25 أبريل، 2024 10:19 ص
Search
Close this search box.

مناظرة “ترامب/بايدن” .. تكشف عورات اللعبة الانتخابية الأميركية !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتب – محمد البسفي :

أعلنت اللجنة المشرفة على المناظرات الرئاسية الأميركية، الخميس الأول من تشرين أول/أكتوبر، أنها بصدد تغيير شكل المناظرة لإضفاء مزيدًا من الجدية والعدالة وإفادة الناخب الأميركي بأكبر قدر من الفرص للاختيار واستضاح مواقف وآراء وشخصيات المرشحين للمنصب، الرئيس دونالد ترامب وجو بايدن، خلال المناظرات المستقبلية حتى تجري بشكل مقبول.. وبحسب مصادر إعلامية أميركية أن أحد طرق التدخل قد تصل إلى فصل الميكروفون في حال بدأ المرشحان بمقاطعة بعضهما.

جاء الإعلان نتيجة ما شهدته أحدث المناظرات الرئاسية، ترامب/بايدن، الثلاثاء؛ على قناة (فوكس) الأميركية حيث فقد المرشحان أعصابهما وتطورت المناظرة إلى إهانات وشجارات تبادلت خلالها الشتائم والسخرية، مما رشحها إلى مصاف أكثر المناظرات الرئاسية التي حصدت عدد كبير من التعليقات والتهكمات سواء من جمهور المواطنين الأميركيين أو المحللين المعنيين بالشأن العام..

التحدث عن أميركتين متوازيتين !

“آرون كال”، الأستاذ في جامعة ميشيغان والمتخصص في المناظرات الرئاسية؛ كان أول تعليق له على مناظرة، ترامب/بايدن، الأخيرة: “هذه المناظرة ستبقى إحدى أسوأ المناظرات في التاريخ”.

في حين كان “دميتري دروبنيتسكي”، الباحث في الشؤون الأميركية، أكثر عمقًا في رؤيته مقرًا بأن: “هذه المناظرة لم تغير شيئًا. لقد رأينا خلافًا بين أميركتين، تعيشان في واقعين متوازيين، ولن تتفقا أبدًا. لديهما ملاحظات وأرقام وطرق حساب مختلفة. في الوقت نفسه، لم يطرح المرشحان خلال المناظرة عمليًا برامج محددة”.

مرجحًا كفة “بايدن” للفوز بتلك المناظرة؛ قائلاً: “توقع كثيرون منه أن ينهار على خشبة المسرح، ويموت هناك، فيما هو وقف نشيطًا. لذلك، فعلى خلفية التوقعات المنخفضة، بدا بايدن أفضل بكثير”.

مستطردًا “دروبنيتسكي”، في حواره إلى “نتاليا ماكاروفا” في (فزغلياد) الروسية؛ “أما بالنسبة لترامب، فلم يكن لديه وقت للتحضير للمناظرة، ولكن في ذلك خصوصية أسلوبه. فجميع الأرقام التي تذكرها على عجل بدت كما في مناقشة حقيقية. هذا جعله يبدو أكثر حيوية. هل فاز (ترامب) بالمناظرة ؟.. لا أعتقد ذلك”، مشيرًا إلى تدهور الثقافة السياسية في “الولايات المتحدة”، والذي تجلى في سيل من الإهانات على لسان المرشحين. وقال: “الحقيقة هي أن كلا المرشحين يعيش محاطًا بموظفي حزبه ويستمع إلى الصحافة الحزبية التي تشتم المعارضين بكل ما يخطر بالبال”.

موضحًا أنه: “لا مكان للسلوك المهذب في هذه الحالة.. بدأت معركة قذرة ! نتيجة لذلك، كلا الحزبين لا يتنصلان في الواقع من الثقافة السياسية فقط، إنما ويتنكران للديمقراطية نفسها. لذلك، فقد تم التخلي عن مفهوم الثقافة السياسية، وبقي الأمل في أن تتم مراعاة القواعد الدستورية، إذا أمكن ذلك”.

البحث عن فائز..

أما الصحافي المصري، “حافظ الميرازي”؛ فقد بحث عن إجابة لتساءله عن من فاز بالمناظرة الرئاسية ؟.. قائلاً: “الواضح أن ترمب (74 سنة) خسر المناظرة، بغض النظر عن أسلوب بلطجته المعتاد والمؤسف، رغم إن هذه المناظرة كانت فرصة ترمب القوية، لنجاحه السابق في برامج تليفزيون الواقع، في إحراج منافسه بايدن وكشف عدم سرعة بديهته وشيخوخة ذهنه.. ليحسّن وضعه في استطلاعات الرأي، لكنه أضاع الفرصة ولم يغير بذلك من تقدم بايدن عليه في استطلاعات الرأي”.

مضيفًا في عرض تقييمه الإعلامي لسير المناظرة: “بايدن (77 سنة) فاز نسبيًا بالابتسامة وهدوء الأعصاب وتحمل اللكمات وعدم اتخاذ منبهات، لخموله على ما يبدو، رغم أنه أضاع الكثير من فرص الرد واستغلال أسئلة المذيع القوية والمحرجة لترمب، فسرح بذهنه وفاته الكثير.. ولكن أثبت في النهاية للناخب المتأرجح أنه قد يكون الأهون إذا كان لابد من الاختيار بين شرين: بلطجي محتال ومخيف، وبين سياسي تقليدي شارد ومهذب”.

ويرى “الميرازي” أن الفائز بوضوح، هو الإعلامي المحاور “كرِس والاس”، (72 سنة)، الذي أدار المناظرة بحياد وأسئلة ذكية وقوية، خصوصًا للرئيس ترمب، المتحيزة قناته التليفزيونية (فوكس) لترمب كمرشح جمهوري.. ورغم مقاطعات “ترمب” لـ”بايدن” والشد والجذب، فقد نجح “كرِس” في إعطاء درس بهذا الأداء ووضع الأسئلة بنفسه دون إطلاع أحد عليها سواء الرئيس أو منافسه أو حتى لجنة تنظيم المناظرات، “أعطى بذلك درسًا للإعلاميين والمذيعين، الذين تحولوا لببغاوات وأصوات تردد وتتبع تحيز قنواتها (العربية)، بأن استقلالية المذيع وليس القناة هي ما تبقى لنا وليس أمل في وضع الإعلام البائس بعالم اليوم، سواء بتحيزه في أميركا، أو بإرتزاقه وخنوعه في العالم العربي”، على توصيف “حافظ الميرازي”.

موضحًا أن: “مناظرة الرئاسة بين ترمب وبايدن يراها المشاهد الأميركي مأتمًا للديمقراطية، كان يجب أن تحترم تقاليد أدب الحوار والاختلاف.. بينما يراها المشاهد العربي عرسًا للديمقراطية يجرؤ فيه منافس للحاكم، على نقده ووصفه بالمهرج والكاذب، بينما يوجه المذيع أسئلة تحرج فخامة الرئيس الذي لا يملك سوى أن يصرخ ويولول ويبلطج !”.

هل ينتخب الشعب الأميركي رئيسه حقًا ؟

ولكن شكل تلك المناظرة الرئاسية الأميركية الأخيرة وأداء المرشحين المتردي خلالها؛ شكل علامات استفهام عديدة حول العملية الانتخابية بكافة آلياتها ربما تمس صلب الماهية الديمقراطية لزعيمة العالم الحر.. فالعديد من مراكز ومؤسسات الأبحاث العلمية والأكاديمية قد رجعت إلى طرح سؤالها الأول: “هل ينتخب الشعب الأميركي رئيسه حقًا ؟”؛ حيث إن نظام الانتخاب المعروف بـ Electoral College أو “المجموع الانتخابي” قد أعطى الرئاسة إلى من حصل على عدد الأصوات الأقل؛ وذلك لأنه حصل على تمثيل أعلى من الولايات.

فقد ينص الدستور الأميركي في المادة الثانية منه، البند الأول على أن تدار الانتخابات الرئاسية لاختيار الرئيس ونائبه عن طريق نظام “Electoral Syetem” أو نظام “المجموع الانتخابي”. هذا النظام لا يسمح بالانتخاب المباشر للرئيس ونائبه من قِبل الشعب الأميركي بطريقة “صوت واحد لكل ناخب”. وإنما يقوم سكان كل ولاية بتكليف مندوبين عنهم بانتخاب الرئيس، ونائبه، وهم من يسمون بالناخبين، أو “Electors”.

أما عموم الشعب الأميركي الذي يذهب إلى صناديق الإقتراع يوم الانتخاب؛ فهو لا يسمى ناخبًا، وإنما هو يختار من سيفوز في الولاية فقط. ولكل ولاية عدد من الناخبين، Electors، يساوي مجموع أعضاء مجلس الشيوخ والنواب لهذه الولاية.

ويحصل الفائز في كل ولاية على جميع أصوات الولاية فيما يعرف بنظام “الفائز يحصد الكل”، وليس فقط ما حصل عليه من أصوات.

538 شخصًا فقط ينتخبون الرئيس !

عدد الناخبين في الانتخابات الرئاسة الأميركية هو نفس عدد ممثلي الشعب في الكونغرس، (المكون من مجلسي الشيوخ والنواب). ولتحديد عدد الناخبين “Electors”، فلابد من معرفة العدد الإجمالي لأعضاء الكونغرس. يحدد نظام الولايات المتحدة عضوين لمجلس الشيوخ، “The Senate”، عن كل ولاية. ولذلك فإن إجمالي عدد أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي هم 100 عضو، (من خمسين ولاية). ويسمى كل عضو في مجلس الشيوخ “سيناتور-Senator”.

أما عدد أعضاء مجلس النواب “The House of Representatives”، فإنه يتناسب مع عدد سكان كل ولاية. ويسمى عضو هذا المجلس نائبًا، “Representativ”. يتم اختيار نائب في المجلس ليمثل نصف مليون شخص تقريبًا في كل من الولايات الخمسين. ولذلك فإجمالي عدد النواب الأميركيين هو 435 نائبًا. وأضيف إلى مجلس النواب ثلاث نواب عن العاصمة الفيدرالية، “واشنطن”، التي لا تدرج ضمن أي ولاية تبعًا للتنظيم الداخلي للولايات المتحدة.

بذلك يكون إجمالي ممثلي الشعب في مجلسي الشيوخ والنواب هو 538 عضوًا. ويعني ذلك أيضًا أن عدد الناخبين Electors، الذي يقومون بانتخاب الرئيس الأميركي هو 538 ناخبًا. ويشترط في الناخبين Electors عدد من الشروط من بينها عدم شغل أي وظيفة فيدرالية.

كما يقوم كل حزب من الأحزاب المرشحة، قبل الانتخابات، باختيار عدد الناخبين Electors المطلوب في كل ولاية، وهو نفس عدد أعضاء الكونغرس بمجلسيه، (الشيوخ والنواب)، عن هذه الولاية. يتم الإعلان عن أسماء الناخبين Electors قبل الانتخابات الأميركية. كما يتم تسجيل هؤلاء الناخبين Electors في السجلات الرسمية للولاية. ومهمة هؤلاء الناخبين Electors أن يقوموا بانتخاب الرئيس الأميركي ونائبه في حال فوز حزبهم في هذه الولاية. ومن ثم فهم يعتبرون ممثلين عن الحزب في الإدلاء بأصواتهم.

وفي موعد الإقتراع العام، (في الثلاثاء الأول من شهر تشرين ثان/نوفمبر)، يذهب سكان كل ولاية للإقتراع على منصبي الرئيس ونائبه. وبعد صدور النتائج، تحدد كل ولاية من الولايات المرشح الفائز في الإقتراع في هذه الولاية. وفور إعلان هذه النتيجة، يصبح مندوبو الحزب الذين فازوا بهذه الولاية هم المكلفين بانتخاب الرئيس بالإدلاء بأصواتهم عن تلك الولاية. ويحصل الحزب الفائز على الحق في إرسال ممثليه من الناخبين Electors للتصويت في انتخابات الرئاسة بين الناخبين Electors، والتي تجرى بعد الإقتراع العام بشهر، أي في شهر كانون أول/ديسمبر.

كيفية تحديد الفائز بعرش أميركا..

يحصد الحزب الممثل للمرشح الفائز في أي ولاية على حق إرسال مندوبيه للإدلاء بكل الأصوات الانتخابية في الولاية وليس فقط نسبة ما حصل عليه المرشح من الأصوات. وهذا النظام يسمى “الفائز يحصد الكل”. والفائز في الانتخابات الرئاسية هو من يحصل على أصوات أكثر من نصف عدد الناخبين Electors، أي أكثر من 270 صوتًا انتخابيًا بصرف النظر عن نتيجة الاختيار الشعبي.

كما من المفترض أن يصوت أعضاء كل حزب للمرشح الذي يمثل هذا الحزب في حال فوزه في الإقتراع العام تعبيرًا عن رأي سكان الولاية. ولكن القانون لا يلزم الناخبين Electors في 24 ولاية أميركية بذلك، وإن كان المتوقع منهم أن يفعلوا. ويلزم الناخبون في الولايات الـ 26 الأخرى بالتصويت وفقًا لنتيجة الإقتراع العام في كل ولاية.

أما في الولايات التي لا تلزم الناخبين Electors بنتيجة الإقتراع، فإنه إذا اختار أحدهم أن يدلي بصوته بخلاف ما اختار سكان الولاية، وبخلاف توجه حزبه الذي يمثله، فإن رأي هذا الشخص يقدم على رأي الجماهير، ويصبح صوت هذا الناخب Elector، هو الفيصل النهائي فيمن ستنتخبه الولاية عنها. ولا يتعرض الناخب Elector في هذه الحالة إلى أي مساءلة قانونية. لذلك فمن حق الناخبين Electors الممثلين لمواطني 24 ولاية أميركية أن يختاروا بأنفسهم، ووفق رأيهم الشخصي المرشح الذي يروق لهم بصرف النظر عن رأي مواطني الولاية، أو أن يمتنعوا عن التصويت إن رأوا ذلك.

وفي تاريخ الولايات المتحدة العديد من المواقف التي قام فيها الناخبين Electors بالتصويت خلافًا لما اختاره الشعب في الإقتراع العام. ففي عام 1836م، قام جميع الناخبين الديمقراطيين وعددهم 23 ناخبًا Electors برفض التصويت لـ”ريتشارد غونسون”، المرشح الديمقراطي لمنصب نائب الرئيس رغم فوزه في الولاية؛ لأنه أنجب من امرأة أميركية سوداء طفلين أسودين.

ماذا عن التعادل ؟

ينص الدستور الأميركي أنه في حال تعادل الأصوات الانتخابية، “Electoral Votes”، فإن الأمر يحال بأكمله إلى مجلس النواب الأميركي، الذي يقوم باختيار رئيس الولايات المتحدة من بين المرشحين. ولا يلتفت في هذه الحالة إلى رأي الشعب الأميركي الذي جرى التعبير عنه من خلال الإقتراع العام. فحتى لو أكد الإقتراع العام موافقة الشعب الأميركي على اختيار مرشح بعبنه بإعطائه عددًا أكبر من الأصوات، فإن الأمر في حال تعادل الأصوات الانتخابية Electoral Votes ينقل لمجلس النواب لاختيار من يراه المجلس رئيسًا للدولة.

وقد حدث ذلك في تاريخ الولايات المتحدة مرتين من قبل: إحداهما: أسفرت عن اختيار “توماس غيفرسون” رئيسًا، والأخرى: أسفرت عن اختيار “جون كوينسي آدامز”. أما إذا تعادلت الأصوات الانتخابية لنائب الرئيس، فيقوم مجلس الشيوخ، وليس مجلس النواب باختيار نائب الرئيس. ويتضح هنا أن التعادل في الأصوات الانتخابية، “Electoral Votes”، وهو أمر وارد، يحول الانتخابات الرئاسية بعيدًا تمامًا عن اختيار الشعب الأميركي.

إذاً فنظام الانتخاب المباشر لا يطبق في أميركا في الانتخابات الرئاسية لعدد من الأسباب، من بينها ضمان تمثيل الولايات الصغيرة مساحة أو سكانًا في انتخاب الرئيس ونائبه. كما أن هذا الأسلوب الانتخابي يجعل من الصعب على الأقليات أن تحول الانتخابات الرئاسية عن مسارها، ومن ثم فإن هذا النظام يمثل في النهاية مصالح الأغلبية.

أما المعادون لنظام “المجموع الانتخابي-Electoral College”، فمسوغاتهم في عدم كفاءة أو نزاهة هذا النظام الانتخابي تتركز في أنه غير عادل للمرشحين من خارج الحزبين الرئيسيين في أميركا، (الديمقراطي والجمهوري). كما أن هذا النظام يعطي الفائز في ولاية ما كل الأصوات الانتخابية في تلك الولاية رغم أنه لم يحصل عليها من خلال رأي الشعب، وإنما من خلال الدستور، وهو ما يطعن في أصل فكرة الانتخاب.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب