في الوقت الذي تشتد فيه اعمال العنف اليومية في العراق، مستهدفة كل اوجه الحياة فيه، لجأت السلطات الى طريقة جديدة لمواجهة بعض من التفجيرات المتواصلة: تعليم اصحاب المقاهي كيفية القبض على انتحاري.
ومن استخدام حراس امنيين، الى الحد من المداخل المؤيدة للمقهى، قدم مسؤولون امنيون لهؤلاء مجموعة من النصائح والمعلومات حيال كيفية التعرف على المهاجمين ومنع هجماتهم، املا في الحد من موجة العنف المتصاعدة في البلاد منذ سبعة اشهر.
وتعرضت المقاهي في العراق وخصوصا في بغداد على مدار الاشهر الماضية الى سلسلة هجمات دامية، معظمها انتحارية، بلغت نحو 50 هجوما منذ نيسان/ابريل، نصفها في العاصمة وحدها.
وكان اخر هذه الهجمات تفجير انتحاري استهدف مقهى في منطقة البياع في جنوب غرب بغداد في 21 تشرين الثاني/نوفمبر، اسفر عن مقتل 15 شخصا، وتلته اجراءات امنية مشددة شملت اومر باغلاق المقاهي عند الثامنة.
وامام هذا التحدي، دعت وزارة الداخلية السبت اصحاب مقاهي في بغداد الى اجتماع في مديرية الشرطة حيث حاولت تعليمهم كيفية اتخاذ اجراءات احترازية لكشف المهاجمين الانتحاريين ومنعهم من مهاجمة اماكن عملهم.
وقال اللواء الركن سعد جعفر نائب قائد عمليات بغداد على هامش الاجتماع ان “المنظومة الامنية تتطلب من المواطن العراقي مساعدة القطاعات الامنية”، مستدركا “هذا لا يعني ان القطاعات الامنية غير قادرة على حماية المواطنين”.
واضاف ان “الاوضاع التي تواجهها المقاهي تتطلب من اصحابها تعيين حارس (امني خاص) او اثنين، وتحديد مدخل واحد للدخول الى المقهى، حتى يتم السيطرة على الارهابيين الذين يرتدون احزمة ناسفة ويقتلون المواطنين بدم بارد”.
ودعا المسؤول الامني اصحاب المقاهي ايضا الى “نصب كاميرات لحماية الزبائن الذين يرتدون المقاهي”.
واعتبر من جهته المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن ان “الهدف من هذا التجمع هو انشاء منظومة متكاملة وشاملة تعتمد اسسها على التواصل بين رجل الامن وابناء المجتمع من كل المهن”.
وتابع ان “الاستهداف الاخير للمواطنين ياتي من خلال المقاهي والتجمعات وصالات الالعاب، لذا هناك اجراءات بسيطة اذا تعاون بها اصحاب المقاهي مع القوات الامنية، ستفوت الفرصة على هؤلاء الارهابيين ونضع نهاية لهذا المسلسل الاجرامي”.
ومنذ مقتل 50 شخصا في اقتحام قوات الامن لاعتصام سني مناهض لرئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي في الحويجة شمال بغداد في نيسان/ابريل، يشهد العراق تصاعدا كبيرا في اعمال العنف.
وتشمل الهجمات اليومية السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة والعبوات والاسلحة الرشاشة وعمليات الاغتيال، وتستهدف الى جانب المقاهي كل اوجه الحياة، من ملاعب كرة القدم، الى المطاعم ومراكز الترفيه وحتى المساجد ومجالس العزاء.
وقتل منذ بداية العام نحو ستة الاف شخص بينهم 950 في تشرين الثاني/نوفمبر وحده، بحسب حصيلة استنادا الى مصادر امنية وعسكرية طبية، في موجة عنف غير مسبوقة منذ النزاع الطائفي بين السنة والشيعة بين عامي 2006 و2008.
واتخذت الاجهزة الامنية عدة اجراءات للحد من تصاعد العنف، بينها شن عمليات توقيف واسعة، وتنظيم سير المركبات على الطرقات بحسب ارقام اللوحات، من دون ان يؤدي ذلك الى تقليص معدلات العنف.
وقال موسى محمد وهو صاحب مقهى في حي العامل في جنوب بغداد شهد تفجيرا داميا اودى بحياة اربعين شخصا في 20 تشرين الاول/اكتوبر ان “عملنا تراجع كثيرا نتيجة التفجيرات الارهابية خلال الفترة القليلة الماضية”.
وراى ان “وضع حراس امنيين عند باب المقهى واغلاق جميع الابواب باستثناء باب واحد قد يؤدي الى عزوف تام عن ارتياد مقاهينا، وهي مصدر عيشنا الوحيد”.
في مقابل ذلك، رحب محمد مصطفى وهو صاحب مقهى في منقطة البياع بمقترحات وزارة الداخلية، قائلا انه سوف ينفذها فورا، لكنه طالب “السلطات بتوفير دوريات امنية على مقرب من هذه الاماكن التي تضم تجمعات بشرية كبيرة”.
من جهته، احتج عبد العزيز يوسف وهو صاحب مقهى في منطقة حي الجامعة في غرب بغداد على قرار اغلاق المقاهي باكرا، وذلك اثناء مباريات كرة القدم الاوروبية خصوصا، وعلى راسها مباريات ناديي برشلونة وريال مدريد الاسبانيين.
وقال يوسف “بعد التفجيرات الارهابية التي شهدتها المقاهي، بدات القوات الامنية في المنطقة تامرنا باغلاق المقاهي خصوصا ايام مباريات ناديي برشلونة وريال مدريد والتي تكتظ خلالها المقاهي بالزبائن”.
وتابع “هل هناك مقهى في العالم يغلق ابوابه في يوم مباراة لريال مدريد او برشلونة؟”.