خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بشكلٍ مفاجيء؛ أعلن تنظيم (داعش) الإرهابي، أمس الأربعاء، مقتل زعيمه: “أبي الحسن الهاشمي القرشي”، من دون أن يُحّدد مكان أو تاريخ مقتله، في تسجيل صوتي نسبه إلى المتحدث باسمه.
وقال المتحدث باسم التنظيم؛ “أبوعمر المهاجر”، في التسجيل الذي نشرته حسابات متطرفة، إن “القرشي”: “قُتل (…)”، معلنًا تعيين؛ الشيخ “أبي الحسين الحسيني القرشي”: “خليفةً له”.
وفي أول تعليق للإدارة الأميركية على نبأ أمس، قال المتحدّث باسم البيت الأبيض؛ “جون كيربي”: “البيت الأبيض؛ يُرحب بأنباء وفاة زعيم تنظيم (داعش)”.
وكان تنظيم (داعش) الإرهابي قد أعلن عن زعيمه؛ “أبوالحسن الهاشمي القرشي”، في شهر آذار/مارس الماضي، من خلال رسالة صوتية مسجلة نُشرت عبر الإنترنت، وذلك بعد أسابيع من مقتل زعيمه؛ “أبوإبراهيم القرشي”، الذي خلف: “أبوبكر البغدادي”، في عام 2019.
لكن في آيار/مايو الماضي، أفادت تقارير إعلامية تركية بإلقاء القبض على زعيم التنظيم؛ “أبوالحسن الهاشمي القرشي”، بعملية أمنية نُفذت في “إسطنبول”.
ومُنّي التنظيم، الذي سيطر في العام 2014؛ على مناطق واسعة في “سوريا” و”العراق”، بهزيمة أولى في “العراق”؛ في العام 2017، ثم في “سوريا”؛ في العام 2019، وخسر كامل مناطق سيطرته. إلا أن عناصره المتوارين لا يزالون يُشّنون هجمات وإن كانت محدودة في البلدين، خصوصًا ضد القوى الأمنية. كما يتبنى التنظيم هجمات في دول أخرى.
03 ضربات سابقة..
وكان الرئيس الأميركي السابق؛ “دونالد ترامب”، قد أعلن أواخر تشرين أول/أكتوبر 2019، مقتل زعيم تنظيم (داعش)؛ حينذاك، “أبوبكر البغدادي”، في عملية عسكرية أميركية في “سوريا”؛ ما مثل ضربة قوية للتنظيم.
وفي شباط/فبراير الماضي، أعلن الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، أن قوات العمليات الخاصة قامت بهجوم استهدف؛ “أبوإبراهيم القرشي”، زعيم تنظيم (داعش)، وقتل: 13 شخصًا في غارة على مدينة “أدلب” السورية.
وفي حزيران/يونيو الماضي، أعلن “البيت الأبيض” استهداف؛ “ماهر العقال”، أحد أبرز الشخصيات في تنظيم (داعش)، والذي عمل على بناء شبكات التنظيم خارج “العراق وسوريا”، قبل أن يقُتل في غارة أميركية بطائرة مُسيّرة شمال غربي “سوريا”، وهو أحد أبرز خمسة قادة من قيادات (داعش).
هزة كبيرة داخل جسد التنظيم..
تعليقًا على الضربة الجديدة؛ قال الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة؛ “ماهر فرغلي”، أن مقتل زعيم (داعش) جاء في معارك داخلية بمدينة “درعا”؛ مع جماعات إرهابية أخرى، وليس عبر عملية خارجية، مضيفًا أن الجماعات المتطرفة؛ كـ (داعش)، هي تنظيمات قوية، ولديها مقوماتها الخاصة؛ لكنها قطعًا تتأثر بمقتل القيادات.
ويؤثر مقتل الزعيم معنويًا على الأفراد والانشقاقات الداخلية وتوسيع حدة الصراعات بين الفرق المختلفة بالتنظيم.
كما أنه يُحّدث هزّة كبيرة جدًا داخل جسد التنظيم، لكن في الوقت نفسه ووفق المعطيات الراهنة؛ فإنه قادر على التماسك، رغم تلك الهزة الإدارية الكبيرة التي سيُعاني منها، لكن ثمة تكلفة كبيرة جدًا عليهم بناءً على مقتل قائد التنظيم.
مشيرًا إلى أن الإعلان السريع عن الزعيم الجديد يأتي من فقه (داعش) ونظامه لنقل البيعات؛ حيث إن التنظيم يعتبر نفسه دولة؛ وأن زعيمه هو خليفة ويجب أن يكون معلومًا ثم تأتي مبايعات الولايات.
لن يؤثر على تمدد التنظيم..
من جتهه؛ قال الكاتب والباحث المتخصص في حركات الإسلام السياسي؛ “مصطفى زهران”، أن مقتل القيادات بات أمرًا تقليديًا؛ ولا يؤثر على التنظيم لا على المستوى الإستراتيجي ولا على مستوى التمدد أو الانتشار أو حتى المسارات المستقبلية، مضيفًا أن التنظيمات الإرهابية تتعامل مع قضية مقتل قياداتها بشكل طبيعي، لكن كل قيادي له بُعد في تحديد مسارات التمدد، فـ”البغدادي” يختلف عن “القرشي” وهكذا، لكن لن يتراجع التنظيم أو يختفي.
موضحًا أن مقتل زعيم التنظيم لن يؤثر سلبًا على تمدده؛ بل سيأخذ فترة لإعادة رسم السياسات في ظل إدارة جديدة، مشيرًا إلى أن التنظيم صاعد بقوة؛ سواء في “إفريقيا” أو “سوريا والعراق”، كما لاحظنا عبر الهجمات المتتالية الأخيرة.
كما أن مقتله لن يُمثل نهاية التنظيم؛ حيث إن الإيديولوجية والتخطيط والتنظيم والإستراتيجية قائمة لن تتأثر؛ سواء عند (القاعدة) أو (داعش).
ضربات موجعة لن تقضي على التنظيم..
ومن جانبه؛ قال الدكتور “منير أديب”، باحث متخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، لا شك أن مقتل: “أبوالحسن القرشي”، سينعكس على التنظيم وقواته ومستقبله، ولكن لا يمكن اعتبار أن التنظيم انتهى بموت أحد قادته، خاصة وأن التنظيم خسر في فترةٍ وجيزة ثلاثة حلفاء له، بدءًا من “أبوبكر البغدادي” و”إبراهيم الهاشمي” و”أبوالحسن الهاشمي”، وقد بدأ التنظيم الآن في إعلان قيادة جديدة له خلفًا على القيادة التي قُتلت.
وأضاف “أديب” أنه تمت تسمية خليفة جديد باسم: “أبوالحسين القرشي”، وبالتالي التنظيم الآن بات قادرًا على اختيار قياداته والتنظيم منذ اللحظة الأولى؛ منذ إعلان وفاة، “أبوالحسن الهاشمي”، اختار خليفة في نفس إعلان الوفاة ليصير خليفة جديدة له ولديه أيضًا القدرة على تجديد دمائه واختيار بدائل ربما تخلف القيادات التي تم استهدافها؛ وهذا دليل قوة للتنظيم وليس دليل ضعف ولا نستطيع أن نحصر التنظيم في بعض القيادات التي قُتلت أو التي لم تُقتل.
وتابع إذا تعاملنا على أن زعيم (داعش) قُتل؛ فهذا دليل ضعف التنظيم فيمكن اعتبار أن مقتل “أبوبكر البغدادي”، الذي استمر في تولي قيادة التنظيم منذ 2014؛ ومنذ تم إعلان دولة (داعش) وصعد “المسجد النوري”، حتى سقطت هذه الدولة، وهذا دليل على أن التنظيم كان تنظيمًا قويًا؛ منذ عام 2014 وحتى العام 2019، وربما وجود “أسامة بن لادن”؛ على رأس التنظيم، وكونه لم يستهدف إلا في عام 2011؛ هذا يدل على أن التنظيم كان قويًا.
وأضاف “أديب” أنه؛ لا يمكن اعتبار القوة والضعف في وجود رأس التنظيم وبقائه، لأن قوة التنظيم لا تُحسب بوجود هذه القيادات أو بنجاحها في الاختباء وإنما بقدرة التنظيم على تنفيذ عمليات مسلحة وعمليات نوعية، و(داعش) مازال قادر على تنفيذ عمليات نوعية؛ كما أن الظروف التي مر بها التنظيم قبل إعلان دولته؛ 29 حزيران/يونيو 2014، مازالت ماثلة وموجودة حتى هذه اللحظة، وهذا قد يؤدي إلى إعلان ثاني للتنظيم حتى وإن قُتلت بعض قيادات هذا التنظيم.
ولفت “أديب” أن إعلان الخليفة الجديد في نفس بيان النعي؛ هو دليل على رغبة التنظيم في أن يقول أنه مازال قويًا وقادر على تنفيذ عمليات مسلحة وأن قوته ليست في وفاة الزعيم السابق؛ وإنما في اختيار زعيم جديد ربما يقوم بمواصلة المسير مرة ثانية، وهي المسيرة التي ربما نجح الزعيم السابق في أن يقوم بها على مدار السنوات القليلة الماضية، وهي ضربة موجعة للتنظيم، لكنها لم ولن تقضي على التنظيم بصورة قوية وإذا أردنا أن نقضي على التنظيم لابد أن نقضي على الظروف التي أدت إلى قيام هذا التنظيم أو ساعدت في قوة التنظيم؛ لأن هذه الظروف مازالت موجودة وتُبشر بعودة التنظيم مرة أخرى.
من هو خليفة “داعش” المقتول ؟
وكان “القرشي”؛ من قيادات الصف الأول في تنظيم (داعش) الذين بقوا على قيد الحياة، وكونه من: “الأمراء العراقيين؛” فقد كان مقربًا من زعيمه الأول، “أبوبكر البغدادي”، وكان يتمتع بنفوذ كبير حتى قبل توليه قيادة (داعش).
وأعلن التنظيم؛ في 10 آذار/مارس، تنصيبه خلفًا؛ لـ”أبوإبراهيم القرشي”، بعد مقتل زعيم التنظيم: بـ 40 يومًا، في عملية أمنية أميركية في الأراضي السورية، في 03 شباط/فبراير الماضي، عملاً بوصيته؛ بحسب رسالة من التنظيم.
وشغل “أبوالحسن”؛ قبل توليه قيادة التنظيم، وديوان التعليم، بعدة مناصب بينها أمير ما يُسمى: بـ”ديوان القضاء والمظالم”، كما عمل مسؤولاً عما يُسمى: بـ”إمارة المكتب المركزي لمتابعة الدواوين الشرعية”.