخولها قصر “الإليزيه” بفريق من المساعدين مكونًا من خمسة أشخاص وفريق حراسة, وهو ما يعتبره الفرنسيون كافيًا لها.

ويذكر أن قصة حب “ماكرون” و”بريغيت” شغلت كثيراً الإعلام الفرنسي والعالمي, خلال الحملة الانتخابية الرئاسية, فهي تكبره بـ25 عاماً، وبدأت قصتهما عندما كان تلميذًاً في الخامسة عشرة من عمره, بينما كانت “بريغيت” مدرسته وكانت وقتها متزوجة وأمًا لثلاثة أولاد.

“بريغيت” في مواجهة “ميلانيا”..

في الوقت الحاضر، لا ينص الدستور الفرنسي, ولا البروتوكول, على أي قواعد بشأن موقف زوجات الرؤساء، بعكس الولايات المتحدة الأميركية, التي تتمتع فيها قرينات الرؤساء بلقب السيدة الأولى, ووفقًا لنص قانون صدر عام 1978 يمنح “ميلانيا ترامب” مكانة رسمية كسيدة أولى تتمتع بخدمات فريق مكونًا من 12 مساعدًا.

وفي السابق كانت أدوار الزوجات السابقات على “بريغيت ماكرون”, تجري كيفما تسنى لهن أو يحلو لهن, وكان يتم الإنفاق على أعمالهم الخيرية والعامة من الميزانية السنوية لقصر “الإليزيه”, التي لا تتجاوز سبعة ملايين يورو.

ورغم ذلك، تتمتع قرينات الرؤساء في فرنسا، بالفعل، منذ زمن طويل، بمكتب خاص وفريق من المساعدين وحراس شخصيين، وأثارت “فاليري تريرفيلر”, رفيقة الرئيس السابق “فرانسوا هولاند”, ضجة عندما بلغت ميزانية مكتبها حوالي نصف مليون يورو عام 2013.

والمثير للاهتمام أن قرينة “ماكرون” قامت بدورها بجوار زوجها في مناسبات هامة فور اعتلائه السلطة منذ  ثلاثة أشهر، لعل أبرزها استقبال الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” وقرينته “ميلانيا”.

وأشارت صحيفة “لوموند” الفرنسية إلى أنها تعكف على الرد على 200 رسالة تتلقاها يوميًا في المتوسط، كما ترمي إلى الاضطلاع بمهام خيرية في مجال مكافحة الأمراض والإعاقة.

مشاعر الغيرة أم عنصرية ضد المرأة..

طرحت صحيفة “الإندبندنت” البريطانية, في تقرير لها, سؤالًا عن الأسباب التي أدت إلى جمع هذه التوقيعات ضد حصول “بريغيت ماكرون” على لقب “السيدة الأولى لفرنسا”.. “هل هي نوع من الغيرة أم عنصرية ضد النساء لدى الشعب الفرنسي ؟”.

وذكرت الصحيفة البريطانية أن زوجات الرؤساء في فرنسا يتمتعن بالفعل بطابور طويل من المساعدين يبلغ خمسة مساعدين والحراس الشخصيين والعديد من الامتيازات تشمل تخصصيص طائرات الرئاسة لهن والتمتع بخدمات مصففي الشعر, وبائعي الزهور رهن إشارتهن.

وأشارت إلى أنه ليست لدى “بريغيت” مطامع شخصية, ولكن على ما يبدو أنها تسعى إلى أن يؤخذ دورها بمحمل الجد باعتبارها إنسانة مهنية, حصلت على تعليم متقدم وتتمتع بالخبرة العالية كمربية أجيال.

رفض دور بطلة “أوبرا الصابون”..

زعمت الصحيفة البريطانية أن ما تتعرض له “النساء الفرنسيات الأول” في التاريخ الحديث يعكس إلى أي مدى أن صورة قرينات الرؤساء الفرنسيين ومكانتهن مثالًاً لإمتهان الكرامة، إلى الحد الذي أطلقت “الإندبندنت” عليهن لقب “ممسحة الأرجل doormat”, برعاية الدولة: “حيث يتعرضن للمهانة  بسبب خيانة أزواجهن بصورة روتينية، كما يتم إنكار حقوقهن في الإعلان عن ذواتهم”.

اختار “ماكرون” أن يخوض معركة باعتباره “المصلح الجديد”, المناصر لحقوق المرأة، كما أن “بريغيت” ترفض أن تصبح البطلة الرئيسة في دراما أشبه بعروض مسلسلات “أوبرا الصابون soap opera” المملة، ويبدو أنها تتمتع بشخصية قوية ذات نفوذ.

ومن الدلائل الملموسة على ميول “ماكرون” المناصرة لحقوق المرأة، أنه اختار نصف أعضاء حكومته من النساء، واتخذ النهج ذاته، عند اختيار المرشحين البرلمانيين لحزبه “الجمهورية إلى الأمام !”.

وينسحب ذلك على رغبته في الدفع بقرينته لتكون على قدم المساواة معه, وليس مجرد “شريكة”, وهو ما يتضارب مع توجهات معارضيه.

الطبقة الباريسية المخملية..

طرحت الصحيفة البريطانية علامات تعجب بشأن نوايا المعارضين لـ”ماكرون”, في رفض منح قرينته لقب رسمي، وألمحت إلى أن هذا المنصب لا يمنح “بريغيت” مزايا أكثر مما هو متاح لها حاليًا، وستكون الوظيفة الجديدة “عامة”, غير مدفوعة الأجر، ولن تتطلب أي تغيير دستوري, وفقاً لما ذكره مساعدو “ماكرون”.. “فلماذا هذه الجلبة ؟”.

ولم يتوانى معسكر المعارضين عن الاستشهاد بفضيحة “بينيلوبي غيت”, وهي القضية التي اتهمت فيها زوجة المرشح الرئاسي المحافظ “فرانسوا فيون”, بامتلاك ثروة من أموال دافعي الضرائب على مدى ثلاثة عقود عبر تقلدها وظيفة وهمية كمساعدة لزوجها كعضو في الجمعية الوطنية.

وصل “ماكرون” إلى سدة الحكم ونصب عينيه “تطهير” السياسة الفرنسية, وهو ما ترجمه في اقتراح مشروع قانون يحظرعلى أعضاء الحكومة ومجلس النواب ومجلس الشيوخ توظيف أفراد أسرهم  في وظائف عامة. وهو تحرك يسعى لإيقاف أنهار الرفاهية التي ترفل بها الطبقة السياسية المخملية في باريس، منذ زمن طويل.

ألمحت “الإندبندنت” إلى أن منقتدي “بريغيت” يحملون اتجاهات سلبية نحو مظاهر شكلية وليس بسبب شخصيتها أو عقليتها، فهم يركزون على أسلوب ملابسها وأنه لا تناسب أمرأة في الرابعة والستين من العمر, وأيضًا على الفجوة العمرية بينها وبين “ماكرون” ابن 39 عامًا، ويتندرون أنها تنظم احتفالات خيرية مع نجوم “البوب”, مثل المطربة الشهيرة “ريهانا” في “باريس”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب