وكالات – كتابات :
“شكل مقتل: 21 مراهقًا في جنوب إفريقيا” جرس إنذار بشأن “كحول الميثانول” السام؛ الذي تُغش به المشروبات الكحولية في العديد من مناطق العالم، وإزداد انتشاره منذ بدء جائحة (كورونا).
فقد عُثر على مادة “الميثانول” في دماء: 21 مراهقًا توفوا الشهر الماضي؛ في حانة بمدينة “إيست لندن” الفقيرة بـ”جنوب إفريقيا”، وفقًا لمسؤول بقطاع الصحة.
ويُعد “الميثانول”؛ (المعروف أيضًا: بـ”كحول الخشب”)، مادة كيميائية سامة، قد يكون مميتًا حتى إذا تناوله الفرد بكميات قليلة جدًا، حسبما ورد في تقرير لوكالة (آسوشيتيد برس-AP) الأميركية.
كيف وصل كحول “الميثانول” إلى كؤوس المراهقين ؟
صدمت الحادثة التي وقعت في الساعات الأولى من يوم 26 حزيران/يونيو، الرأي العام في “جنوب إفريقيا”، رغم أن البلاد معتادة على رؤية ضحايا ثقافة شرب الخمور المنتشرة، حسب وصف تقرير لصحيفة (الغارديان) البريطانية، وتم فتح عدة تحقيقات من قبل الشرطة وسلطات ترخيص المشروبات الكحولية.
وعُثر على المراهقين، الذين تتراوح أعمارهم بين: (13) و(17 عامًا)، موتى في الحانة، وقد تساقطت أجسادهم على الطاولات والأرائك وأرضية الرقص. وأظهرت تقارير السموم النهائية وجود مستويات قاتلة من “الميثانول” في دمائهم، وفقًا للمسؤولين.
وقال وزير الداخلية؛ “بيكي سيلي”، إن الشرطة الجنوب إفريقية ستُحدد ما إذا كانت ستوجه اتهاماتها لأي شخص بقتل: 21 شخصًا.
من العمى وتلف الدماغ إلى الموت.. لماذا يُعد “الميثانول” مادة خطيرة ؟
“الميثانول”؛ سائل عديم اللون يُستخدم صناعيًا في منع التجمد وفي مواد إزالة الطلاء، وهو سام للبشر.
حذرت أستاذة الصحة العامة بجامعة “ويتواترسراند”؛ في “جنوب إفريقيا”، “سو غولدشتاين”، من أن تناول كميات قليلة جدًا من “الميثانول” قد يكون قاتلاً. وذكرت أن “الميثانول” يُستخدم في بعض الأحيان في صناعة الكحول غير المشروع.
وقالت: “الكحول المستخدم في المشروبات الكحولية هو (الإيثانول)، ورغم الفارق الطفيف في الاسم، فإن الفارق بينهما كبير جدًا، لأن (الميثانول) سام”.
وأضافت: “يمكن أن يؤدي تناول (الميثانول) إلى العمى، وقد يؤدي إلى تلف بالدماغ وأعضاء أخرى بالجسم. يوجد ترياق مضاد للسم، لكن المشكلة أنه غالبًا ما يتأخر ظهور تأثيرات السم ولا يمكن التعرف عليه في مرحلة مبكرة”.
لماذا يدسُّه البعض في الكحوليات.. وهل الظاهرة منتشرة في مناطق أخرى من العالم ؟
يقوم البعض بدسِّ “الميثانول” في المشروبات الروحية، رغم مخالفة ذلك للقانون لأنه رخيص.
وتُعرف مثل هذه المشروبات عادة بمشروبات: “مون شاين”.
حدثت وقائع مماثلة يُشتبه فيها بحدوث تسمم بمادة “الميثانول”؛ في “جنوب إفريقيا”، في شهري آيار/مايو وحزيران/يونيو 2020، أثناء الإغلاق الكلي بسبب جائحة (كوفيد-19)، عندما كان بيع المشروبات الكحولية ممنوعًا، مما شجع تداول الكحول سرًا بعيدًا عن الرقابة الحكومية.
كشفت الشرطة عن وفاة رجل في بلدة صغيرة تابعة لمدينة “براكبان”، شرق “جوهانسبرغ”، بسبب فشل أعضائه نتيجة مشروب كحولي منزلي الصنع اشتراه من تاجر غير شرعي. كما ذكرت الشرطة وفاة سبعة أشخاص في محافظة “كيب” الغربية بعد تناول مشروب كحولي منزلي الصنع يحتوي على “الميثانول”.
ويتفشى التسمم بـ”الميثانول” حول العالم. ورغم أن تناول كمية قليلة من “الميثانول” قد يكفي للموت، لا تزيد نسبة الوفيات الناتجة عنه على: 1% من إجمالي الوفيات المرتبطة بالمشروبات الكحولية، وفقًا لبيانات “منظمة الصحة العالمية”.
ولكن هناك مخاوف من توسع تناوله خاصة بعد الجائحة؛ ولذا أطلقت “منظمة أطباء بلا حدود” الخيرية؛ مبادرة خاصة عام 2012، لمكافحة التسمم بـ”الميثانول”، للمساعدة في مكافحة تفشي التسمم بـ”الميثانول” وتوفير ترياق فعال على نطاق واسع.
لماذا زادت الظاهرة أثناء جائحة “كورونا” ؟
في “إيران”؛ في آذار/مارس 2020، استخدم “الميثانول” ضمن علاج غير قانوني لـ (كوفيد-19)؛ مما تسبب في وفاة ما يقرب من: 300 شخص، وفقًا للتقارير الرسمية.
صرّح طبيب إيراني معاون لوزير الصحة في ذلك الوقت لوكالة (آسوشيتيد برس-AP)؛ بأن المشكلة كانت أكبر من ذلك بكثير، وأن حصيلة الوفيات تصل إلى: 480 شخصًا، وأن عدد المصابين بالتسمم وصل إلى: 2.850 شخصًا.
انتشرت العلاجات الكاذبة خلال الجائحة على وسائل التواصل الاجتماعي في “إيران”؛ بسبب انعدام ثقة الشعب في الحكومة بعدما استهانت بطبيعة أزمة (كوفيد-19) قبل أن تجتاح البلاد.
في “الولايات المتحدة”، توفي أربعة أشخاص في ولايتي: “آريزونا” و”نيو مكسيكو”، في آب/أغسطس 2020، بعد تناول مُطهر يحتوي على “الميثانول”. وسبق أن أصدرت “إدارة الغذاء والدواء” الأميركية تحذيرًا من خطورة مطهرات اليد المكسيكية لأنها تحتوي على كميات كبيرة من “الميثانول”. وذكرت “إدارة الغذاء والدواء” أن “الميثانول” يمكن أن يكون سامًا: “عند امتصاص الجلد له أو عند تناوله بشكل مباشر”.
وفي شمال “الهند”، توفي: 79 شخصًا بسبب مشروب كحولي غير قانوني في ثلاث وقائع منفصلة؛ خلال شهر شباط/فبراير 2019. وكشفت التحقيقات أن المشروب كان يحتوي على “الميثانول”.
البعض يُدسُّه في غسول الفم..
وفي مدينة “إيركوتسك” الروسية، توفي: 49 شخصًا على الأقل بعد تناول غسول حمام تقليد يحتوي على “الميثانول”؛ في شهر كانون أول/ديسمبر 2016. وعثرت السلطات على كميات مميتة من “الميثانول” في المستحضر.
وعثرت الشرطة أيضًا على المنشأة التي صنعت المستحضر المزيف، وصادرت: 500 لتر؛ (132 غالونًا)، من المستحضر في حوالي: 100 متجر بمدينة “إيركوتسك”، وفقًا لوكالة (تاس) الإخبارية. وصرحت السلطات الروسية في ذلك الوقت؛ بأن التسمم الناجم عن الكحول الرخيص أمر شائع في “روسيا”، لكن حالة “إيركوتسك” كانت أكبر بكثير من أي وقائع أخرى.