مقتل “الظواهري” بغارة أميركية .. كيف رأته الصحافة العالمية والعربية ؟

مقتل “الظواهري” بغارة أميركية .. كيف رأته الصحافة العالمية والعربية ؟

خاص – كتبت – نشوى الحفني :

لقي مقتل زعيم تنظيم (القاعدة)؛ “أيمن الظواهري”، اهتمامًا عالميًا للوقوف على تداعيات العملية الأميركية ونتائجها المستقبلية.

ومن الصحف البريطانية نبدأ رصد الآراء والتحليلات، فنشرت الـ (إندبندنت) تحليلاً لـ”كيم سينغوبتا”، بعنوان: “بعد مقتل الظواهري ما مستقبل الجهاد العالمي ؟”.

ويقول الكاتب؛ إنه بعد 21 عامًا على هجمات 11 أيلول/سبتمبر، تم تعقب وقتل “أيمن الظواهري”، أحد المسؤولين الرئيسيين عن أسوأ الأعمال الإرهابية في تاريخ “أميركا”.

وكان “الظواهري” قد استلم زعامة تنظيم (القاعدة)؛ بعد اغتيال “أسامة بن لادن”، من قبل قوات أميركية خاصة في “باكستان”؛ قبل 11 عامًا.

ويعتبر الكاتب أن مقتل زعيم (القاعدة) يأتي في مرحلة حرجة من: “التشدد الإسلامي”، مع سعي (القاعدة) لاستعادة قيادته للجهاد الدولي وتعافي تنظيم (داعش) من فقدانه لمناطق سيطرته.

ويقول إن في الوقت نفسه تقريبًا؛ الذي بدأت فيه المخابرات الأميركية في تلقي معلومات عن وجود “الظواهري” في “كابول”، قامت بتحديد مكان؛ “أبوإبراهيم الهاشمي القرشي”، زعيم تنظيم (داعش)، في “إدلب”، واغتياله.

وكان “القرشي” قد تولى زعامة التنظيم من؛ “أبوبكر البغدادي”، الذي قُتل في تشرين أول/أكتوبر 2019.

ترشيح “العدل” و”المغربي” للخلافة..

ويتوقع الكاتب أن يظهر من سيتولى خلافة (القاعدة) في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أن من بين الأسماء التي تداولها: “سيف العدل”، وهو ضابط سابق بالجيش المصري، يُحمله الأميركيون مسؤولية تفجير السفارة في “نيروبي”. ويُلفت إلى أنه عضو في “اللجنة العسكرية” لـ (القاعدة) و”مجلس الشورى”، كما أنه مُدّرب لجهاديين في الشرق الأوسط وإفريقيا.

ويقول إنه من بين المرشحين أيضًا؛ “عبدالرحمن المغربي”، وهو صهر “الظواهري”؛ ورئيس مؤسسة (السحاب) الإعلامية، الذراع الإعلامية لـ (القاعدة).

يُظهر قدرة أميركا على شن هجمات جوية في “أفغانستان”..

واعتبر الكاتب أن قتل “الظواهري” يُظهر أن “الولايات المتحدة” ما زالت قادرة على شن هجمات جوية في “أفغانستان”.

ونقل عن مسؤولين أميركيين كبار قولهم إن “شبكة حقاني”، وهي جزء قوي من حكومة (طالبان)، كانت على علم بوجود “الظواهري” في “كابول”. وبحسب ما ورد، فإن المنزل الذي قُتل فيه، مملوك لأحد مساعدي “سراج الدين حقاني”، زعيم الشبكة ووزير الداخلية في الحكومة الجديدة.

خرق لشروط الاتفاقية..

وأشار الكاتب الى أن وزير الخارجية الأميركي؛ “آنتوني بلينكن”، اعتبر أن (طالبان) وباستضافتها لـ”الظواهري”، تخرق شروط الاتفاقية التي وقعت عليها بالتزامن مع الانسحاب من البلاد.

ويقول إن (طالبان) تُصر على أنها وافقت على عدم السماح بتخطيط وتنفيذ هجمات ضد “الولايات المتحدة” وحلفائها من داخل “أفغانستان”، إلا أنها لم تتعهد بقطع العلاقات مع حلفائها القدامى مثل (القاعدة).

ويُشير الكاتب إلى حصول تقلبات جيوسياسية غير متوقعة في “أفغانستان”، إذ يقول إن “الهند”؛ وهي: “العدو اللدود” لباكستان الداعمة لـ (طالبان)، بصدد فتح مفوضية في “كابول”.

ويُنهي الكاتب مقاله قائلاً إنه قد يكون من الصعب على (طالبان) السيطرة على الجماعات الإسلامية الأجنبية في أراضيها، حتى لو أرادت ذلك، لكن من المؤكد أن تركيبة وشكل التشدد الإسلامي المُسلح على صعيد العالم يتغير.

ويقول: “يُعتبر مقتل الظواهري جزءًا مهمًا من التاريخ الأميركي، لكن يبقى أن نرى ما سيكون تأثير ذلك على مستقبل الجهاد”.

نجاح رمزي لـ”بايدن” غير مدروس العواقب !

ننتقل إلى (الغارديان)؛ التي نشرت مقال رأي لـ”حميد حكيمي”؛ بعنوان: “استخدم بايدن قتل الظواهري من أجل الشعبية – لكن قد يكون لذلك عواقب غير مقصودة”.

ويقول الكاتب إن مقتل “الظواهري” يُعتبر نجاحًا رمزيًا لـ”جو بايدن”، الذي وصلت شعبيته إلى مستويات منخفضة للغاية في الفترة الأخيرة.

ويُضيف أنه حتى قبل الانسحاب العسكري من “أفغانستان”، كان “بايدن” يُحاول جاهدًا تجنب مناقشة البلاد في إطلالاته الإعلامية.

ويُشير إلى أنه يُحاول الآن الاستفادة من اغتيال “الظواهري” لتقديم نجاح له في “أفغانستان”.

ويُتابع الكاتب أن مقتل “الظواهري” لن يُغير طبيعة أي تهديد تواجهه “الولايات المتحدة” و”أوروبا” من “أفغانستان” تحت حكم (طالبان). لكن العملية تؤكد، بحسب قول الكاتب، على مدى ضرورة ضمان عدم انزلاق “أفغانستان” إلى عدم الاستقرار التام وعدم نسيانها لدرجة أن توفر أرضية لاحتضان الإرهاب والجهاديين.

تنفي مزاعم “طالبان” بالسيطرة الكاملة..

ويقول الكاتب بـ (الغارديان)؛ إن الغارة الأميركية واغتيال “الظواهري”، تنفي مزاعم (طالبان) بالسيطرة الكاملة على الأراضي الأفغانية.

ففي حين أن “أفغانستان” بلد غير ساحلي، فإن العمليات الجوية التي تقوم بها الطائرات الأميركية بدون طيار بحاجة إلى إذن من إحدى الدول المجاورة لدخول المجال الجوي الأفغاني، بحسب الكاتب.

ويُشير إلى أن “إيران” ودول آسيا الوسطى و”الصين”، التي تشترك في حدود جبلية مع “أفغانستان”، لن تتعاون مع “الولايات المتحدة”. ولذا يُعتبر أن “باكستان” ستكون الخيار المنطقي.

ويقول أنه في حال تم تنفيذ هذه الضربة الأميركية بالتعاون مع “باكستان”، فسيكون هناك العديد من التداعيات الإقليمية الرئيسة لذلك.

فعلى مدار ما يقرب من 20 عامًا، وفرت “باكستان”: “ملاذًا آمنًا لـ (طالبان) خلال تمردها ضد الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وقوات الأمن الأفغانية”.

ويعتبر أنه من شأن التعاون “الباكستاني-الأميركي” في عمليات مكافحة الإرهاب في “أفغانستان”، أن يؤكد على تحسن العلاقات بشكلٍ كبير، وهو ما قد يؤثر على جهود “إسلام آباد” لبناء مزيد من العلاقات الاقتصادية الجيدة مع “الصين” و”روسيا”.

يصعب التنبؤ بنتائج دقيقة..

ويُشير المقال إلى أن “باكستان” تواجه صعوبات مالية هائلة، وكانت تُحاول يائسة الحصول على دعم من “واشنطن”، لتأمين حزمة قروض بمليارات الدولارات من “صندوق النقد الدولي”.

ومن خلال التعاون في مكافحة الإرهاب مع “الولايات المتحدة”، تتوقع “باكستان”، بحسب الكاتب، دعمًا أميركيًا يتجاوز التعاون العسكري ليصل الى تأمين الحزم المالية اللازمة.

لكنه يُنهي تحليله بالقول إنه من السابق لأوانه التنبؤ بالنتائج الدقيقة لهذا التطور في “أفغانستان” والمنطقة. ويرى أن “الولايات المتحدة” أرسلت إشارة واضحة مفادها أنها قادرة على السيطرة على سماء “أفغانستان”، وأنها ستتحرك حين يستدعي الأمر ذلك.

مقتله لن يضعف تنظيم “القاعدة” !

وفي مقال آخر؛ بصحيفة (الغارديان) البريطانية، يستبعد محللون أن يؤدي مقتل “أيمن الظواهري”، إلى إضعاف تنظيم (القاعدة) في شكل كبير، مشيرين إلى أنه كان مريضًا وأن المهمات الرئيسة يتولاها آخرون منذ سنوات.

وكتب “غيسون بيرك”؛ في الصحيفة البريطانية؛ أن “أيمن الظواهري” كان زعيمًا متواضعًا، ولكن مؤثر في تنظيم (القاعدة)، وسيؤدي موته إلى حدوث اضطراب قصير الأمد في المنظمة الإرهابية، ولكن من غير المُرجح أن يُسبب مشاكل كبيرة على المدى الطويل.

مقتله قبل عقد كان سيُحدث فرق كبير..

ففي رأيه أن قتل “الظواهري”؛ قبل عقدٍ كان سيُحدث فرقًا كبيرًا. ولكن رغم أن طبيعة موته توضح القدرة المستمرة لـ”الولايات المتحدة” على ضرب أعداء فرديين حتى في البيئات المعادية وتُثير تساؤلات حول علاقة (طالبان) بالجماعات المتطرفة، فمن غير المُرجح أن يضعف (القاعدة) بشكل كبير.

وكان “الظواهري”؛ (71 عامًا)، مريضًا جدًا، ومن المُرجح أن يكون آخرون تولوا العديد من المهام الرئيسة منذ سنوات. ومن المُرجح أن يتولى أحد هؤلاء الأصغر سنًا الآن دور القيادة. وعلى رغم التآكل الكبير في السنوات الأخيرة للخلفاء المحتملين، هناك العديد من المرشحين الأكفاء.

ولكن أيًا كان من يتولى المنصب، فإن قراراته الإستراتيجية ستكون مهمة. ورغم أن تنظيم (القاعدة) كان معروفًا بتمكينه المبتكر للخلايا المحلية، إلا أن الرجل في أعلى الهرم يتمتع بسلطة حقيقية. فعندما يُقسم أحدهم الولاء، يفعل ذلك لا للتنظيم وإنما للفرد.

وفي رأي الكاتب أن هذا أحد الأسباب التي جعلت “أسامة بن لادن”، مؤسس (القاعدة) وزعيمه، قادرًا على نقض كبار مساعديه الذين اعترضوا على إستراتيجيته التي اختارها لضرب الغرب، “العدو الأقصى”. ولو لم يفعل ذلك، لما كانت هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001؛ التي قُتل فيها ما يقرب من: 3000 شخص قد وقعت.

صعود “داعش” أفقد “القاعدة” هيبته..

عندما أصبح “الظواهري” زعيمًا بعد وفاة “ابن لادن”؛ في غارة للقوات الأميركية الخاصة في “باكستان” في عام 2011، نأى بالتنظيم عن الهجمات البعيدة، معتقدًا أنها تأتي بنتائج عكسية. وكان “ابن لادن” وجه في أيامه الأخيرة ضربات طموحة مخططة بدقة ضد ناقلات النفط، معتقدًا أن هذه الضربات ستشل الاقتصاد الأميركي. ولكن “الظواهري” ألغى تلك الخطط، وعزز بدل ذلك الروابط مع المجموعات في جميع أنحاء العالم وبُذلت جهود للتوسع من خلال كسب الدعم تدريجيًا من المجتمعات على الأرض.

ومع ذلك، لفت الكاتب إلى أن هذه الخطة لم تُحقق النجاح دائمًا، وعانى (القاعدة) من نكسات كبيرة في “العراق” و”سوريا”؛ خلال 11 عامًا، كان “الظواهري” فيها على رأس التنظيم. وأدى صعود (داعش)، الذي اجتاح هذين البلدين وأقام “خلافة” جديدة، إلى فقدانه الهيبة والنفوذ في منطقة رئيسة؛ وكذلك المنافسة في أماكن أخرى. ولا شك في أن الإنجازات المحدودة لفرعه في “اليمن” الذي كان يُنظر إليه على أنه تهديد محتمل رئيس للمنطقة والغرب، كانت مخيبة للآمال.

“سلحفاة” الظواهري و”أرنب” داعش..

ولكن على المدى الطويل، يبدو أن “سلحفاة” الظواهري مهيأة للتغلب على “أرنب” (داعش). فقد تمكن (القاعدة) من الحفاظ على وجوده أو حتى تعزيزه عبر “إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى”، في أجزاء من “جنوب آسيا” وأجزاء أخرى من “الشرق الأوسط”. ويبدو أن قرار “الظواهري” الشخصي بتقوية العلاقات مع (حركة الشباب) المتطرفة في “الصومال”، قد أثمر مكاسب كبيرة لدرجة أنها تُساهم الآن بملايين الدولارات في الخزانة المركزية لـ (القاعدة)، وفقًا لتقارير استخباراتية حديثة.

كذلك، يبدو أن “الظواهري” أدار العلاقات مع مختلف فصائل (طالبان) بشكلٍ جيد. وتوفي الرجل وهو يقف على شرفة منزل في العاصمة الأفغانية يملكه أحد مساعدي زعيم (طالبان).

إستراتيجية القائد الجديد..

لكن ما هي إستراتيجية القائد الجديد ؟.. كل من يتولى المنصب لديه خيارات متعددة – لكنها ليست خيارات سهلة. أولاً عليه البقاء على قيد الحياة، والتواصل على الرغم من التحديات اللوجستية الكبيرة، والتعامل مع أنظمة مثل (طالبان)، وصياغة فكرة واضحة عما يجب أن يفعله مرؤوسوه.

وفي خلاصة تقرير (الغارديان)؛ أن محاولات شن هجمات بعيدة المدى على الغرب ممكنة عمليًا، حتى لو تم إحباطها من خلال الدفاعات المُحّسنة كثيرًا. ربما لم يشن تنظيم (القاعدة) هجومًا كبيرًا على مثل هذا الهدف لعقد من الزمان، لكن المحللين يعتقدون أن التنظيم يمكن أن يبني الشبكات والمهارات اللازمة لشن عملية كهذه دون صعوبة كبيرة.

إنجاز كبير في مكافحة الإرهاب..

ويرى المحللون في صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية،  في الضربة التي أسقطت “الظواهري” دليلاً واضحًا على قدرة: “تجاوز الأفق” التي رددها “بايدن”؛ عندما كان يُبرر قراره بتسريع الانسحاب العسكري الأميركي من “أفغانستان” العام الماضي. إذ تقل أهمية القوات على الأرض عندما تتمكن من إسقاط صواريخ (هالفاير) على أعدائك من الطائرات بدون طيار.

وأشار “تشارلز ليستر”؛ من (معهد الشرق الأوسط)، إلى أن الضربة كانت: “إنجازًا كبيرًا في مكافحة الإرهاب – وانتصارًا لإدارة بايدن في أمس الحاجة إليه، بعدما أصبح أي شيء لها علاقة بأفغانستان قضية مزعجة للغاية”.

وأضاف الكاتب: لكن الأمر يستحق التساؤل عما حققته العملية. كان “الظواهري”، (71 عامًا)، مؤثرًا بلا شك، لكنه بعيد كل البُعد عن الأيام التي دبّر فيها هجمات إرهابية أدت إلى مقتل الآلاف من الأميركيين وغير الأميركيين. تنظيم (القاعدة) نفسه هو ظل لما كان عليه في السابق ويواجه الآن أزمة خلافة محتملة. ولا يزال تهديده منتشرًا ومتناثرًا في جميع أنحاء العالم من خلال مجموعة من الجماعات المنشقة.

وفي غياب أتباع “ابن لادن” المخلصين، حاول “الظواهري” قيادة الجماعات الإرهابية النائية التي غالبًا ما تتجاهل قراراته وترفض نصيحته. وعلى وجه الخصوص، طغى عليه صعود تنظيم (داعش) وهيمنته الدموية لعدة سنوات على أجزاء من “سوريا” و”العراق”.

ورأى الكاتب أنه لا يمكن النظر إلى العملية الأميركية لاغتيال “الظواهري” كدليل على تكتيكات مكافحة الإرهاب الناجحة فحسب، بل كتذكير بالإرث الأوسع والأكثر تعقيدًا للحرب على الإرهاب.

كتب “سبنسر أكرمان”، مؤلف كتاب: (عهد الإرهاب: كيف أدى عصر 11 أيلول/ سبتمبر إلى زعزعة استقرار أميركا وأنتج ترامب)، يقول الإثنين الماضي، إن تنظيم (القاعدة): “أضعف مما كان عليه يوم الجمعة، لكن تحليل ما يعنيه ذلك بالضبط هو أكاديمي. الأهم من ذلك هو حقيقة أن جهاز الحرب على الإرهاب، باستثناء حرب أفغانستان، وبرنامج التعذيب الأصلي لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والمادة (215) من قانون باتريوت، لا تزال قائمة”.

وتابع الكاتب: لا تزال القوات الأميركية على الأرض في مجموعة من دول “الشرق الأوسط” و”إفريقيا”. وتستمر ضربات الطائرات الأميركية بدون طيار عبر مساحة واسعة من الكوكب، من “غرب إفريقيا” إلى “جنوب آسيا”. وتُقدر منظمة (Airwars)، وهي مجموعة مراقبة، أن الطائرات بدون طيار والغارات الجوية الأميركية قتلت ما بين: 22000 إلى: 48000 مدني منذ 11 أيلول/سبتمبر 2001 – وهو رقم أكبر بكثير من المواطنين الأميركيين الذين قُتلوا على يد “أسامة بن لادن” ومؤامرات “الظواهري” العنيفة.

عِقدان من الدماء والأموال المهدورة..

وأوضح الكاتب أن إرث دور “الولايات المتحدة” في “أفغانستان” – ما قيمته عِقدان من الدماء والأموال المهدورة، فقط لعودة (طالبان) إلى السلطة – يُعيق كل التقييمات الأخرى. كتب “جورج باكر” في مجلة (ذي آتلانتيك) الأميركية، محللًا مقتل “الظواهري”: “لا أعرف كيف أزن الميزان وأتوصل إلى حساب نهائي، لكنني أعلم أن هذا الانتقام لاذع. إنه أمر مؤلم بشكلٍ خاص عندما تفكر في ظروف وفاة الظواهري”.

وقال الكاتب إن “الولايات المتحدة” لم تستطع تحديد مكان “الظواهري” والتخلص منه؛ إلا لأنه كان مستترًا في عاصمة أفغانية كانت “الولايات المتحدة” وحلفاؤها قد تنازلت عنها فعليًا لحركة (طالبان). ومن الصعب تجاهل الرثاء والسخرية في كل ذلك. وكتب “أكرمان”: “خسارة الحرب جعلت من السهل قتل أيمن الظواهري”.

ونددت حركة (طالبان)، التي تُعاني من حالة طواريء إنسانية بسبب إدارة “بايدن”، الضربة الأميركية باعتبارها انتهاكًا للسيادة الأفغانية، وقد تضطر إلى اتخاذ موقف أكثر عدائية.

ورطة سياسية عميقة..

واعتبر “أسفانديار مير”، الخبير في التطرف الإسلامي في “معهد الولايات المتحدة للسلام” في “واشنطن”، أن قادة حركة (طالبان) في ورطة سياسية عميقة الآن، وسوف يواجهون ضغوطًا للانتقام. فالعلاقة التي تربطهم بـ (القاعدة) والجماعات الجهادية الأخرى لا تزال قوية للغاية. وقال: “أعتقد أننا يجب أن نستعد لتداعيات الاغتيال”.

ورأى الكاتب أنه بالنسبة للأفغان العاديين، الذين يترنحون وسط الإنهيار الاقتصادي لبلدهم، فإن ذلك لا يؤدي إلا إلى مزيد من المصاعب.

بداية نهاية التنظيم..

وفي صحيفة (العرب) اللندنية، اعتبر “هشام النجار”؛ في مقال له أن إعلان الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، مقتل زعيم (القاعدة)؛ “أيمن الظواهري”، هو بداية نهاية التنظيم الذي سيشهد خلافات داخل فروعه في مختلف البلدان على خلافة “الظواهري”.

وقال: “يُمثل خبر مصرع الظواهري رسميًا؛ الذي عاني من أمراض الشيخوخة وتردد موته أكثر من مرة طوال السنوات الماضية، إعلانًا بموت (القاعدة) بعد أن حاول القيادي المصري المطلوب حيًا أو ميتًا من قبل واشنطن ورصد لذلك مبلغ: 25 مليون دولار، إنقاذ التنظيم المحتضر عقب خروجه فعليًا من دائرة السيطرة على المشهد الجهادي المسلح”.

وأضاف: “لم تكن الإستراتيجية الصلبة التي تمكنت من خلالها الولايات المتحدة من اصطياد كبار قادة (القاعدة) من الجيل المؤسس أو الجيل الثاني الفاعل عبر الطائرات دون طيار؛ هي العامل الوحيد الذي أضعف هذا التنظيم، الذي عانى ذاتيًا من الانقسامات والخلافات الداخلية؛ منذ العام 2017، اعتراضًا على ضعف الظواهري وفشله في سد الفراغ الذي تركه؛ أسامة بن لادن”.

طي صفحة الجهاديين..

ومن جهتها؛ قالت صحيفة (الخليج)؛ في افتتاحيتها: “في أسلوب لا يخلو من التشويق المعتاد لدى الإدارة الأميركية، أعلن الرئيس؛ جو بايدن، مقتل زعيم تنظيم (القاعدة) الإرهابي؛ أيمن الظواهري، بعملية أميركية في كابول”.

وأضافت: “مشهد تكرر مع إعلان الرئيس الأميركي السابق؛ دونالد ترامب، قتل زعيم تنظيم (داعش) الإرهابي؛ أبوبكر البغدادي، في تشرين أول/أكتوبر 2019، وقبله إبان رئاسة؛ باراك أوباما، الأولى، حينما أعلن الرئيس الأميركي في أيلول/سبتمبر 2011؛ مقتل زعيم (القاعدة)؛ أسامة بن لادن، في عملية مشابهة”.

وتابعت: “مما لا شك فيه أن قتل الظواهري يُشكل أكبر ضربة يتعرّض لها تنظيم (القاعدة) الإرهابي منذ مقتل ابن لادن، فيما تتصاعد المخاوف والشكوك حول شكل العلاقة بين الولايات المتحدة وحركة (طالبان) التي عبرت عن غضبها من تنفيذ العملية على أراضيها، ولتكون الضربة التي تم تنفيذها من خلال طائرة مُسّيرة أول عملية تُشنّها واشنطن على هدف في أفغانستان منذ سحب قواتها من البلاد قبل أقل من عام بقليل”.

وتساءلت الصحيفة: هل يتحقق أمل “بايدن”، في أن يُساعد قتل “الظواهري”، العقل المُدبّر لعمليات (القاعدة) وهجمات 11 أيلول/سبتمبر، على طي الصفحة، قبل شهر فقط من حلول الذكرى الأولى لانسحاب القوات الأميركية من “أفغانستان”، وتركها في أيدي حركة (طالبان)؛ التي تعهدت عدم السماح باستخدام “أفغانستان” مرة أخرى نقطة إنطلاق للجهاديين ؟.

واختتمت بالقول: طي صفحة الإرهاب في المنطقة العربية، وحتى العالم، يكون بالتخلص من فكر الإرهاب الظلامي الأعمى، وإفساده، وجماعاته المتسترة هنا وهناك، وسلوكيات الإرهاب أيًا كان اللواء الذي يحمله، ولونه، وأيًا كان موقعه في جغرافيا الإنسانية جمعاء.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة